يعد مفهوم الأمن أحد المفاهيم التي لازمت الإنسان وجميع المخلوقات منذ نشأت الخليقة وعلى الرغم من اقتصار هذا المفهوم على الاعتداء الخارجي بشكل أساسي، إلا أنه مع نهاية القرن العشرين شهد بروز مفاهيم أمنية جديدة كالأمن القومي الذي توسع بشكل كبير عن المفاهيم التقليدية القديمة للأمن، والذي عكس تحوّلات البيئة الأمنية وتطوراتها وما أحدثه الانفتاح العالمي وسهولة التنقل بين القارات وكذلك الثورة الرقمية الجديدة وما صاحب الطفرة التكنولوجية من تداعيات كبيرة على أمن الدول وسيادتها من مخاطر جمة صاحبت هذا التطور الهائل، والأمن القومي هو مصطلح ظهر في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1947 عن طريق وكالة الأمن القومي، ويشير اصطلاحاً إلى مجموعة الاْخطار الداخلية والخارجية التي تمس الكيان الداخلي للدولة، هذا التطور وسع مفهوم ومكوّنات الأمن وضرورة إضافة متغيرات جديدة ليشمل القضايا الاقتصادية والبيئية والمجتمعية وقضايا التكنولوجيا الرقمية والقضايا الصحية وأمن الكوارث والأزمات والأمن الغذائي والمائي والزراعي وحتى قضايا التطرف الديني والإرهاب وكذلك قضايا الجهل والفقر، كل هذه الأخطار لا يمكن معالجتها أو الإحاطة بها إلا في إطار أشمل لمفهوم الأمن الذي يركز على أمن الفرد أولاً كونه الأساس في تحقيق أمن الدولة والنظام الدولي بشكل عام، ثم تطوير البنية الأمنية ومواكبة التطورات والتحديثات في هذه المنظومة الشاملة للأمن الوطني.
تتمحور فكرة الأمن الوطني بالتزام الدولة بحماية أفرادها وأعضائها الطبيعيين والمعنويين بما يكفل لهم كفاءة الأداء وسلامة الحقوق مقابل انتمائهم لها من دون أن يُعرضها ذلك إلى المخاطرة بكيانها في أي صورة كانت وهذه الوظيفة للدولة هي في الأساس ممارسة طبيعية تلقائية تقوم بها من خلال أجهزتها مؤسساتها الرسمية وحتى الأهلية، فتتصدى قوى الدولة إلى مصادر التهديد ببعديها الخارجي والداخلي عندما تستشعر اقترابها وخطورتها محاولة تدميرها أو إبعادها ليتحقق الأمن الوطني الذي يتعرض لمخاطر جمة تستهدف الإضرار به واختراقه مما يستوجب العمل على حمايته.
فيما يتعلق بالتهديدات الخارجية للأمن القومي فهناك العديد من التحديات نتيجة استمرار الخلل في موازين القوى في عالمنا الراهن وتدخلات القوى الخارجية لزعزعة أمن واستقرار الدول ومحاولة إغراقها بالصراعات المسلحة في ظل استخدام القوة لتعزيز نفوذها وسيطرتها على الدول الضعيفة، ويأتي التدخل الإيراني بالشؤون الداخلية لدول المنطقة والاحتلال الصهيوني المغتصب للأراضي الفلسطينية والجماعات الإرهابية المتطرفة في أولوية المهددات الخارجية للأمن القومي في منطقتنا الخليجية والعربية، بالإضافة إلى النزاعات الداخلية المسلحة التي تشهدها بعض الأقطار العربية العربية والتي ألقت بظلالها المؤلمة وتبعاتها الكارثية على أمن واستقرار دول الجوار، كل هذه المهددات تدفع إلى بناء وتعزيز القدرات الدفاعية للقوات المسلحة في ظل تنامي التهديدات التقليدية وغير التقليدية التي تواجهنا سواء في مملكة البحرين أو دول مجلس التعاون الخليجي في ظل جوار إقليمي متأزم وشديد التوتر والتعقيد وتنامي الأطماع الاستعمارية والنفوذ الخارجي وقد شهدت المنطقة ومازالت تشهد أزمات مؤلمة كان لدرع الجزيرة ولقواتنا المسلحة دور محوري في حفظ أمن واستقرار المنطقة بالتعاون مع الأشقاء.
وللحفاظ على الأمن الداخلي بمختلف أنواعه فقد أولت حكومة البحرين بقيادة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه وبدعم من صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله ورعاه اهتماماً بالغاً في تعزيز المنظومة الأمنية بمساندة جميع قطاعات الدولة ومؤسساتها، هذه الجهود الكبيرة التي تُبذل لينعم المواطن البحريني والمُقيم على تراب هذه الأرض الطيبة بالأمن والأمان والاستقرار وحفظ وحماية حقوقهم وحرياتهم الشخصية والعقدية، وقد تطرق ميثاق العمل الوطني في فصله الرابع إلى قضية الأمن الوطني معتبراً الأمن الوطني هو السياج والحصن الحصين لحماية البلاد وصيانة أراضيها ومكتسباتها الاقـتصادية والاجتماعية والسياسية ودعم مسيرة التـنمية الشاملة خاصة في ظل الظروف والمتغيرات الإقليمية والدولية المعاصرة.
ويأتي مضمون كلمة الفريق أول معالي الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة وزير الداخلية على أهمية تعزيز التماسك واللحمة المجتمعية ووحدة الصف الوطني ليعكس التزام البحرينيين بالحفاظ على مكتسبات الوطن وتماسك نسيجه الاجتماعي نتيجة للتحديات الراهنة والمرتبطة بتداعيات الوضع الإقليمي الحرج الذي تشهده المنطقة من خلال الابتعاد عن أي تداعيات قد تحدث جرّاء هذه الأحداث والنأي بالوطن وصون أمنه ومقدراته.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك