إن أي قراءة في مؤتمر بريكس الأخير المنعقد في قازان الروسية تؤكد انتصار بريكس كمجموعة بدأت تفرض نفسها كمجموعة استراتيجية وككتلة اقتصادية وسياسية جديدة، كما إن روسيا انتصرت في هذه القمة لأنها فكت العزلة الشاملة التي فرضتها دول حلف الناتو حيث تبين أن أكثر من نصف العالم يأتي إلى روسيا ويتعامل معها بثقة اقتصاديا وسياسيا وأمنيا.
ومن المؤكد أيضا أن الرئيس بوتين ظهر في هذه القمة منتصرا متفوقا ويحق له أن يفخر بذلك لأن رئاسته للقمة كانت أكثر من ناجحة..
لقد كانت أعمال القمة بحضور زعماء وممثلين من أكثر من 30 بلداً، ومنظمة إقليمية ودولية، حدثا مميزا وضخماً لم تشهد روسيا مثله منذ اندلاع الحرب الروسية -الأوكرانية في عام 2022، بعد أن أصبحت هنالك قناعة كبيرة بفشل الغرب في عزل روسيا ومقاطعة بوتين وفي تحقيق انتصار عسكري على روسيا في الساحة الأوكرانية.
لقد تابعت هذا القمة باهتمام وقد بدا فيها الرئيس بوتين مرتاحاً لحجم الحضور، وطبيعة النقاشات التي تركزت على مستوى التقدم الذي أحرزته مجموعة «بريكس» في تعزيز حضورها على الساحة الدولية.
حيث عملت موسكو منذ تشكيل هذه المجموعة وخاصة خلال ترؤسها للمجموعة في مطلع هذا العام على ثلاثة محاور رئيسية للتعاون عبر تعزيز نفوذ بريكس، وزيادة دورها في الشؤون العالمية، وفي حل المشاكل العالمية والإقليمية الملحة، والمساهمة بكل طريقة ممكنة في تعميق التعاون متعدد الأوجه بين دول البيركس في ثلاثة مجالات رئيسية: السياسة والأمن والاقتصاد».
ولعل أهم ما تحقق في هذه القمة هو بداية تشكل عالم متعدد الأقطاب في مواجهة المتغيرات في العالم الذي هيمنت عليه الولايات المتحدة الأمريكية منذ عام 1990 منفردة.
ولا شك أن تعدد الأقطاب في ظل البريكس هو جوهر استراتيجية مسار بريكس على الساحة العالمية، والذي يلبي تطلعات الجزء الرئيسي من المجتمع الدولي وهو ما بات يطلق عليه ما يسمى بالأغلبية العالمية، وهذا المسار بالتحديد هو المطلوب بشكل خاص في العالم كما أكد ذلك الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في كلمته أمام المجتمعين وفي ردوده في المؤتمر الصحفي حيث شدد على أن تشكيل عالم متعدد الأقطاب أصبح عملية جارية ومؤكدة. كما أصبح لدى (بريكس) إمكانيات هائلة سياسية واقتصادية وإنسانية للمساهمة في هذا التحول نحو عالم جديد، حيث سوف تبذل الكثير لضمان الاندماج السريع والكامل للأعضاء الجدد في عمل بريكس.
ومن الملاحظات المهمة التي برزت في خطاب بوتين وصفه للدول الأعضاء في المجموعة بأن لديها تفكيراً متماثلاً، ورؤية متقاربة للأعضاء حيال الملفات الدولية المطروحة. على الصعيد العالمي. وهذا يعني أن التكتل الجديد له خلفية سياسية متقاربة تؤكد التعاون والعلاقات المتساوية بين دول العالم بعيدا عن الأحادية القطبية التي هيمنت على العالم منذ سقوط الاتحاد السوفيتي.
أما الأمر الثالث الذي نرى أنه مهم واتضح في هذه القمة أنها حققت نجاحا في الجانب الاقتصادي والمالي حيث تم تنفيذ مخرجات القمة السابقة في جوهانسبرغ لتعزيز التعاون المالي بين دول المجموعة، وتحقيق نجاحات على صعيد زيادة حصة التعاملات المالية بالعملات الوطنية بين أعضاء بريكس، منذ تأسيسها في عام 2006، وهو الأول بعد توسيعها مطلع العام بدعوة مصر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وإثيوبيا وإيران إلى الانضمام إلى جانب الأعضاء المؤسسين: البرازيل وروسيا والصين والهند وجنوب إفريقيا.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك