العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

أمننا القومي والحفاظ على مكتسباتنا الوطنية

بقلم: عبدالهادي الخلاقي

الجمعة ١١ أكتوبر ٢٠٢٤ - 02:00

يعد‭ ‬مفهوم‭ ‬الأمن‭ ‬أحد‭ ‬المفاهيم‭ ‬التي‭ ‬لازمت‭ ‬الإنسان‭ ‬وجميع‭ ‬المخلوقات‭ ‬منذ‭ ‬نشأت‭ ‬الخليقة‭ ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬اقتصار‭ ‬هذا‭ ‬المفهوم‭ ‬على‭ ‬الاعتداء‭ ‬الخارجي‭ ‬بشكل‭ ‬أساسي،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬مع‭ ‬نهاية‭ ‬القرن‭ ‬العشرين‭ ‬شهد‭ ‬بروز‭ ‬مفاهيم‭ ‬أمنية‭ ‬جديدة‭ ‬كالأمن‭ ‬القومي‭ ‬الذي‭ ‬توسع‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬عن‭ ‬المفاهيم‭ ‬التقليدية‭ ‬القديمة‭ ‬للأمن،‭ ‬والذي‭ ‬عكس‭ ‬تحوّلات‭ ‬البيئة‭ ‬الأمنية‭ ‬وتطوراتها‭ ‬وما‭ ‬أحدثه‭ ‬الانفتاح‭ ‬العالمي‭ ‬وسهولة‭ ‬التنقل‭ ‬بين‭ ‬القارات‭ ‬وكذلك‭ ‬الثورة‭ ‬الرقمية‭ ‬الجديدة‭ ‬وما‭ ‬صاحب‭ ‬الطفرة‭ ‬التكنولوجية‭ ‬من‭ ‬تداعيات‭ ‬كبيرة‭ ‬على‭ ‬أمن‭ ‬الدول‭ ‬وسيادتها‭ ‬من‭ ‬مخاطر‭ ‬جمة‭ ‬صاحبت‭ ‬هذا‭ ‬التطور‭ ‬الهائل،‭ ‬والأمن‭ ‬القومي‭ ‬هو‭ ‬مصطلح‭ ‬ظهر‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬عام‭ ‬1947‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬وكالة‭ ‬الأمن‭ ‬القومي،‭ ‬ويشير‭ ‬اصطلاحاً‭ ‬إلى‭ ‬مجموعة‭ ‬الاْخطار‭ ‬الداخلية‭ ‬والخارجية‭ ‬التي‭ ‬تمس‭ ‬الكيان‭ ‬الداخلي‭ ‬للدولة،‭ ‬هذا‭ ‬التطور‭ ‬وسع‭ ‬مفهوم‭ ‬ومكوّنات‭ ‬الأمن‭ ‬وضرورة‭ ‬إضافة‭ ‬متغيرات‭ ‬جديدة‭ ‬ليشمل‭ ‬القضايا‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والبيئية‭ ‬والمجتمعية‭ ‬وقضايا‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬الرقمية‭ ‬والقضايا‭ ‬الصحية‭ ‬وأمن‭ ‬الكوارث‭ ‬والأزمات‭ ‬والأمن‭ ‬الغذائي‭ ‬والمائي‭ ‬والزراعي‭ ‬وحتى‭ ‬قضايا‭ ‬التطرف‭ ‬الديني‭ ‬والإرهاب‭ ‬وكذلك‭ ‬قضايا‭ ‬الجهل‭ ‬والفقر،‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الأخطار‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬معالجتها‭ ‬أو‭ ‬الإحاطة‭ ‬بها‭ ‬إلا‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬أشمل‭ ‬لمفهوم‭ ‬الأمن‭ ‬الذي‭ ‬يركز‭ ‬على‭ ‬أمن‭ ‬الفرد‭ ‬أولاً‭ ‬كونه‭ ‬الأساس‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬أمن‭ ‬الدولة‭ ‬والنظام‭ ‬الدولي‭ ‬بشكل‭ ‬عام،‭ ‬ثم‭ ‬تطوير‭ ‬البنية‭ ‬الأمنية‭ ‬ومواكبة‭ ‬التطورات‭ ‬والتحديثات‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المنظومة‭ ‬الشاملة‭ ‬للأمن‭ ‬الوطني‭. ‬

تتمحور‭ ‬فكرة‭ ‬الأمن‭ ‬الوطني‭ ‬بالتزام‭ ‬الدولة‭ ‬بحماية‭ ‬أفرادها‭ ‬وأعضائها‭ ‬الطبيعيين‭ ‬والمعنويين‭ ‬بما‭ ‬يكفل‭ ‬لهم‭ ‬كفاءة‭ ‬الأداء‭ ‬وسلامة‭ ‬الحقوق‭ ‬مقابل‭ ‬انتمائهم‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يُعرضها‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬المخاطرة‭ ‬بكيانها‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬صورة‭ ‬كانت‭ ‬وهذه‭ ‬الوظيفة‭ ‬للدولة‭ ‬هي‭ ‬في‭ ‬الأساس‭ ‬ممارسة‭ ‬طبيعية‭ ‬تلقائية‭ ‬تقوم‭ ‬بها‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬أجهزتها‭ ‬مؤسساتها‭ ‬الرسمية‭ ‬وحتى‭ ‬الأهلية،‭ ‬فتتصدى‭ ‬قوى‭ ‬الدولة‭ ‬إلى‭ ‬مصادر‭ ‬التهديد‭ ‬ببعديها‭ ‬الخارجي‭ ‬والداخلي‭ ‬عندما‭ ‬تستشعر‭ ‬اقترابها‭ ‬وخطورتها‭ ‬محاولة‭ ‬تدميرها‭ ‬أو‭ ‬إبعادها‭ ‬ليتحقق‭ ‬الأمن‭ ‬الوطني‭ ‬الذي‭ ‬يتعرض‭ ‬لمخاطر‭ ‬جمة‭ ‬تستهدف‭ ‬الإضرار‭ ‬به‭ ‬واختراقه‭ ‬مما‭ ‬يستوجب‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬حمايته‭.‬

فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالتهديدات‭ ‬الخارجية‭ ‬للأمن‭ ‬القومي‭ ‬فهناك‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬التحديات‭ ‬نتيجة‭ ‬استمرار‭ ‬الخلل‭ ‬في‭ ‬موازين‭ ‬القوى‭ ‬في‭ ‬عالمنا‭ ‬الراهن‭ ‬وتدخلات‭ ‬القوى‭ ‬الخارجية‭ ‬لزعزعة‭ ‬أمن‭ ‬واستقرار‭ ‬الدول‭ ‬ومحاولة‭ ‬إغراقها‭ ‬بالصراعات‭ ‬المسلحة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬استخدام‭ ‬القوة‭ ‬لتعزيز‭ ‬نفوذها‭ ‬وسيطرتها‭ ‬على‭ ‬الدول‭ ‬الضعيفة،‭ ‬ويأتي‭ ‬التدخل‭ ‬الإيراني‭ ‬بالشؤون‭ ‬الداخلية‭ ‬لدول‭ ‬المنطقة‭ ‬والاحتلال‭ ‬الصهيوني‭ ‬المغتصب‭ ‬للأراضي‭ ‬الفلسطينية‭ ‬والجماعات‭ ‬الإرهابية‭ ‬المتطرفة‭ ‬في‭ ‬أولوية‭ ‬المهددات‭ ‬الخارجية‭ ‬للأمن‭ ‬القومي‭ ‬في‭ ‬منطقتنا‭ ‬الخليجية‭ ‬والعربية،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬النزاعات‭ ‬الداخلية‭ ‬المسلحة‭ ‬التي‭ ‬تشهدها‭ ‬بعض‭ ‬الأقطار‭ ‬العربية‭ ‬العربية‭ ‬والتي‭ ‬ألقت‭ ‬بظلالها‭ ‬المؤلمة‭ ‬وتبعاتها‭ ‬الكارثية‭ ‬على‭ ‬أمن‭ ‬واستقرار‭ ‬دول‭ ‬الجوار،‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬المهددات‭ ‬تدفع‭ ‬إلى‭ ‬بناء‭ ‬وتعزيز‭ ‬القدرات‭ ‬الدفاعية‭ ‬للقوات‭ ‬المسلحة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬تنامي‭ ‬التهديدات‭ ‬التقليدية‭ ‬وغير‭ ‬التقليدية‭ ‬التي‭ ‬تواجهنا‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬أو‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬جوار‭ ‬إقليمي‭ ‬متأزم‭ ‬وشديد‭ ‬التوتر‭ ‬والتعقيد‭ ‬وتنامي‭ ‬الأطماع‭ ‬الاستعمارية‭ ‬والنفوذ‭ ‬الخارجي‭ ‬وقد‭ ‬شهدت‭ ‬المنطقة‭ ‬ومازالت‭ ‬تشهد‭ ‬أزمات‭ ‬مؤلمة‭ ‬كان‭ ‬لدرع‭ ‬الجزيرة‭ ‬ولقواتنا‭ ‬المسلحة‭ ‬دور‭ ‬محوري‭ ‬في‭ ‬حفظ‭ ‬أمن‭ ‬واستقرار‭ ‬المنطقة‭ ‬بالتعاون‭ ‬مع‭ ‬الأشقاء‭.‬

وللحفاظ‭ ‬على‭ ‬الأمن‭ ‬الداخلي‭ ‬بمختلف‭ ‬أنواعه‭ ‬فقد‭ ‬أولت‭ ‬حكومة‭ ‬البحرين‭ ‬بقيادة‭ ‬صاحب‭ ‬الجلالة‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬عيسى‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬ملك‭ ‬البلاد‭ ‬المعظم‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬ورعاه‭ ‬وبدعم‭ ‬من‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأمير‭ ‬سلمان‭ ‬بن‭ ‬حمد‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬ورعاه‭ ‬اهتماماً‭ ‬بالغاً‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬المنظومة‭ ‬الأمنية‭ ‬بمساندة‭ ‬جميع‭ ‬قطاعات‭ ‬الدولة‭ ‬ومؤسساتها،‭ ‬هذه‭ ‬الجهود‭ ‬الكبيرة‭ ‬التي‭ ‬تُبذل‭ ‬لينعم‭ ‬المواطن‭ ‬البحريني‭ ‬والمُقيم‭ ‬على‭ ‬تراب‭ ‬هذه‭ ‬الأرض‭ ‬الطيبة‭ ‬بالأمن‭ ‬والأمان‭ ‬والاستقرار‭ ‬وحفظ‭ ‬وحماية‭ ‬حقوقهم‭ ‬وحرياتهم‭ ‬الشخصية‭ ‬والعقدية،‭ ‬وقد‭ ‬تطرق‭ ‬ميثاق‭ ‬العمل‭ ‬الوطني‭ ‬في‭ ‬فصله‭ ‬الرابع‭ ‬إلى‭ ‬قضية‭ ‬الأمن‭ ‬الوطني‭ ‬معتبراً‭ ‬الأمن‭ ‬الوطني‭ ‬هو‭ ‬السياج‭ ‬والحصن‭ ‬الحصين‭ ‬لحماية‭ ‬البلاد‭ ‬وصيانة‭ ‬أراضيها‭ ‬ومكتسباتها‭ ‬الاقـتصادية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬والسياسية‭ ‬ودعم‭ ‬مسيرة‭ ‬التـنمية‭ ‬الشاملة‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الظروف‭ ‬والمتغيرات‭ ‬الإقليمية‭ ‬والدولية‭ ‬المعاصرة‭.‬

ويأتي‭ ‬مضمون‭ ‬كلمة‭ ‬الفريق‭ ‬أول‭ ‬معالي‭ ‬الشيخ‭ ‬راشد‭ ‬بن‭ ‬عبدالله‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬وزير‭ ‬الداخلية‭ ‬على‭ ‬أهمية‭ ‬تعزيز‭ ‬التماسك‭ ‬واللحمة‭ ‬المجتمعية‭ ‬ووحدة‭ ‬الصف‭ ‬الوطني‭ ‬ليعكس‭ ‬التزام‭ ‬البحرينيين‭ ‬بالحفاظ‭ ‬على‭ ‬مكتسبات‭ ‬الوطن‭ ‬وتماسك‭ ‬نسيجه‭ ‬الاجتماعي‭ ‬نتيجة‭ ‬للتحديات‭ ‬الراهنة‭ ‬والمرتبطة‭ ‬بتداعيات‭ ‬الوضع‭ ‬الإقليمي‭ ‬الحرج‭ ‬الذي‭ ‬تشهده‭ ‬المنطقة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الابتعاد‭ ‬عن‭ ‬أي‭ ‬تداعيات‭ ‬قد‭ ‬تحدث‭ ‬جرّاء‭ ‬هذه‭ ‬الأحداث‭ ‬والنأي‭ ‬بالوطن‭ ‬وصون‭ ‬أمنه‭ ‬ومقدراته‭. ‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا