حتى منتصف سبعينيات القرن الماضي كانت البحرين تعتمد اعتمادا كبيرا على العمالية الوطنية المحلية وعمالة الجاليات العربية والأجنبية الموجودة في البلاد إن صح التعبير بل إن أعمال البناء والتشييد والترميم البسيطة تحديدا وفي كثير من الأحيان كانت تتم بمساعدة أبناء المنطقة في مختلف مناطق البحرين في القرى والمدن دون الحاجة إلى العمالة الموجودة في البلاد، فضلا عن أن الأسر والعائلات البحرينية ما كانت تعتمد على العمالة المنزلية فكل أسرة كانت تتولى بنفسها تدبير أمور البيت والعيال من طبخ وغسيل وتنظيف وغيرها من الأمور الحياتية التي لا غنى لأي أسرة عنها وذلك يعود إلى نمط الحياة في ذلك الوقت وتواضع دخل رب الأسرة الذي بالكاد يغطي الحاجات الأساسية للعائلة ونمط الحياة للمجتمع البحريني في ذلك الوقت القائم على البساطة والتعاون والتكاتف ومساعدة الناس لبعضهم البعض.
إلا أنه مع بداية النصف الثاني من سبعينيات القرن الماضي وارتفاع أسعار النفط حدث تغيرات دراماتيكية وتطورات كبيرة في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربي ومنها مملكة البحرين التي استفادت من ارتفاع أسعار النفط لتحسين مستوى عيش المواطنين واستكمال متطلبات تطوير البنية التحتية لدول مجلس التعاون.
رافقت هذه التطورات الإيجابية سعي الدولة إلى توفير المزيد من الوحدات السكنية للمواطنين من خلال وزارة الإسكان التي أنشئت مع الطفرة النفطية وبناء المزيد من المدن الحديثة في مختلف أرجاء البحرين لمواجهة الزيادة في عدد السكان ورغبة جزء من المواطنين في الاستفادة من الوحدات السكنية التي توفرها الدولة والانتقال إلى مساكن جديدة بدلا من بيوتهم القديمة الموجودة في الأحياء الشعبية.
في هذه الأثناء حدث تدفق للآلاف بل مئات الآلاف من العمالة الوافدة على مملكة البحرين لسد النقص في العمالة المحلية ولتتماشى مع وتيرة المشاريع التي أقرتها الدولة لاستكمال عملية تحديث البنية التحتية خصوصا في قطاع البناء والإنشاءات فكان من الطبيعي أن تبحث هذه العمالة عن مساكن تؤويها فوجدت ضالتها في البيوت القديمة بالأحياء الشعبية التي هجرها أهلها إلى مناطق أخرى من البلاد بسبب رخص إيجارها حيث تكدست فيها وبأعداد كبيرة وفي ظروف غير صحية للغاية من أجل توفير جزء من الراتب المتواضع وإرساله إلى أهلهم لمواجهة متطلبات الحياة.
ومع مرور الوقت بسبب التكدس العشوائي في هذه البيوت القديمة التي تفتقر إلى أبسط مقومات العيش حدث العديد من الحوادث والمشاكل والاجتماعية والحرائق راح ضحيتها عدد من الوافدين وعانى منها المواطنون الأمر الذي دعا عددا من النواب إلى طرح هذه المشكلة في البرلمان لإيجاد حل لهذا الوضع ولتخليص المواطنين من مشكلة مساكن العزاب في مناطقهم وإيجاد مساكن تتوفر فيها مقومات العيش للعمالة الوافدة بحضور الجهات المعنية بهذا الأمر في الدولة الذين أكدوا أن هذا الموضوع محل اهتمامهم ومتابعتهم.
إن مسألة تنظيم عملية استخدام العمالة الوافدة للمساكن ضرورة ملحة خصوصا سكن العزاب منها حيث يشكل وجودهم في الأحياء الشعبية مشاكل اجتماعية وعليه يجب عدم السماح بتأجير المساكن لهم في هذه المناطق وإيجاد مناطق بعيدة لهم بشرط توفر مقومات العيش فيها كما أسلفنا وسن قانون يمنع تأجير المساكن للعزاب في تلك الأحياء وتقديم المخالفين للمحاكمة لأن ترك الموضوع دون ضوابط من شأنه أن يؤثر سلبا في سلامة المواطنين المقيمين في هذه المناطق والذين فضلوا البقاء فيها وعدم مغادرة هذه المناطق التي احتضنت آباءهم وأجدادهم خصوصا وإن التجربة أثبت أن وجود العمالة الوافدة في هذه المناطق له جوانب سلبية على المقيمين وعلى العمالة نفسها على حد سواء.
فحسنا فعل الأخوة النواب الذين طرحوا هذه المسألة ومطلوب أن يكون لها حل جذري وسريع ونهائي حتى لا نعود إليها مرة ثانية حفاظا على أمن واستقرار المجتمع.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك