العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

الانتخابات الرئاسية كشفت أزمة الأحزاب السياسية الأمريكية

بقلم: د. جيمس زغبي

الثلاثاء ١٩ نوفمبر ٢٠٢٤ - 02:00

كان‭ ‬رد‭ ‬فعلي‭ ‬على‭ ‬فوز‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬الأخير‭ ‬مختلفا‭ ‬تماما‭ ‬عما‭ ‬كان‭ ‬عليه‭ ‬ردي‭ ‬فعلي‭ ‬عندما‭ ‬تم‭ ‬انتخابه‭ ‬لأول‭ ‬مرة‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2016‭. ‬ففي‭ ‬سنة‭ ‬2016،‭ ‬كنت‭ ‬منزعجا‭ ‬للغاية‭ ‬بشأن‭ ‬الطريقة‭ ‬التي‭ ‬انتخبنا‭ ‬بها‭ ‬شخصا‭ ‬نرجسيا،‭ ‬كارها‭ ‬للنساء‭ ‬والأجانب،‭ ‬ومحرضا‭ ‬على‭ ‬العنف‭. ‬لقد‭ ‬كنت‭ ‬قلقا‭ ‬ومتخوفا‭ ‬مما‭ ‬قد‭ ‬تنذر‭ ‬به‭ ‬رئاسته‭ ‬لمستقبلنا‭ ‬ولمستقبل‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭. ‬

لقد‭ ‬اختلف‭ ‬الأمر‭ ‬هذه‭ ‬السنة‭. ‬ورغم‭ ‬أنني‭ ‬ما‭ ‬أزال‭ ‬أشعر‭ ‬بحزن‭ ‬عميق‭ ‬بشأن‭ ‬ما‭ ‬قد‭ ‬تعنيه‭ ‬عودة‭ ‬ترامب‭ ‬إلى‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬النساء‭ ‬والمهاجرين‭ ‬ومستقبل‭ ‬الرعاية‭ ‬الصحية‭ ‬وحقوق‭ ‬العمال‭ ‬والبيئة،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الغضب‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬سيطر‭ ‬علي‭.‬

لقد‭ ‬بلغ‭ ‬بي‭ ‬الغضب‭ ‬أشدة‭ ‬بسبب‭ ‬الحملات‭ ‬السياسية‭ ‬التي‭ ‬قام‭ ‬بها‭ ‬الديمقراطيون‭ ‬ومستشاروهم‭ ‬الذين‭ ‬تسببوا‭ ‬لنا‭ ‬بهذه‭ ‬الكارثة‭. ‬لقد‭ ‬انتابني‭ ‬أيضا‭ ‬غضب‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬انهيار‭ ‬الأحزاب‭ ‬السياسية‭ ‬كمنظمات‭ ‬نابضة‭ ‬بالحياة‭ ‬كانت‭ ‬ذات‭ ‬يوم‭ ‬تجمع‭ ‬الناس‭ ‬معاً،‭ ‬وتسهم‭ ‬في‭ ‬تمكينهم،‭ ‬وكانت‭ ‬تستجيب‭ ‬لاحتياجاتهم‭.‬

في‭ ‬الماضي،‭ ‬كان‭ ‬الانضمام‭ ‬إلى‭ ‬الحزب‭ ‬الديمقراطي‭ ‬أو‭ ‬الحزب‭ ‬الجمهوري‭ ‬يعني‭ ‬شيئًا‭ ‬ما‭. ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬هيكل‭ ‬للحزب‭ ‬من‭ ‬المستوى‭ ‬المحلي‭ ‬إلى‭ ‬المستوى‭ ‬الوطني‭. ‬كان‭ ‬الناس‭ ‬يشعرون‭ ‬بالانتماء‭ ‬وكانوا‭ ‬يرتادون‭ ‬الاجتماعات‭ ‬ويشعرون‭ ‬بفخر‭ ‬الانتماء‭ ‬إلى‭ ‬حزبهم‭.‬

لقد‭ ‬أصبح‭ ‬الأمر‭ ‬اليوم‭ ‬مختلفا‭ ‬كل‭ ‬الاختلاف‭. ‬فبالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬معظم‭ ‬الأمريكيين،‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬ديمقراطيًا‭ ‬أو‭ ‬جمهوريًا‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬مدرجًا‭ ‬في‭ ‬القوائم‭ ‬التي‭ ‬تتلقى‭ ‬رسائل‭ ‬بريد‭ ‬إلكتروني‭ ‬أو‭ ‬رسائل‭ ‬نصية‭ ‬أو‭ ‬بريدا‭ ‬مباشرا‭ ‬أو‭ ‬مكالمات‭ ‬هاتفية‭   ‬أو‭ ‬رسائل‭ ‬وسائط‭ ‬اجتماعية‭ ‬مستهدفة،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬معظم‭ ‬هذه‭ ‬الرسائل‭ ‬تطلب‭ ‬التبرع‭ ‬بالمال‭. ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬أي‭ ‬تنظيم،‭ ‬أو‭ ‬أي‭ ‬شعور‭ ‬بالانتماء،‭ ‬أو‭ ‬أي‭ ‬فرصة‭ ‬حقيقية‭ ‬لإسماع‭ ‬صوتك‭.‬

لا‭ ‬تنحصر‭ ‬مشكلتنا‭ ‬مع‭ ‬طبقة‭ ‬المستشارين‭ ‬السياسيين‭ ‬فقط‭ ‬في‭ ‬السلطة‭ ‬التي‭ ‬يمارسونها،‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬مشكلتنا‭ ‬تكمن‭ ‬أيضا‭ ‬في‭ ‬الأحكام‭ ‬التي‭ ‬يصدرونها،‭ ‬وأمام‭ ‬من‭ ‬يتحملون‭ ‬المسؤولية‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬المطاف‭. ‬فالأمر‭ ‬لا‭ ‬يتعلق‭ ‬بالأحزاب‭ ‬السياسية‭ ‬أو‭ ‬بالناخبين‭ ‬أنفسهم‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالمانحين‭ ‬الذين‭ ‬يدفعون‭ ‬مبالغ‭ ‬ضخمة‭.‬

إن‭ ‬الأحزاب،‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تمثل‭ ‬الناخبين‭ ‬ذات‭ ‬يوم‭ ‬وتعمل‭ ‬على‭ ‬تمكينهم،‭ ‬أصبحت‭ ‬الآن‭ ‬أدوات‭ ‬لجمع‭ ‬تبرعات‭ ‬بمليارات‭ ‬الدولارات‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬دورة‭ ‬انتخابية‭.‬

تذهب‭ ‬هذه‭ ‬الدولارات‭ ‬إلى‭ ‬المجموعات‭ ‬الاستشارية‭ ‬التي‭ ‬تستخدمها‭ ‬لجمع‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الأموال‭ ‬لدفع‭ ‬تكاليف‭ ‬الإعلانات،‭ ‬وإجراء‭ ‬استطلاعات‭ ‬الرأي‭ ‬لتشكيل‭ ‬الرسائل‭ ‬إما‭ ‬لتحديد‭ ‬مرشحيها‭ ‬والترويج‭ ‬لها‭ ‬أو‭ ‬لتحديد‭ ‬وتثبيط‭ ‬الدعم‭ ‬لخصومهم‭.‬

ولأنهم‭ ‬يسيطرون‭ ‬على‭ ‬مبالغ‭ ‬ضخمة‭ ‬من‭ ‬دولارات‭ ‬الحملات‭ ‬الانتخابية،‭ ‬فإن‭ ‬هؤلاء‭ ‬المستشارين‭ ‬هم‭ ‬الذين‭ ‬يضعون‭ ‬جداول‭ ‬أعمال‭ ‬الحملات‭. ‬لقد‭ ‬حلت‭ ‬هذه‭ ‬المجموعات‭ ‬الاستشارية‭ ‬فعلياً‭ ‬محل‭ ‬الأحزاب‭ ‬باعتبارها‭ ‬القوى‭ ‬التي‭ ‬تحرك‭ ‬السياسة‭ ‬الأمريكية‭. ‬فهذه‭ ‬الفئة‭ ‬من‭ ‬المستشارين‭ ‬هم‭ ‬وسطاء‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬السلطة‭ ‬وهم‭ ‬يعملون‭ ‬دون‭ ‬أي‭ ‬مساءلة‭.‬

إحدى‭ ‬النتائج‭ ‬الثانوية‭ ‬لهذا‭ ‬الوضع‭ ‬هي‭ ‬أن‭ ‬الناخبين‭ ‬أصبحوا‭ ‬أقل‭ ‬ارتباطاً‭ ‬بالأحزاب‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬متزايد‭. ‬لقد‭ ‬أصبحت‭ ‬الأحزاب‭ ‬نفسها‭ ‬كيانات‭ ‬أقل‭ ‬اهتماما‭ ‬بالعضوية‭ ‬لتتحول‭ ‬إلى‭ ‬أدوات‭ ‬لجمع‭ ‬التبرعات‭.‬

ولهذا‭ ‬السبب‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬السهل‭ ‬جدًا‭ ‬على‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬أن‭ ‬يتولى‭ ‬قيادة‭ ‬الحزب‭ ‬الجمهوري،‭ ‬فيما‭ ‬أصبح‭ ‬الحزب‭ ‬الديمقراطي‭ ‬أسيرًا‭ ‬لكبار‭ ‬مانحيه‭ ‬ومستشاريه‭ ‬الذين‭ ‬ينفقون‭ ‬أموالهم‭ ‬ويؤثرون‭ ‬في‭ ‬أجندته‭ ‬وتوجهاته‭ ‬وبرامجه‭.‬

وقد‭ ‬تفاقمت‭ ‬هذه‭ ‬المشكلة‭ ‬بسبب‭ ‬ظهور‭ ‬ما‭ ‬يعرف‭ ‬باسم‭ ‬‮«‬لجان‭ ‬العمل‭ ‬السياسي‭ ‬الفائقة‮»‬،‭ ‬وهي‭ ‬لجان‭ ‬مستقلة‭ ‬يمكنها‭ ‬تلقي‭ ‬وإنفاق‭ ‬مساهمات‭ ‬غير‭ ‬منظمة‭ ‬من‭ ‬المليارديرات‭ ‬الذين،‭ ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬توظيف‭ ‬نفس‭ ‬المجموعات‭ ‬من‭ ‬المستشارين،‭ ‬يتمتعون‭ ‬الآن‭ ‬بنفوذ‭ ‬أكبر‭ ‬على‭ ‬العملية‭ ‬السياسية‭ ‬من‭ ‬الأحزاب‭ ‬نفسها‭.‬

أما‭ ‬المشكلة‭ ‬الأخرى‭ ‬فهي‭ ‬تتعلق‭ ‬بالحذر‭ ‬المفرط‭ ‬لهؤلاء‭ ‬المستشارين،‭ ‬وافتقارهم‭ ‬إلى‭ ‬سعة‭ ‬الخيال،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬بعدهم‭ ‬عن‭ ‬التواصل‭ ‬مع‭ ‬الناخبين‭ ‬وتلمس‭ ‬احتياجاتهم‭. ‬لقد‭ ‬انتقد‭ ‬مسؤول‭ ‬سابق‭ ‬في‭ ‬إدارة‭ ‬باراك‭ ‬أوباما‭ ‬ذات‭ ‬مرة‭ ‬ما‭ ‬أسماه‭ ‬‮«‬فقاعة‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‮»‬‭ ‬التي‭ ‬وصفها‭ ‬بأنها‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الشخصيات‭ ‬التي‭ ‬خدمت‭ ‬في‭ ‬الإدارات‭ ‬السابقة‭.‬

وها‭ ‬هي‭ ‬هذه‭ ‬الشخصيات‭ ‬التي‭ ‬خدمت‭ ‬في‭ ‬الإدارات‭ ‬السابقة‭ ‬تملأ‭ ‬اليوم‭ ‬مراكز‭ ‬الأبحاث‭ ‬ومنابر‭ ‬التحليلات‭ ‬والتعليقات‭. ‬إنهم‭ ‬بعيدون‭ ‬كل‭ ‬البعد‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬العالم‭ ‬المتغير،‭ ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬فهم‭ ‬يقدمون‭ ‬نفس‭ ‬الأفكار‭ ‬‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬التفكير‭ ‬الجماعي‭ ‬للحكمة‭ ‬التقليدية‭ ‬التي‭ ‬فشلت‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬وسيكون‭ ‬مصيرها‭ ‬الفشل‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭.‬

وينطبق‭ ‬الشيء‭ ‬نفسه‭ ‬على‭ ‬فقاعة‭ ‬الاستشارات‭ ‬السياسية‭. ‬فهؤلاء‭ ‬المستشارون‭ ‬بعيدون‭ ‬كل‭ ‬البعد‭ ‬عن‭ ‬جمهور‭ ‬الناخبين‭ ‬المتغير‭ ‬وليس‭ ‬لديهم‭ ‬ما‭ ‬يقدمونه‭ ‬سوى‭ ‬نفس‭ ‬الأفكار‭ ‬القديمة‭ ‬التي‭ ‬ربما‭ ‬تكون‭ ‬قد‭ ‬نجحت‭ ‬ذات‭ ‬يوم،‭ ‬ولكن،‭ ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬التغييرات‭ ‬التي‭ ‬حدثت‭ ‬في‭ ‬جمهور‭ ‬الناخبين،‭ ‬محكوم‭ ‬عليها‭ ‬بالفشل‭ ‬اليوم‭ ‬وغدا‭.‬

على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬فشل‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬أداروا‭ ‬الحملات‭ ‬الديمقراطية‭ ‬هذا‭ ‬العام‭ ‬في‭ ‬تقدير‭ ‬انعدام‭ ‬الأمن‭ ‬الاقتصادي‭ ‬للناخبين‭ ‬من‭ ‬الطبقة‭ ‬العاملة‭ ‬البيضاء،‭ ‬وركزوا‭ ‬اهتمامهم‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬أسموه‭ ‬‮«‬تحالف‭ ‬أوباما‮»‬‭ ‬المؤلف‭ ‬من‭ ‬الناخبين‭ ‬الشباب‭ ‬وغير‭ ‬البيض،‭ ‬والنساء‭ ‬المتعلمات‭ ‬في‭ ‬الجامعات‭.‬

لقد‭ ‬رفضوا‭ ‬زيادة‭ ‬الضرائب‭ ‬على‭ ‬أغنى‭ ‬1%‭ ‬من‭ ‬السكان،‭ ‬وتوفير‭ ‬الرعاية‭ ‬الصحية‭ ‬الشاملة،‭ ‬ورفع‭ ‬الحد‭ ‬الأدنى‭ ‬للأجور،‭ ‬باعتبارهم‭ ‬يساريين‭ ‬للغاية‭. ‬فبدلاً‭ ‬من‭ ‬الاهتمام‭ ‬باحتياجات‭ ‬الناخبين‭ ‬من‭ ‬الطبقة‭ ‬العاملة‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬التي‭ ‬تمثل‭ ‬ساحة‭ ‬معركة‭ ‬رئيسية،‭ ‬قاموا‭ ‬بحملة‭ ‬المرشحة‭ ‬الديمقراطية‭ ‬للرئاسة‭ ‬كامالا‭ ‬هاريس‭ ‬بالتعاون‭ ‬مع‭ ‬عضوة‭ ‬الكونجرس‭ ‬الجمهورية‭ ‬السابقة‭ ‬ليز‭ ‬تشيني‭.‬

لقد‭ ‬ذهب‭ ‬في‭ ‬اعتقادهم‭ ‬أن‭ ‬ليز‭ ‬تشيني‭ ‬ستساعد‭ ‬في‭ ‬كسب‭ ‬تأييد‭ ‬الجمهوريين‭ ‬المعتدلين‭ ‬ونساء‭ ‬الضواحي،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬تستطع‭ ‬فعله‭. ‬لقد‭ ‬فشلوا‭ ‬أيضا‭ ‬في‭ ‬فهم‭ ‬تأثير‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬على‭ ‬الناخبين‭ ‬الأمريكيين‭ ‬العرب،‭ ‬بل‭ ‬وأيضاً‭ ‬على‭ ‬المكونات‭ ‬الرئيسية‭ ‬في‭ ‬ائتلاف‭ ‬أوباما،‭ ‬وخاصة‭ ‬الناخبين‭ ‬الشباب‭ ‬والتقدميين‭ ‬وغير‭ ‬البيض‭.‬

وبعد‭ ‬أن‭ ‬أدرك‭ ‬الثغرات‭ ‬التي‭ ‬نجمت‭ ‬عن‭ ‬أخطاء‭ ‬الديمقراطيين،‭ ‬فقد‭ ‬احتضن‭ ‬ترامب‭ ‬الطبقة‭ ‬العاملة‭ ‬البيضاء‭ ‬التي‭ ‬وعدها‭ ‬بخلق‭ ‬وظائف‭ ‬جديدة،‭ ‬كما‭ ‬استغل‭ ‬شعورهم‭ ‬بالإهمال‭ ‬والتهميش‭ ‬وراح‭ ‬يهاجم‭ ‬المهاجرين‭ ‬الذين‭ ‬اتهمهم‭ ‬بأخذ‭ ‬الوظائف‭ ‬وجلب‭ ‬الجريمة‭ ‬إلى‭ ‬مدننا‭.‬

وبدلاً‭ ‬من‭ ‬الانفصال‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬النهج‭ ‬الفاشل،‭ ‬اعتنقته‭ ‬هاريس‭. ‬لقد‭ ‬تراجعت‭ ‬عن‭ ‬سياساتها‭ ‬السابقة‭ ‬ذات‭ ‬الميول‭ ‬اليسارية‭ ‬التي‭ ‬تفضل‭ ‬الرعاية‭ ‬الصحية‭ ‬الشاملة‭ ‬ودعم‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الأخضر‭.‬

وبدلاً‭ ‬من‭ ‬إشراك‭ ‬الناخبين‭ ‬البيض‭ ‬من‭ ‬الطبقة‭ ‬العاملة،‭ ‬فقد‭ ‬تجاهلتهم‭ ‬حملة‭ ‬كمالا‭ ‬هاريس‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير،‭ ‬واختارت‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬المشاركة‭ ‬في‭ ‬الحملة‭ ‬مع‭ ‬ليز‭ ‬تشيني‭. ‬وبدلاً‭ ‬من‭ ‬الاجتماع‭ ‬مع‭ ‬الأمريكيين‭ ‬العرب،‭ ‬فقد‭ ‬تركت‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭ ‬مفتوحاً‭ ‬على‭ ‬مصراعيه‭ ‬أمام‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬لاستغلاله‭.‬

وبدلاً‭ ‬من‭ ‬استغلال‭ ‬الوقت‭ ‬القصير‭ ‬المتاح‭ ‬لها‭ ‬لتقديم‭ ‬نفسها‭ ‬إلى‭ ‬الدوائر‭ ‬الانتخابية‭ ‬الرئيسية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الاجتماع‭ ‬شخصيًا‭ ‬مع‭ ‬القادة‭ ‬والفوز‭ ‬بحلفاء‭ ‬جدد،‭ ‬فقد‭ ‬اكتفت‭ ‬هاريس‭ ‬بالتجمعات‭ ‬الحاشدة‭ ‬للمؤيدين‭.‬

لقد‭ ‬كان‭ ‬فشل‭ ‬هؤلاء‭ ‬المستشارين‭ ‬ذريعا‭. ‬لقد‭ ‬خسر‭ ‬الديمقراطيون‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬ومجلسي‭ ‬النواب‭ ‬والشيوخ،‭ ‬كما‭ ‬حصلت‭ ‬هاريس‭ ‬على‭ ‬أصوات‭ ‬أقل‭ ‬بكثير‭ ‬مما‭ ‬فاز‭ ‬به‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2020‭. ‬لقد‭ ‬خسرت‭ ‬الأصوات‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬شريحة‭ ‬ديموغرافية‭ ‬تقريبًا،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬اللاتينيين‭ ‬والآسيويين‭ ‬والنساء‭ ‬البيض،‭ ‬وبالطبع‭ ‬العرب‭.‬

وفي‭ ‬أعقاب‭ ‬ذلك،‭ ‬سوف‭ ‬يجد‭ ‬النقاد‭ ‬الديمقراطيون‭ ‬خطأً‭ ‬في‭ ‬الناخبين‭ ‬واختياراتهم،‭ ‬وليس‭ ‬في‭ ‬القرارات‭ ‬الرديئة‭ ‬التي‭ ‬اتخذوها‭ ‬بأنفسهم‭. ‬سوف‭ ‬يدين‭ ‬النقاد‭ ‬الديمقراطيون‭ ‬الناخبين‭ ‬البيض‭ ‬ويعتبرونهم‭ ‬عنصريين‭ ‬أو‭ ‬كارهين‭ ‬للنساء‭.‬

كما‭ ‬أنهم‭ ‬سيتساءلون‭: ‬كيف‭ ‬يمكن‭ ‬لذوي‭ ‬الأصول‭ ‬اللاتينية‭ ‬أن‭ ‬يصوتوا‭ ‬لترامب‭ ‬بعد‭ ‬ما‭ ‬قاله‭ ‬هو‭ ‬وأنصاره‭ ‬عنهم؟‭ ‬وكيف‭ ‬يمكن‭ ‬للعرب‭ ‬والمسلمين‭ ‬أن‭ ‬ينسوا‭ ‬ما‭ ‬فعله‭ ‬بهم‭ ‬ترامب‭ ‬في‭ ‬ولايته‭ ‬الأولى؟

لقد‭ ‬تذكرت‭ ‬أحد‭ ‬الأقوال‭ ‬المنسوبة‭ ‬إلى‭ ‬القديس‭ ‬أغسطينوس‭ ‬‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬الصراع‭ ‬بين‭ ‬الكنيسة‭ ‬والعالم،‭ ‬فإن‭ ‬الكنيسة‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تذهب‭ ‬إلى‭ ‬العالم،‭ ‬وليس‭ ‬العالم‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يذهب‭ ‬إلى‭ ‬الكنيسة‭. ‬بمعنى‭ ‬آخر،‭ ‬لا‭ ‬تلوموا‭ ‬الناخبين‭. ‬إذا‭ ‬كنتم‭ ‬تريدون‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬أصواتهم‭. ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تكسبوا‭ ‬الناخبين‭ ‬لتكسبوا‭ ‬أصواتهم‭.‬

ولهذا‭ ‬السبب‭ ‬أنا‭ ‬غاضب‭ ‬من‭ ‬الحملة‭ ‬والحزب‭ ‬والمستشارين‭. ‬لقد‭ ‬جمعوا‭ ‬أموالهم،‭ ‬واتخذوا‭ ‬خيارات‭ ‬سيئة‭. ‬والآن‭ ‬سوف‭ ‬ندفع‭ ‬الثمن‭.‬

{‭ ‬رئيس‭ ‬المعهد‭ ‬العربي‭ ‬الأمريكي

 

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا