العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

هو.. سماكم المسلمين من قبل!

بقلم: عبدالرحمن علي البنفلاح

الأحد ٢٧ أكتوبر ٢٠٢٤ - 02:00

الحمد‭ ‬لله‭ ‬أننا‭ ‬مسلمون‮»‬‭ ‬ولَم‭ ‬نكن‭ ‬على‭ ‬ملة‭ ‬أخرى‭ ‬غير‭ ‬ملة‭ ‬الإسلام‭ ‬إذ‭ ‬لو‭ ‬كنا‭ ‬كذلك‭ ‬لا‭ ‬ندري‭ ‬ماذا‭ ‬يكون‭ ‬مصيرنا؟‭.‬

لقد‭ ‬كفر‭ ‬من‭ ‬كان‭ ‬قبلنا‭ ‬رغم‭ ‬ما‭ ‬أظهره‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬على‭ ‬أيدي‭ ‬أنبيائهم‭ ‬من‭ ‬معجزات،‭ ‬ورسول‭ ‬الله‭ ‬محمد‭ (‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭) ‬واحد‭ ‬من‭ ‬هؤلاء‭ ‬الرسل،‭ ‬فكفر‭ ‬به‭ ‬قومه،‭ ‬وناصبوه‭ ‬العداء،‭ ‬وها‭ ‬هو‭ ‬عمه‭ ‬أبو‭ ‬لهب‭ ‬لم‭ ‬يكتف‭ ‬بكفره،‭ ‬بل‭ ‬ناصب‭ ‬ابن‭ ‬أخيه‭ ‬العداء،‭ ‬وقاد‭ ‬حملة‭ ‬‮«‬مسعورة‮»‬‭ ‬ضد‭ ‬ابن‭ ‬أخيه‭ ‬رغم‭ ‬أنه‭ ‬استبشر‭ ‬بمولده،‭ ‬وأعتق‭ ‬الجارية‭ ‬التي‭ ‬بشرته‭ ‬بمولده‭! ‬

لقد‭ ‬قاد‭ ‬أبو‭ ‬لهب‭ ‬حملة‭ ‬ضارية‭ ‬ضد‭ ‬ابن‭ ‬أخيه،‭ ‬واتهمه‭ ‬بالكذب‭ ‬وأقبح‭ ‬الصفات،‭ ‬وكان‭ ‬يحاول‭ ‬صد‭ ‬الناس‭ ‬عنه،‭ ‬ويخذلهم‭ ‬عن‭ ‬نصرته،‭ ‬بل‭ ‬لقد‭ ‬أمر‭ ‬ابنيه‭ ‬أن‭ ‬يطلقا‭ ‬ابنتي‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ (‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭) ‬حتى‭ ‬أن‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬أنزل‭ ‬فيه‭ ‬سورة‭ ‬باسمه‭ ‬هي‭ ‬سورة‭ ‬المسد‭! ‬قال‭ ‬تعالى‭: (‬تبت‭ ‬يدا‭ ‬أبي‭ ‬لهب‭ ‬وتب‭ (‬1‭) ‬ما‭ ‬أغنى‭ ‬عنه‭ ‬ماله‭ ‬وما‭ ‬كسب‭ (‬2‭) ‬سيصلى‭ ‬نارًا‭ ‬ذات‭ ‬لهب‭ (‬3‭) ‬وامرأته‭ ‬حمالة‭ ‬الحطب‭ (‬4‭) ‬في‭ ‬جيدها‭ ‬حبل‭ ‬من‭ ‬مسد‭ (‬5‭)) ‬سورة‭ ‬المسد‭.‬

وحتى‭ ‬يكون‭ ‬الدين‭ ‬خالصًا‭ ‬لله‭ ‬تعالى‭ ‬ظهر‭ ‬في‭ ‬بيوت‭ ‬الأنبياء‭ ‬من‭ ‬كفر‭ ‬بدعوتهم‭ ‬من‭ ‬زوجاتهم‭ ‬مثل‭: ‬زوجة‭ ‬نوح‭ ‬وزوجة‭ ‬لوط،‭ ‬ومن‭ ‬آبائهم‭: ‬أبو‭ ‬الأنبياء‭ ‬إبراهيم‭ (‬عليهم‭ ‬السلام‭)‬،‭ ‬ومن‭ ‬أبناء‭ ‬الأنبياء‭: ‬ابن‭ ‬نبي‭ ‬الله‭ ‬نوح،‭ ‬فلم‭ ‬يستجب‭ ‬له،‭ ‬قال‭ ‬تعالى‭: (‬ونادى‭ ‬نوح‭ ‬ابنه‭ ‬وكان‭ ‬في‭ ‬معزل‭ ‬يا‭ ‬بني‭ ‬اركب‭ ‬معنا‭ ‬ولا‭ ‬تكن‭ ‬مع‭ ‬الكافرين‭ (‬42‭) ‬قال‭ ‬سآوي‭ ‬إلى‭ ‬جبل‭ ‬يعصمني‭ ‬من‭ ‬الماء‭ ‬قال‭ ‬لا‭ ‬عاصم‭ ‬اليوم‭ ‬من‭ ‬أمر‭ ‬الله‭ ‬إلا‭ ‬من‭ ‬رحم‭ ‬وحال‭ ‬بينهما‭ ‬الموج‭ ‬فكان‭ ‬من‭ ‬المغرقين‭ (‬43‭)) ‬سورة‭ ‬هود‭. ‬وقال‭ ‬نبي‭ ‬الله‭ ‬نوح‭ ‬مستشفعًا‭ ‬لابنه‭: (‬ونادى‭ ‬نوح‭ ‬ربه‭ ‬فقال‭ ‬رب‭ ‬إن‭ ‬ابني‭ ‬من‭ ‬أهلي‭ ‬وإن‭ ‬وعدك‭ ‬الحق‭ ‬وأنت‭ ‬أحكم‭ ‬الحاكمين‭) ‬45‭) ‬قال‭ ‬يا‭ ‬نوح‭ ‬إنه‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬أهلك‭ ‬إنه‭ ‬عمل‭ ‬غير‭ ‬صالح‭ ‬فلا‭ ‬تسألني‭ ‬ما‭ ‬ليس‭ ‬لك‭ ‬به‭ ‬علم‭ ‬إني‭ ‬أعظك‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬من‭ ‬الجاهلين‭ (‬46‭)) ‬سورة‭ ‬هود‭. ‬وها‭ ‬هو‭ ‬أبو‭ ‬الأنبياء‭ ‬إبراهيم‭ (‬عليه‭ ‬الصلاة‭ ‬والسلام‭) ‬لما‭ ‬يئس‭ ‬من‭ ‬دعوة‭ ‬أبيه‭ ‬إلى‭ ‬الإسلام‭ ‬وعده‭ ‬بأن‭ ‬يستغفر‭ ‬له‭ ‬ربه،‭ -‬ووعد‭ ‬الأنبياء‭ ‬حق‭- ‬فما‭ ‬بالكم‭ ‬بأبي‭ ‬الأنبياء‭ ‬إبراهيم‭ ‬الذي‭ ‬جعله‭ ‬اللًه‭ ‬تعالى‭ ‬إمامًا‭ ‬للناس،‭ ‬ولما‭ ‬أراد‭ ‬المسلمون‭ ‬الاستغفار‭ ‬لآبائهم‭ ‬وأمهاتهم‭ ‬أسوة‭ ‬بأبي‭ ‬الأنبياء‭ ‬إبراهيم،‭ ‬قال‭ ‬سبحانه‭:) ‬وما‭ ‬كان‭ ‬استغفار‭ ‬إبراهيم‭ ‬لأبيه‭ ‬إلا‭ ‬عن‭ ‬موعدة‭ ‬وعدها‭ ‬إياه‭ ‬فلما‭ ‬تبين‭ ‬له‭ ‬أنه‭ ‬عدو‭ ‬لله‭ ‬تبرأ‭ ‬منه‭ ‬إن‭ ‬إبراهيم‭ ‬لأواه‭ ‬حليم‭) ‬التوبة‭ / ‬114‭.‬

هذا‭ ‬هو‭ ‬موقف‭ ‬القرآن‭ ‬من‭ ‬الأمة‭ ‬التي‭ ‬ختم‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬بها‭ ‬ركب‭ ‬الأمم،‭ ‬وشرفها‭ ‬بأعظم‭ ‬رسول،‭ ‬وختم‭ ‬برسالة‭ ‬الإسلام‭ ‬ركب‭ ‬الرسالات،‭ ‬وختم‭ ‬بالقرآن‭ ‬جميع‭ ‬معجزات‭ ‬الأنبياء‭.‬

وكان‭ ‬من‭ ‬كرامة‭ ‬رسول‭ ‬الإسلام‭ ‬محمد‭ (‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬سلم‭) ‬أن‭ ‬أبا‭ ‬الأنبياء‭ ‬اختار‭ ‬لهذه‭ ‬الأمة‭ ‬اسمًا‭ ‬يدل‭ ‬على‭ ‬العقيدة‭ ‬التي‭ ‬شرفها‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬بها،‭ ‬وهي‭ ‬الإسلام‭ ‬بينما‭ ‬الرسالات‭ ‬الأخرى‭ ‬حملت‭ ‬أسماء‭ ‬الأنبياء،‭ ‬قال‭ ‬تعالى‭: (‬وجاهدوا‭ ‬في‭ ‬الله‭ ‬حق‭ ‬جهاده‭ ‬هو‭ ‬اجتباكم‭ ‬وما‭ ‬جعل‭ ‬عليكم‭ ‬في‭ ‬الدين‭ ‬من‭ ‬حرج‭ ‬ملة‭ ‬أبيكم‭ ‬إبراهيم‭ ‬هو‭ ‬سماكم‭ ‬المسلمين‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬وفِي‭ ‬هذا‭ ‬ليكون‭ ‬الرسول‭ ‬شهيدًا‭ ‬عليكم‭ ‬وتكونوا‭ ‬شهداء‭ ‬على‭ ‬الناس‭ ‬فأقيموا‭ ‬الصلاة‭ ‬وآتوا‭ ‬الزكاة‭ ‬واعتصموا‭ ‬بالله‭ ‬هو‭ ‬مولاكم‭ ‬فنعم‭ ‬المولى‭ ‬ونعم‭ ‬النصير‭) ‬الحج‭ / ‬78‭.‬

أي‭ ‬شرف‭ ‬نالته‭ ‬هذه‭ ‬الأمة‭ ‬حين‭ ‬نحلها‭ ‬أبو‭ ‬الأنبياء‭ ‬اسمًا‭ ‬هو‭ ‬الإسلام‭ ‬دين‭ ‬كملت‭ ‬به‭ ‬الرسالات‭ ‬السماوية،‭ ‬قال‭ ‬تعالى‭ (.. ‬اليوم‭ ‬أكملت‭ ‬لكم‭ ‬دينكم‭ ‬وأتممت‭ ‬عليكم‭ ‬نعمتي‭ ‬ورضيت‭ ‬الإسلام‭ ‬لكم‭ ‬دينًا‮…‬‭) ‬المائدة‭ / ‬3‭.‬

إذًا،‭ ‬فالإسلام‭ ‬الذي‭ ‬ثبتت‭ ‬عقيدته،‭ ‬وكملت‭ ‬شريعته‭ ‬صار‭ ‬يأتي‭ ‬ذكره‭ ‬هو‭ ‬الدين‭ ‬الذي‭ ‬قال‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬عنه‭: (‬إن‭ ‬الدين‭ ‬عند‭ ‬الله‭ ‬الإسلام‭ ‬‮…‬‭) (‬آل‭ ‬عمران‭ / ‬19‭)‬،‭ ‬وهو‭ ‬كذلك‭ ‬الذي‭ ‬قال‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬عنه‭: (‬ومن‭ ‬يبتغ‭ ‬غير‭ ‬الإسلام‭ ‬دينًا‭ ‬فلن‭ ‬يقبل‭ ‬منه‭ ‬وهو‭ ‬في‭ ‬الآخرة‭ ‬من‭ ‬الخاسرين‭) ‬آل‭ ‬عمران‭/ ‬85‭.‬

إذًا،‭ ‬فالإسلام‭ ‬الذي‭ ‬يدعو‭ ‬الرسول‭ ‬محمد‭ (‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭. ‬سلم‭) ‬إليه،‭ ‬هو‭ ‬الإسلام‭ ‬الذي‭ ‬انطوت‭ ‬فيه‭ ‬جميع‭ ‬الرسالات‭ ‬السماوية‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬يشوهها‭ ‬أتباعها‭ ‬بالإضافة‭ ‬والتحريف،‭ ‬والتي‭ ‬تفردت‭ ‬بوصف‭ ‬‮«‬الدين‭ ‬الكامل‭ ‬والنعمة‭ ‬التامة،‭ ‬وصدق‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭: (‬آمن‭ ‬الرسول‭ ‬بما‭ ‬أنزل‭ ‬إليه‭ ‬من‭ ‬ربه‭ ‬والمؤمنون‭ ‬كل‭ ‬آمن‭ ‬بالله‭ ‬وملائكته‭ ‬وكتبه‭ ‬ورسله‭ ‬لا‭ ‬نفرق‭ ‬بين‭ ‬أحدٍ‭ ‬من‭ ‬رسله‭ ‬وقالوا‭ ‬سمعنا‭ ‬وأطعنا‭ ‬غفرانك‭ ‬ربنا‭ ‬وإليك‭ ‬المصير‭) ‬البقرة‭ / ‬285‭. ‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا