العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

أزمة الرئيس الأمريكي بايدن بعد انسحابه من سباق الانتخابات الرئاسية

بقلم: د. أسعد عبدالرحمن

الأربعاء ٢٣ أكتوبر ٢٠٢٤ - 02:00

منذ‭ ‬إعلانه‭ ‬عدم‭ ‬ترشحه‭ ‬لفترة‭ ‬رئاسية‭ ‬ثانية،‭ ‬بات‭ ‬الرئيس‭ ‬بايدن‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬يوصف‭ ‬فيه‭ ‬بـ«البطة‭ ‬العرجاء‮»‬‭ ‬بل‭ ‬‮«‬البطة‭ ‬المكرسحة‮»‬‭ ‬‭ ‬أي‭ ‬إنه‭ ‬رئيس‭ ‬ضعيف‭ ‬النفوذ‭ ‬في‭ ‬آخر‭ ‬أو‭ ‬أرذل‭ ‬فترة‭ ‬ولايته‭. ‬وكان‭ ‬من‭ ‬شأن‭ ‬هذا‭ ‬الوضع‭ ‬أن‭ ‬يمنحه‭ ‬حرية‭ ‬أكبر‭ ‬لاتخاذ‭ ‬قرارات‭ ‬حاسمة‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬الاهتمام‭ ‬بالضغوط‭ ‬الانتخابية‭ ‬الداخلية،‭ ‬لو‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬حبيسا‭ ‬لالتزام‭ ‬السعي‭ ‬لإنجاح‭ ‬كاميلا‭ ‬هاريس‭ ‬في‭ ‬الانتخابات‭ ‬الرئاسية‭ ‬الوشيكة،‭ ‬وأيضاً‭ (‬وهو‭ ‬ربما‭ ‬الأهم‭) ‬الالتزام‭ ‬بالتحالف‭ ‬الوثيق‭ ‬بين‭ ‬إدارته‭ ‬و«إسرائيل‮»‬‭ ‬رغم‭ ‬سوء‭ ‬علاقاته‭ ‬مع‭ ‬حكومة‭ ‬بنيامين‭ ‬نتنياهو‭.‬

ومثل‭ ‬هذه‭ ‬القرارات‭ ‬الحاسمة‭ ‬المفترضة‭ ‬و‮«‬المؤملة‮»‬‭ ‬كان‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تقف‭ ‬في‭ ‬وجه‭ ‬حرائق‭ ‬نتنياهو‭ ‬لو‭ ‬رأى‭ ‬هذا‭ ‬الأخير‭ ‬‮«‬العين‭ ‬الحمراء‭ ‬الأمريكية‮»‬‭ ‬المبشرة‭ ‬بعواقب‭ ‬خطيرة‭! ‬بل‭ ‬إن‭ ‬إدارة‭ ‬بايدن‭ ‬تبدو‭ ‬وكأنها‭ ‬منحت‭ ‬‮«‬ترخيصاً‮»‬‭ ‬لحكومة‭ ‬نتنياهو‭ ‬للاستمرار‭ ‬في‭ ‬قتل‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬‮«‬ذوي‭ ‬الأرواح‭ ‬الرخيصة‮»‬‭!! ‬مع‭ ‬إبقاء‭ ‬العدد‭ ‬دون‭ ‬منة‭ ‬يومياً‭!‬

بايدن،‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬ممارسة‭ ‬نفوذه‭ ‬على‭ ‬نتنياهو‭ ‬لوقف‭ ‬الحملة‭ ‬الصهيونية‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬ولبنان،‭ ‬نجده‭ ‬‭ ‬رغم‭ ‬الإهانات‭ ‬المتلاحقة‭ ‬التي‭ ‬تلقاها‭ ‬من‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬‭ ‬قد‭ ‬استسلم‭ ‬بشكل‭ ‬شبه‭ ‬كامل‭ ‬للسياسة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬العدوانية،‭ ‬لا‭ ‬بل‭ ‬تحول‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬بوق‮»‬،‭ ‬وفي‭ ‬أحسن‭ ‬الظروف‭ ‬‮«‬محلل‭ ‬سياسي‮»‬،‭ ‬أو‭ ‬‮«‬مقدر‭ ‬مواقف‮»‬،‭ ‬أو‭ ‬‮«‬رجل‭ ‬إطفاء‮»‬،‭ ‬رغم‭ ‬عدم‭ ‬ثقته‭ ‬وإدارته‭ ‬بشكل‭ ‬متزايد،‭ ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬عدم‭ ‬معرفته،‭ ‬بما‭ ‬هي‭ ‬الحكومة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬بصدده‭ ‬عسكريا‭ ‬في‭ ‬الحرب‭ ‬التي‭ ‬تخوضها‭.‬

ومع‭ ‬هذا‭ ‬كله،‭ ‬نجد‭ ‬الرئيس‭ ‬بايدن‭ ‬يمعن‭ ‬في‭ ‬تقديمه‭ ‬وإدارته‭ ‬وصناع‭ ‬قراراتها‭ ‬لمختلف‭ ‬صنوف‭ ‬الدعم‭ ‬لـ‭ ‬‮«‬إسرائيل‮»‬،‭ ‬سواء‭ ‬من‭ ‬تحت‭ ‬الطاولة‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬فوقها‭ ‬وآخرها‭ ‬المشاركة‭ ‬الأمريكية‭ ‬العلنية‭ ‬المباشرة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تقديم‭ ‬وتشغيل‭ ‬منظومة‭ ‬‮«‬ثاد‮»‬‭!‬

هذا‭ ‬الانصياع‭ ‬لرغبات‭ ‬نتنياهو‭ ‬يعكس‭ ‬ضعف‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬فرض‭ ‬رؤيتها‭ ‬المعلنة‭ ‬على‭ ‬الحليف‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬مما‭ ‬يظهر‭ ‬واشنطن‭ ‬بموقف‭ ‬ضعيف‭ ‬أمام‭ ‬الحلفاء‭ ‬الآخرين‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬وخارجه‭. ‬وبدلاً‭ ‬من‭ ‬فرض‭ ‬شروط‭ ‬أو‭ ‬تقديم‭ ‬مبادرات‭ ‬جدية‭ ‬لحل‭ ‬الأزمة‭ ‬تتناسب‭ ‬وكونها‭ ‬القوة‭ ‬العظمى‭ ‬في‭ ‬العالم؛‭ ‬تبدو‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬داعمة‭ ‬لإسرائيل‭ ‬دون‭ ‬قيد‭ ‬أو‭ ‬شرط،‭ ‬حتى‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬ذلك‭ ‬يتناقض‭ ‬مع‭ ‬المصالح‭ ‬الأمريكية‭ ‬متوسطة‭ ‬أو‭ ‬طويلة‭ ‬الأمد‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬والعالم‭.‬

هناك‭ ‬قلق‭ ‬حقيقي‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬ينقلب‭ ‬دور‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬من‭ ‬مجرد‭ ‬داعم‭ ‬لإسرائيل‭ ‬بالمال‭ ‬والأسلحة‭ ‬والدبلوماسية‭ ‬إلى‭ ‬مشارك‭ ‬مباشر‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬هجومية‭ ‬ضد‭ ‬إيران‭ ‬وحلفائها،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬قد‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬اشتعال‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬بشكل‭ ‬خطير‭. ‬

وإذا‭ ‬تم‭ ‬تصعيد‭ ‬العمليات‭ ‬العسكرية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬ضد‭ ‬حلفاء‭ ‬إيران‭ ‬‭ ‬كما‭ ‬حدث‭ ‬في‭ ‬اغتيال‭ ‬إسماعيل‭ ‬هنية،‭ ‬وحسن‭ ‬نصرالله‭ ‬وغيرهما‭ ‬وعمليات‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬اليمن‭ ‬وسورية‭ ‬ولبنان‭ ‬‭ ‬فإن‭ ‬الرد‭ ‬الإيراني‭ ‬ربما‭ ‬يشعل‭ ‬مواجهة‭ ‬واسعة‭ ‬قد‭ ‬تجبر‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬على‭ ‬التورط،‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬ارتفاع‭ ‬الكلف‭ ‬البشرية‭ ‬والسياسية‭ ‬لمثل‭ ‬هذا‭ ‬التورط‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬أن‭ ‬يزيد‭ ‬الضرر‭ ‬بإدارة‭ ‬بايدن‭ ‬داخليًا‭ ‬أيضا،‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬اقتراب‭ ‬الانتخابات‭ ‬الرئاسية‭ ‬والكونجرسية‭.‬

من‭ ‬جهة‭ ‬أخرى،‭ ‬فان‭ ‬الانصياع‭ ‬الأعمى‭ ‬لنتنياهو‭ ‬يضعف‭ ‬صورة‭ ‬أمريكا‭ ‬كقوة‭ ‬عظمى‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬فرض‭ ‬إرادتها‭ ‬على‭ ‬حلفائها‭. ‬فإحجامها‭ ‬عن‭ ‬الضغط‭ ‬على‭ ‬إسرائيل،‭ ‬رغم‭ ‬مطالبات‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬بوقف‭ ‬العدوان‭ ‬على‭ ‬فلسطين‭ ‬ولبنان،‭ ‬يُظهر‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬بمظهر‭ ‬الدولة‭ ‬التابعة‮…‬‭. ‬لإسرائيل‭!! ‬

هذا‭ ‬التراجع‭ ‬يؤثر‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭ ‬في‭ ‬علاقات‭ ‬واشنطن‭ ‬مع‭ ‬حلفائها‭ ‬العرب‭ ‬والدوليين،‭ ‬الذين‭ ‬ينظرون‭ ‬بعين‭ ‬القلق‭ ‬إلى‭ ‬تصاعد‭ ‬الصراع‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬وتقاعس‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬عن‭ ‬أداء‭ ‬دورها‭.‬

بايدن،‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يطمح‭ ‬إلى‭ ‬بناء‭ ‬تحالفات‭ ‬إقليمية‭ ‬قوية‭ ‬وإعادة‭ ‬ترتيب‭ ‬النظام‭ ‬العالمي،‭ ‬يجد‭ ‬نفسه‭ ‬الآن‭ ‬في‭ ‬موقف‭ ‬ضعيف‭ ‬وغير‭ ‬قادر‭ ‬على‭ ‬مواجهة‭ ‬سياسات‭ ‬نتنياهو‭. ‬

وهو‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يذكرنا‭ ‬بانتشار‭ ‬نكتة‭ ‬راجت‭ ‬عن‭ ‬أمناء‭ ‬عام‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ (‬يوثانت‭ ‬تحديداً‭ ‬وخلفائه‭ ‬من‭ ‬بعده‭ ‬باستثناء‭ ‬الحالي‭ ‬أنطونيو‭ ‬جوتيرس‭) ‬الذين‭ ‬اقتصر‭(‬عملهم‭) ‬على‭ ‬‮«‬إبداء‭ ‬القلق‮»‬‭ ‬و«المناشدة‮»‬‭ ‬تجاه‭ ‬أحداث‭ ‬في‭ ‬العالم‭ !!‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا