العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

القمة الخليجية - الأوروبية.. دبلوماسية مشتركة في مواجهة التحديات

مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية

الأربعاء ٢٣ أكتوبر ٢٠٢٤ - 02:00

في‭ ‬16‭ ‬أكتوبر‭ ‬الجاري،‭ ‬عُقدت‭ ‬القمة‭ ‬الخليجية‭ ‬الأوروبية‭ ‬الأولى‭ ‬في‭ ‬بروكسل‭ ‬التي‭ ‬تعتبر‭ ‬امتدادا‭ ‬للتعاون‭ ‬المستمر‭ ‬بين‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬والاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬منذ‭ ‬اتفاقية‭ ‬التعاون‭ ‬لعام‭ ‬1988‭ ‬وتدشين‭ ‬العلاقات‭ ‬الرسمية‭ ‬في‭ ‬1989،‭ ‬حيث‭ ‬جاءت‭ ‬في‭ ‬توقيت‭ ‬دقيق‭ ‬يتزامن‭ ‬مع‭ ‬تصاعد‭ ‬الصراع‭ ‬في‭ ‬أوروبا‭ ‬على‭ ‬خلفية‭ ‬الحرب‭ ‬الأوكرانية،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬التحديات‭ ‬الكبيرة‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬على‭ ‬رأسها‭ ‬الحرب‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬المستمرة‭ ‬على‭ ‬قطاع‭ ‬غزة،‭ ‬التي‭ ‬خلفت‭ ‬دمارا‭ ‬واسعا،‭ ‬بسبب‭ ‬سياسات‭ ‬يمينية‭ ‬متطرفة‭ ‬تتجاهل‭ ‬القوانين‭ ‬الدولية،‭ ‬وسط‭ ‬مخاوف‭ ‬من‭ ‬امتداد‭ ‬هذا‭ ‬الصراع‭ ‬ليطول‭ ‬لبنان،‭ ‬مهددا‭ ‬بمصير‭ ‬مماثل‭.‬

ونتيجة‭ ‬لهذه‭ ‬التحديات،‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬الطبيعي‭ ‬أن‭ ‬يتصدر‭ ‬الملف‭ ‬السياسي‭ ‬والأمني‭ ‬جدول‭ ‬أعمال‭ ‬القمة‭ ‬الخليجية‭ ‬الأوروبية‭ ‬الأولى،‭ ‬التي‭ ‬شهدت‭ ‬حضورًا‭ ‬غير‭ ‬مسبوق‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬التمثيل‭ ‬الرسمي،‭ ‬بمشاركة‭ ‬33‭ ‬رئيس‭ ‬دولة‭ ‬ورئيس‭ ‬وزراء،‭ ‬فيما‭ ‬تعد‭ ‬هذه‭ ‬القمة‭ ‬خطوة‭ ‬نحو‭ ‬بناء‭ ‬شراكة‭ ‬استراتيجية‭ ‬للقرن‭ ‬الـ21،‭ ‬ترتكز‭ ‬على‭ ‬المصالح‭ ‬المشتركة‭ ‬والعلاقات‭ ‬التاريخية‭ ‬بين‭ ‬الطرفين،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الأهمية‭ ‬العالمية‭ ‬للاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬على‭ ‬الصعيد‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬والأمني‭ ‬والاقتصادي،‭ ‬ودور‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬الحيوي‭ ‬في‭ ‬أمن‭ ‬الطاقة‭ ‬العالمي،‭ ‬وتمتعها‭ ‬بموقع‭ ‬استراتيجي‭ ‬وسط‭ ‬العالم‭ ‬القديم،‭ ‬وعلاقات‭ ‬ممتدة‭ ‬شرقًا‭ ‬وغربًا‭ ‬مع‭ ‬القوى‭ ‬الدولية‭ ‬الكبرى‭. ‬

وقد‭ ‬انعقدت‭ ‬‮«‬القمة‮»‬،‭ ‬برئاسة‭ ‬مشتركة‭ ‬بين‭ ‬أمير‭ ‬قطر،‭ ‬الشيخ‭ ‬‮«‬تميم‭ ‬بن‭ ‬حمد‭ ‬آل‭ ‬ثاني‮»‬،‭ ‬ورئيس‭ ‬المجلس‭ ‬الأوروبي‭ ‬‮«‬شارل‭ ‬ميشيل‮»‬،‭ ‬وتناولت‭ ‬عدة‭ ‬ملفات‭ ‬سياسية،‭ ‬وأمنية،‭ ‬واقتصادية‭ ‬وتجارية،‭ ‬وتضمنت‭ ‬المناقشات‭ ‬التطورات‭ ‬الإقليمية‭ ‬والدولية،‭ ‬وأطر‭ ‬الأمن‭ ‬والاستقرار‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬والوضع‭ ‬في‭ ‬البحر‭ ‬الأحمر،‭ ‬ولبنان،‭ ‬وإيران،‭ ‬ومحاولة‭ ‬إيجاد‭ ‬لغة‭ ‬مشتركة‭ ‬بين‭ ‬الجانبين‭ ‬الخليجي‭ ‬والأوروبي،‭ ‬بشأن‭ ‬المسائل‭ ‬الجيوسياسية‭ ‬الكبرى،‭ ‬مثل‭ ‬الحرب‭ ‬الروسية‭ ‬على‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬ومنع‭ ‬تصاعد‭ ‬الأزمات‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭.‬

وعليه،‭ ‬كانت‭ ‬الأوضاع‭ ‬المتوترة‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬محورا‭ ‬رئيسيا‭ ‬في‭ ‬كلمات‭ ‬رؤساء‭ ‬الوفود‭ ‬خلال‭ ‬القمة‭. ‬ففي‭ ‬حين‭ ‬أكد‭ ‬أمير‭ ‬‮«‬قطر‮»‬،‭ ‬أهمية‭ ‬القمة‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬التعاون‭ ‬بين‭ ‬الجانبين،‭ ‬مثمنًا‭ ‬اعتماد‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬وثيقة‭ ‬الشراكة‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬الخليج؛‭ ‬فقد‭ ‬طالب‭ ‬بوقف‭ ‬إطلاق‭ ‬نار‭ ‬فوري‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬ولبنان،‭ ‬ووقف‭ ‬استفزازات‭ ‬المستوطنين‭ ‬المدعومين‭ ‬من‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية،‭ ‬وتطبيق‭ ‬القرار‭ ‬الأممي‭ ‬‮«‬1701‮»‬،‭ ‬بين‭ ‬لبنان‭ ‬وإسرائيل،‭ ‬مؤكدا‭ ‬الحاجة‭ ‬الملحة‭ ‬لإيجاد‭ ‬تسوية‭ ‬شاملة،‭ ‬وأن‭ ‬يكون‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬بداية‭ ‬عملية‭ ‬تفاوضية،‭ ‬تؤدي‭ ‬إلى‭ ‬حل‭ ‬عادل‭ ‬لإقامة‭ ‬الدولة‭ ‬الفلسطينية‭. ‬

وفي‭ ‬كلمته،‭ ‬نيابة‭ ‬عن‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬‮«‬حمد‭ ‬بن‭ ‬عيسى‭ ‬آل‭ ‬خليفة‮»‬،‭ ‬شدد‭ ‬سمو‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء‭ ‬الأمير‭ ‬‮«‬سلمان‭ ‬بن‭ ‬حمد‭ ‬آل‭ ‬خليفة‮»‬،‭ ‬على‭ ‬أهمية‭ ‬التواصل‭ ‬الخليجي‭ ‬الأوروبي‭ ‬لتحقيق‭ ‬الاستقرار‭ ‬والازدهار،‭ ‬وطالب‭ ‬بضرورة‭ ‬الوقف‭ ‬الفوري‭ ‬لإطلاق‭ ‬النار‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬مؤكدا‭ ‬الموقف‭ ‬البحريني‭ ‬الثابت‭ ‬بضرورة‭ ‬إقامة‭ ‬دولة‭ ‬فلسطينية‭ ‬مستقلة‭ ‬وعاصمتها‭ ‬القدس‭ ‬الشريف‭.‬

ودعا‭ ‬في‭ ‬كلمته‭ ‬إلى‭ ‬إجراء‭ ‬إصلاحات‭ ‬شاملة‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬المؤسسات‭ ‬العالمية‭ ‬كاملة‭ ‬بالأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬وبمجلس‭ ‬الأمن‭ ‬التابع‭ ‬لها،‭ ‬وبصندوق‭ ‬النقد‭ ‬والبنك‭ ‬الدوليين؛‭ ‬وضمان‭ ‬الدور‭ ‬الفاعل‭ ‬والمؤثر‭ ‬لهذه‭ ‬المؤسسات‭ ‬بكل‭ ‬عدالة‭.‬

ومن‭ ‬الجدير‭ ‬بالذكر‭ ‬أن‭ ‬كلمة‭ ‬سمو‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬في‭ ‬القمة‭ ‬كانت‭ ‬تعبيرا‭ ‬صادقا‭ ‬عن‭ ‬سياسة‭ ‬البحرين‭ ‬الخارجية،‭ ‬وخطها‭ ‬الثابت‭ ‬بالسعي‭ ‬لتحقيق‭ ‬السلام‭ ‬والاستقرار‭ ‬العالمي،‭ ‬وهي‭ ‬السياسة‭ ‬التي‭ ‬أبرزت‭ ‬صورتها‭ ‬كداعية‭ ‬للسلام،‭ ‬ومساندة‭ ‬لجميع‭ ‬القضايا‭ ‬العادلة‭ ‬في‭ ‬العالم‭.‬

فيما‭ ‬أكدت‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬تعزيز‭ ‬التعاون‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬مع‭ ‬أوروبا‭ ‬في‭ ‬الاقتصاد‭ ‬والأمن،‭ ‬وشددت‭ ‬على‭ ‬أهمية‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة،‭ ‬والتغير‭ ‬المناخي،‭ ‬وأمن‭ ‬الطاقة،‭ ‬والاستقرار‭ ‬الإقليمي؛‭ ‬فقد‭ ‬دعت‭ ‬إلى‭ ‬إيجاد‭ ‬حلول‭ ‬سلمية‭ ‬للأزمات‭ ‬والصراعات‭ ‬بشكل‭ ‬عاجل‭. ‬ومع‭ ‬طرح‭ ‬‮«‬السعودية‮»‬،‭ ‬مبادرات‭ ‬تتعلق‭ ‬بتعزيز‭ ‬التعاون‭ ‬الأمني‭ ‬والاقتصادي‭ ‬مع‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي؛‭ ‬فقد‭ ‬أكدت‭ ‬أهمية‭ ‬تحقيق‭ ‬أمن‭ ‬واستقرار‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬ودعم‭ ‬الحلول‭ ‬السلمية‭ ‬للأزمات‭ ‬الإقليمية،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬وضرورة‭ ‬تطبيق‭ ‬حل‭ ‬الدولتين،‭ ‬استنادًا‭ ‬إلى‭ ‬مبادرة‭ ‬السلام‭ ‬العربية،‭ ‬وتعزيز‭ ‬الاستقرار‭ ‬عبر‭ ‬الوساطة،‭ ‬والمبادرات‭ ‬الدبلوماسية‭. ‬كما‭ ‬أكدت‭ ‬‮«‬الكويت‮»‬،‭ ‬أهمية‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬الأوروبي‭ ‬لتعزيز‭ ‬أمن‭ ‬واستقرار‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬وضرورة‭ ‬دعم‭ ‬الحلول‭ ‬السلمية‭ ‬والالتزام‭ ‬بالقانون‭ ‬الدولي‭ ‬وقرارات‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬وأهمية‭ ‬دعم‭ ‬المبادرات‭ ‬التي‭ ‬تعزز‭ ‬الأمن‭ ‬الجماعي‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭. ‬واستمرارا،‭ ‬شددت‭ ‬سلطنة‭ ‬‮«‬عمان‮»‬،‭ ‬على‭ ‬أهمية‭ ‬الحوار‭ ‬والتعاون‭ ‬بين‭ ‬الجانبين‭ ‬لتعزيز‭ ‬الأمن‭ ‬والاستقرار‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬عبر‭ ‬الالتزام‭ ‬بالقانون‭ ‬الدولي‭ ‬والقرارات‭ ‬الأممية،‭ ‬مؤكدة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الشأن‭ ‬دورها‭ ‬كوسيط‭ ‬في‭ ‬حل‭ ‬النزاعات،‭ ‬وتخفيف‭ ‬التوترات‭ ‬الإقليمية،‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬ضمان‭ ‬الاستقرار‭ ‬والتنمية‭ ‬المستدامة‭.‬

وفي‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬أشار‭ ‬تقرير‭ ‬‮«‬المجلس‭ ‬الأوروبي‭ ‬للعلاقات‭ ‬الخارجية‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬‮«‬القمة‮»‬،‭ ‬تمثل‭ ‬‮«‬فرصة‭ ‬لتعزيز‭ ‬الترابط‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬الخليج‮»‬‭ ‬والذي‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬حاجة‭ ‬إليه‭ ‬منذ‭ ‬فترة‭ ‬طويلة‭ ‬لتعزيز‭ ‬العلاقات،‭ ‬وأن‭ ‬كافة‭ ‬الأطراف‭ ‬تعقد‭ ‬آمالاً‭ ‬كبيرة‭ ‬عليه‭ ‬لتعزيز‭ ‬التعاون‭ ‬القطاعي،‭ ‬وينظر‭ ‬إليه‭ ‬ساسة‭ ‬أوروبا‭ ‬باعتباره‭ ‬‮«‬منصة‭ ‬رئيسية‭ ‬لتعزيز‭ ‬التبادل‭ ‬الاستراتيجي‮»‬‭. ‬وأكد‭ ‬التقرير‭ ‬أيضا‭ ‬أن‭ ‬ملف‭ ‬تحرير‭ ‬التجارة‭ ‬يعد‭ ‬من‭ ‬أبرز‭ ‬الملفات‭ ‬الجيواقتصادية‭ ‬المطروحة،‭ ‬حيث‭ ‬سبق‭ ‬للاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬أن‭ ‬بدأ‭ ‬العام‭ ‬الماضي‭ ‬محاولة‭ ‬إحياء‭ ‬مفاوضات‭ ‬التجارة‭ ‬الحرة‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬الخليج،‭ ‬وكان‭ ‬من‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬هذه‭ ‬القمة‭ ‬انطلاقة‭ ‬لاتفاقية‭ ‬تحرير‭ ‬التجارة‭ ‬بين‭ ‬الطرفين،‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تُستكمل‭ ‬باتفاقات‭ ‬ثنائية‭ ‬قطاعية‭ ‬أكثر‭ ‬تحديدًا‭ ‬عبر‭ ‬الشراكة‭ ‬الاستراتيجية،‭ ‬وخاصة‭ ‬مع‭ ‬كبر‭ ‬حجم‭ ‬التجارة‭ ‬بين‭ ‬الجانبين‭ ‬الذي‭ ‬بلغ‭ ‬العام‭ ‬الماضي‭ ‬204‭.‬3‭ ‬مليارات‭ ‬دولار،‭ ‬أغلبها‭ ‬صادرات‭ ‬خليجية‭ ‬بلغت‭ ‬106‭.‬3‭ ‬مليارات‭ ‬دولار‭.‬

ومن‭ ‬المعلوم‭ ‬أن‭ ‬‮«‬إعلان‭ ‬الشراكة‭ ‬الاستراتيجية‮»‬‭ ‬في‭ ‬مايو‭ ‬2022‭ ‬قد‭ ‬مهد‭ ‬لهذه‭ ‬القمة،‭ ‬وعزز‭ ‬من‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬الأوروبي،‭ ‬باعتباره‭ ‬نقلة‭ ‬نوعية‭ ‬وإطارًا‭ ‬عمليًا‭ ‬يعكس‭ ‬التزام‭ ‬الجانبين‭ ‬بالتعاون‭ ‬لمواجهة‭ ‬التحديات‭ ‬الإقليمية‭ ‬والدولية،‭ ‬حيث‭ ‬ركز‭ ‬على‭ ‬تعزيز‭ ‬التعاون‭ ‬السياسي،‭ ‬والأمني،‭ ‬والاقتصادي‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬التغيرات‭ ‬العالمية‭ ‬المتسارعة‭. ‬وفي‭ ‬ظل‭ ‬الصراعات‭ ‬الراهنة‭ ‬في‭ ‬أوروبا‭ ‬والشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬باتت‭ ‬الحاجة‭ ‬ملحة‭ ‬لاستجابة‭ ‬منسقة‭ ‬من‭ ‬الطرفين‭ ‬للتصدي‭ ‬للتحديات‭ ‬المشتركة،‭ ‬وتعزيز‭ ‬الجهود‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬لضمان‭ ‬الأمن‭ ‬والاستقرار‭ ‬على‭ ‬المستويين‭ ‬الإقليمي‭ ‬والدولي‭.‬

علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬مثل‭ ‬انعقاد‭ ‬المنتدى‭ ‬الرفيع‭ ‬المستوى‭ ‬بين‭ ‬الجانبين‭ ‬في‭ ‬22‭ ‬أبريل‭ ‬2024‭ ‬في‭ ‬لوكسبورج،‭ ‬التزامهما‭ ‬بتعزيز‭ ‬هذا‭ ‬التعاون،‭ ‬وخصوصًا‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بمكافحة‭ ‬الإرهاب،‭ ‬وتأمين‭ ‬الملاحة‭ ‬البحرية‭ ‬والهجرة‭ ‬غير‭ ‬الشرعية‭. ‬وجاء‭ ‬هذا‭ ‬الحوار‭ ‬بناءً‭ ‬على‭ ‬قرار‭ ‬المجلس‭ ‬الوزاري‭ ‬المشترك‭ ‬لتأسيس‭ ‬منصة‭ ‬تتناول‭ ‬تيسير‭ ‬الجهود‭ ‬بشأن‭ ‬القضايا‭ ‬الإقليمية‭ ‬والدولية،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الانتشار‭ ‬النووي،‭ ‬والطائرات‭ ‬المسيرة،‭ ‬والأمن‭ ‬البحري،‭ ‬والأمن‭ ‬السيبراني،‭ ‬ومكافحة‭ ‬الإرهاب،‭ ‬والجريمة‭ ‬المنظمة،‭ ‬والهجرة‭ ‬غير‭ ‬الشرعية،‭ ‬وأمن‭ ‬الطاقة،‭ ‬والإمدادات‭ ‬الغذائية‭.‬

إضافة‭ ‬إلى‭ ‬هذا،‭ ‬يمثل‭ ‬الحوار‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬الذي‭ ‬ينعقد‭ ‬بصفة‭ ‬منتظمة‭ ‬بين‭ ‬الجانبين‭ ‬منذ‭ ‬تأسيسه‭ ‬في‭ ‬2003،‭ ‬‮«‬منصة‭ ‬مهمة‮»‬،‭ ‬لتعزيز‭ ‬التعاون‭ ‬الاقتصادي‭ ‬بين‭ ‬المجموعتين،‭ ‬حيث‭ ‬يهدف‭ ‬إلى‭ ‬تنفيذ‭ ‬برنامج‭ ‬العمل‭ ‬المشترك،‭ ‬الذي‭ ‬يسهل‭ ‬مناقشة‭ ‬القضايا‭ ‬الاقتصادية،‭ ‬وينسق‭ ‬السياسات‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬التحديات‭ ‬الجيوسياسية‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬تبقى‭ ‬الطموحات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬رهينة‭ ‬الأمن‭ ‬والسلام،‭ ‬كما‭ ‬أكدت‭ ‬رئيسة‭ ‬المفوضية‭ ‬الأوروبية‭ ‬في‭ ‬كلمتها،‭ ‬مشددة‭ ‬على‭ ‬دعم‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬لحل‭ ‬الدولتين،‭ ‬والالتزام‭ ‬بهذا‭ ‬المسار‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تحقيق‭ ‬سلام‭ ‬دائم‭.‬

وفي‭ ‬إدراك‭ ‬لذلك،‭ ‬تصدرت‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬‮«‬البيان‭ ‬الختامي‮»‬‭ ‬للقمة،‭ ‬حيث‭ ‬دعا‭ ‬إلى‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬ولبنان،‭ ‬والتنفيذ‭ ‬الكامل‭ ‬لقرار‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬رقم‭ ‬2735،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬إطلاق‭ ‬سراح‭ ‬الرهائن‭ ‬والأسرى‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬والوصول‭ ‬الفوري‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬عوائق‭ ‬للمساعدات‭ ‬الإنسانية‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬قطاع‭ ‬غزة،‭ ‬وفتح‭ ‬جميع‭ ‬المعابر،‭ ‬كما‭ ‬دعم‭ ‬جهود‭ ‬الأونروا،‭ ‬والوساطة‭ ‬التي‭ ‬تتولاها‭ ‬قطر،‭ ‬ومصر،‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬وطلب‭ ‬الالتزام‭ ‬بالقانون‭ ‬الدولي‭ ‬والقانون‭ ‬الدولي‭ ‬الإنساني،‭ ‬وأوامر‭ ‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية،‭ ‬مؤكدا‭ ‬حق‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬في‭ ‬تقرير‭ ‬مصيره‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬حل‭ ‬الدولتين،‭ ‬لتعيش‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬إسرائيل‭ ‬وفلسطين‭ ‬جنبًا‭ ‬إلى‭ ‬جنب‭ ‬في‭ ‬سلام،‭ ‬ضمن‭ ‬حدود‭ ‬آمنة‭ ‬معترف‭ ‬بها‭ ‬وفقًا‭ ‬لحدود‭ ‬1967،‭ ‬بما‭ ‬يتماشى‭ ‬مع‭ ‬القانون‭ ‬الدولي،‭ ‬وقرارات‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬ومبادرة‭ ‬السلام‭ ‬العربية‭ ‬لعام‭ ‬2002،‭ ‬داعيا‭ ‬إلى‭ ‬دعم‭ ‬السلطة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬في‭ ‬خططها‭ ‬الإصلاحية،‭ ‬ووقف‭ ‬الأعمال‭ ‬التي‭ ‬تضعفها‭.‬

وفي‭ ‬تأكيد‭ ‬هذا،‭ ‬أدان‭ ‬البيان‭ ‬عنف‭ ‬المستوطنين‭ ‬المستمر‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬والقدس‭ ‬الشرقية،‭ ‬وكذلك‭ ‬قرارات‭ ‬الحكومة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬بتوسيع‭ ‬المستوطنات،‭ ‬وإضفاء‭ ‬الشرعية‭ ‬على‭ ‬البؤر‭ ‬الاستيطانية،‭ ‬وحث‭ ‬إسرائيل‭ ‬على‭ ‬التراجع‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬القرارات،‭ ‬والوقف‭ ‬الفوري‭ ‬لجميع‭ ‬التدابير‭ ‬الأحادية‭ ‬التي‭ ‬تقوض‭ ‬آفاق‭ ‬السلام،‭ ‬مثل‭ ‬الأنشطة‭ ‬الاستيطانية،‭ ‬ومصادرة‭ ‬الأراضي،‭ ‬وتشريد‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬وانتهاكات‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭. ‬كما‭ ‬أدان‭ ‬جميع‭ ‬أشكال‭ ‬العنف‭ ‬والتحريض‭ ‬عليه،‭ ‬رافضا‭ ‬الخسائر‭ ‬في‭ ‬أرواح‭ ‬المدنيين،‭ ‬وخاصة‭ ‬الأطفال،‭ ‬والمستويات‭ ‬الكارثية‭ ‬للجوع‭ ‬وخطر‭ ‬المجاعة‭ ‬الوشيك‭ ‬بسبب‭ ‬نقص‭ ‬المساعدات،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬الاعتداءات‭ ‬على‭ ‬العاملين‭ ‬في‭ ‬المجال‭ ‬الإنساني‭. ‬

وفيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالوضع‭ ‬في‭ ‬لبنان،‭ ‬دعا‭ ‬إلى‭ ‬وقف‭ ‬فوري‭ ‬لإطلاق‭ ‬النار،‭ ‬وتكثيف‭ ‬الجهود‭ ‬لتقديم‭ ‬المساعدات‭ ‬الإنسانية‭ ‬العاجلة،‭ ‬مع‭ ‬التأكيد‭ ‬على‭ ‬تنفيذ‭ ‬قرار‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬1701،‭ ‬والقرارات‭ ‬الدولية‭ ‬ذات‭ ‬الصلة‭ ‬واتفاق‭ ‬الطائف،‭ ‬لاستعادة‭ ‬الأمن‭ ‬والاستقرار‭ ‬الدائمين‭ ‬في‭ ‬لبنان‭.‬

وتحقيقا‭ ‬لهذه‭ ‬الغاية،‭ ‬أكد‭ ‬البيان‭ ‬أهمية‭ ‬إطلاق‭ ‬حوار‭ ‬إقليمي‭ ‬بين‭ ‬دول‭ ‬الخليج،‭ ‬والاتحاد‭ ‬الأوروبي؛‭ ‬لتعزيز‭ ‬الأمن‭ ‬والاستقرار،‭ ‬واستضافة‭ ‬السعودية‭ ‬النسخة‭ ‬الثانية‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬القمة‭ ‬في‭ ‬2026،‭ ‬والالتزام‭ ‬بمواصلة‭ ‬مفاوضات‭ ‬إعفاء‭ ‬المواطنين‭ ‬الخليجيين‭ ‬من‭ ‬تأشيرة‭ ‬تشنجن،‭ ‬فيما‭ ‬أشاد‭ ‬بالجهود‭ ‬السعودية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬دفع‭ ‬الأطراف‭ ‬اليمنية‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬حل‭ ‬سلمي‭ ‬للأزمة‭ ‬اليمنية،‭ ‬ومبادرة‭ ‬المملكة‭ ‬إطلاق‭ ‬تحالف‭ ‬لدعم‭ ‬حل‭ ‬الدولتين،‭ ‬وأكد‭ ‬أهمية‭ ‬حرية‭ ‬الملاحة‭ ‬في‭ ‬البحر‭ ‬الأحمر‭. ‬فيما‭ ‬أعلنت‭ ‬‮«‬القمة‮»‬،‭ ‬إطلاق‭ ‬حوار‭ ‬لتسهيل‭ ‬التجارة‭ ‬والاستثمار‭ ‬بين‭ ‬الجانبين،‭ ‬ومواصلة‭ ‬المفاوضات‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬اتفاقية‭ ‬تجارة‭ ‬حرة،‭ ‬والالتزام‭ ‬بتعزيز‭ ‬الشراكة‭ ‬الاستراتيجية،‭ ‬والارتقاء‭ ‬بها‭ ‬إلى‭ ‬أعلى‭ ‬المستويات‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬الاحترام‭ ‬والثقة‭ ‬والمتبادلة‭.‬

على‭ ‬العموم،‭ ‬تصدرت‭ ‬الأحداث‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬فلسطين‭ ‬ولبنان،‭ ‬أعمال‭ ‬القمة‭ ‬الخليجية‭ ‬الأوروبية،‭ ‬حيث‭ ‬شدد‭ ‬البيان‭ ‬الختامي‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬وقف‭ ‬التصعيد،‭ ‬وتبني‭ ‬حل‭ ‬شامل‭ ‬يعيد‭ ‬الاستقرار‭ ‬إلى‭ ‬المنطقة،‭ ‬وفق‭ ‬القانون‭ ‬الدولي،‭ ‬وقرارات‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬فيما‭ ‬شكلت‭ ‬هذه‭ ‬القمة‭ ‬جزءا‭ ‬مهما‭ ‬من‭ ‬الجهد‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬الذي‭ ‬تقوم‭ ‬به‭ ‬المجموعة‭ ‬الخليجية‭ ‬منذ‭ ‬بداية‭ ‬العدوان‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬في‭ ‬7‭ ‬أكتوبر‭ ‬2023،‭ ‬مروراً‭ ‬بالقمة‭ ‬العربية‭ ‬الإسلامية‭ ‬التي‭ ‬استضافتها‭ ‬الرياض‭ ‬في‭ ‬11‭ ‬نوفمبر‭ ‬من‭ ‬نفس‭ ‬العام،‭ ‬والتي‭ ‬هدفت‭ ‬إلى‭ ‬حشد‭ ‬الدعم‭ ‬الدولي‭ ‬لوقف‭ ‬العدوان،‭ ‬وإعادة‭ ‬تفعيل‭ ‬مسار‭ ‬حل‭ ‬الدولتين،‭ ‬وامتداد‭ ‬هذه‭ ‬الجهود‭ ‬إلى‭ ‬الساحة‭ ‬الدولية،‭ ‬عبر‭ ‬الضغط‭ ‬لتوسيع‭ ‬نطاق‭ ‬المساعدات،‭ ‬ومنع‭ ‬تفاقم‭ ‬الأعمال‭ ‬العدائية،‭ ‬ومن‭ ‬أبرز‭ ‬هذه‭ ‬الجهود‭ ‬مبادرة‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬في‭ ‬القمة‭ ‬العربية‭ ‬33،‭ ‬بالدعوة‭ ‬إلى‭ ‬عقد‭ ‬مؤتمر‭ ‬دولي‭ ‬للسلام‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسطـ،‭ ‬وما‭ ‬أعلنه‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬السعودي‭ ‬الأمير‭ ‬‮«‬فيصل‭ ‬بن‭ ‬فرحان‮»‬،‭ ‬في‭ ‬سبتمبر‭ ‬الماضي‭ ‬عن‭ ‬إطلاق‭ ‬‮«‬التحالف‭ ‬الدولي‭ ‬لتنفيذ‭ ‬حل‭ ‬الدولتين‮»‬،‭ ‬خلال‭ ‬الاجتماع‭ ‬الوزاري‭ ‬بالأمم‭ ‬المتحدة‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا