لقد أصبح اليوم الخامس من أكتوبر في كل عام يومًا مختلفًا يسلط الضوء على أهمية المعلمين ويعبر فيه عن التقدير لجهودهم وتفانيهم في تعليم الطلاب وتطوير مهاراتهم، ومناسبة عالمية يُحتفل بها لتكريم المعلمين وإبراز دورهم الحيوي في العملية التعليمية وتشكيل الأجيال وبناء الأوطان. وقد تم اعتماد هذا اليوم من قبل منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) في عام 1994م، ورسالتنا في هذا اليوم لمعلمينا الأعزاء المخلصين من أبناء هذا الوطن المعطاء، لقد كنتم الجسر الذي يربط بين أحلام الطلبة وواقعهم، ودائمًا كنتَم مثالاً صالحًا في التفاني والإخلاص. وانطلاقًا من تجربة التعليم في الميدان التربوي، فإننا على يقين وعلم بأن مهنة التعليم ليست سهلة، لكن جهودكم تجسد الحماس والإيجابية في كل يوم، ويسعدنا أن نتقدم لكم أيها الأحبة بأصدق التهاني والأمنيات، ونسأل الله أن يوفقكم في أداء رسالتكم النبيلة، ونوجه الشكر والامتنان لكل معلم يعمل بأمانة وإخلاص على بذل الجهد لتربية وتعليم أبنائنا وبناتنا الطلبة، ويترك أثرًا طيبًا في طلابه، ويسهم في صناعة وتقويم أفراد مجتمعنا، ويزرع الثقة في نفوسهم وتشكيل عقولهم المبدعة والقدرة على الابتكار واتخاذ القرار.
وانطلاقًا من سعي المملكة إلى بناء مستقبل مشرق لأبنائها، وتركيزها على تحسين جودة التعليم والاستثمار الأمثل في تهيئة المعلمين ودعمهم وتدريبهم المستمر لضمان إعداد طلبة قادرين على مواجهة تحديات المستقبل، فقد أشار مجلس الوزراء برعاية كريمة من صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس الوزراء حفظه الله ورعاه بمناسبة يوم المعلم العالمي إلى الدور الذي يقوم به معلمو مملكة البحرين في سبيل إرساء قواعد التنمية والبناء ودعم المسيرة التعليمية، وإدراكًا من سموه بالدور الحيوي في تطوير التعليم، وهذا يظهر مدى الاهتمام الكبير الذي توليه مملكة البحرين لقطاع التعليم، واعتبار المعلمين جزءًا أساسيًا في تحقيق استراتيجية البحرين التعليمية، وقد عدّ اليوم العالمي للمعلمين فرصة للاحتفال بالإنجازات الوطنية في مجال التعليم والتعلم، والنظر بشكل إيجابي لإيجاد طرق كفيلة بمواجهة التحديات الراهنة، وذلك من أجل تعزيز مهنة التدريس، وجدير بالذكر أنه يجري تنظيم اليوم العالمي للمعلمين بالشراكة مع منظمة العمل الدولية ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة والاتحاد الدُّوَليّ للمعلمين، وفي هذا اليوم يتم الاحتفال بالدور المثمر الذي يقوم بتأديته المعلمون في إحداث تغيرات واستخراج القدرات الكامنة لدى الطلاب وحصولهم على المعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مستقبلهم واكتسابهم المهارات الحياتية مثل تحمل المسؤولية عن تعلمهم وتوجهاتهم وعن الآخرين من أقرانهم.
إن المعلم صاحب رسالة سامية يعمل على رقى المجتمع بفضل تربية الأجيال لرفِعه الوطن والحفاظ على مكتسباته التنموية، فلكم أيها المعلمون في مملكة البحرين تحية تقدير وامتنان وإجلال، فأنتم شريان العملية التعليمية، ورمز العطاء والإيجابية وواضعو اللبنة الأولى للعلم والتعليم، ولكم الفضل في رسم حروف النهضة التعليمية الوطنية التي تقدمت بها مملكتنا الحبيبة في تطوير التعليم وجودته وفق الأهداف العالمية المستدامة. والأمل معقود على إنجازاتكم من أجل ترميم جسور التواصل بين فئات المجتمع كافة، ولبناء معارف الإدراك الواعي والقدرة على التحليل السليم في عقول الطلاب.
وجميعنا أصبحنا على معرفة بأن العملية التعليمية، تتكون من عدة عناصر منها المعلم والطالب والمنهج والموارد المساندة بأنواعها، وإذا كان المحور الأساسي من العملية التعليمية بجميع محاورها الأساسية هو الطالب، فإن أهم عوامل نجاح هذه العملية هو المعلم صاحب رؤية بأن التعليم مهنة وليست وظيفة، وهو الذي يؤدي مهمته بأمانة وعلم وقدرة، ومهما تم الإنفاق على تسهيل مجريات العملية التعليمية من موارد بشرية ومادية، وتم تهيئة العديد من الموارد اللوجستية، فإنه لا يمكن الحديث عن أي تقدم للمجتمع دون النهوض بالمعلم ورفع كفاءته، حيثُ إن للمعلم دورًا أساسيًا ومهما في تطوير وجودة العمليات التربوية والتعليمية، ولأهمية دور المعلم كان لا بد من توافر شروط ومميزات في شخصيته على سبيل المثال يمتلك المُعلّم المُبدع ملكة التأمل لمعرفة جوانب قوته والنقاط الواجب عليه تطويرها جيّداً ويسعى لمُعالجتها، ودائم التعلّم، ويكون مُبدعاً في تفكيره، كذلك يمتلك مهارات التواصل وفن الإقناع والتأثير ويكون مطّلعاً دائماً على أحوال الطلاب، ومعرفة احتياجاتهم، وأفضل الطرق للتعامُل معهم، وامتلاك المعرفة والخبرة في مجال تخصصه، وذا مبادئ يترك بصمة لدى طلابه، ويكون ذا أثرً مستدام يحقق مبدأ التعليم مدى الحياة.
يعد المعلم من أهم دعائم العملية التعليمية إن لم يكن أساسها؛ ذلك لأن المعلم هو صانع الأجيال وناقل العلم ومربي الأجيال، وقد حظي المعلم بمكانة كبيرة في جميع المجتمعات وعبر العصور والأزمنة التاريخية بل إلى حد وصف أمير الشعراء له بأنه كاد أن يكون رسولا، لأنه ما من رسول إلا وكان معلم لأمته، ونرى أن مملكة البحرين ووفق الرؤية الوطنية 2030، تسعى من أجل نظام تعليم يعزز القدرات التنافسية وصولًا إلى العالمية، والأخذ بعين الاعتبار النماذج الرائدة، خاصة من الدول المتقدمة في التعليم الذي تهتم بتنمية روح الإبداع والابتكار لدى المعلمين، وذلك بإجراء المسابقات البحثية والملتقيات المهنية التي تؤصل إبداعات المعلم وعرض خبراته وتجاربه مع الآخرين لمصلحة الطالب والعملية التعليمية، وزيادة الإبداع والابتكار في صفوف الهيئات التعليمية، يجب علينا العمل على إطلاق العَنان نحو قدرات وإبداعات المعلمين، وتخفيف الأعباء الإدارية التي يتم تكليفهم بها، وحتمًا سوف يسهم ذلك في توجههم نحو سبل الإبداع في عملهم بما يحقق صالح طلابنا، وفق إطار دعم جهود تطوير التعليم وتوفير بيئة تعليمية متميزة، والعمل على تلبية احتياجات تطوير قطاع التعليم واستدامته.
وللمعلم في النهضة الوطنية للمملكة دور فاعل في نشر المعرفة والمهارات اللازمة للطلبة، مما يسهم في تأهيلهم لسوق العمل وبناء مجتمع متمكن ويمتلك الثقافة المستدامة، كذلك فإنه يعمل جاهدًا في تشكيل القيم الأخلاقية والمبادئ لتعزيز روح الانتماء والولاء للوطن، ونشر التأثير الإيجابي في حياة الطلبة، حيث يمكن أن يكون مصدر إلهام لهم لتحقيق أحلامهم والمساهمة في بناء وطنهم بواسطة تحفيز الإبداع وبيئة تعليمية تشجع على التفكير النقدي والإبداع، مما يساعد الطلبة على تطوير أفكار جديدة تسهم في تطور المجتمع، كذلك أن التوجيه والإرشاد والدور المهم الذي يلعبه المعلم في توجيه الطلاب نحو تحقيق أهدافهم وطموحاتهم، مما يعزز من فرص نجاحهم في المستقبل في عصر المعلومات والتقنية، وها نحن نرى العديد من معلمينا الأكفاء يلعبون دورًا محوريًا في دمج التكنولوجيا في التعليم، وذلك لتوظيفهم الأدوات الرقمية والبرمجيات التعليمية، وقد استطاع غالبية المعلمين خلق بيئات تعليمية تفاعلية تشجع على الابتكار وتجذب اهتمام الطلاب.
ختامًا إن المعلمين طاقة أمل وبناء، فهم رواد للتغيير الفكري لطلابنا وثروتنا المستقبلية، وهم الجسر الذي يربط بين المعرفة والابتكار لَما يمتلكون من كفاءات وأساليب تمكنهم من تغيير نِّظْرة أجيالنا نحو هذا العالم وتشجيعهم نحو استكشاف أفكار جديدة وتحدي المفاهيم التقليدية، وتوجيهم نحو التعلم المستمر، وإعدادهم للمستقبل ليصبحوا قادة ومؤثرين في مجتمعاتهم؛ لذا فإن لقب صانع الأجيال يختص به المعلم دون سواه من المهن والوظائف في المجتمع لأنه يزرع البذور التي تنمو لتصبح أجيالًا قادرة على مواجهة التحديات وتجاوز الصعوبات وبناء الثقة والتطور الشخصي الذي أصبح من أهم مهارات القرن الواحد والعشرين؛ لذا، يجب علينا جميعًا دعم المعلمين وتقدير جهودهم، لأنهم هم من يبنون الأساس لمجتمعات مبتكرة ومزدهرة، ومن دون هؤلاء النخبة الوطنية لا يمكن أن نحقق النهضة المنشودة وبناء مجتمع متماسك وصحي يتمتع بالقيم الإنسانية.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك