العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

ازدواجية المعايير الغربية في تغطية أحداث أمستردام

مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية

السبت ١٦ نوفمبر ٢٠٢٤ - 02:00

برز‭ ‬انحياز‭ ‬الإعلام‭ ‬الغربي‭ ‬بشكل‭ ‬واضح‭ ‬تجاه‭ ‬إسرائيل‭ ‬خلال‭ ‬حروبها‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬ولبنان‭. ‬وأشار‭ ‬‮«‬ويليام‭ ‬يومانز‮»‬،‭ ‬من‭ ‬جامعة‭ ‬‮«‬جورج‭ ‬واشنطن‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬التناقض‭ ‬الواضح‭ ‬في‭ ‬تغطية‭ ‬الصحف‭ ‬الأمريكية‭ ‬الكبرى،‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬نيويورك‭ ‬تايمز‮»‬،‭ ‬و«واشنطن‭ ‬بوست‮»‬،‭ ‬و«لوس‭ ‬أنجلوس‭ ‬تايمز‮»‬،‭ ‬لتقاريرها‭ ‬حول‭ ‬القتلى‭ ‬والجرحى‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬والإسرائيليين‭ ‬منذ‭ ‬أكتوبر‭ ‬2023؛‭ ‬مما‭ ‬يعكس‭ ‬ازدواجية‭ ‬المعايير‭ ‬الغربية‭ ‬في‭ ‬تناولها‭ ‬لهذه‭ ‬الحروب‭.‬

وفي‭ ‬تغطيته‭ ‬للأحداث‭ ‬التي‭ ‬شهدتها‭ ‬العاصمة‭ ‬الهولندية‭ ‬‮«‬أمستردام‮»‬،‭ ‬أوائل‭ ‬نوفمبر؛‭ ‬ركز‭ ‬الإعلام‭ ‬الغربي‭ ‬على‭ ‬اتهامات‭ ‬معاداة‭ ‬السامية،‭ ‬تجاه‭ ‬مشجعي‭ ‬أياكس،‭ ‬بينما‭ ‬أغفل‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬العنف‭ ‬الذي‭ ‬مارسه‭ ‬مشجعو‭ ‬‮«‬مكابي‭ ‬تل‭ ‬أبيب‮»‬،‭ ‬وأعمال‭ ‬الشغب‭ ‬التي‭ ‬قاموا‭ ‬بها‭. ‬وركزت‭ ‬منصات‭ ‬إعلامية‭ ‬كـ«نيويورك‭ ‬تايمز‮»‬،‭ ‬و‮«‬بي‭ ‬بي‭ ‬سي‮»‬،‭ ‬على‭ ‬اتهامات‭ ‬بمعاداة‭ ‬السامية؛‭ ‬استنادًا‭ ‬إلى‭ ‬حوادث‭ ‬‮«‬دهس‭ ‬وهروب‮»‬‭ ‬استهدفت‭ ‬الإسرائيليين؛‭ ‬فيما‭ ‬بدت‭ ‬تغطيتها‭ ‬محدودة‭ ‬تجاه‭ ‬الحالات‭ ‬الموثقة‭ -‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الصور‭ ‬والفيديوهات‭- ‬التي‭ ‬أظهرت‭ ‬مشجعي‭ ‬‮«‬مكابي‮»‬،‭ ‬وهم‭ ‬يرددون‭ ‬شعارات‭ ‬تدعو‭ ‬إلى‭ ‬إبادة‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬ويمارسون‭ ‬أعمال‭ ‬عنف‭ ‬وتخريب،‭ ‬على‭ ‬النحو‭ ‬الذي‭ ‬وصفه‭ ‬‮«‬نيكولاس‭ ‬ماكجيهان‮»‬،‭ ‬من‭ ‬منظمة‭ ‬‮«‬فيرسكوير‮»‬،‭ ‬بأنه‭ ‬‮«‬تحريف‭ ‬صارخ‭ ‬للحقائق‮»‬‭. ‬

وتاريخيا،‭ ‬لا‭ ‬تُعدّ‭ ‬مسؤولية‭ ‬بعض‭ ‬مشجعي‭ ‬كرة‭ ‬القدم‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬عن‭ ‬إثارة‭ ‬العنف‭ ‬‮«‬ظاهرة‭ ‬جديدة‮»‬‭. ‬ووصف‭ ‬‮«‬فيليب‭ ‬باكنغهام‮»‬،‭ ‬و«كولين‭ ‬ميلار‮»‬،‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ ‬‮«‬ذي‭ ‬أثلتيك‮»‬،‭ ‬أنصار‭ ‬نادي‭ ‬مكابي‭ ‬تل‭ ‬أبيب،‭ ‬بأن‭ ‬لهم‭ ‬‮«‬تاريخا‭ ‬إشكاليا‮»‬،‭ ‬يحوي‭ ‬كثيرا‭ ‬من‭ ‬الانتهاكات‭ ‬العنصرية،‭ ‬والعنف‭ ‬المتكرر،‭ ‬حيث‭ ‬يحظى‭ ‬مشجعوه‭ ‬‮«‬المتطرفون‮»‬،‭ ‬بسمعة‭ ‬سيئة؛‭ ‬بسبب‭ ‬دعمهم‭ ‬للأيديولوجيات‭ ‬اليمينية،‭ ‬وارتكابهم‭ ‬انتهاكات‭ ‬وعنف‭ ‬ضد‭ ‬الفلسطينيين‭. ‬وأوضحت‭ ‬‮«‬دويتشه‭ ‬فيله‮»‬،‭ ‬كيف‭ ‬هاجموا‭ ‬عام‭ ‬2020،‭ ‬المحتجين‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬ضد‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬‮«‬بنيامين‭ ‬نتنياهو‮»‬،‭ ‬باستخدام‭ ‬الهراوات‭ ‬والزجاجات‭ ‬المكسورة،‭ ‬وكرّروا‭ ‬شعارات‭ ‬عنصرية‭ ‬ضد‭ ‬اللاعبين‭ ‬العرب‭ ‬الإسرائيليين‭.‬

ومنذ‭ ‬اندلاع‭ ‬حرب‭ ‬غزة‭ ‬في‭ ‬أكتوبر2023،‭ ‬ازداد‭ ‬هذا‭ ‬النمط‭ ‬من‭ ‬العنف‭ ‬حدّة‭. ‬وفي‭ ‬مارس‭ ‬2024،‭ ‬أفادت‭ ‬وسائل‭ ‬إعلام‭ ‬يونانية،‭ ‬بإصابة‭ ‬رجل‭ ‬يحمل‭ ‬علم‭ ‬فلسطين،‭ ‬ونقله‭ ‬إلى‭ ‬المستشفى،‭ ‬إثر‭ ‬اشتباكات‭ ‬مع‭ ‬مشجعي‭ ‬فريق‭ ‬مكابي،‭ ‬أثناء‭ ‬مباراة‭ ‬جمعتهم‭ ‬بفريق‭ ‬‮«‬أولمبياكوس‮»‬‭ ‬من‭ ‬أثينا‭. ‬وسجل‭ ‬‮«‬دينيس‭ ‬مينيتري‮»‬،‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬لوموند‮»‬،‭ ‬كيف‭ ‬قاطع‭ ‬مشجعو‭ ‬فريق‭ ‬‮«‬فيورنتينا‮»‬‭ ‬الإيطالي،‭ ‬مباراة‭ ‬فريقهم‭ ‬ضد‭ ‬فريق‭ ‬إسرائيلي‭ ‬آخر‭ ‬‭ ‬‮«‬مكابي‭ ‬حيفا‮»‬‭ ‬‭ ‬في‭ ‬ذات‭ ‬الشهر؛‭ ‬احتجاجًا‭ ‬على‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬الإجراءات‭ ‬الأمنية‭ ‬المشددة‭ ‬التي‭ ‬فُرضت‭ ‬لحماية‭ ‬مشجعي‭ ‬الفريق‭ ‬الإسرائيلي‭.‬

ومنذ‭ ‬أكتوبر‭ ‬2023،‭ ‬رفض‭ ‬‮«‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬لكرة‭ ‬القدم‮»‬‭ (‬اليويفا‭)‬،‭ ‬دعوات‭ ‬من‭ ‬منظمات‭ ‬حقوقية،‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬فير‭ ‬سكوير‮»‬،‭ ‬التي‭ ‬طالبت‭ ‬بمنع‭ ‬الفرق‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬من‭ ‬المشاركة‭ ‬في‭ ‬المسابقات‭ ‬الأوروبية،‭ ‬بسبب‭ ‬انتهاكات‭ ‬إسرائيل‭ ‬المستمرة‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬والأراضي‭ ‬المحتلة‭. ‬وفي‭ ‬مثال‭ ‬آخر‭ ‬على‭ ‬تحيز‭ ‬المؤسسات‭ ‬الغربية‭ ‬لصالح‭ ‬إسرائيل،‭ ‬أصدر‭ ‬‮«‬اليويفا‮»‬،‭ ‬قرارًا‭ ‬ينص‭ ‬على‭ ‬إقامة‭ ‬جميع‭ ‬مباريات‭ ‬الفرق‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬في‭ ‬المسابقات‭ ‬الأوروبية‭ ‬في‭ ‬أماكن‭ ‬محايدة‭ ‬داخل‭ ‬أوروبا،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يتناقض‭ ‬مع‭ ‬الطريقة‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬حظر‭ ‬جميع‭ ‬الفرق‭ ‬الروسية‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬المسابقات‭ ‬بعد‭ ‬الحرب‭ ‬الأوكرانية‭ ‬في‭ ‬فبراير‭ ‬2022‭.‬

وفيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بأعمال‭ ‬العنف‭ ‬التي‭ ‬شهدتها‭ ‬‮«‬أمستردام‮»‬‭ ‬في‭ ‬أوائل‭ ‬نوفمبر2024،‭ ‬أشار‭ ‬‮«‬جون‭ ‬هينلي‮»‬،‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬الجارديان‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬العنف‭ ‬اندلع‭ ‬مساء‭ ‬يوم‭ ‬6‭ ‬نوفمبر،‭ ‬عندما‭ ‬قام‭ ‬مثيرو‭ ‬الشغب‭ ‬الإسرائيليون‭ ‬بتمزيق‭ ‬الأعلام‭ ‬الفلسطينية‭ ‬من‭ ‬على‭ ‬واجهات‭ ‬المباني‭ ‬في‭ ‬المدينة،‭ ‬مردّدين‭ ‬شعارات‭ ‬معادية‭ ‬للفلسطينيين‭ ‬تؤيد‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬ضد‭ ‬المدنيين‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬ثم‭ ‬هاجموا‭ ‬سيارة‭ ‬أجرة‭ ‬وخربوها،‭ ‬مضيفا‭ ‬أن‭ ‬اللقطات‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬التحقق‭ ‬منها‭ ‬على‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬أظهرتهم‭ ‬وهم‭ ‬يشعلون‭ ‬القنابل‭ ‬والألعاب‭ ‬النارية،‭ ‬ويهتفون‭ ‬احتفالًا‭ ‬بفكرة‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬لن‭ ‬يبقى‭ ‬هناك‭ ‬أطفال‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬بحلول‭ ‬نهاية‭ ‬الحرب‮»‬‭.‬

ومع‭ ‬عدم‭ ‬اتخاذ‭ ‬الشرطة‭ ‬أي‭ ‬إجراء‭ ‬ضد‭ ‬هذا‭ ‬العنف،‭ ‬تكررت‭ ‬الحوادث‭ ‬مساء‭ ‬السابع‭ ‬من‭ ‬نوفمبر،‭ ‬بالتوازي‭ ‬مع‭ ‬تجمع‭ ‬حشد‭ ‬من‭ ‬المشجعين‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬في‭ ‬ساحة‭ ‬‮«‬دام‮»‬‭ ‬في‭ ‬أمستردام،‭ ‬حيث‭ ‬رافقتهم‭ ‬الشرطة‭ ‬إلى‭ ‬الملعب‭ ‬استعدادًا‭ ‬لمباراة‭ ‬‮«‬مكابي‮»‬،‭ ‬ضد‭ ‬‮«‬أياكس‮»‬‭. ‬وبعد‭ ‬أن‭ ‬شاهدوا‭ ‬هزيمة‭ ‬فريقهم‭ ‬‮«‬5‭-‬0‮»‬‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬خصمهم‭ ‬الهولندي،‭ ‬أوضح‭ ‬‮«‬هينلي‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬لقطات‭ ‬مصورة،‭ ‬أظهرت‭ ‬أنصار‭ ‬الفريق‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬بالقرب‭ ‬من‭ ‬محطة‭ ‬السكك‭ ‬الحديدية‭ ‬المركزية،‭ ‬وهم‭ ‬يهتفون‭ ‬دعما‭ ‬للإبادة‭ ‬الجماعية،‭ ‬ويطلقون‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الألعاب‭ ‬النارية،‭ ‬ويستولون‭ ‬على‭ ‬أعمدة‭ ‬سقالات‭ ‬حديدية،‭ ‬وألواح‭ ‬خشبية‭ ‬لاستخدامها‭ ‬في‭ ‬أعمالهم‭ ‬العدائية‮»‬‭.‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬لم‭ ‬تنعكس‭ ‬سلسلة‭ ‬الأحداث‭ ‬التي‭ ‬أوردها‭ ‬‮«‬هينلي‮»‬،‭ ‬ووثقتها‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬في‭ ‬أغلب‭ ‬تقارير‭ ‬الإعلام‭ ‬الغربي‭. ‬وركزت‭ ‬رواية‭ ‬‮«‬جيم‭ ‬تانكرسلي‮»‬،‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬نيويورك‭ ‬تايمز‮»‬،‭ ‬على‭ ‬‮«‬سلسلة‭ ‬من‭ ‬الاعتداءات‭ ‬على‭ ‬المشجعين‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬الزائرين‮»‬،‭ ‬دون‭ ‬تقديم‭ ‬تفاصيل‭ ‬جوهرية،‭ ‬حول‭ ‬ماهية‭ ‬هذه‭ ‬الاعتداءات‭. ‬فيما‭ ‬زعمت‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬الإندبندنت‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬مثيري‭ ‬الشغب‭ ‬‮«‬سعوا‭ ‬بنشاط‭ ‬إلى‭ ‬مهاجمة‭ ‬المشجعين‭ ‬الإسرائيليين‮»‬،‭ ‬وقللت‭ ‬من‭ ‬أهمية‭ ‬العنف‭ ‬‭ ‬المذكور‭ ‬أعلاه‭ ‬‭ ‬والهتافات‭ ‬المناهضة‭ ‬للفلسطينيين،‭ ‬معتبرة‭ ‬إياها‭ ‬مجرد‭ ‬‮«‬حوادث‭ ‬تتعلق‭ ‬بالمشجعين‭ ‬قبل‭ ‬المباراة‮»‬‭. ‬وبينما‭ ‬أوضح‭ ‬‮«‬توبي‭ ‬ستيرلينغ‮»‬،‭ ‬من‭ ‬وكالة‭ ‬‮«‬رويترز‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬مشجعي‭ ‬إسرائيل‭ ‬‮«‬تعرضوا‭ ‬للاستهداف‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬مجموعات‭ ‬من‭ ‬البلطجية»؛‭ ‬فإنه‭ ‬وصف‭ ‬العنف‭ ‬الذي‭ ‬تم‭ ‬توثيقه‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬مشجعي‭ ‬مكابي،‭ ‬وهتافاتهم‭ ‬التحريضية،‭ ‬بأنها‭ ‬مجرد‭ ‬‮«‬مشاجرات‭ ‬صغيرة‭ ‬مع‭ ‬السكان‭ ‬المحليين‮»‬‭.‬

وفيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بوسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬التلفزيونية،‭ ‬قدمت‭ ‬قناة‭ ‬‮«‬سكاي‭ ‬نيوز‮»‬،‭ ‬تقريرًا‭ ‬عن‭ ‬العنف‭ ‬في‭ ‬أمستردام،‭ ‬وقللت‭ ‬فيه‭ ‬من‭ ‬أهمية‭ ‬أفعال‭ ‬مشجعي‭ ‬مكابي،‭ ‬معتبرة‭ ‬أنها‭ ‬لم‭ ‬‮«‬تستوفِ‭ ‬معايير‭ ‬التوازن‭ ‬والحياد‮»‬‭ ‬الخاصة‭ ‬بالقناة‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬أشار‭ ‬‮«‬وايات‭ ‬ريد‮»‬،‭ ‬من‭ ‬موقع‭ ‬‮«‬ذا‭ ‬غريزون‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬التقرير‭ ‬تم‭ ‬تغييره‭ ‬ليصبح‭ ‬‮«‬أكثر‭ ‬تعاطفًا‭ ‬مع‭ ‬المشاغبين‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬الذين‭ ‬افتعلوا‭ ‬العنف‮»‬‭.‬

علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬عنوان‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬لوموند‮»‬،‭ (‬بعد‭ ‬عام‭ ‬من‭ ‬تجنب‭ ‬الأسوأ‭.. ‬أصبحت‭ ‬كرة‭ ‬القدم‭ ‬محط‭ ‬اهتمام‭ ‬في‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭)‬؛‭ ‬جاء‭ ‬ليضلل‭ ‬القراء،‭ ‬حيث‭ ‬يُوحي‭ ‬بأن‭ ‬الأحداث‭ ‬في‭ ‬أمستردام‭ ‬كانت‭ ‬مرتبطة‭ ‬بكرة‭ ‬القدم‭ ‬فقط،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أنها‭ ‬كانت‭ ‬نتيجة‭ ‬لتحريض‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬مشاغبين‭ ‬إسرائيليين‭ ‬سافروا‭ ‬خصيصًا‭ ‬لمهاجمة‭ ‬السكان‭ ‬المحليين‭ ‬في‭ ‬هولندا،‭ ‬وتخريب‭ ‬الممتلكات‭ ‬الخاصة،‭ ‬والترويج‭ ‬علنًا‭ ‬لأعمال‭ ‬الإبادة‭ ‬ضد‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬والعرب‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬إسرائيل‭. ‬وفي‭ ‬تعليقات‭ ‬له‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬ذا‭ ‬إندبندنت‮»‬،‭ ‬دعا‭ ‬السياسي‭ ‬الهولندي‭ ‬اليميني‭ ‬المتطرف‭ ‬‮«‬غيرت‭ ‬فيلدرز‮»‬،‭ ‬الذي‭ ‬يعتبر‭ ‬من‭ ‬الداعمين‭ ‬الشرسين‭ ‬لإسرائيل‭ ‬وحربها‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬حكومته‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬اعتقال‭ ‬وترحيل‮»‬‭ ‬الأشخاص‭ ‬الذين‭ ‬وصفهم‭ ‬بـ‮«‬الحثالة‭ ‬متعددة‭ ‬الثقافات‭ ‬الذين‭ ‬هاجموا‭ ‬مشجعي‭ ‬مكابي‭ ‬تل‭ ‬أبيب‭ ‬في‭ ‬شوارعنا‮»‬‭.‬

وتكررت‭ ‬تحيزات‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬الغربية‭ ‬تجاه‭ ‬عنف‭ ‬مشجعي‭ ‬كرة‭ ‬القدم‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬في‭ ‬ردود‭ ‬فعل‭ ‬السياسيين‭ ‬داخل‭ ‬هولندا‭ ‬والدول‭ ‬الغربية‭. ‬وقبل‭ ‬وصولهم،‭ ‬قامت‭ ‬السلطات‭ ‬الهولندية‭ ‬بنشر‭ ‬800‭ ‬شرطي‭ ‬إضافي،‭ ‬وأعلنت‭ ‬منع‭ ‬أي‭ ‬احتجاجات‭ ‬مؤيدة‭ ‬لفلسطين،‭ ‬وإعلان‭ ‬حالة‭ ‬طوارئ‭ ‬جزئية،‭ ‬كما‭ ‬نفذت‭ ‬الشرطة‭ ‬عمليات‭ ‬تفتيش‭ ‬عشوائية،‭ ‬ونشرت‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬عناصر‭ ‬الأمن‭ ‬لحماية‭ ‬المباني،‭ ‬والمنشآت‭ ‬المملوكة‭ ‬لليهود‭.‬

ورغم‭ ‬عدم‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬أفعال‭ ‬التحريض‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬مشجعي‭ ‬مكابي،‭ ‬استنكر‭ ‬رئيس‭ ‬وزراء‭ ‬هولندا،‭ ‬‮«‬ديك‭ ‬شوف‮»‬،‭ ‬‮«‬الهجمات‭ ‬المعادية‭ ‬للسامية‭ ‬غير‭ ‬المقبولة‮»‬،‭ ‬وأكد‭ ‬أنه‭ ‬تحدث‭ ‬مع‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬‮«‬نتنياهو‮»‬،‭ ‬ووعد‭ ‬بأنه‭ ‬سيتم‭ ‬‮«‬تعقب‭ ‬الجناة‭ ‬ومقاضاتهم‮»‬‭. ‬فيما‭ ‬قالت‭ ‬عمدة‭ ‬أمستردام،‭ ‬‮«‬فمكى‭ ‬هالسيما‮»‬،‭ ‬إن‭ ‬العنف‭ ‬أعاد‭ ‬‮«‬ذكريات‭ ‬المذابح‮»‬،‭ ‬التي‭ ‬ارتكبها‭ ‬النازيون‭ ‬في‭ ‬الأربعينيات،‭ ‬وادعت‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الثقافة‭ ‬اليهودية‮»‬‭ ‬في‭ ‬المدينة‭ ‬كانت‭ ‬‮«‬مهددة‭ ‬بعمق‮»‬‭ ‬نتيجة‭ ‬لـ«انفجار‭ ‬معاداة‭ ‬السامية‮»‬،‭ ‬ومن‭ ‬ثمّ،‭ ‬وفرت‭ ‬الشرطة‭ ‬حماية‭ ‬للإسرائيليين‭ ‬أثناء‭ ‬عودتهم‭ ‬إلى‭ ‬مطار‭ ‬أمستردام‭.‬

أما‭ ‬خارج‭ ‬هولندا،‭ ‬فقد‭ ‬كتب‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬البريطاني‭ ‬‮«‬ديفيد‭ ‬لامي‮»‬،‭ ‬على‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬إنه‭ ‬‮«‬مذعور‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬الهجمات‭ ‬المعادية‭ ‬للسامية‭ ‬على‭ ‬المواطنين‭ ‬الإسرائيليين‮»‬،‭ ‬بينما‭ ‬رفض‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬‮«‬جو‭ ‬بايدن‮»‬،‭ ‬الأحداث،‭ ‬ووصفها‭ ‬بأنها‭ ‬‮«‬مقززة‮»‬،‭ ‬واعتبرها‭ ‬‮«‬تذكر‭ ‬بلحظات‭ ‬مظلمة‭ ‬في‭ ‬التاريخ‮»‬‭. ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه،‭ ‬لم‭ ‬يعلق‭ ‬أي‭ ‬منهما‭ ‬على‭ ‬العنف‭ ‬المستمر‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬إسرائيل‭ ‬ضد‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬والعرب‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬ولبنان،‭ ‬رغم‭ ‬استمرار‭ ‬تقديم‭ ‬الدعم‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬والعسكري‭ ‬من‭ ‬الحكومتين‭ ‬البريطانية‭ ‬والأمريكية‭ ‬لإسرائيل‭.‬

من‭ ‬جانبه،‭ ‬لم‭ ‬يفوت‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬‮«‬نتنياهو‮»‬،‭ ‬الفرصة‭ ‬لتعزيز‭ ‬سمعة‭ ‬إسرائيل‭ ‬دوليًا،‭ ‬بغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬سياق‭ ‬الأحداث،‭ ‬فأعلن‭ ‬إرسال‭ ‬‮«‬طائرات‭ ‬إنقاذ‮»‬،‭ ‬لإجلاء‭ ‬مشجعي‭ ‬مكابي‭ ‬من‭ ‬العاصمة‭ ‬الهولندية،‭ ‬بينما‭ ‬قام‭ ‬وزير‭ ‬خارجيته‭ ‬‮«‬جدعون‭ ‬ساعر‮»‬،‭ ‬بزيارة‭ ‬دبلوماسية‭ ‬‮«‬عاجلة‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬هولندا‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬أفاد‭ ‬‮«‬هينلي‮»‬،‭ ‬بأن‭ ‬المشجعين‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬لم‭ ‬يُجْلَ‭ ‬أي‭ ‬منهم‭ ‬بواسطة‭ ‬طائرات‭ ‬‮«‬الإنقاذ‮»‬‭ ‬المزعومة،‭ ‬بل‭ ‬عادوا‭ ‬على‭ ‬متن‭ ‬الرحلات‭ ‬العادية‭ ‬لشركة‭ ‬الطيران‭ ‬الإسرائيلية،‭ ‬مما‭ ‬يعكس‭ ‬قدرة‭ ‬الحكومة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬المتطرفة‭ ‬على‭ ‬استغلال‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬الغربية‭ ‬والحكومات‭ ‬لصالحها‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬اتهامات‭ ‬معاداة‭ ‬السامية‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬توثيق‭ ‬مشجعي‭ ‬مكابي،‭ ‬وهم‭ ‬يعطّلون‭ ‬عمداً‭ ‬دقيقة‭ ‬الصمت،‭ ‬تكريما‭ ‬لضحايا‭ ‬الفيضانات‭ ‬الأخيرة‭ ‬في‭ ‬‮«‬إسبانيا‮»‬،‭ ‬قبل‭ ‬بدء‭ ‬المباراة‭ ‬ضد‭ ‬‮«‬أياكس‮»‬،‭ ‬بإطلاق‭ ‬الصفير،‭ ‬وإشعال‭ ‬الألعاب‭ ‬النارية،‭ ‬والشعلات‭ ‬في‭ ‬المدرجات؛‭ ‬فقد‭ ‬ركّزت‭ ‬التغطية‭ ‬الإعلامية‭ ‬على‭ ‬إمكانية‭ ‬معاقبة‭ ‬مشجعي‭ ‬نادي‭ ‬‮«‬باريس‭ ‬سان‭ ‬جيرمان‮»‬،‭ ‬الفرنسي‭ ‬ونادي‭ ‬‮«‬غلطة‭ ‬سراي‮»‬،‭ ‬التركي‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬‮«‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬لكرة‭ ‬القدم‮»‬‭ (‬يويفا‭)‬،‭ ‬بسبب‭ ‬عرضهم‭ ‬شعارات‭ ‬تضامنية‭ ‬مع‭ ‬الفلسطينيين‭. ‬ووفقا‭ ‬لما‭ ‬أشار‭ ‬إليه‭ ‬‮«‬باكنغهام‮»‬،‭ ‬و«ميلار‮»‬،‭ ‬تعتبر‭ ‬هذه‭ ‬الأفعال‭ ‬مخالفة‭ ‬لقواعد‭ ‬‮«‬اليويفا‮»‬،‭ ‬التي‭ ‬تحظر‭ ‬‮«‬استخدام‭ ‬الإيماءات،‭ ‬والكلمات،‭ ‬والأشياء،‭ ‬أو‭ ‬أي‭ ‬وسيلة‭ ‬أخرى‭ ‬لنقل‭ ‬رسالة‭ ‬استفزازية‭ ‬غير‭ ‬مناسبة‭ ‬لحدث‭ ‬رياضي‮»‬‭.‬

وفي‭ ‬ضوء‭ ‬هذه‭ ‬المعايير‭ ‬المزدوجة،‭ ‬أشار‭ ‬‮«‬ماكجيهان‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬لتخليص‭ ‬كرة‭ ‬القدم‭ ‬الأوروبية‭ ‬من‭ ‬الهتافات‭ ‬العنصرية‭ ‬التي‭ ‬يصدرها‭ ‬مشجعو‭ ‬مكابي‭ ‬تل‭ ‬أبيب‮»‬،‭ ‬ينبغي‭ ‬على‭ ‬‮«‬يويفا‮»‬،‭ ‬إلزام‭ ‬الاتحاد‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬لكرة‭ ‬القدم‭ (‬IFA‭) ‬بتطبيق‭ ‬المادة‭ (‬7‭) ‬من‭ ‬نظامه‭ ‬الأساسي‭ ‬المتعلقة‭ ‬بمكافحة‭ ‬التصرفات‭ ‬العنصرية،‭ ‬وفرض‭ ‬عقوبات‭ ‬مناسبة‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬عدم‭ ‬اتخاذه‭ ‬أي‭ ‬إجراءات‭. ‬وفي‭ ‬ظل‭ ‬عدم‭ ‬حدوث‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬الماضي‭ -‬كما‭ ‬حدث‭ ‬مع‭ ‬الفرق‭ ‬الروسية‭ ‬‭ ‬تظل‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الإجراءات‭ ‬العقابية‭ ‬بعيدة‭ ‬المنال‭.‬

على‭ ‬العموم،‭ ‬لم‭ ‬تشر‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬الغربية‭ ‬إلى‭ ‬العنف‭ ‬الذي‭ ‬ارتكبه‭ ‬مشجعو‭ ‬كرة‭ ‬القدم‭ ‬الإسرائيليون‭ ‬في‭ ‬أمستردام،‭ ‬سواء‭ ‬كان‭ ‬جسديًا‭ ‬أو‭ ‬لفظيًا،‭ ‬بل‭ ‬وقللت‭ ‬من‭ ‬خطورة‭ ‬أعمالهم‭ ‬العدوانية؛‭ ‬فيما‭ ‬ركزت‭ ‬بدلًا‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬على‭ ‬اتهامات‭ ‬معاداة‭ ‬السامية،‭ ‬دون‭ ‬تقديم‭ ‬أدلة‭ ‬أو‭ ‬تفاصيل‭ ‬داعمة‭. ‬وتكررت‭ ‬هذه‭ ‬المقاربة‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬الداخلية‭ ‬الهولندية،‭ ‬وفي‭ ‬ردود‭ ‬الفعل‭ ‬الرسمية‭ ‬الغربية،‭ ‬وهي‭ ‬مقاربات‭ ‬تتناقض‭ ‬بوضوح‭ ‬مع‭ ‬الدعم‭ ‬الذي‭ ‬تقدمه‭ ‬هذه‭ ‬الحكومات‭ ‬نفسها‭ ‬لإسرائيل‭ ‬في‭ ‬حملتها‭ ‬المستمرة‭ ‬على‭ ‬المدنيين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬والأراضي‭ ‬المحتلة‭ ‬الأخرى‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا