سبق وأن أشرنا في السابق وفي أكثر من مناسبة إلى أن مدن وقرى مملكة البحرين تعاني من ازدحامات في الشوارع والطرقات تزايدت وتفاقمت خلال الفترة الأخيرة ولكن العودة إلى هذا الموضوع مرة أخرى تبرره عدة أسباب منها:
1- ما يتعلق بتخطيط المدن التي يزداد عددها والحمد لله سواء ما تنجزه الدولة من خلال وزارة الإسكان وبرامج الاعمار العديدة التي تنفذها على امتداد خارطة البحرين أو على مستوى القطاع الخاص الذي يستثمر في المجال العقاري للتعمير في مختلف المناطق سواء ببناء البيوت والفلل أو الشقق أو المجمعات التجارية والخدمية وغيرها، أو ما ينجزه الأفراد من مساكن ومبانٍ بجهودهم الذاتية كل هذه الجهود واضحة للعيان إذا قورنت بالأوضاع السكنية والإنسانية قبل عشر أو عشرين سنة فهنالك طفرة عمرانية كبيرة وملموسة نشاهدها في كل مكان من مملكة البحرين تقريبا مما يعني زيادة في الطلب وارتفاع لعدد السكان من مواطنين ومقيمين ولكن هذه الجهود الكبيرة وهذه الأعمال المحمودة وهذه النهضة العمرانية التي نفتخر بها لا توازيها ولا تتبعها في الغالب نهضة على صعيد الشوارع والطرقات رغم الجهود التي تبذل من قبل الجهات المختصة في الدولة إلا أن التسارع العمراني يسبقها ويجعلها غير قادرة على استيعاب ما ينتجه الإعمار بكل أشكاله خصوصا مسألة الازدحام المروري حيث تعج البحرين بالسيارات التي تجوب الشوارع والطرقات.
2- ما يرتبط بجهود وزارة الأشغال باعتبارها الجهة المسؤولة عن إنجاز الطرق وتطوير الجسور استجابة إلى حركة الإعمار مما يجعلها موجودة في عديد من الشوارع والطرقات في أغلب مناطق البحرين لعمل التعديلات والإضافات والتوزيعات والتطويرات وبناء الطرق والشوارع الجديدة خصوصا في المدن الجديدة والتي تستمر إلى عدة أشهر أو حتى أكثر من سنة وهي جهود مشكورة ومقدرة لكنها تزيد من مشكلة الازدحام المروري في المناطق التي تتم فيها عمليات الإنشاء.
تلك إذن بعض المظاهر التي تثير بشكل جدي مسألة عدم كفاية التخطيط أو نقص في التنسيق بين الجهات المختلفة خاصة وزارات الإسكان والأشغال والبلديات وذك لأن إنشاء أي مدن جديدة أو مجمعات سكنية من المفترض ان يواكبها منذ البداية تخطيط بين هذه الجهات بما ينعكس على الشوارع والطرقات والإشارات الضوئية وغيرها من مستلزمات الطرق فلا يعقل على سبيل المثال أن يتم إنشاء مدينة ولا يتم في نفس الوقت وقبل توزيع الوحدات السكنية على المواطنين تخطيط المدن والمجمعات السكنية مثلما يتم عند إنشاء المدن والمجمعات يجب أن يوازيها بناء المدارس والمراكز الصحية وشبكات الصرف الصحي وإمدادات الكهرباء والماء والطرقات الداخلية التي من المفترض أن يستخدمها المواطنون والإنارة بحيث تكون مدنًا متكاملة منذ البداية وجاهزة ولا تحتاج إلى تعديلات أو إضافات كثيرة مستقبلية حتى نتجنب مشكلة الازدحام، ولذلك لابد من إعادة النظر في هذا الموضوع على مستوى التخطيط المسبق لتسهيل حركة المرور والحد من الازدحام لتكمل جهود رجال المرور التي يبذلونها مشكورين على مدار الساعة ولولاهم لكانت الأمور أكثر تعقيدا كما إن إنشاء المزيد من الجسور هو جهد مقدر ولكن التأخر في الإنجاز أصبح يشكل مشكلة مرورية.
إن التخطيط ثم التخطيط أمر مهم وأساسي ليس فقط في المجال العقاري والإنشاءات والطرق، ولكن حتى في مجال إنشاء المنشآت التعليمية بمراحلها المختلفة وتوزيعها بشكل متوازن بحيث تكون بعيدة عن بعضها البعض وليس كما هو الحال في بعض مناطق البحرين وخصوصا المنطقة التعليمية بمدينة عيسى للتخفيف من الازدحام وتكدس المركبات خلال فترة الذروة والتي تزداد فيها هذه المشكلة تعقيدا.
كل هذه الملاحظات وغيرها تدعونا مجددا إلى الإلحاح وإعادة تأكيد أهمية التخطيط المسبق تجنبا لما يحدث من مشكلات لاحقا.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك