العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

البريكس وصندوق النقد.. واتجاهات متباينة لمستقبل النظام المالي العالمي

مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية

الثلاثاء ٢٩ أكتوبر ٢٠٢٤ - 02:00

شهدت‭ ‬الساحة‭ ‬الدولية‭ ‬حدثين‭ ‬مهمين‭ ‬يعكسان‭ ‬التباين‭ ‬الجيوسياسي‭ ‬بين‭ ‬كتلتين‭ ‬عالميتين‭. ‬ففي‭ ‬‮«‬واشنطن‮»‬،‭ ‬انعقدت‭ ‬الاجتماعات‭ ‬السنوية‭ ‬لصندوق‭ ‬النقد‭ ‬والبنك‭ ‬الدوليين‭ ‬في‭ ‬21‭ ‬أكتوبر،‭ ‬والتي‭ ‬تركز‭ ‬على‭ ‬معالجة‭ ‬قضايا‭ ‬الديون‭ ‬العالمية‭ ‬والاستقرار‭ ‬الاقتصادي‭. ‬بينما‭ ‬بدأت‭ ‬في‭ ‬‮«‬قازان‮»‬‭ ‬الروسية‭ ‬قمة‭ ‬مجموعة‭ ‬‮«‬البريكس‮»‬‭ ‬بعد‭ ‬يوم‭ ‬واحد،‭ ‬والتي‭ ‬تسعى‭ ‬إلى‭ ‬تعزيز‭ ‬التعاون‭ ‬الاقتصادي‭ ‬بين‭ ‬دولها‭ ‬وتحدي‭ ‬الهيمنة‭ ‬الغربية‭ ‬على‭ ‬النظام‭ ‬المالي‭ ‬الدولي‭.‬

وفي‭ ‬مجلة‭ ‬‮«‬فورين‭ ‬بوليسي‮»‬،‭ ‬وصف‭ ‬‮«‬كيث‭ ‬جونسون‮»‬،‭ ‬قمة‭ ‬‮«‬البريكس،‭ ‬بأنها‭ ‬‮«‬مجموعة‭ ‬متباينة‭ ‬من‭ ‬البلدان‮»‬،‭ ‬التي‭ ‬‮«‬حولت‭ ‬نفسها‭ ‬إلى‭ ‬قوى‭ ‬ثورية‭ ‬عالمية‮»‬،‭ ‬حيث‭ ‬لا‭ ‬تقتصر‭ ‬أجندة‭ ‬مؤسسيها‭ (‬البرازيل،‭ ‬وروسيا،‭ ‬والهند،‭ ‬والصين،‭ ‬وجنوب‭ ‬إفريقيا‭)‬،‭ ‬على‭ ‬إضفاء‭ ‬الطابع‭ ‬الرسمي‭ ‬على‭ ‬دمج‭ ‬الإمارات،‭ ‬ومصر،‭ ‬وإثيوبيا،‭ ‬وإيران‭ ‬كأعضاء‭ ‬جدد،‭ ‬بل‭ ‬أيضًا‭ ‬الاستمرار‭ ‬في‭ ‬‮«‬التوصل‭ ‬إلى‭ ‬بدائل‭ ‬قابلة‭ ‬للتطبيق‭ ‬للهيمنة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الغربية‮»‬‭. ‬وعلى‭ ‬النقيض‭ ‬من‭ ‬تزايد‭ ‬عدد‭ ‬أعضائها‭ ‬ورسالتها‭ ‬الموحدة‭ ‬لتحدي‭ ‬هيمنة‭ ‬الغرب؛‭ ‬أوضح‭ ‬‮«‬فيليب‭ ‬إنمان‮»‬،‭ ‬من‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬الجارديان‮»‬،‭ ‬كيف‭ ‬تركز‭ ‬مناقشات‭ ‬‮«‬صندوق‭ ‬النقد‭ ‬والبنك‭ ‬الدوليين‮»‬‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬خفض‭ ‬الديون،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬لوم‭ ‬الاقتصادات‭ ‬الغربية‭ ‬الكبرى‭ ‬للسماح‭ ‬ببلوغ‭ ‬ديونها‭ ‬العامة‭ ‬100%‭ ‬من‭ ‬الدخل‭ ‬الوطني‭ ‬السنوي‭.‬

وفي‭ ‬تقييمها‭ ‬للأحداث،‭ ‬أشارت‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬فاينانشال‭ ‬تايمز‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬توقيتات‭ ‬وأجندات‭ ‬التجمعين‭ ‬تسلط‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬‮«‬ضعف‭ ‬السلطة‭ ‬العالمية‮»‬‭ ‬لصندوق‭ ‬النقد‭ ‬والبنك‭ ‬الدوليين،‭ ‬حيث‭ ‬يتجه‭ ‬مركز‭ ‬الثقل‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬بعيدًا‭ ‬عن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وأوروبا،‭ ‬نحو‭ ‬الصين‭ ‬والهند،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬تأكيد‭ ‬‮«‬جونسون‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬‮«‬السؤال‭ ‬الأهم‮»‬‭ ‬للقمة‭ ‬السادسة‭ ‬عشرة‭ ‬للبريكس،‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬قائما‭ ‬حول‭ ‬قدرتها‭ ‬على‭ ‬تشكيل‭ ‬بديل‭ ‬فعلي‭ ‬للنظام‭ ‬الدولي‭ ‬الغربي،‭ ‬خاصة‭ ‬مع‭ ‬تنوع‭ ‬أهداف‭ ‬أعضائها‭.‬

وتشير‭ ‬التقارير‭ ‬الغربية،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬المجموعة‭ ‬تعكس‭ ‬نوايا‭ ‬الدول‭ ‬خارج‭ ‬المؤسسة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الغربية‭ ‬بعدم‭ ‬اتباع‭ ‬المطالب‭ ‬الجيوسياسية‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وأوروبا‭. ‬ويضيف‭ ‬‮«‬كريس‭ ‬ويفر‮»‬،‭ ‬من‭ ‬شركة‭ ‬‮«‬ماكرو‭ ‬أدفايزوري‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬لها‭ ‬رسالة‭ ‬أخرى‭ ‬تتمحور‭ ‬حول‭ ‬أن‭ ‬‮«‬محاولات‭ ‬عزل‭ ‬روسيا‭ ‬قد‭ ‬فشلت،‭ ‬وأنها‭ ‬تقاوم‭ ‬العقوبات‭ ‬ضدها‭. ‬ومن‭ ‬ثمّ،‭ ‬تتمثل‭ ‬أهدافها‭ ‬في‭ ‬تقليص‭ ‬الاعتماد‭ ‬المستمر‭ ‬لاقتصاداتها‭ ‬على‭ ‬المؤسسات‭ ‬المالية‭ ‬الغربية،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬نظام‭ ‬المدفوعات‭ ‬الدولي‭ ‬‮«‬سويفت‮»‬،‭ ‬وسيادة‭ ‬الدولار‭ ‬الأمريكي‭ ‬في‭ ‬التجارة‭ ‬الدولية‭. ‬وأضاف‭ ‬‮«‬ويفر‮»‬،‭ ‬أنه‭ ‬بما‭ ‬أن‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المشاكل‭ ‬التي‭ ‬تواجهها‭ ‬‮«‬مرتبطة‭ ‬بالتجارة‭ ‬والمدفوعات‭ ‬عبر‭ ‬الحدود»؛‭ ‬فإنها‭ ‬تسعى‭ ‬إلى‭ ‬تشجيع‭ ‬‮«‬إنشاء‭ ‬آلية‭ ‬تجارية‭ ‬بديلة،‭ ‬ونظام‭ ‬تسوية‭ ‬عبر‭ ‬الحدود،‭ ‬لا‭ ‬يشمل‭ ‬الدولار،‭ ‬أو‭ ‬اليورو،‭ ‬أو‭ ‬أي‭ ‬من‭ ‬عملات‭ ‬مجموعة‭ ‬السبع‮»‬،‭ ‬وذلك‭ ‬للتهرب‭ ‬من‭ ‬العقوبات‭ ‬الغربية‭. ‬

وكما‭ ‬ذكرت‭ ‬‮«‬أسلي‭ ‬أيدنتاسباس‮»‬،‭ ‬من‭ ‬مؤسسة‭ ‬‮«‬بروكينجز‮»‬،‭ ‬فإن‭ ‬‮«‬الصين‮»‬،‭ ‬باتت‭ ‬تمتلك‭ ‬بديلًا‭ ‬لنظام‭ ‬الدفع‭ ‬‮«‬سويفت‮»‬،‭ ‬بينما‭ ‬تعيد‭ ‬دول،‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬البرازيل‮»‬،‭ ‬هيكلة‭ ‬احتياطياتها‭ ‬نحو‭ ‬الذهب‭. ‬ومع‭ ‬‮«‬شيوع‭ ‬مبادلات‭ ‬العملات،‭ ‬مقابل‭ ‬صفقات‭ ‬الطاقة‮»‬‭ ‬أيضًا؛‭ ‬فإن‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬التدابير‭ ‬تعكس‭ ‬الخطوات‭ ‬المطروحة‭ ‬نحو‭ ‬‮«‬استقلال‭ ‬مالي‭ ‬أكبر‭ ‬عن‭ ‬الغرب‮»‬‭.‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬يبقى‭ ‬السؤال‭ ‬حول‭ ‬مدى‭ ‬قدرة‭ ‬البريكس‭ ‬على‭ ‬اتخاذ‭ ‬مواقف‭ ‬سياسية‭ ‬صلبة،‭ ‬‮«‬قائمًا‮»‬،‭ ‬خاصة‭ ‬مع‭ ‬تنوع‭ ‬أجندات‭ ‬الأعضاء‭ ‬الجدد،‭ ‬حيث‭ ‬تضم‭ ‬حوالي‭ ‬45%‭ ‬من‭ ‬سكان‭ ‬العالم،‭ ‬و28%‭ ‬من‭ ‬الاقتصاد‭ ‬العالمي،‭ ‬واقتصاداتها‭ ‬الجماعية‭ ‬28‭.‬6‭ ‬تريليون‭ ‬دولار؛‭ ‬مما‭ ‬يجعل‭ ‬التنسيق‭ ‬بينها‭ ‬تحديًا‭ ‬مطروحا‭.‬

وأشار‭ ‬‮«‬جونسون‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬‮«‬المجموعة‭ ‬المتنوعة‮»‬،‭ ‬تضم‭ ‬دولاً‭ ‬ذات‭ ‬خلفيات‭ ‬وأيديولوجيات‭ ‬متباينة،‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬قوة‭ ‬عظمى‭ ‬ماركسية‭-‬لينينية‮»‬،‭ ‬بجانب‭ ‬‮«‬أكبر‭ ‬ديمقراطية‭ ‬في‭ ‬العالم‮»‬،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬دول‭ ‬‮«‬تحت‭ ‬المظلة‭ ‬الأمنية‭ ‬الأمريكية‮»‬،‭ ‬وأخرى‭ ‬تواجه‭ ‬عقوبات‭ ‬اقتصادية‭ ‬مشددة‭ ‬من‭ ‬واشنطن‭ ‬وحلفائها‭. ‬ورغم‭ ‬هذه‭ ‬التباينات،‭ ‬فإن‭ ‬إنشاء‭ ‬‮«‬بنك‭ ‬التنمية‭ ‬الجديد‮»‬،‭ ‬عام‭ ‬2015،‭ ‬سمح‭ ‬لأعضائها‮ «‬بنسج‭ ‬روابط‭ ‬غير‭ ‬واضحة،‭ ‬لكنها‭ ‬حيوية‮»‬،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬اجتماعات‭ ‬دورية‭ ‬متوسطة‭ ‬المستوى؛‭ ‬ما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬تعزيز‭ ‬التعاون‭ ‬التجاري‭ ‬والاستثماري‭ ‬والدبلوماسي‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬يشير‭ ‬‮«‬جيم‭ ‬أونيل‮»‬،‭ ‬من‭ ‬مصرف‭ ‬‮«‬جولدمان‭ ‬ساكس‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تحقيق‭ ‬التوافق‭ ‬حول‭ ‬القضايا‭ ‬الجيوسياسية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬الرئيسية،‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬‮«‬تحدياً‭ ‬مستمراً‮»‬،‭ ‬خاصة‭ ‬بين‭ ‬الصين‭ ‬والهند‭.‬

وفي‭ ‬الوقت‭ ‬الحالي،‭ ‬يشير‭ ‬المراقبون‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬‮«‬البريكس‮»‬،‭ ‬تُظهر‭ ‬أهمية‭ ‬متزايدة‭ ‬في‭ ‬الساحة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬العالمية،‭ ‬مع‭ ‬وجود‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬المرشحين‭ ‬المحتملين‭ ‬للانضمام‭ ‬إليها‭. ‬وأشار‭ ‬‮«‬روبرت‭ ‬غرين‮»‬،‭ ‬من‭ ‬مؤسسة‭ ‬‮«‬كارنيجي‭ ‬للسلام‭ ‬الدولي‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬من‭ ‬السهل‮»‬‭ ‬على‭ ‬الأعضاء‭ ‬الشكوى‭ ‬من‭ ‬‮«‬هيمنة‭ ‬الاقتصادات‭ ‬الغربية‮»‬،‭ ‬لكن‭ ‬من‭ ‬‮«‬الصعب‭ ‬تصور‮»‬‭ ‬وضع‭ ‬حلول‭ ‬قابلة‭ ‬للتحقيق‭. ‬وأوضح‭ ‬‮«‬جونسون‮»‬،‭ ‬أنها‭ ‬تُعتبر‭ ‬‮«‬خليطًا‭ ‬غير‭ ‬متماسك‮»‬‭ ‬من‭ ‬الأنظمة‭ ‬السياسية‭ ‬والاقتصادية؛‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬تقدير‭ ‬الاستياء‭ ‬من‭ ‬هيمنة‭ ‬الغرب‭ ‬صعبًا‭. ‬

بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬يرى‭ ‬‮«‬جيفري‭ ‬فيلتمن‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬معهد‭ ‬بروكينغز‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬قمة‭ ‬2024،‭ ‬‮«‬تركز‭ ‬أكثر‭ ‬على‭ ‬شكل‭ ‬المواجهة‭ ‬وليس‭ ‬جوهرها‮»‬،‭ ‬حيث‭ ‬تكتفي‭ ‬‮«‬بالتظاهر‮»‬،‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬إظهار‭ ‬قدرتها‭ ‬الحقيقية‭ ‬على‭ ‬تحدي‭ ‬القيادة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الدولية‭ ‬للغرب‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬ورغم‭ ‬أن‭ ‬‮«‬أيدنتاسباس‮»‬،‭ ‬اتفقت‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬البريكس‭ ‬ليست‭ ‬‮«‬كتلة‭ ‬متماسكة‮»‬،‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬أكدت‭ ‬أن‭ ‬لديها‭ ‬‮«‬رسالة‭ ‬قوية‮»‬‭ ‬تتعلق‭ ‬برغبتها‭ ‬في‭ ‬نظام‭ ‬عالمي‭ ‬بديل،‭ ‬وهي‭ ‬الرسالة‭ ‬التي‭ ‬تحظى‭ ‬بقبول‭ ‬لدى‭ ‬الدول‭ ‬النامية؛‭ ‬خاصة‭ ‬أنها‭ ‬‮«‬تأتي‭ ‬من‭ ‬اقتصادات‭ ‬كبيرة‮»‬‭.‬

وفيما‭ ‬يتعلق‭ ‬باجتماعات‭ ‬‮«‬صندوق‭ ‬النقد‭ ‬والبنك‭ ‬الدوليين‮»‬،‭ ‬فقد‭ ‬وثق‭ ‬‮«‬المجلس‭ ‬الأطلسي‮»‬،‭ ‬كيف‭ ‬يسيطر‭ ‬على‭ ‬أجندتهما‭ ‬‮«‬تنسيق‭ ‬السياسات‭ ‬لضمان‭ ‬استقرار‭ ‬الاقتصاد‭ ‬العالمي‮»‬،‭ ‬مع‭ ‬تباطؤ‭ ‬معدلات‭ ‬التضخم،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬إجراءات‭ ‬‮«‬دعم‭ ‬الدول‭ ‬ذات‭ ‬الدخل‭ ‬المنخفض‭ ‬في‭ ‬أزمات‭ ‬الديون‮»‬،‭ ‬وتحسين‭ ‬‮«‬الدعم‭ ‬المالي‭ ‬للعمل‭ ‬المناخي‮»‬‭. ‬

وفي‭ ‬وقت‭ ‬يواجه‭ ‬فيه‭ ‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬80‭ ‬دولة‭ ‬حول‭ ‬العالم‭ ‬خطر‭ ‬أو‭ ‬معاناة‭ ‬من‭ ‬أزمات‭ ‬ديون؛‭ ‬أشار‭ ‬‮«‬أندريس‭ ‬أراوز‮»‬،‭ ‬و‮«‬إيفانا‭ ‬لالوفيتش‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬مركز‭ ‬الأبحاث‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والسياسات‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬صندوق‭ ‬النقد‭ ‬الدولي،‭ ‬يظل‭ ‬‮«‬حاسمًا‭ ‬لجعل‭ ‬تخفيف‭ ‬الديون‭ ‬ممكنًا‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬القصير‮»‬‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬تحذير‭ ‬‮«‬البنك‭ ‬الدولي‮»‬،‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬الحد‭ ‬من‭ ‬الفقر‭ ‬العالمي‭ ‬قد‭ ‬‮«‬توقف‭ ‬تقريبًا‮»‬،‭ ‬وإن‭ ‬7.3%‭ ‬من‭ ‬السكان‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬يعيشوا‭ ‬في‭ ‬فقر‭ ‬مدقع‭ ‬بنهاية‭ ‬العقد‭ ‬الحالي،‭ ‬يُضعف‭ ‬مصداقيتهما‭ ‬حول‭ ‬التنمية‭ ‬والنمو‭ ‬الاقتصادي‭.‬

وحول‭ ‬التحديات‭ ‬الحالية‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬المؤسستين‭ ‬الماليتين‭ ‬الدوليتين؛‭ ‬أوضح‭ ‬‮«‬أراوز‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الصندوق‭ ‬الدولي‮»‬،‭ ‬قد‭ ‬انحرف‭ ‬عن‭ ‬دوره‭ ‬الأصلي‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يرتكز‭ ‬على‭ ‬‮«‬مساعدة‭ ‬الدول‭ ‬المحتاجة‮»‬،‭ ‬ليصبح‭ ‬فعليًا‭ ‬في‭ ‬طليعة‭ ‬‮«‬مجموعة‭ ‬الدائنين‮»‬،‭ ‬و«الحارس‮»‬‭ ‬للمصالح‭ ‬المالية‭ ‬للمقرضين‭ ‬الدوليين،‭ ‬موضحا‭ ‬أن‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬تلجأ‭ ‬إليه‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬قروض،‭ ‬تواجه‭ ‬‮«‬رسومًا‭ ‬إضافية‮»‬،‭ ‬تجبرها‭ ‬على‭ ‬دفع‭ ‬‮«‬معدلات‭ ‬فائدة‭ ‬أعلى‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬المعلن‮»‬‭. ‬ورغم‭ ‬الضغوط‭ ‬التي‭ ‬مارسها‭ ‬اقتصاديون‭ ‬عليه‭ ‬لإصلاح‭ ‬هذه‭ ‬الرسوم،‭ ‬فإن‭ ‬تلك‭ ‬التعديلات‭ ‬‮«‬لم‭ ‬تكن‭ ‬كافية‮»‬،‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬الدول‭ ‬المثقلة‭ ‬بالديون‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬تتحمل‭ ‬عبئًا‭ ‬ماليًا‭ ‬كبيرًا،‭ ‬يشكل‭ ‬عائقًا‭ ‬أمام‭ ‬تحقيق‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة‭.‬

أما‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬البنك‭ ‬الدولي،‭ ‬فقد‭ ‬رأى‭ ‬‮«‬بول‭ ‬كولير‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬جامعة‭ ‬أكسفورد‮»‬،‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬فشل‭ ‬في‭ ‬مهامه،‭ ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬زيادة‭ ‬الفقر‭ ‬العالمي‭ ‬الذي‭ ‬يُقاس‭ ‬بعدد‭ ‬الأشخاص‭ ‬الذين‭ ‬يعيشون‭ ‬بأقل‭ ‬من‭ ‬2‭.‬15‭ ‬دولار‭ ‬في‭ ‬اليوم‭ ‬بشكل‭ ‬مستمر‮»‬،‭ ‬مشيرًا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬خياره‭ ‬السابق‭ ‬كان‭ ‬متوجها‭ ‬نحو‭ ‬‮«‬تحقيق‭ ‬التنمية‭ ‬الاقتصادية،‭ ‬وتقليل‭ ‬الفجوة‭ ‬في‭ ‬مستويات‭ ‬الدخل»؛‭ ‬لكنه‭ ‬الآن‭ ‬‮«‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬إعادة‭ ‬هيكلة‮»‬‭ ‬لاستعادة‭ ‬مصداقيته‭ ‬الدولية‭.‬

وفيما‭ ‬يخص‭ ‬هاتين‭ ‬المنظمتين،‭ ‬أوضحت‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬فاينانشال‭ ‬تايمز‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬هيمنة‭ ‬قوى‭ ‬التصويت‭ ‬فيهما‭ ‬ما‭ ‬زالت‭ ‬تميل‭ ‬لصالح‭ ‬الغرب،‭ ‬مما‭ ‬يضعف‭ ‬مصداقيتهما‭ ‬كمنظمات‭ ‬تدعي‭ ‬تمثيل‭ ‬الصوت‭ ‬العالمي‭ ‬بشكل‭ ‬عادل‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬أشارت‭ ‬إلى‭ ‬أنهما‭ ‬أصبحتا‭ ‬حاليا‭ ‬أكثر‭ ‬أهمية‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬وقت‭ ‬مضى؛‭ ‬بسبب‭ ‬الضغوط‭ ‬العالمية‭ ‬المتزايدة‭ ‬التي‭ ‬تواجههما،‭ ‬مشيرة‭ ‬إلى‭ ‬الدور‭ ‬الحاسم‭ ‬للتعاون‭ ‬العالمي‭ ‬لضمان‭ ‬نجاح‭ ‬جهود‭ ‬تحقيق‭ ‬الاستقرار‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬وضرورة‭ ‬‮«‬تكيف‮»‬‭ ‬المنظمتين‭ ‬مع‭ ‬الأوضاع‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الحالية‭ ‬المتدهورة،‭ ‬حيث‭ ‬لا‭ ‬توجد‭ ‬أي‭ ‬مؤسسة‭ ‬أخرى‭ ‬تستطيع‭ ‬منافستهما‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬رأس‭ ‬المال‭ ‬والخبرة‭ ‬والدعم‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬العالمي‭.‬

على‭ ‬العموم،‭ ‬يمكن‭ ‬القول‭ ‬إن‭ ‬الأحداث‭ ‬الجيوسياسية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬التي‭ ‬تعيشها‭ ‬الساحة‭ ‬العالمية‭ ‬تعكس‭ ‬‮«‬تحولًا‭ ‬ملحوظًا‮»‬،‭ ‬في‭ ‬موازين‭ ‬القوى‭ ‬الدولية‭. ‬ففي‭ ‬حين‭ ‬تسعى‭ ‬‮«‬البريكس‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬إنشاء‭ ‬نظام‭ ‬مالي‭ ‬عالمي‭ ‬بديل‭ ‬عن‭ ‬الهيمنة‭ ‬الغربية،‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬المؤسسات‭ ‬المالية‭ ‬التقليدية‭ ‬تكافح‭ ‬لمواجهة‭ ‬تحديات‭ ‬الديون‭ ‬العالمية‭ ‬والاستقرار‭ ‬الاقتصادي‭. ‬وعليه،‭ ‬يبقى‭ ‬السؤال‭ ‬المهم‭ ‬حول‭ ‬مدى‭ ‬قدرة‭ ‬‮«‬بريكس‮»‬،‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬هذه‭ ‬الطموحات،‭ ‬فيما‭ ‬تظل‭ ‬هذه‭ ‬المؤسسات‭ ‬‮«‬محورية‮»‬،‭ ‬لكن‭ ‬عليها‭ ‬التكيف‭ ‬مع‭ ‬المتغيرات‭ ‬العالمية‭ ‬لضمان‭ ‬استمرارية‭ ‬تأثيرها‭ ‬في‭ ‬الساحة‭ ‬الدولية‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا