العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

سياسات «ترامب» وإعادة تشكيل شراكات الشرق الأوسط الاقتصادية

مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية

الجمعة ١٥ نوفمبر ٢٠٢٤ - 02:00

بعد‭ ‬انتهاء‭ ‬الانتخابات‭ ‬الرئاسية‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬الخامس‭ ‬من‭ ‬نوفمبر2024،‭ ‬ونجاح‭ ‬‮«‬دونالد‭ ‬ترامب‮»‬‭ ‬في‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭. ‬يتوقع‭ ‬المراقبون،‭ ‬أن‭ ‬يسعى‭ ‬إلى‭ ‬تخفيض‭ ‬الضرائب‭ ‬على‭ ‬الشركات،‭ ‬وتشديد‭ ‬سياسات‭ ‬الهجرة،‭ ‬وزيادة‭ ‬الدعم‭ ‬لإسرائيل‭ ‬في‭ ‬حروبها‭ ‬بالشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬إضافةً‭ ‬إلى‭ ‬احتمالات‭ ‬تراجع‭ ‬‮«‬واشنطن‮»‬‭ ‬عن‭ ‬التزاماتها‭ ‬المتعلقة‭ ‬بتغير‭ ‬المناخ؛‭ ‬ما‭ ‬قد‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬تفاقم‭ ‬التوترات‭ ‬العالمية،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يثير‭ ‬تساؤلات‭ ‬حول‭ ‬مستقبل‭ ‬العلاقات‭ ‬الدولية‭ ‬والاقتصاد‭ ‬العالمي‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬رئاسته،‭ ‬التي‭ ‬تميل‭ ‬نحو‭ ‬تعزيز‭ ‬الحمائية،‭ ‬وتقليل‭ ‬الالتزامات‭ ‬الأمريكية‭ ‬على‭ ‬الساحة‭ ‬العالمية‭.‬

وكجزء‭ ‬من‭ ‬سياساته‭ ‬لتعزيز‭ ‬التصنيع‭ ‬والإنتاج‭ ‬الداخلي،‭ ‬من‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬يفرض‭ ‬قيودا‭ ‬صارمة‭ ‬على‭ ‬الواردات‭ ‬الأجنبية،‭ ‬وهي‭ ‬السياسات‭ ‬التي‭ ‬تستهدف‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭ ‬المنافسين‭ ‬الاقتصاديين‭ ‬الرئيسيين‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬وعلى‭ ‬رأسهم‭ ‬الصين‭. ‬ويشير‭ ‬‮«‬ويليام‭ ‬رينش‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬مركز‭ ‬الدراسات‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬والدولية‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬أن‭ ‬شركاء‭ ‬أمريكا‭ ‬التجاريين‭ ‬حول‭ ‬العالم،‭ ‬سيواجهون‭ ‬تهديدات‭ ‬متجددة،‭ ‬بفرض‭ ‬رسوم‭ ‬جمركية‭ ‬قد‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬20%‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬الواردات‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬واشنطن‮»‬،‭ ‬مع‭ ‬ارتفاعات‭ ‬محتملة،‭ ‬تفوق‭ ‬الـ60%‭ ‬على‭ ‬بعض‭ ‬السلع‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬معينة‭. ‬

وتُعد‭ ‬السياسات‭ ‬التجارية‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬يتبناها‭ ‬حال‭ ‬عودته‭ ‬إلى‭ ‬الرئاسة،‭ ‬مصدر‭ ‬ضغط‭ ‬كبير‭ ‬على‭ ‬العلاقات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬العالمية؛‭ ‬مما‭ ‬يثير‭ ‬تساؤلات‭ ‬حول‭ ‬تأثيراتها‭ ‬المحتملة‭ ‬في‭ ‬الأسواق‭ ‬الدولية‭ ‬والإمدادات‭ ‬التجارية‭. ‬وأكد‭ ‬‮«‬رينش‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬أسلوب‭ ‬صنع‭ ‬القرار‭ ‬الذي‭ ‬يتبعه،‭ ‬والذي‭ ‬يتميز‭ ‬بقدر‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬القابلية‭ ‬للتكيف،‭ ‬يجعل‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬تحديد‭ ‬ما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬سينفذ‭ ‬تهديداته‭ ‬تجاه‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬طورت‭ ‬علاقات‭ ‬اقتصادية‭ ‬مع‭ ‬بلاده،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭. ‬

من‭ ‬جانبها،‭ ‬أشارت‭ ‬‮«‬سنام‭ ‬فاكيل‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬المعهد‭ ‬الملكي‭ ‬للشؤون‭ ‬الدولية‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬شركاء‭ ‬‮«‬الولايات‭ ‬المتحدة‮»‬،‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬يشعرون‭ ‬بالقلق‭ ‬إزاء‭ ‬تراجع‭ ‬اهتمامها‭ ‬بالصراعات‭ ‬الإقليمية،‭ ‬خاصة‭ ‬ما‭ ‬تقوم‭ ‬به‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬ولبنان‭. ‬ومع‭ ‬التركيز‭ ‬المحتمل‭ ‬لترامب‭ ‬على‭ ‬سياسات‭ ‬اقتصادية‭ ‬تقييدية،‭ ‬قد‭ ‬يتم‭ ‬تسريع‭ ‬تحركات‭ ‬هذه‭ ‬الاقتصادات،‭ ‬نحو‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬أسواق‭ ‬أكثر‭ ‬ملاءمة‭ ‬في‭ ‬آسيا،‭ ‬والبحث‭ ‬عن‭ ‬شراكات‭ ‬جديدة‭ ‬تتناسب‭ ‬مع‭ ‬أولوياتها‭ ‬واستراتيجياتها‭ ‬الاقتصادية،‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬الغرب،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬قد‭ ‬يُعيد‭ ‬تشكيل‭ ‬العلاقات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬العالمية‭.‬

وفي‭ ‬عام‭ ‬2023،‭ ‬بلغت‭ ‬قيمة‭ ‬واردات‭ ‬‮«‬الولايات‭ ‬المتحدة‮»‬،‭ ‬حوالي‭ ‬3‭.‬1‭ ‬تريليونات‭ ‬دولار،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يمثل‭ ‬حوالي‭ ‬11%‭ ‬من‭ ‬ناتجها‭ ‬المحلي‭ ‬الإجمالي‭. ‬وتضمنت‭ ‬السلع‭ ‬الرئيسية‭ ‬المستوردة؛‭ (‬النفط‭ ‬الخام،‭ ‬والمركبات‭ ‬الآلية،‭ ‬وأجهزة‭ ‬الكمبيوتر،‭ ‬والمنتجات‭ ‬البترولية‭ ‬المكررة،‭ ‬ومكونات‭ ‬الآلات‭). ‬وقد‭ ‬شكلت‭ ‬‮«‬الصين‮»‬،‭ ‬مصدرًا‭ ‬كبيرًا‭ ‬لهذه‭ ‬السلع،‭ ‬حيث‭ ‬تعد‭ ‬أكبر‭ ‬شريك‭ ‬تجاري‭ ‬لها،‭ ‬ولأكثر‭ ‬من‭ ‬12‭ ‬دولة‭ ‬حول‭ ‬العالم،‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬دول‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭. ‬

في‭ ‬السياق‭ ‬ذاته،‭ ‬أشار‭ ‬‮«‬جوناثان‭ ‬فولتون‮»‬،‭ ‬و«مايكل‭ ‬شومان‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬المجلس‭ ‬الأطلسي‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬‮«‬بكين‮»‬،‭ ‬تتمتع‭ ‬بقوة‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬التجارة‭ ‬العالمية،‭ ‬إذ‭ ‬ارتفعت‭ ‬صادراتها‭ ‬بنسبة‭ ‬8.6%‭ ‬في‭ ‬يونيو‭ ‬2024،‭ ‬مقارنة‭ ‬بالعام‭ ‬السابق‭. ‬وفي‭ ‬محاولة‭ ‬للحد‭ ‬من‭ ‬نفوذها‭ ‬التجاري،‭ ‬أعلنت‭ ‬‮«‬إدارة‭ ‬بايدن‮»‬،‭ ‬في‭ ‬مايو‭ ‬2024‭ ‬فرض‭ ‬تعريفة‭ ‬جمركية‭ ‬بنسبة‭ ‬100%‭ ‬على‭ ‬المركبات‭ ‬الكهربائية‭ ‬المصنعة‭ ‬بها،‭ ‬كما‭ ‬قام‭ ‬‮«‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‮»‬،‭ ‬بزيادة‭ ‬تعريفاته‭ ‬على‭ ‬وارداته‭ ‬منها‭ ‬من‭ ‬10%‭ ‬إلى‭ ‬45%‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬السنوات‭ ‬الخمس‭ ‬المقبلة،‭ ‬وهي‭ ‬الإجراءات‭ ‬التي‭ ‬تعكس‭ ‬المنافسة‭ ‬المتزايدة‭ ‬بين‭ ‬القوى‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الكبرى‭ ‬في‭ ‬الساحة‭ ‬الدولية،‭ ‬وتأثيراتها‭ ‬في‭ ‬التجارة‭ ‬العالمية‭.‬

ووفقا‭ ‬لـ«هيذر‭ ‬هيرلبورت‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬المعهد‭ ‬الملكي‭ ‬للشؤون‭ ‬الدولية‮»‬،‭ ‬فبينما‭ ‬كان‭ ‬هدف‭ ‬الإدارة‭ ‬الديمقراطية‭ ‬المحتملة‭ ‬بقيادة‭ ‬‮«‬كامالا‭ ‬هاريس‮»‬،‭ ‬‮«‬تطوير‭ ‬أجندات‭ ‬أمنية‭ ‬اقتصادية‭ ‬مشتركة‭ ‬مع‭ ‬الحلفاء‭ ‬والشركاء‮»‬؛‭ ‬فإن‭ ‬‮«‬ترامب‮»‬،‭ ‬‮«‬يسعى‭ ‬إلى‭ ‬تحقيق‭ ‬المصالح‭ ‬الاقتصادية‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬الحلفاء‭ ‬والشركاء‮»‬‭. ‬ومن‭ ‬الرقم‭ ‬المذكور‭ ‬أعلاه‭ ‬البالغ‭ ‬3‭.‬1‭ ‬تريليونات‭ ‬دولار‭ ‬من‭ ‬الواردات‭ ‬إلى‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬2023،‭ ‬أوضح‭ ‬‮«‬بن‭ ‬تشو‮»‬،‭ ‬من‭ ‬شبكة‭ ‬‮«‬بي‭ ‬بي‭ ‬سي‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬80‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬من‭ ‬الرسوم‭ ‬الجمركية‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الواردات،‭ ‬تعادل‭ ‬حوالي‭ ‬2%‭ ‬من‭ ‬عائدات‭ ‬الضرائب‭ ‬الأمريكية‭ ‬العام‭ ‬الماضي‭. ‬وسجلت‭ ‬‮«‬هيرلبورت‮»‬،‭ ‬كيف‭ ‬زعم‭ ‬‮«‬ترامب‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬زيادة‭ ‬الإيرادات‭ ‬‮«‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تمول‭ ‬تلك‭ ‬السياسة‭ ‬من‭ ‬خفض‭ ‬العجز‭ ‬إلى‭ ‬رعاية‭ ‬الأطفال،‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬مع‭ ‬زيادة‭ ‬فرص‭ ‬العمل،‭ ‬وتعزيز‭ ‬السلام‭ ‬العالمي‮»‬‭.‬

وفي‭ ‬مقابلة‭ ‬مع‭ ‬‮«‬جون‭ ‬ميكليثويت‮»‬،‭ ‬من‭ ‬وكالة‭ ‬‮«‬بلومبرج‮»‬،‭ ‬وصف‭ ‬التعريفات‭ ‬الجمركية‭ ‬بأنها‭ ‬‮«‬عبارته‭ ‬المفضلة‮»‬،‭ ‬مبررًا‭ ‬هذه‭ ‬السياسة‭ ‬بقوله‭: ‬‮«‬سنخفض‭ ‬الضرائب‭ ‬على‭ ‬الشركات‭ ‬التي‭ ‬ستصنع‭ ‬منتجاتها‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬وسنحميها‭ ‬برسوم‭ ‬جمركية‭ ‬قوية‮»‬‭. ‬وأشار‭ ‬‮«‬رينش‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬استخدامه‭ -‬إبان‭ ‬فترة‭ ‬رئاسته‭ ‬الأولى‭- ‬‮«‬الرسوم‭ ‬الجمركية‭ ‬لمجموعة‭ ‬متنوعة‭ ‬من‭ ‬الأغراض‮»‬،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬‮«‬تنويع‭ ‬سلاسل‭ ‬التوريد‮»‬‭ ‬المتعلقة‭ ‬بالصين،‭ ‬و«معالجة‭ ‬القدرة‭ ‬الفائضة‭ ‬العالمية‮»‬‭ ‬على‭ ‬الصلب‭ ‬والألمنيوم،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬استخدامها‭ ‬‮«‬كورقة‭ ‬ضغط‭ ‬في‭ ‬المفاوضات‭ ‬مع‭ ‬أوروبا،‭ ‬والصين،‭ ‬وكندا،‭ ‬والمكسيك‮»‬،‭ ‬بشأن‭ ‬صفقات‭ ‬تجارية‭ ‬جديدة،‭ ‬بما‭ ‬يبقي‭ ‬النوايا‭ ‬نفسها‭ ‬في‭ ‬الأربع‭ ‬سنوات‭ ‬القادمة‭.‬

وفيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالتأثير‭ ‬العالمي‭ ‬لمثل‭ ‬هذه‭ ‬التدابير،‭ ‬رفض‭ ‬‮«‬مارتن‭ ‬وولف‮»‬،‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬فاينانشال‭ ‬تايمز‮»‬،‭ ‬هذه‭ ‬التعريفات‭ ‬باعتبارها‭ ‬‮«‬فكرة‭ ‬غريبة‮»‬،‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬أن‭ ‬‮«‬تلحق‭ ‬ضررًا‭ ‬جسيمًا‭ ‬بالتجارة‭ ‬الدولية،‭ ‬والاقتصاد‭ ‬العالمي،‭ ‬والعلاقات‭ ‬الدولية‮»‬‭. ‬وأوضح‭ ‬‮«‬دوغلاس‭ ‬إروين‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬كلية‭ ‬دارتموث‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬‮«‬اقتصادات‭ ‬العالم‭ ‬باتت‭ ‬الآن‭ ‬متشابكة‭ ‬للغاية‭ ‬مع‭ ‬بعضها‭ ‬البعض،‭ ‬وسيجلب‭ ‬تمزيقها‭ ‬وتفكيكها‭ ‬تدميرًا‭ ‬بشكل‭ ‬لا‭ ‬يصدق‭ ‬لواشنطن‮»‬،‭ ‬وهي‭ ‬الحجة‭ ‬التي‭ ‬يدعمها‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الأكاديميين‭ ‬والمؤسسات‭ ‬الاقتصادية‭.‬

وأظهرت‭ ‬دراسة‭ ‬أجراها‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الاقتصاديين‭ ‬بـ«جامعة‭ ‬شيكاغو‮»‬،‭ ‬في‭ ‬سبتمبر‭ ‬2024،‭ ‬أن‭ ‬95%‭ ‬منهم‭ ‬يتفقون‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬فرض‭ ‬رسوم‭ ‬جمركية‭ ‬كبيرة،‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬تحمل‭ ‬المستهلكين‭ ‬التكاليف‭ ‬الرئيسية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬ارتفاع‭ ‬الأسعار،‭ ‬بينما‭ ‬فقط‭ ‬2%‭ ‬يرون‭ ‬خلاف‭ ‬ذلك‭. ‬كما‭ ‬توصلت‭ ‬‮«‬كيمبرلي‭ ‬كلاوزينغ‮»‬،‭ ‬و«ماري‭ ‬لوفلي‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬معهد‭ ‬بيترسون‭ ‬للاقتصاد‭ ‬الدولي‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬مقترحات‭ ‬‮«‬ترامب‮»‬،‭ ‬للرسوم‭ ‬الجمركية‭ ‬ستؤثر‭ ‬سلبًا‭ ‬في‭ ‬العاملين‭ ‬الأمريكيين،‭ ‬حيث‭ ‬سيتعرض‭ ‬أفقر‭ ‬الفئات‭ ‬لانخفاض‭ ‬في‭ ‬الدخل‭ ‬بنسبة‭ ‬4%،‭ ‬بينما‭ ‬سيعاني‭ ‬الأغنياء‭ ‬من‭ ‬انخفاض‭ ‬بنسبة‭ ‬2%‭. ‬وقدّر‭ ‬‮«‬بريندان‭ ‬ديوك‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬مركز‭ ‬التقدم‭ ‬الأمريكي‮»‬،‭ ‬التكاليف‭ ‬الناتجة‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬السياسات‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬2500‭ ‬و3900‭ ‬دولار‭ ‬للأسر‭ ‬الأمريكية‭ ‬ذات‭ ‬الدخل‭ ‬المتوسط‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬انتقادات‭ ‬سياساته‭ ‬التجارية؛‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يبدو‭ ‬متأثرًا‭ ‬بالمخاوف‭ ‬من‭ ‬فرض‭ ‬رسوم‭ ‬جمركية‭ ‬أشد‭ ‬على‭ ‬الواردات‭ ‬الأجنبية‭. ‬وفي‭ ‬رده‭ ‬على‭ ‬تساؤل‭ ‬‮«‬ميكليثويت‮»‬،‭ ‬حول‭ ‬تأثير‭ ‬ارتفاع‭ ‬الرسوم‭ ‬الجمركية‭ ‬على‭ ‬الأسعار‭ ‬الاستهلاكية،‭ ‬والتي‭ ‬قد‭ ‬تجعل‭ ‬السلع‭ ‬أكثر‭ ‬تكلفة؛‭ ‬أشار‭ ‬‮«‬ترامب‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬‮«‬تلك‭ ‬الزيادة‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬دافعًا‭ ‬للشركات‭ ‬للعودة‭ ‬إلى‭ ‬أمريكا،‭ ‬وإنشاء‭ ‬مصانع‭ ‬محلية‮»‬‭. ‬وعندما‭ ‬سُئل‭ ‬بشأن‭ ‬توقعات‭ ‬‮«‬اللجنة‭ ‬غير‭ ‬الحزبية‭ ‬للموازنة‭ ‬الفيدرالية‮»‬،‭ ‬بأن‭ ‬مزيج‭ ‬فرض‭ ‬الرسوم‭ ‬الجمركية،‭ ‬وتخفيض‭ ‬الضرائب‭ ‬قد‭ ‬يسهم‭ ‬في‭ ‬توسيع‭ ‬العجز‭ ‬في‭ ‬الميزانية‭ ‬ليصل‭ ‬إلى‭ ‬7.5‭ ‬تريليونات‭ ‬دولار‭ ‬خلال‭ ‬العقد‭ ‬القادم؛‭ ‬انتقد‭ ‬شركاء‭ ‬واشنطن‭ ‬وحلفاءها،‭ ‬وأكد‭ ‬أنهم‭ ‬يستفيدون‭ ‬من‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الأمريكي‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬أعدائه‮»‬،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يعزز‭ ‬موقفه‭ ‬تجاه‭ ‬الحمائية‭ ‬الاقتصادية،‭ ‬والسياسات‭ ‬الصارمة‭ ‬بشأن‭ ‬التجارة‭ ‬الخارجية‭. ‬

على‭ ‬الجانب‭ ‬الآخر،‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬الكشف‭ ‬عن‭ ‬السياسات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬المحتملة‭ ‬لـ«دونالد‭ ‬ترامب‮»‬،‭ ‬تجاه‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬وكما‭ ‬أشارت‭ ‬‮«‬فاكيل‮»‬،‭ ‬فإن‭ ‬الأخير‭ ‬أوضح‭ ‬بجلاء‭ ‬نيته‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬سياسة‭ ‬‮«‬الضغوط‭ ‬القصوى‮»‬‭ ‬ضد‭ ‬إيران؛‭ ‬بهدف‭ ‬تقليل‭ ‬قدرتها‭ ‬على‭ ‬تمويل‭ ‬الجماعات‭ ‬التي‭ ‬تعمل‭ ‬بالوكالة‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭.‬

وفي‭ ‬حين‭ ‬تتصاعد‭ ‬الهيمنة‭ ‬الصينية‭ ‬على‭ ‬العلاقات‭ ‬التجارية،‭ ‬من‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬تؤدي‭ ‬السياسات‭ ‬الحمائية‭ ‬المتوقعة‭ ‬في‭ ‬ولاية‭ ‬‮«‬ترامب‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬زيادة‭ ‬التأثير‭ ‬السلبي‭ ‬على‭ ‬الاقتصاد‭ ‬العالمي،‭ ‬مما‭ ‬قد‭ ‬يعزز‭ ‬الروابط‭ ‬مع‭ ‬‮«‬بكين‮»‬،‭ ‬والاقتصادات‭ ‬الآسيوية‭ ‬الأخرى‭. ‬ووفقًا‭ ‬لبيانات‭ ‬مكتب‭ ‬الممثل‭ ‬التجاري‭ ‬الأمريكي،‭ ‬بلغ‭ ‬حجم‭ ‬التجارة‭ ‬بين‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬والشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2022،‭ ‬نحو‭ ‬212‭ ‬مليار‭ ‬دولار،‭ ‬مع‭ ‬توازن‭ ‬بين‭ ‬الصادرات‭ ‬والواردات‭. ‬وبالمقارنة،‭ ‬سجلت‭ ‬التجارة‭ ‬بين‭ ‬الصين‭ ‬والشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬العام‭ ‬حوالي‭ ‬430‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭. ‬وتأكيدا‭ ‬لذلك،‭ ‬أشار‭ ‬‮«‬فولتون‮»‬،‭ ‬و«شومان‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬مكانة‭ ‬‮«‬بكين‮»‬،‭ ‬كأحد‭ ‬أكبر‭ ‬الشركاء‭ ‬التجاريين‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬حيث‭ ‬تعد‭ ‬الشريك‭ ‬التجاري‭ ‬الأول‭ ‬لكل‭ ‬من‭ ‬إيران،‭ ‬وإسرائيل،‭ ‬مؤكدين‭ ‬أنها‭ ‬تستغل‭ ‬علاقاتها‭ ‬الاقتصادية‭ ‬لتعزيز‭ ‬حضورها‭ ‬الدبلوماسي،‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬ذات‭ ‬المصالح‭ ‬المتعارضة‭ ‬جيوسياسيًا،‭ ‬مما‭ ‬يعكس‭ ‬تأثيرها‭ ‬المتنامي‭ ‬في‭ ‬الساحة‭ ‬الدولية‭.‬

وفيما‭ ‬حولت‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬تركيز‭ ‬صادراتها‭ ‬من‭ ‬النفط‭ ‬والغاز‭ ‬الطبيعي‭ ‬من‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬إلى‭ ‬دول‭ ‬شرق‭ ‬آسيا،‭ ‬مثل‭ ‬الصين،‭ ‬واليابان،‭ ‬وكوريا‭ ‬الجنوبية؛‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬تمثل‭ ‬مصدرًا‭ ‬مهمًا‭ ‬لصادرات‭ ‬أخرى،‭ ‬مثل‭ ‬المعادن،‭ ‬والأسمدة‭. ‬وعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬بلغت‭ ‬صادرات‭ ‬الألمنيوم‭ ‬من‭ ‬الخليج‭ ‬6‭.‬08‭ ‬مليونات‭ ‬طن‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2023،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يعادل‭ ‬9%‭ ‬من‭ ‬الإنتاج‭ ‬العالمي‭.‬

‭ ‬ومع‭ ‬عودة‭ ‬‮«‬ترامب‮»‬،‭ ‬المتوقعة،‭ ‬قد‭ ‬تتعرض‭ ‬هذه‭ ‬الصناعات‭ ‬لضغوط‭ ‬اقتصادية‭ ‬أكبر‭ ‬عند‭ ‬تصديرها‭ ‬إلى‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة؛‭ ‬بسبب‭ ‬السياسات‭ ‬التجارية‭ ‬الصارمة‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تُفرض‭.‬

وعلى‭ ‬مستوى‭ ‬استراتيجي‭ ‬أوسع،‭ ‬أشارت‭ ‬‮«‬فاكيل‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬دول‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬وغيرها‭ ‬في‭ ‬الغرب‭ ‬تراقب‭ ‬باهتمام‭ ‬ما‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬القيادة‭ ‬المقبلة‭ ‬للبيت‭ ‬الأبيض،‭ ‬ستتخذ‭ ‬خطوات‭ ‬أكبر‭ ‬لكبح‭ ‬جماح‭ ‬إسرائيل،‭ ‬وإيجاد‭ ‬حل‭ ‬للقضية‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬أو‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬دعم‭ ‬عملية‭ ‬سلام‭. ‬كما‭ ‬يسعى‭ ‬الشركاء‭ ‬الإقليميون‭ ‬لواشنطن‭ ‬إلى‭ ‬احتواء‭ ‬الدور‭ ‬التدخلي‭ ‬لإيران‭ ‬وبرنامجها‭ ‬النووي‭. ‬ومع‭ ‬تركيز‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬المقبلة‭ ‬على‭ ‬السياسات‭ ‬الحمائية،‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تقلل‭ ‬من‭ ‬الروابط‭ ‬الاقتصادية‭ ‬مع‭ ‬المنطقة،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬دول‭ ‬الخليج؛‭ ‬قد‭ ‬تفتح‭ ‬هذه‭ ‬السياسات‭ ‬المجال‭ ‬أمام‭ ‬الصين‭ ‬لتعزيز‭ ‬وجودها‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭. ‬وكما‭ ‬أوضح‭ ‬‮«‬فولتون‮»‬،‭ ‬و«شومان‮»‬،‭ ‬فإن‭ ‬‮«‬بكين‮»‬،‭ ‬تسعى‭ ‬لاستغلال‭ ‬الفجوة‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تتسع‭ ‬بين‭ ‬واشنطن‭ ‬وشركائها‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬ما‭ ‬يساعدها‭ ‬على‭ ‬تعزيز‭ ‬مصالحها‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والجيوسياسية‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭. ‬

من‭ ‬جانبه،‭ ‬أشار‭ ‬‮«‬رينش‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬‮«‬ترامب‮»‬‭ ‬يُعرف‭ ‬بقدرته‭ ‬على‭ ‬عقد‭ ‬الصفقات،‭ ‬مستخدمًا‭ ‬التهديدات‭ ‬الاستفزازية،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬فرض‭ ‬الرسوم‭ ‬الجمركية،‭ ‬كأداة‭ ‬للتفاوض‭ ‬وجذب‭ ‬الاهتمام‭. ‬ورغم‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬شكوكًا‭ ‬حول‭ ‬تنفيذ‭ ‬هذه‭ ‬التهديدات‭ ‬بعد‭ ‬فوزه‭ ‬بالرئاسة‭ ‬مجددًا؛‭ ‬فإن‭ ‬تصريحاته‭ ‬المتكررة‭ ‬تؤكد‭ ‬دعمه‭ ‬لسياسات‭ ‬الرسوم‭ ‬الجمركية‭ ‬الصارمة‭. ‬ومن‭ ‬المحتمل‭ ‬أن‭ ‬إدارته‭ ‬ستسعى‭ ‬لتطبيق‭ ‬سياسات‭ ‬حمائية‭ ‬في‭ ‬التجارة‭ ‬الدولية‭. ‬وحتى‭ ‬لو‭ ‬اقترح‭ ‬البعض‭ ‬أنه‭ ‬قد‭ ‬يرفع‭ ‬الرسوم‭ ‬الجمركية‭ ‬دون‭ ‬دراسة‭ ‬آثارها‭ ‬بالكامل؛‭ ‬فإن‭ ‬‮«‬رينش‮»‬،‭ ‬يرى‭ ‬أن‭ ‬استبعاده‭ ‬من‭ ‬تنفيذ‭ ‬هذه‭ ‬السياسات‭ ‬سيكون‭ ‬خطأ‭ ‬كبيرًا‭ ‬بعد‭ ‬عودته‭ ‬إلى‭ ‬السلطة‭.‬

على‭ ‬العموم،‭ ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬تصريحات‭ ‬‮«‬ترامب‮»‬،‭ ‬التي‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬ضرورة‭ ‬تعزيز‭ ‬الحمائية،‭ ‬ومواجهة‭ ‬المنافسة،‭ ‬من‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬تشعر‭ ‬دول‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬التي‭ ‬لطالما‭ ‬كانت‭ ‬شريكة‭ ‬اقتصادية‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬بقلق‭ ‬متزايد‭ ‬بشأن‭ ‬فرض‭ ‬رقابة‭ ‬أكبر‭ ‬على‭ ‬صادراتها‭ ‬إلى‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الأمريكي‭. ‬ومع‭ ‬تزايد‭ ‬العلاقات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬بين‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬والصين‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الاقتصادات‭ ‬الصاعدة‭ ‬في‭ ‬آسيا،‭ ‬قد‭ ‬تؤدي‭ ‬السياسات‭ ‬الأمريكية‭ ‬إلى‭ ‬تسريع‭ ‬هذه‭ ‬الشراكات،‭ ‬مما‭ ‬يعيد‭ ‬تشكيل‭ ‬الديناميات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬لصالح‭ ‬الشرق‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬الغرب‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا