ما يحدث في عالم اليوم من تطور تكنولوجي وتقني تخريبي أصبح يُذهب العقول، وينذر بزوال البشرية على يد مجموعة من الحمقى. قبل عدة سنوات أبدعت عديد الدول في استخدام الطائرات المسيرة «الدرونز» التي ألغت تقريبا التضحية بالطيارين والطائرات العملاقة في الميدان، ناهيك عن الأقمار الاصطناعية مرتفعة الثمن. تكنولوجيا التحكم عن بُعد تطورت بشكل مذهل، وأصبحت أداة للقتل والتنصت يتحكم فيها عبر مجموعة أزرار من أرض الخصم.
أجهزة المراقبة والتقنيات العالية في التفخيخ والتفجير عن بُعد وتعطيل الأجهزة الحساسة هي الأخرى صارت واحدة من أبرز وأهم الأمور بدلاً من التضحية بالجند والخوض في معارك مكلفة على الأرض.
قبل ذلك كله بعدة سنوات، كان اعتماد العرب على الغرب في استيراد المقاتلات المتطورة، لكن الغرب أدرك الغرض المحتمل لاستخدام تلك الطائرات لو وقعت في أيدٍ «غير أمينة» فمنع الغرب من خلال تكنولوجيا محددة أن توجد تلك المقاتلات في منطقة عمليات لا تتواءم مع سياسة المصدر.
من كل ما سبق كانت هناك شواهد معينة ناتجة عن كل ذلك، ففي لحظة واحدة وبعد تخطيط استمر فترة من الوقت قام الكيان الصهيوني بتفجير أجهزة الاتصالات في لبنان من مراكز التحكم في تل أبيب، وهي الأجهزة التي حسبها «حزب الله» في وقت من الأوقات بديلاً عن تتبع الهواتف المحمولة. قبلها قامت إسرائيل باغتيال إسماعيل هنية، وقادة من «حزب الله» بهجمات للمسيرات. بين هذا وذاك نجد ما فعله منذ أيام الملياردير الأمريكي أيلون ماسك الذي أوقف بزر واحد سيارة سبق أن أهداها إلى حاكم الشيشان، فجعلها كقطعة الخردة.
كل ما سبق يجعل المرء يجزم أنه لا مناص من مجاراة ذلك التطور، وإلا سيصبح العرب أضحوكة العالم.
حالة الغفلة التي يعيش فيها العرب سواء بحالة اللامبالاة أو اليأس بسبب التفوق المذهل للغير أو الاستسلام ببقاء وديمومة الدعم الأمريكي للكيان الصهيوني.
بالطبع لا أحد يدعو هنا إلى الوقوف أمام المارد أو القطار السريع، لكن لا يمكن أن يكون معنى ذلك هو الرضا بأوضاع وفروق حضارية نجمت عن قدوم مستعمر من شتات الغرب، للتجمع في تلك البقعة الغنية بالثروات والحضارات السامية.
التصنيع والابتكار هما السبيل للنهوض من أي أقدار حسبها المستعمر الصهيوني والذراع الغربية له في المنطقة حتمية، هي الملاذ للخروج من شرنقة التبعية.
واحد من أبرز الأمور التي يجب الاهتمام بها في الوقت الراهن هو اللعب على التناقضات الدولية لنقل تجارب التطور مع تكيفها كي تتماشى مع البيئة الداخلية، النموذج الصيني على سبيل المثال في التطور، وبعض التجارب الروسية، وتجارب البلدان الأخرى التي صارت اليوم على أعتاب العالم المتقدم كجنوب إفريقيا والبرازيل وغيرهم وغيرهم، كلها أمور قابلة للمحاكاة في التنمية والتغلب على مشكلات زيادة السكان والتصنيع وندرة الموارد.
إن التعليم والبحث العلمي والتكنولوجي هو أيضا واحد من أهم الأمور التي يجب أن تكون داعمة للابتكار والرقى أمام الغزو الحضاري الطاغي من الغرب، فبدلا من أن يتعقب من يقوم بتطوير القدرات التكنولوجية عبر الطائرات المسيرة بدعوى دعم الإرهاب، نقوم برعاية وتشجيع هؤلاء بغرض التطوير خدمة للأمن القومي.
لذلك نقول إن تقليل وتجسير الفجوة الحضارية أمر مهم ولا غنى عنه، لا يجب أن نقف مكتوفي الأيدي ننتظر تحقيق النبوءات الدينية بانتصار الحق على الباطل، إن العمل وليس التواكل هو الكفيل بتحقيق كل ذلك بعون الخالق.
{ نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك