العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

الاجتماع القادم حول التغير المناخي.. بين الآمال والشكوك!

بقلم: د. إسماعيل محمد المدني

الاثنين ٢٨ أكتوبر ٢٠٢٤ - 02:00

لست‭ ‬متفائلا‭ ‬كثيرا‭ ‬بمخرجات‭ ‬الاجتماع‭ ‬رقم‭ (‬29‭) ‬حول‭ ‬التغير‭ ‬المناخي‭ ‬والذي‭ ‬سيعقد‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬باكو‭ ‬في‭ ‬أذربيجان‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬من‭ ‬11‭ ‬إلى‭ ‬22‭ ‬نوفمبر‭ ‬2024‭. ‬وعدم‭ ‬تفاؤلي‭ ‬مبني‭ ‬على‭ ‬خبرتي‭ ‬وتاريخ‭ ‬هذه‭ ‬الاجتماعات‭ ‬الطويل‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬1992‭ ‬وحتى‭ ‬يومنا‭ ‬هذا،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬عدم‭ ‬تفاؤلي‭ ‬يستند‭ ‬على‭ ‬وقائع‭ ‬هذه‭ ‬الاجتماعات‭ ‬وما‭ ‬تمخض‭ ‬عنها‭ ‬منذ‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬32‭ ‬عاماً‭ ‬و28‭ ‬اجتماعا‭ ‬رسميا‭ ‬للدول‭ ‬الموقعة‭ ‬على‭ ‬الاتفاقية‭ ‬الإطارية‭ ‬للتغير‭ ‬المناخي‭.‬

ولذلك‭ ‬آخذكم‭ ‬في‭ ‬جولة‭ ‬سريعة‭ ‬مع‭ ‬هذه‭ ‬الاجتماعات‭ ‬الدولية‭ ‬التي‭ ‬أُطلق‭ ‬عليها‭ ‬اجتماعات‭ ‬‮«‬سياحة‭ ‬التغير‭ ‬المناخي‮»‬،‭ ‬لأنها‭ ‬طافت‭ ‬وجابت‭ ‬كل‭ ‬دول‭ ‬العالم،‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬الغرب‭ ‬إلى‭ ‬دول‭ ‬الشرق‭ ‬ودول‭ ‬الخليج‭ ‬العربي،‭ ‬ولكن‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تحقق‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬المطاف‭ ‬الهدف‭ ‬المنشود‭ ‬والرئيس‭ ‬من‭ ‬اتفاقية‭ ‬التغير‭ ‬المناخي،‭ ‬وهو‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬الإجماع‭ ‬الدولي‭ ‬المشترك‭ ‬على‭ ‬معاهدة‭ ‬ملزمة‭ ‬لكل‭ ‬الدول‭ ‬متعلقة‭ ‬بالتغير‭ ‬المناخي،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬إلزام‭ ‬ومحاسبة‭ ‬جميع‭ ‬الدول‭ ‬كل‭ ‬حسب‭ ‬مسؤوليته‭ ‬التاريخية‭ ‬والحالية‭ ‬بخفض‭ ‬انبعاثاتها‭ ‬من‭ ‬الغازات‭ ‬المتهمة‭ ‬بالتغير‭ ‬المناخي،‭ ‬وفي‭ ‬مقدمتها‭ ‬غاز‭ ‬ثاني‭ ‬أكسيد‭ ‬الكربون‭ ‬الناجم‭ ‬عن‭ ‬حرق‭ ‬الوقود‭ ‬الأحفوري،‭ ‬من‭ ‬فحم،‭ ‬وبترول،‭ ‬وغاز‭ ‬طبيعي‭.‬

فالمدينة‭ ‬السياحية‭ ‬الأولى‭ ‬التي‭ ‬عُقد‭ ‬فيها‭ ‬الاجتماع‭ ‬التمهيدي،‭ ‬أو‭ ‬الجولة‭ ‬السياحية‭ ‬الأولى‭ ‬التي‭ ‬رست‭ ‬فيها‭ ‬سفينة‭ ‬المناخ‭ ‬فقد‭ ‬كانت‭ ‬قمة‭ ‬الأرض‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬ريو‭ ‬دي‭ ‬جانيرو‭ ‬البرازيلية‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1992،‭ ‬وهي‭ ‬تُعد‭ ‬القمة‭ ‬التاريخية‭ ‬التي‭ ‬وافقت‭ ‬على‭ ‬وضع‭ ‬النواة‭ ‬الأولى‭ ‬للمواجهة‭ ‬الدولية‭ ‬المشتركة‭ ‬لقضية‭ ‬التغير‭ ‬المناخي‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬‮«‬اتفاقية‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬الإطارية‭ ‬حول‭ ‬التغير‭ ‬المناخي‮»‬،‭ ‬كما‭ ‬مهدت‭ ‬الطريق‭ ‬أمام‭ ‬البدء‭ ‬في‭ ‬عقد‭ ‬الاجتماعات‭ ‬الدولية‭ ‬لإجراء‭ ‬المفاوضات‭ ‬بين‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬الموقعة‭ ‬على‭ ‬الاتفاقية‭ ‬الإطارية‭ ‬لإدارة‭ ‬ملف‭ ‬التغير‭ ‬المناخي‭. ‬فكانت‭ ‬المحطة‭ ‬الأولى‭ ‬للقطار‭ ‬السياحي‭ ‬المناخي‭ ‬الذي‭ ‬سيجوب‭ ‬مدن‭ ‬العالم‭ ‬هي‭ ‬مدينة‭ ‬برلين‭ ‬الألمانية‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1995،‭ ‬وانتهت‭ ‬بالاجتماع‭ ‬رقم‭ (‬28‭) ‬بمدينة‭ ‬دبي‭ ‬بدولة‭ ‬الإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة‭.‬

ومعظم‭ ‬هذه‭ ‬الاجتماعات‭ ‬غابت‭ ‬وضاعت‭ ‬في‭ ‬صفحات‭ ‬تاريخ‭ ‬التغير‭ ‬المناخي،‭ ‬فهي‭ ‬لم‭ ‬تُقدم‭ ‬جديداً،‭ ‬ولم‭ ‬تتخذ‭ ‬خطوة‭ ‬واحدة‭ ‬إلى‭ ‬الأمام‭ ‬لتحقيق‭ ‬الهدف‭ ‬الأسمى‭ ‬للتغير‭ ‬المناخي،‭ ‬ولم‭ ‬تتمكن‭ ‬من‭ ‬إقناع‭ ‬الدول‭ ‬الصناعية‭ ‬الكبرى‭ ‬التي‭ ‬تتحمل‭ ‬المسؤولية‭ ‬التاريخية‭ ‬لسخونة‭ ‬كوكبنا‭ ‬وارتفاع‭ ‬حرارته‭ ‬للحد‭ ‬من‭ ‬انبعاثاتها‭ ‬الغازية‭ ‬المتهمة‭ ‬بالتغير‭ ‬المناخي‭ ‬بدرجة‭ ‬ملموسة‭ ‬تُحدث‭ ‬فارقاً‭ ‬مشهوداً‭ ‬في‭ ‬مسرح‭ ‬التغير‭ ‬المناخي‭ ‬للكرة‭ ‬الأرضية‭. ‬ولذلك‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬28‭ ‬اجتماعاً‭ ‬للتغير‭ ‬المناخي،‭ ‬هناك‭ ‬بعض‭ ‬الاجتماعات‭ ‬التي‭ ‬حاولت‭ ‬إحداث‭ ‬التغيير‭ ‬المطلوب،‭ ‬ونجحت‭ ‬فترة‭ ‬محدودة‭ ‬جداً‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬الهدف‭ ‬المنشود‭.       ‬

ففي‭ ‬الاجتماع‭ ‬الثالث‭ ‬الذي‭ ‬عقد‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬كيوتو‭ ‬اليابانية‭ ‬عام‭ ‬1997،‭ ‬وافقت‭ ‬الدول‭ ‬على‭ ‬‮«‬بروتوكول‭ ‬كيوتو‮»‬‭ ‬للتغير‭ ‬المناخي‭. ‬ولكن‭ ‬هذا‭ ‬البروتوكول‭ ‬لم‭ ‬يحقق‭ ‬كلياً‭ ‬الهدف‭ ‬الرئيس،‭ ‬فقد‭ ‬جاء‭ ‬ناقصاً‭ ‬وغير‭ ‬شامل،‭ ‬حيث‭ ‬ألزم‭ ‬البروتوكول‭ ‬فقط‭ ‬الدول‭ ‬الصناعية‭ ‬المتقدمة‭ ‬الكبرى‭ ‬على‭ ‬وضع‭ ‬سقفٍ‭ ‬لانبعاثاتها‭ ‬من‭ ‬الغازات‭ ‬المتهمة‭ ‬بوقوع‭ ‬التغير‭ ‬المناخي،‭ ‬واستثنى‭ ‬البروتوكول‭ ‬الدول‭ ‬النامية‭ ‬غير‭ ‬المتقدمة‭ ‬من‭ ‬وضع‭ ‬حدودٍ‭ ‬تتعهد‭ ‬بها‭ ‬لخفض‭ ‬انبعاثاتها‭. ‬ومن‭ ‬جانب‭ ‬آخر‭ ‬أيضاً،‭ ‬فإن‭ ‬الهدف‭ ‬الرئيس‭ ‬لم‭ ‬يتحقق‭ ‬أيضاً‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬البروتوكول‭ ‬فشل‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬آلية‭ ‬أممية‭ ‬تراقب‭ ‬وتحاسب‭ ‬وتعاقب‭ ‬أية‭ ‬دولة‭ ‬لا‭ ‬تفي‭ ‬بالتزاماتها‭ ‬وتعهداتها‭ ‬التي‭ ‬قطعتها‭ ‬على‭ ‬نفسها‭ ‬لخفض‭ ‬انبعاث‭ ‬الملوثات‭ ‬المناخية‭. ‬

وبالرغم‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الإنجاز‭ ‬الدولي‭ ‬المحدود‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬البروتوكول‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬المطاف‭ ‬لم‭ ‬ير‭ ‬النور،‭ ‬ولم‭ ‬ينفذ‭ ‬بدرجة‭ ‬فاعلة‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬الميداني،‭ ‬وبخاصة‭ ‬بعد‭ ‬انسحاب‭ ‬أكبر‭ ‬دولة‭ ‬مسؤولة‭ ‬عن‭ ‬حدوث‭ ‬التغير‭ ‬المناخي‭ ‬وهي‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬حيث‭ ‬رفض‭ ‬جورج‭ ‬بوش‭ ‬الابن‭ ‬التصديق‭ ‬عليه،‭ ‬فانتهى‭ ‬البروتوكول‭ ‬وانتقل‭ ‬إلى‭ ‬مثواه‭ ‬الأخير‭ ‬وتم‭ ‬دفنه‭ ‬في‭ ‬أرشيف‭ ‬التغير‭ ‬المناخي‭.‬

ثم‭ ‬بعد‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬الركود‭ ‬المناخي‭ ‬وعدم‭ ‬تحقيق‭ ‬أي‭ ‬انجاز‭ ‬مشهود‭ ‬ينعكس‭ ‬على‭ ‬سخونة‭ ‬كوكبنا،‭ ‬جاء‭ ‬الاجتماع‭ ‬رقم‭(‬21‭) ‬لعام‭ ‬2015،‭ ‬حيث‭ ‬أجمعت‭ ‬الوفود‭ ‬على‭ ‬اتفاقية‭ ‬باريس،‭ ‬ومن‭ ‬بين‭ ‬أهم‭ ‬بنودها‭ ‬هو‭ ‬تجميد‭ ‬ارتفاع‭ ‬حرارة‭ ‬الأرض‭ ‬عند‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬درجتين،‭ ‬كما‭ ‬حددت‭ ‬الارتفاع‭ ‬بدرجة‭ ‬ونصف‭ ‬الدرجة‭ ‬المئوية‭ ‬كالحد‭ ‬والهدف‭ ‬الذي‭ ‬تسعى‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬إلى‭ ‬تحقيقه،‭ ‬كما‭ ‬قررت‭ ‬أن‭ ‬تقوم‭ ‬الدول‭ ‬بتقديم‭ ‬تقرير‭ ‬سنوي‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭: ‬‮«‬الإسهامات‭ ‬القومية‭ ‬المحددة‮»‬‭ ‬Nationally‭ ‬Determined‭ ‬Contributions‭ (‬NDCs‭))‬،‭ ‬حيث‭ ‬تلزم‭ ‬كل‭ ‬دولة‭ ‬نفسها‭ ‬طواعية‭ ‬بتحديد‭ ‬نسبة‭ ‬الخفض‭ ‬في‭ ‬انبعاثاتها‭ ‬من‭ ‬الغازات‭ ‬الدفيئة‭ ‬المسببة‭ ‬لسخونة‭ ‬الأرض‭. ‬وهذا‭ ‬الاتفاق‭ ‬أيضاً‭ ‬لم‭ ‬يُكتب‭ ‬له‭ ‬النجاح،‭ ‬حيث‭ ‬انسحب‭ ‬منه‭ ‬رسمياً‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬السابق‭ ‬ترامب‭.‬

أما‭ ‬الاجتماع‭ ‬رقم‭(‬26‭) ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬جلاسجو‭ ‬في‭ ‬بريطانيا‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2021‭ ‬فقد‭ ‬دخل‭ ‬في‭ ‬مناقشات‭ ‬ومفاوضات‭ ‬ماراثونية‭ ‬عقيمة‭ ‬استغرقت‭ ‬نحو‭ ‬14‭ ‬يوماً‭ ‬حول‭ ‬مصطلحين،‭ ‬الأول‭ ‬هو‭ ‬‮»‬الخفض‭ ‬المنهجي‮«‬‭ (‬phase‭ ‬down‭)‬،‭ ‬أي‭ ‬تُخفض‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬استهلاكها‭ ‬واستخدامها‭ ‬الوقود‭ ‬الأحفوري‭ ‬بشكل‭ ‬تدريجي‭ ‬ومنهجي‭ ‬مع‭ ‬الزمن،‭ ‬أي‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬التخلص‭ ‬الكلي،‭ ‬والثاني‭ ‬هو‭ ‬مصطلح‭ ‬‮«‬التوقف‭ ‬الكلي‮»‬‭ (‬phase‭ ‬out‭)‬،‭ ‬أي‭ ‬التوقف‭ ‬عن‭ ‬استخدام‭ ‬الوقود‭ ‬الأحفوري،‭ ‬حيث‭ ‬توصل‭ ‬المجتمعون‭ ‬قبيل‭ ‬انتهاء‭ ‬الاجتماع‭ ‬بدقائق‭ ‬معدودة‭ ‬فقط‭ ‬إلى‭ ‬الموافقة‭ ‬على‭ ‬عبارة‭ ‬‮«‬الخفض‭ ‬المنهجي‮»‬،‭ ‬ولكن‭ ‬فقط‭ ‬للفحم‭ ‬ولمصانع‭ ‬توليد‭ ‬الكهرباء‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬توجد‭ ‬بها‭ ‬أجهزة‭ ‬تحكم‭ ‬للملوثات،‭ ‬دون‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬النفط‭ ‬والغاز‭ ‬الطبيعي‭. ‬وفي‭ ‬الاجتماع‭ ‬رقم‭ (‬28‭) ‬في‭ ‬دبي‭ ‬عام‭ ‬2023‭ ‬تم‭ ‬إلغاء‭ ‬المصطلحين‭ ‬السابقين،‭ ‬وظهر‭ ‬مصطلح‭ ‬جديد‭ ‬آخر‭ ‬هو‭ ‬‮«‬التحول‭ ‬بعيداً‮»‬‭ (‬transition‭ ‬away‭)‬،‭ ‬أي‭ ‬الانتقال‭ ‬بعيداً‭ ‬عن‭ ‬استخدام‭ ‬كل‭ ‬أنواع‭ ‬الوقود‭ ‬الأحفوري،‭ ‬حيث‭ ‬جاء‭ ‬نص‭ ‬القرار‭: ‬‮«‬التحول‭ ‬بعيداً‭ ‬عن‭ ‬الوقود‭ ‬الأحفوري‭ ‬في‭ ‬أنظمة‭ ‬الطاقة،‭ ‬وذلك‭ ‬بطريقة‭ ‬عادلة‭ ‬ومنظمة‭ ‬ومُنصفة،‭ ‬وتسريع‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬العقد‭ ‬الحرج،‭ ‬وذلك‭ ‬لتحقيق‭ ‬صافي‭ ‬الصفر‭ ‬بحلول‭ ‬عام‭ ‬2050‮»‬‭.  ‬ولكن‭ ‬هذا‭ ‬القرار‭ ‬لم‭ ‬يحدد‭ ‬السقف‭ ‬الزمني،‭ ‬أو‭ ‬حجم‭ ‬هذا‭ ‬الخفض‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬دولة‭ ‬حول‭ ‬العالم،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬عدم‭ ‬التطرق‭ ‬إلى‭ ‬آلية‭ ‬هذا‭ ‬الانتقال‭.‬

وبعد‭ ‬هذه‭ ‬الجولة‭ ‬مع‭ ‬اجتماعات‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬حول‭ ‬التغير‭ ‬المناخي،‭ ‬أُقدم‭ ‬لكم‭ ‬أهم‭ ‬استنتاجاتي‭ ‬المتعلقة‭ ‬بهذه‭ ‬الاجتماعات‭ ‬السنوية،‭ ‬كما‭ ‬يلي‭:‬

أولاً‭: ‬قرارات‭ ‬اجتماعات‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬معقدة‭ ‬وبطيئة‭ ‬جداً‭ ‬لأنها‭ ‬مبنية‭ ‬على‭ ‬إجماع‭ ‬الدول،‭ ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭ ‬فإن‭ ‬هذه‭ ‬القرارات‭ ‬غير‭ ‬ملزمة‭ ‬لأية‭ ‬دولة،‭ ‬فهي‭ ‬طوعية‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬التنفيذ‭. ‬وبالرغم‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬فإن‭ ‬هذه‭ ‬القرارات‭ ‬لا‭ ‬تنفذ‭ ‬في‭ ‬أرض‭ ‬الواقع،‭ ‬والدول‭ ‬الصناعية‭ ‬الكبرى‭ ‬وعلى‭ ‬رأسها‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬عادة‭ ‬لا‭ ‬تعترف‭ ‬بها‭ ‬حسب‭ ‬سيطرة‭ ‬الحزب‭ ‬على‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض،‭ ‬كما‭ ‬حدث‭ ‬لبروتوكول‭ ‬كيوتو،‭ ‬واتفاقية‭ ‬باريس‭. ‬

ثانياً‭: ‬قرارات‭ ‬هذه‭ ‬الاجتماعات‭ ‬لا‭ ‬تتناسب‭ ‬مع‭ ‬عدد‭ ‬الاجتماعات‭ ‬الذي‭ ‬بلغ‭ ‬28‭ ‬اجتماعاً،‭ ‬كما‭ ‬إنها‭ ‬لا‭ ‬تواكب‭ ‬ولا‭ ‬تلحق‭ ‬بسرعة‭ ‬الفساد‭ ‬العام‭ ‬والتدمير‭ ‬المناخي‭ ‬الواسع‭ ‬النطاق‭ ‬الواقع‭ ‬للكرة‭ ‬الأرضية‭ ‬والمجتمعات‭ ‬البشرية‭ ‬الساحلية‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬سخونتها‭ ‬وارتفاع‭ ‬حرارتها‭ ‬والانعكاسات‭ ‬الناجمة‭ ‬عنها،‭ ‬فانبعاثات‭ ‬غازات‭ ‬الدفيئة‭ ‬ارتفعت‭ ‬بمستوى‭ ‬قياسي‭ ‬جديد‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2023‭ ‬مقارنة‭ ‬بالسنوات‭ ‬الماضية،‭ ‬أي‭ ‬قرابة‭ ‬57‭ ‬جيجا‭ ‬طن،‭ ‬مما‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬الكرة‭ ‬الأرضية‭ ‬في‭ ‬طريقها‭ ‬إلى‭ ‬سخونة‭ ‬مرتفعة‭ ‬وشديدة‭ ‬قد‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬قرابة‭ ‬3‭.‬1‭ ‬درجة‭ ‬مئوية‭ ‬بحلول‭ ‬نهاية‭ ‬القرن،‭ ‬حسب‭ ‬تقرير‭ ‬برنامج‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬للبيئة‭ ‬السنوي‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭: ‬‮«‬فجوة‭ ‬الانبعاثات‮»‬Emissions‭ ‬Gap‭ ‬Report‭ ‬2024‭ ‬المنشور‭ ‬في‭ ‬24‭ ‬أكتوبر‭ ‬2024‭. ‬وهذا‭ ‬يعد‭ ‬تجاوزاً‭ ‬صارخاً‭ ‬لأهداف‭ ‬تفاهمات‭ ‬باريس،‭ ‬والتي‭ ‬تعهد‭ ‬فيها‭ ‬قادة‭ ‬العالم‭ ‬بأن‭ ‬يجعلوا‭ ‬حرارة‭ ‬الأرض‭ ‬لا‭ ‬تبلغ‭ ‬2‭ ‬درجة‭ ‬مئوية،‭ ‬وأن‭ ‬تكون‭ ‬سخونة‭ ‬الأرض‭ ‬تقترب‭ ‬فقط‭ ‬في‭ ‬الارتفاع‭ ‬من‭ ‬1‭.‬5‭ ‬درجة‭ ‬مئوية‭.‬

وهكذا‭ ‬تتواصل‭ ‬الاجتماعات‭ ‬السنوية‭ ‬المناخية‭ ‬من‭ ‬مدينة‭ ‬إلى‭ ‬مدينة‭ ‬أخرى‭ ‬حول‭ ‬العالم‭ ‬دون‭ ‬قرارات‭ ‬والتزامات‭ ‬فاعلة‭ ‬وقوية‭ ‬وملزمة‭ ‬للجميع‭ ‬تُوقف‭ ‬المد‭ ‬المتسارع‭ ‬لسخونة‭ ‬الأرض‭ ‬والمردودات‭ ‬الناجمة‭ ‬عنها‭ ‬من‭ ‬ارتفاع‭ ‬لمستوى‭ ‬سطح‭ ‬البحر‭ ‬ونزول‭ ‬الأعاصير‭ ‬والفيضانات‭ ‬المدمرة‭ ‬للبشر‭ ‬والشجر‭ ‬والحجر‭.‬

 

ismail‭.‬almadany@gmail‭.‬com

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا