العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

مجموعة بريكس تسعى لبناء عالم متعدد الأقطاب

بقلم: إدوارد لوزانسكي {

الخميس ٣١ أكتوبر ٢٠٢٤ - 02:00

شهدت‭ ‬مدينة‭ ‬كازان‭ ‬انعقاد‭ ‬قمة‭ ‬مجموعة‭ ‬دول‭ ‬البريكس،‭ ‬حيث‭ ‬بدأت‭ ‬أعمالها‭ ‬يوم‭ ‬22‭ ‬أكتوبر‭ ‬2024،‭ ‬وسط‭ ‬توقعات‭ ‬بأن‭ ‬تسهم‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬عملية‭ ‬تشكيل‭ ‬عالم‭ ‬متعدد‭ ‬الأقطاب‭. ‬وقد‭ ‬شهدت‭ ‬القمة‭ ‬حضور‭ ‬ممثلين‭ ‬عن‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬30‭ ‬دولة،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬القوى‭ ‬الاقتصادي‭ ‬القوية‭ -‬روسيا‭ ‬والصين‭ ‬والهند‭ ‬والبرازيل‭ ‬وتركيا‭.‬

تركزت‭ ‬أجندة‭ ‬القمة‭ ‬حول‭ ‬الموضوع‭ ‬الرئيسي‭ ‬ألا‭ ‬وهو‭ ‬تعزيز‭ ‬التعددية،‭ ‬حيث‭ ‬حققت‭ ‬دول‭ ‬مجموعة‭ ‬البريكس‭ ‬بالفعل‭ ‬تقدما‭ ‬كبيرا‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الصدد‭.‬

ليس‭ ‬من‭ ‬المبالغة‭ ‬أن‭ ‬نقول‭ ‬إن‭ ‬مجموعة‭ ‬البريكس‭ ‬ككل‭ (‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬البلدان‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تصبح‭ ‬بعد‭ ‬جزءا‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬المجموعة‭) ‬هي‭ ‬تجسيد‭ ‬لحركة‭ ‬عدم‭ ‬الانحياز‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬موجودة‭ ‬خلال‭ ‬الحرب‭ ‬الباردة‭.‬

ظهرت‭ ‬حركة‭ ‬عدم‭ ‬الانحياز‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1961‭ ‬حيث‭ ‬تزعمتها‭ ‬في‭ ‬البداية‭ ‬يوغوسلافيا‭ ‬والهند‭ ‬ومصر‭ ‬وإندونيسيا،‭ ‬لكنها‭ ‬نمت‭ ‬فيما‭ ‬بعد‭ ‬لتصبح‭ ‬حركة‭ ‬مثيرة‭ ‬للإعجاب‭ ‬وحدت‭ ‬حوالي‭ ‬120‭ ‬دولة‭ ‬تمثل‭ ‬قارات‭ ‬مختلفة‭.‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬تلاشت‭ ‬حركة‭ ‬عدم‭ ‬الانحياز‭ ‬وبدأت‭ ‬مرحلة‭ ‬من‭ ‬الانحدار‭ ‬البطيء‭ ‬منذ‭ ‬انهيار‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفييتي‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1991‭ ‬وكان‭ ‬آخر‭ ‬مؤتمر‭ ‬لها‭ ‬قد‭ ‬عقد‭ ‬قبل‭ ‬12‭ ‬عاما،‭ ‬ومنذ‭ ‬ذلك‭ ‬الحين‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬إعلان‭ ‬موعد‭ ‬جديد‭.‬

ومن‭ ‬الجدير‭ ‬بالذكر‭ ‬أن‭ ‬مجموعة‭ ‬البريكس‭ - ‬إذا‭ ‬نظرنا‭ ‬إلى‭ ‬صيغة‭ ‬‮«‬مجموعة‭ ‬البريكس‭ ‬بلس‮»‬‭- ‬تشتمل‭ ‬على‭ ‬محتوى‭ ‬أكبر‭ ‬بكثير،‭ ‬حيث‭ ‬إنها‭ ‬تتضمن‭ ‬إشراك‭ ‬جيران‭ ‬الدولة‭ ‬التي‭ ‬تترأس‭ ‬مجموعة‭ ‬البريكس‭ ‬في‭ ‬أنشطة‭ ‬الجمعية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إضفاء‭ ‬بعض‭ ‬الطابع‭ ‬الإقليمي‭ ‬عليها‭.‬

في‭ ‬العام‭ ‬الماضي،‭ ‬دعت‭ ‬جنوب‭ ‬إفريقيا،‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬زعماء‭ ‬جميع‭ ‬البلدان‭ ‬الإفريقية‭. ‬أما‭ ‬هذا‭ ‬العام،‭ ‬فقد‭ ‬عملت‭ ‬روسيا‭ ‬الاتحادية‭ ‬على‭ ‬إشراك‭ ‬البلدان‭ ‬الأعضاء‭ ‬في‭ ‬رابطة‭ ‬الدول‭ ‬المستقلة‭. ‬‮«‬بريكس‭ ‬بلس‮»‬‭ ‬هو‭ ‬تنسيق‭ ‬أكثر‭ ‬عالمية‭ ‬يسمح‭ ‬للدول‭ ‬الأخرى‭ ‬بالمشاركة‭ ‬في‭ ‬عمل‭ ‬هذا‭ ‬النادي‭. ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه،‭ ‬من‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬تظهر‭ ‬فئة‭ ‬جديدة‭ ‬بعد‭ ‬القمة‭ -‬الدول‭ ‬الشريكة‭ ‬في‭ ‬مجموعة‭ ‬البريكس‭.‬

تضم‭ ‬المجموعة‭ ‬حاليًا‭ ‬عضوين‭ ‬دائمين‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬الدولي‭ ‬التابع‭ ‬لمنظمة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ (‬روسيا‭ ‬والصين‭) ‬وثلاث‭ ‬قوى‭ ‬نووية‭ (‬روسيا‭ ‬والصين‭ ‬والهند‭) ‬وأربع‭ ‬دول‭ ‬مدرجة‭ ‬في‭ ‬قائمة‭ ‬أكبر‭ ‬اقتصادات‭ ‬العالم‭ (‬روسيا‭ ‬والصين‭ ‬والهند‭ ‬والبرازيل‭). ‬

وإذا‭ ‬نظرنا‭ ‬إلى‭ ‬الأمر‭ ‬على‭ ‬نطاق‭ ‬أوسع‭ ‬ــ‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬مجموعة‭ ‬البريكس‭ ‬بلس‭- ‬فإن‭ ‬عدد‭ ‬الاقتصادات‭ ‬القوية‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬بكثير‭. ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬نحن‭ ‬نتحدث‭ ‬هنا‭ ‬عن‭ ‬إندونيسيا‭ ‬التي‭ ‬تدرس‭ ‬إمكانية‭ ‬الانضمام‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬المجموعة‭ ‬المتنامية‭.‬

شهدت‭ ‬قمة‭ ‬مجموعة‭ ‬البريكس‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬كازان‭ ‬حضور‭ ‬ومشاركة‭ ‬زعماء‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يقل‭ ‬عن‭ ‬22‭ ‬دولة‭ ‬تبدي‭ ‬اهتماما‭ ‬كبيرا‭ ‬بالعمل‭ ‬على‭ ‬بناء‭ ‬نظام‭ ‬عالمي‭ ‬بديل‭ -‬ليس‭ ‬نظاماً‭ ‬مناهضا‭ ‬للغرب،‭ ‬بل‭ ‬نظاماً‭ ‬موازياً‭ ‬له‭.‬

لم‭ ‬يسع‭ ‬المشاركون‭ ‬في‭ ‬مجموعة‭ ‬البريكس‭ ‬بلس‭ ‬إلى‭ ‬إحياء‭ ‬التفكير‭ ‬القائم‭ ‬على‭ ‬بناء‭ ‬التحالفات‭ ‬والتكتلات،‭ ‬حيث‭ ‬إنهم‭ ‬يريدون‭ ‬تشكيل‭ ‬صيغ‭ ‬مربحة‭ ‬للطرفين،‭ ‬وبناء‭ ‬نظام‭ ‬دفع‭ ‬سيادي‭ ‬وممرات‭ ‬لوجستية‭ ‬موثوقة‭.‬

تقوم‭ ‬مجموعة‭ ‬البريكس‭ ‬على‭ ‬مبادئ‭ ‬رئيسية‭ ‬وهي‭ ‬تشمل‭ ‬أساسا‭ ‬الاستقلال‭ ‬والسيادة‭ ‬الإقليمية،‭ ‬وتعددية‭ ‬الأقطاب،‭ ‬والسلام،‭ ‬والتجارة‭ ‬الحرة‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬حواجز‭ ‬أو‭ ‬عقوبات‭ ‬مصطنعة،‭ ‬والتعاون‭ ‬متبادل‭ ‬المنفعة‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬الإملاء‭ ‬والمواجهة‭.‬

وبشكل‭ ‬عام،‭ ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬سبب‭ ‬ظهور‭ ‬ظاهرة‭ ‬جيوسياسية‭ ‬مثل‭ ‬مجموعة‭ ‬البريكس‭ ‬هو‭ ‬عاملان‭ ‬رئيسيان‭. ‬أولاً،‭ ‬أثبت‭ ‬العالم‭ ‬الأحادي‭ ‬القطب‭ ‬بقيادة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬والدول‭ ‬التي‭ ‬تدور‭ ‬في‭ ‬فلكها‭ ‬عدم‭ ‬فعاليته‭.‬

لقد‭ ‬تبين‭ ‬أن‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬العالم‭ ‬الأحادي‭ ‬القطب‭ ‬بقيادة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬غير‭ ‬عادل‭ ‬وغير‭ ‬متكافئ،‭ ‬لأنه‭ ‬كان‭ ‬يقوم‭ ‬على‭ ‬إملاء‭ ‬قوة‭ ‬واحدة‭ ‬مهيمنة‭. ‬وكانت‭ ‬روسيا‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬توافق‭ ‬على‭ ‬استمرار‭ ‬هذا‭ ‬الوضع‭.‬

وكانت‭ ‬نقطة‭ ‬التحول‭ ‬ذلك‭ ‬الخطاب‭ ‬الذي‭ ‬ألقاه‭ ‬الرئيس‭ ‬الروسي‭ ‬فلاديمير‭ ‬بوتين‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2007‭ ‬بمدينة‭ ‬ميونيخ‭ ‬في‭ ‬ألمانيا‭. ‬فقد‭ ‬قال‭ ‬يومها‭ ‬إن‭ ‬الهيمنة‭ ‬التي‭ ‬فرضتها‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬بنفسها‭ ‬أدت‭ ‬إلى‭ ‬حقيقة‭ ‬مفادها‭ ‬أن‭ ‬‮«‬لا‭ ‬أحد‭ ‬يشعر‭ ‬بالأمان‮»‬،‭ ‬وشدد‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬روسيا‭ ‬تدرك‭ ‬أن‭ ‬توسع‭ ‬حلف‭ ‬شمال‭ ‬الأطلسي‭ (‬حلف‭ ‬الناتو‭) ‬إلى‭ ‬الشرق‭ ‬يمثل‭ ‬تهديدا‭ ‬متناميا‭. ‬

وكانت‭ ‬الحادثة‭ ‬الأولى‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬الخطاب،‭ ‬والتي‭ ‬تحدى‭ ‬فيها‭ ‬الرئيس‭ ‬فلاديمير‭ ‬بوتين‭ ‬هيمنة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬بمثابة‭ ‬الرد‭ ‬الحاسم‭ ‬على‭ ‬الهجوم‭ ‬الذي‭ ‬شنته‭ ‬جورجيا‭ ‬على‭ ‬قوات‭ ‬حفظ‭ ‬السلام‭ ‬الروسية‭ ‬في‭ ‬أوسيتيا‭ ‬الجنوبية‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬أغسطس‭ ‬2008‭.‬

وكان‭ ‬الرئيس‭ ‬الجورجي‭ ‬آنذاك‭ ‬ميخائيل‭ ‬ساكاشفيلي‭ ‬يعتمد‭ ‬على‭ ‬الدعم‭ ‬العسكري‭ ‬الأمريكي،‭ ‬لكن‭ ‬ذلك‭ ‬كان‭ ‬لفظيًا‭ ‬فقط‭. ‬وفي‭ ‬نهاية‭ ‬المطاف،‭ ‬اعتقلت‭ ‬الحكومة‭ ‬الجورجية‭ ‬الجديدة‭ ‬ساكاشفيلي،‭ ‬كما‭ ‬أنها‭ ‬اعتذرت‭ ‬مؤخراً‭ ‬عن‭ ‬تصرفاته‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2008‭.‬

وفي‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه،‭ ‬حدثت‭ ‬تغيرات‭ ‬جيوسياسية‭ ‬واستراتيجية‭ ‬كبيرة‭ ‬لا‭ ‬رجعة‭ ‬فيها‭ ‬خلال‭ ‬الأعوام‭ ‬الثلاثين‭ ‬التي‭ ‬تلت‭ ‬نهاية‭ ‬الحرب‭ ‬الباردة‭. ‬لقد‭ ‬أصبحت‭ ‬منطقة‭ ‬آسيا‭ ‬والمحيط‭ ‬الهادئ‭ ‬لاعباً‭ ‬أكثر‭ ‬أهمية‭ ‬في‭ ‬النظام‭ ‬المالي‭ ‬والاقتصادي‭ ‬العالمي‭.‬

لقد‭ ‬وصل‭ ‬الناتج‭ ‬المحلي‭ ‬الإجمالي‭ ‬للصين‭ ‬تقريبًا‭ ‬إلى‭ ‬نظيره‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭. ‬لقد‭ ‬تعافت‭ ‬روسيا‭ ‬من‭ ‬أهوال‭ ‬التسعينيات،‭ ‬التي‭ ‬فرضها‭ ‬عليها‭ ‬أنصار‭ ‬القِلة‭ ‬والمستشارون‭ ‬الغربيون؛‭ ‬وقد‭ ‬اعترف‭ ‬أعضاء‭ ‬الكونجرس‭ ‬الأمريكي‭ ‬بذلك‭ ‬في‭ ‬تقرير‭ ‬صدر‭ ‬في‭ ‬سبتمبر‭ ‬2000‭.‬

‭ ‬وبالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬تلك‭ ‬العوامل‭ ‬والتحولات‭ ‬التي‭ ‬أتينا‭ ‬على‭ ‬ذكرها،‭ ‬فقد‭ ‬بدأت‭ ‬النمور‭ ‬الآسيوية‭ ‬والدول‭ ‬الإفريقية‭ ‬تكتسب‭ ‬زخماً‭ ‬وتطور‭ ‬قوتها‭ ‬الاقتصادية،‭ ‬حيث‭ ‬إنها‭ ‬أظهرت‭ ‬عدة‭ ‬مؤشرات‭ ‬اقتصادية‭ ‬وديموغرافية‭ ‬جيدة‭ ‬ومثيرة‭ ‬للإعجاب‭. ‬

في‭ ‬عام‭ ‬2009،‭ ‬وفي‭ ‬ذروة‭ ‬الأزمة‭ ‬المالية‭ ‬الخطيرة‭ ‬التي‭ ‬هزت‭ ‬العالم،‭ ‬انعقد‭ ‬الاجتماع‭ ‬الأول‭ ‬لزعماء‭ ‬روسيا‭ ‬والهند‭ ‬والصين‭ ‬والبرازيل‭ (‬BRIC‭). ‬وفي‭ ‬وقت‭ ‬لاحق،‭ ‬انضمت‭ ‬جنوب‭ ‬إفريقيا‭ ‬إلى‭ ‬مجموعة‭ ‬البريكس،‭ ‬وأصبحت‭ ‬المجموعة‭ ‬تعرف‭ ‬باسم‭ ‬البريكس‭.‬

وحتى‭ ‬ذلك‭ ‬الحين،‭ ‬أكدت‭ ‬الدول‭ ‬التزامها‭ ‬بنظام‭ ‬عالمي‭ ‬متعدد‭ ‬الأقطاب‭ ‬وعدم‭ ‬التدخل‭ ‬في‭ ‬شؤون‭ ‬الدول،‭ ‬كما‭ ‬دعت‭ ‬إلى‭ ‬إنشاء‭ ‬عملة‭ ‬احتياطية‭ ‬دولية‭ ‬جديدة‭ ‬كبديل‭ ‬للدولار‭ ‬الأمريكي‭.‬

ومنذ‭ ‬1‭ ‬يناير‭ ‬2024،‭ ‬انضمت‭ ‬أيضًا‭ ‬جمهورية‭ ‬مصر‭ ‬وجمهورية‭ ‬إيران‭ ‬وإثيوبيا‭ ‬ودولة‭ ‬الإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة‭ ‬والمملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬إلى‭ ‬مجموعة‭ ‬بريكس،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬لم‭ ‬تشارك‭ ‬بعد‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬فعاليات‭ ‬مجموعة‭ ‬البريكس‭.‬

وأعلنت‭ ‬وزيرة‭ ‬العلاقات‭ ‬الدولية‭ ‬والتعاون‭ ‬في‭ ‬جمهورية‭ ‬جنوب‭ ‬إفريقيا،‭ ‬ناليدي‭ ‬باندور،‭ ‬مؤخرًا‭ ‬أن‭ ‬34‭ ‬دولة‭ ‬أعربت‭ ‬رسميًا‭ ‬عن‭ ‬اهتمامها‭ ‬بالانضمام‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬الكتلة‭ ‬المتنامية،‭ ‬مع‭ ‬تقدم‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬20‭ ‬دولة‭ ‬منها‭ ‬بنشاط‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬العضوية‭.‬

وفجأة‭ ‬تجد‭ ‬سلطات‭ ‬واشنطن‭ ‬نفسها‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬لا‭ ‬تتناسب‭ ‬فيه‭ ‬طموحاتها‭ ‬مع‭ ‬إمكانياتها‭. ‬إن‭ ‬النظام‭ ‬العالمي‭ ‬الذي‭ ‬بنته‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬لا‭ ‬يناسب‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬تعتبرهم‭ ‬وزارة‭ ‬الخارجية‭ ‬‮«‬محور‭ ‬الشر‮»‬‭ ‬الجديد‭ ‬أو‭ ‬‮«‬الانتقاميين‮»‬‭ (‬مثل‭ ‬روسيا‭ ‬والصين‭ ‬وإيران‭ ‬وكوريا‭ ‬الشمالية‭) ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬يناسب‭ ‬أيضاً‭ ‬الغالبية‭ ‬العظمى‭ ‬من‭ ‬الدول،‭ ‬ويسمى‭ ‬الآن‭ ‬الجنوب‭ ‬العالمي‭.‬

إن‭ ‬عالماً‭ ‬خالياً‭ ‬من‭ ‬الحروب‭ ‬العدوانية،‭ ‬والعقوبات‭ ‬التعسفية،‭ ‬والهجمات‭ ‬المعلوماتية‭ ‬والافتراءات،‭ ‬وعدم‭ ‬المساواة‭ ‬في‭ ‬الدخل،‭ ‬وعدم‭ ‬احترام‭ ‬البيئة‭ ‬ــ‭ ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬يتوق‭ ‬إليه‭ ‬الناس‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬آسيا،‭ ‬وإفريقيا،‭ ‬وأمريكا‭ ‬اللاتينية‭.‬

في‭ ‬الختام،‭ ‬سأستشهد‭ ‬ببيان‭ ‬صادر‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬يونيو‭ ‬2023‭ ‬عن‭ ‬رئيس‭ ‬هيئة‭ ‬الأركان‭ ‬المشتركة‭ ‬آنذاك‭ ‬الجنرال‭ ‬مارك‭ ‬ميلي،‭ ‬الذي‭ ‬اعترف‭ ‬في‭ ‬خطابه‭ ‬أمام‭ ‬خريجي‭ ‬جامعة‭ ‬الدفاع‭ ‬الوطني‭ ‬بأن‭ ‬الفترة‭ ‬القصيرة‭ ‬من‭ ‬الأحادية‭ ‬القطبية‭ ‬قد‭ ‬انتهت،‭ ‬و«لقد‭ ‬أصبح‭ ‬الأمر‭ ‬كذلك‮»‬‭. ‬‮«‬ومن‭ ‬الواضح‭ ‬بشكل‭ ‬متزايد‭ ‬أننا‭ ‬نعيش‭ ‬بالفعل‭ ‬في‭ ‬بيئة‭ ‬دولية‭ ‬متعددة‭ ‬الأقطاب‭...‬‮»‬‭.‬

{ الكاتب‭ ‬عالم‭ ‬سياسة‭ ‬ورئيس

‭ ‬الجامعة‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬موسكو

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا