العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

نجاح بوتين وروسيا في قمة بريكس

بقلم: د. نبيل العسومي

الجمعة ٠١ نوفمبر ٢٠٢٤ - 02:00

إن‭ ‬أي‭ ‬قراءة‭ ‬في‭ ‬مؤتمر‭ ‬بريكس‭ ‬الأخير‭ ‬المنعقد‭ ‬في‭ ‬قازان‭ ‬الروسية‭ ‬تؤكد‭ ‬انتصار‭ ‬بريكس‭ ‬كمجموعة‭ ‬بدأت‭ ‬تفرض‭ ‬نفسها‭ ‬كمجموعة‭ ‬استراتيجية‭ ‬وككتلة‭ ‬اقتصادية‭ ‬وسياسية‭ ‬جديدة،‭ ‬كما‭ ‬إن‭ ‬روسيا‭ ‬انتصرت‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬القمة‭ ‬لأنها‭ ‬فكت‭ ‬العزلة‭ ‬الشاملة‭ ‬التي‭ ‬فرضتها‭ ‬دول‭ ‬حلف‭ ‬الناتو‭ ‬حيث‭ ‬تبين‭ ‬أن‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬نصف‭ ‬العالم‭ ‬يأتي‭ ‬إلى‭ ‬روسيا‭ ‬ويتعامل‭ ‬معها‭ ‬بثقة‭ ‬اقتصاديا‭ ‬وسياسيا‭ ‬وأمنيا‭.‬

‭ ‬ومن‭ ‬المؤكد‭ ‬أيضا‭ ‬أن‭ ‬الرئيس‭ ‬بوتين‭ ‬ظهر‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬القمة‭ ‬منتصرا‭ ‬متفوقا‭ ‬ويحق‭ ‬له‭ ‬أن‭ ‬يفخر‭ ‬بذلك‭ ‬لأن‭ ‬رئاسته‭ ‬للقمة‭ ‬كانت‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ناجحة‭..‬

لقد‭ ‬كانت‭ ‬أعمال‭ ‬القمة‭ ‬بحضور‭ ‬زعماء‭ ‬وممثلين‭ ‬من‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬30‭ ‬بلداً،‭ ‬ومنظمة‭ ‬إقليمية‭ ‬ودولية،‭ ‬حدثا‭ ‬مميزا‭ ‬وضخماً‭ ‬لم‭ ‬تشهد‭ ‬روسيا‭ ‬مثله‭ ‬منذ‭ ‬اندلاع‭ ‬الحرب‭ ‬الروسية‭ -‬الأوكرانية‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2022،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أصبحت‭ ‬هنالك‭ ‬قناعة‭ ‬كبيرة‭ ‬بفشل‭ ‬الغرب‭ ‬في‭ ‬عزل‭ ‬روسيا‭ ‬ومقاطعة‭ ‬بوتين‭ ‬وفي‭ ‬تحقيق‭ ‬انتصار‭ ‬عسكري‭ ‬على‭ ‬روسيا‭ ‬في‭ ‬الساحة‭ ‬الأوكرانية‭.‬

لقد‭ ‬تابعت‭ ‬هذا‭ ‬القمة‭ ‬باهتمام‭ ‬وقد‭ ‬بدا‭ ‬فيها‭ ‬الرئيس‭ ‬بوتين‭ ‬مرتاحاً‭ ‬لحجم‭ ‬الحضور،‭ ‬وطبيعة‭ ‬النقاشات‭ ‬التي‭ ‬تركزت‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬التقدم‭ ‬الذي‭ ‬أحرزته‭ ‬مجموعة‭ ‬‮«‬بريكس‮»‬‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬حضورها‭ ‬على‭ ‬الساحة‭ ‬الدولية‭.‬

حيث‭ ‬عملت‭ ‬موسكو‭ ‬منذ‭ ‬تشكيل‭ ‬هذه‭ ‬المجموعة‭ ‬وخاصة‭ ‬خلال‭ ‬ترؤسها‭ ‬للمجموعة‭ ‬في‭ ‬مطلع‭ ‬هذا‭ ‬العام‭ ‬على‭ ‬ثلاثة‭ ‬محاور‭ ‬رئيسية‭ ‬للتعاون‭ ‬عبر‭ ‬تعزيز‭ ‬نفوذ‭ ‬بريكس،‭ ‬وزيادة‭ ‬دورها‭ ‬في‭ ‬الشؤون‭ ‬العالمية،‭ ‬وفي‭ ‬حل‭ ‬المشاكل‭ ‬العالمية‭ ‬والإقليمية‭ ‬الملحة،‭ ‬والمساهمة‭ ‬بكل‭ ‬طريقة‭ ‬ممكنة‭ ‬في‭ ‬تعميق‭ ‬التعاون‭ ‬متعدد‭ ‬الأوجه‭ ‬بين‭ ‬دول‭ ‬البيركس‭ ‬في‭ ‬ثلاثة‭ ‬مجالات‭ ‬رئيسية‭: ‬السياسة‭ ‬والأمن‭ ‬والاقتصاد‮»‬‭.‬

ولعل‭ ‬أهم‭ ‬ما‭ ‬تحقق‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬القمة‭ ‬هو‭ ‬بداية‭ ‬تشكل‭ ‬عالم‭ ‬متعدد‭ ‬الأقطاب‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬المتغيرات‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬الذي‭ ‬هيمنت‭ ‬عليه‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬1990‭ ‬منفردة‭.‬

ولا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬تعدد‭ ‬الأقطاب‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬البريكس‭ ‬هو‭ ‬جوهر‭ ‬استراتيجية‭ ‬مسار‭ ‬بريكس‭ ‬على‭ ‬الساحة‭ ‬العالمية،‭ ‬والذي‭ ‬يلبي‭ ‬تطلعات‭ ‬الجزء‭ ‬الرئيسي‭ ‬من‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬بات‭ ‬يطلق‭ ‬عليه‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬بالأغلبية‭ ‬العالمية،‭ ‬وهذا‭ ‬المسار‭ ‬بالتحديد‭ ‬هو‭ ‬المطلوب‭ ‬بشكل‭ ‬خاص‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬كما‭ ‬أكد‭ ‬ذلك‭ ‬الرئيس‭ ‬الروسي‭ ‬فلاديمير‭ ‬بوتين‭ ‬في‭ ‬كلمته‭ ‬أمام‭ ‬المجتمعين‭ ‬وفي‭ ‬ردوده‭ ‬في‭ ‬المؤتمر‭ ‬الصحفي‭ ‬حيث‭ ‬شدد‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تشكيل‭ ‬عالم‭ ‬متعدد‭ ‬الأقطاب‭ ‬أصبح‭ ‬عملية‭ ‬جارية‭ ‬ومؤكدة‭. ‬كما‭ ‬أصبح‭ ‬لدى‭ (‬بريكس‭) ‬إمكانيات‭ ‬هائلة‭ ‬سياسية‭ ‬واقتصادية‭ ‬وإنسانية‭ ‬للمساهمة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬التحول‭ ‬نحو‭ ‬عالم‭ ‬جديد،‭ ‬حيث‭ ‬سوف‭ ‬تبذل‭ ‬الكثير‭ ‬لضمان‭ ‬الاندماج‭ ‬السريع‭ ‬والكامل‭ ‬للأعضاء‭ ‬الجدد‭ ‬في‭ ‬عمل‭ ‬بريكس‭.‬

‭ ‬ومن‭ ‬الملاحظات‭ ‬المهمة‭ ‬التي‭ ‬برزت‭ ‬في‭ ‬خطاب‭ ‬بوتين‭ ‬وصفه‭ ‬للدول‭ ‬الأعضاء‭ ‬في‭ ‬المجموعة‭ ‬بأن‭ ‬لديها‭ ‬تفكيراً‭ ‬متماثلاً،‭ ‬ورؤية‭ ‬متقاربة‭ ‬للأعضاء‭ ‬حيال‭ ‬الملفات‭ ‬الدولية‭ ‬المطروحة‭. ‬على‭ ‬الصعيد‭ ‬العالمي‭. ‬وهذا‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬التكتل‭ ‬الجديد‭ ‬له‭ ‬خلفية‭ ‬سياسية‭ ‬متقاربة‭ ‬تؤكد‭ ‬التعاون‭ ‬والعلاقات‭ ‬المتساوية‭ ‬بين‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬الأحادية‭ ‬القطبية‭ ‬التي‭ ‬هيمنت‭ ‬على‭ ‬العالم‭ ‬منذ‭ ‬سقوط‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتي‭.‬

أما‭ ‬الأمر‭ ‬الثالث‭ ‬الذي‭ ‬نرى‭ ‬أنه‭ ‬مهم‭ ‬واتضح‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬القمة‭ ‬أنها‭ ‬حققت‭ ‬نجاحا‭ ‬في‭ ‬الجانب‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والمالي‭ ‬حيث‭ ‬تم‭ ‬تنفيذ‭ ‬مخرجات‭ ‬القمة‭ ‬السابقة‭ ‬في‭ ‬جوهانسبرغ‭ ‬لتعزيز‭ ‬التعاون‭ ‬المالي‭ ‬بين‭ ‬دول‭ ‬المجموعة،‭ ‬وتحقيق‭ ‬نجاحات‭ ‬على‭ ‬صعيد‭ ‬زيادة‭ ‬حصة‭ ‬التعاملات‭ ‬المالية‭ ‬بالعملات‭ ‬الوطنية‭ ‬بين‭ ‬أعضاء‭ ‬بريكس،‭ ‬منذ‭ ‬تأسيسها‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2006،‭ ‬وهو‭ ‬الأول‭ ‬بعد‭ ‬توسيعها‭ ‬مطلع‭ ‬العام‭ ‬بدعوة‭ ‬مصر‭ ‬والمملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬والإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة‭ ‬وإثيوبيا‭ ‬وإيران‭ ‬إلى‭ ‬الانضمام‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬الأعضاء‭ ‬المؤسسين‭: ‬البرازيل‭ ‬وروسيا‭ ‬والصين‭ ‬والهند‭ ‬وجنوب‭ ‬إفريقيا‭. ‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا