العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

كيف نواجه ظاهرة التطور التكنولوجي المتسارع؟

بقلم: د. عمرو هاشم ربيع {

السبت ٠٥ أكتوبر ٢٠٢٤ - 02:00

ما‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬اليوم‭ ‬من‭ ‬تطور‭ ‬تكنولوجي‭ ‬وتقني‭ ‬تخريبي‭ ‬أصبح‭ ‬يُذهب‭ ‬العقول،‭ ‬وينذر‭ ‬بزوال‭ ‬البشرية‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الحمقى‭. ‬قبل‭ ‬عدة‭ ‬سنوات‭ ‬أبدعت‭ ‬عديد‭ ‬الدول‭ ‬في‭ ‬استخدام‭ ‬الطائرات‭ ‬المسيرة‭ ‬‮«‬الدرونز‮»‬‭ ‬التي‭ ‬ألغت‭ ‬تقريبا‭ ‬التضحية‭ ‬بالطيارين‭ ‬والطائرات‭ ‬العملاقة‭ ‬في‭ ‬الميدان،‭ ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬الأقمار‭ ‬الاصطناعية‭ ‬مرتفعة‭ ‬الثمن‭. ‬تكنولوجيا‭ ‬التحكم‭ ‬عن‭ ‬بُعد‭ ‬تطورت‭ ‬بشكل‭ ‬مذهل،‭ ‬وأصبحت‭ ‬أداة‭ ‬للقتل‭ ‬والتنصت‭ ‬يتحكم‭ ‬فيها‭ ‬عبر‭ ‬مجموعة‭ ‬أزرار‭ ‬من‭ ‬أرض‭ ‬الخصم‭.‬

أجهزة‭ ‬المراقبة‭ ‬والتقنيات‭ ‬العالية‭ ‬في‭ ‬التفخيخ‭ ‬والتفجير‭ ‬عن‭ ‬بُعد‭ ‬وتعطيل‭ ‬الأجهزة‭ ‬الحساسة‭ ‬هي‭ ‬الأخرى‭ ‬صارت‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬أبرز‭ ‬وأهم‭ ‬الأمور‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬التضحية‭ ‬بالجند‭ ‬والخوض‭ ‬في‭ ‬معارك‭ ‬مكلفة‭ ‬على‭ ‬الأرض‭.‬

قبل‭ ‬ذلك‭ ‬كله‭ ‬بعدة‭ ‬سنوات،‭ ‬كان‭ ‬اعتماد‭ ‬العرب‭ ‬على‭ ‬الغرب‭ ‬في‭ ‬استيراد‭ ‬المقاتلات‭ ‬المتطورة،‭ ‬لكن‭ ‬الغرب‭ ‬أدرك‭ ‬الغرض‭ ‬المحتمل‭ ‬لاستخدام‭ ‬تلك‭ ‬الطائرات‭ ‬لو‭ ‬وقعت‭ ‬في‭ ‬أيدٍ‭ ‬‮«‬غير‭ ‬أمينة‮»‬‭ ‬فمنع‭ ‬الغرب‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تكنولوجيا‭ ‬محددة‭ ‬أن‭ ‬توجد‭ ‬تلك‭ ‬المقاتلات‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬عمليات‭ ‬لا‭ ‬تتواءم‭ ‬مع‭ ‬سياسة‭ ‬المصدر‭.‬

من‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬سبق‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬شواهد‭ ‬معينة‭ ‬ناتجة‭ ‬عن‭ ‬كل‭ ‬ذلك،‭ ‬ففي‭ ‬لحظة‭ ‬واحدة‭ ‬وبعد‭ ‬تخطيط‭ ‬استمر‭ ‬فترة‭ ‬من‭ ‬الوقت‭ ‬قام‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬بتفجير‭ ‬أجهزة‭ ‬الاتصالات‭ ‬في‭ ‬لبنان‭ ‬من‭ ‬مراكز‭ ‬التحكم‭ ‬في‭ ‬تل‭ ‬أبيب،‭ ‬وهي‭ ‬الأجهزة‭ ‬التي‭ ‬حسبها‭ ‬‮«‬حزب‭ ‬الله‮»‬‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬من‭ ‬الأوقات‭ ‬بديلاً‭ ‬عن‭ ‬تتبع‭ ‬الهواتف‭ ‬المحمولة‭. ‬قبلها‭ ‬قامت‭ ‬إسرائيل‭ ‬باغتيال‭ ‬إسماعيل‭ ‬هنية،‭ ‬وقادة‭ ‬من‭ ‬‮«‬حزب‭ ‬الله‮»‬‭ ‬بهجمات‭ ‬للمسيرات‭. ‬بين‭ ‬هذا‭ ‬وذاك‭ ‬نجد‭ ‬ما‭ ‬فعله‭ ‬منذ‭ ‬أيام‭ ‬الملياردير‭ ‬الأمريكي‭ ‬أيلون‭ ‬ماسك‭ ‬الذي‭ ‬أوقف‭ ‬بزر‭ ‬واحد‭ ‬سيارة‭ ‬سبق‭ ‬أن‭ ‬أهداها‭ ‬إلى‭ ‬حاكم‭ ‬الشيشان،‭ ‬فجعلها‭ ‬كقطعة‭ ‬الخردة‭.‬

كل‭ ‬ما‭ ‬سبق‭ ‬يجعل‭ ‬المرء‭ ‬يجزم‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬مناص‭ ‬من‭ ‬مجاراة‭ ‬ذلك‭ ‬التطور،‭ ‬وإلا‭ ‬سيصبح‭ ‬العرب‭ ‬أضحوكة‭ ‬العالم‭.‬

حالة‭ ‬الغفلة‭ ‬التي‭ ‬يعيش‭ ‬فيها‭ ‬العرب‭ ‬سواء‭ ‬بحالة‭ ‬اللامبالاة‭ ‬أو‭ ‬اليأس‭ ‬بسبب‭ ‬التفوق‭ ‬المذهل‭ ‬للغير‭ ‬أو‭ ‬الاستسلام‭ ‬ببقاء‭ ‬وديمومة‭ ‬الدعم‭ ‬الأمريكي‭ ‬للكيان‭ ‬الصهيوني‭.‬

بالطبع‭ ‬لا‭ ‬أحد‭ ‬يدعو‭ ‬هنا‭ ‬إلى‭ ‬الوقوف‭ ‬أمام‭ ‬المارد‭ ‬أو‭ ‬القطار‭ ‬السريع،‭ ‬لكن‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬معنى‭ ‬ذلك‭ ‬هو‭ ‬الرضا‭ ‬بأوضاع‭ ‬وفروق‭ ‬حضارية‭ ‬نجمت‭ ‬عن‭ ‬قدوم‭ ‬مستعمر‭ ‬من‭ ‬شتات‭ ‬الغرب،‭ ‬للتجمع‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬البقعة‭ ‬الغنية‭ ‬بالثروات‭ ‬والحضارات‭ ‬السامية‭.‬

التصنيع‭ ‬والابتكار‭ ‬هما‭ ‬السبيل‭ ‬للنهوض‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬أقدار‭ ‬حسبها‭ ‬المستعمر‭ ‬الصهيوني‭ ‬والذراع‭ ‬الغربية‭ ‬له‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬حتمية،‭ ‬هي‭ ‬الملاذ‭ ‬للخروج‭ ‬من‭ ‬شرنقة‭ ‬التبعية‭.‬

واحد‭ ‬من‭ ‬أبرز‭ ‬الأمور‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬الاهتمام‭ ‬بها‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الراهن‭ ‬هو‭ ‬اللعب‭ ‬على‭ ‬التناقضات‭ ‬الدولية‭ ‬لنقل‭ ‬تجارب‭ ‬التطور‭ ‬مع‭ ‬تكيفها‭ ‬كي‭ ‬تتماشى‭ ‬مع‭ ‬البيئة‭ ‬الداخلية،‭ ‬النموذج‭ ‬الصيني‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬في‭ ‬التطور،‭ ‬وبعض‭ ‬التجارب‭ ‬الروسية،‭ ‬وتجارب‭ ‬البلدان‭ ‬الأخرى‭ ‬التي‭ ‬صارت‭ ‬اليوم‭ ‬على‭ ‬أعتاب‭ ‬العالم‭ ‬المتقدم‭ ‬كجنوب‭ ‬إفريقيا‭ ‬والبرازيل‭ ‬وغيرهم‭ ‬وغيرهم،‭ ‬كلها‭ ‬أمور‭ ‬قابلة‭ ‬للمحاكاة‭ ‬في‭ ‬التنمية‭ ‬والتغلب‭ ‬على‭ ‬مشكلات‭ ‬زيادة‭ ‬السكان‭ ‬والتصنيع‭ ‬وندرة‭ ‬الموارد‭.‬

إن‭ ‬التعليم‭ ‬والبحث‭ ‬العلمي‭ ‬والتكنولوجي‭ ‬هو‭ ‬أيضا‭ ‬واحد‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬الأمور‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬داعمة‭ ‬للابتكار‭ ‬والرقى‭ ‬أمام‭ ‬الغزو‭ ‬الحضاري‭ ‬الطاغي‭ ‬من‭ ‬الغرب،‭ ‬فبدلا‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬يتعقب‭ ‬من‭ ‬يقوم‭ ‬بتطوير‭ ‬القدرات‭ ‬التكنولوجية‭ ‬عبر‭ ‬الطائرات‭ ‬المسيرة‭ ‬بدعوى‭ ‬دعم‭ ‬الإرهاب،‭ ‬نقوم‭ ‬برعاية‭ ‬وتشجيع‭ ‬هؤلاء‭ ‬بغرض‭ ‬التطوير‭ ‬خدمة‭ ‬للأمن‭ ‬القومي‭. ‬

لذلك‭ ‬نقول‭ ‬إن‭ ‬تقليل‭ ‬وتجسير‭ ‬الفجوة‭ ‬الحضارية‭ ‬أمر‭ ‬مهم‭ ‬ولا‭ ‬غنى‭ ‬عنه،‭ ‬لا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نقف‭ ‬مكتوفي‭ ‬الأيدي‭ ‬ننتظر‭ ‬تحقيق‭ ‬النبوءات‭ ‬الدينية‭ ‬بانتصار‭ ‬الحق‭ ‬على‭ ‬الباطل،‭ ‬إن‭ ‬العمل‭ ‬وليس‭ ‬التواكل‭ ‬هو‭ ‬الكفيل‭ ‬بتحقيق‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬بعون‭ ‬الخالق‭.‬

 

{‭ ‬نائب‭ ‬رئيس‭ ‬مركز‭ ‬الأهرام‭ ‬للدراسات‭ ‬الاستراتيجية‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا