عُرفت البحرين بواحة النخيل وينابيع الماء العذب، وبطبيعة الحال مع الزحف العمراني وتقلص الرقعة الخضراء وتنامي وسائل التصنيع والإنتاج المصاحبة للتنمية العمرانية والبشرية كل ذلك أدى إلى ارتفاع معدلات التلوث وهذا أمر طبيعي، وللحد من هذا التلوث تبنت حكومة البحرين عدة مبادرات منها تشديد الرقابة على وسائل الإنتاج ومدى مطابقتها للاشتراطات والمعايير الدولية، وتبنت مبادرات لزيادة زراعة الأشجار والمسطحات الخضراء ودعم المشاريع الزراعية المختلفة، والتوسع في توليد الطاقة المتجددة، والتخلص من النفايات بطُرق آمنة بيئيا، كل هذه المبادرات أحدث توازنا ملحوظا في البيئة البحرينية، بل وأعادت اللون الأخضر إلى شوارعنا وزادت من جماليتها وتأثيرها بشكل كبير على الأجواء المحيطة، والراحة النفسية التي تضفيها هذه الأشجار إلى نفوس المارة الذين يمتعون أنظارهم بذلك التنسيق والترتيب الجمالي للأشجار على طول امتداد الشوارع وعلى جانبيها، والتشجير كذلك يُسهم في تنقية الهواء وزيادة نسبة الأكسجين، وله دور رئيسي في امتصاص الملوثات والأكاسيد الضارة؛ مثل أكاسيد النيتروجين وغاز الأمونيا وثاني أكسيد الكبريت، كما تعمل الأشجار على إحداث توازن في نسبة الأوزون، مما يقلل من مشكلة الاحتباس الحراري، بالإضافة إلى أن التشجير مظهر حضاري وإرث تاريخي ارتبط بتاريخ البحرين منذ قديم الزمان ويُحافظ كذلك على الأرض والتربة وينعكس أثره على المناخ بشكل عام.
الاقتصاد الأخضر من الموضوعات الحديثة والمهمة التي تحظى باهتمام دولي وخاصة من منظمات حماية البيئة، وهو نموذج جديد يعتمد بشكل مباشر على الاستثمارات الخضراء الهادفة إلى معالجة العلاقة المتبادلة بين الموارد الطبيعية للبيئة واستغلال هذه الموارد بما يخدم المجتمع ويحقق الرفاه الاقتصادي، والحد من الاثار العكسية للنشاطات الإنسانية على التغير المناخي، والاحتباس الحرارى، وهذه المبادرات ما جاءت بمحض الصدفة وإنما كان هناك عمل دؤوب من قبل المجلس الأعلى للبيئة برئاسة سمو الشيخ عبدالله بن حمد آل خليفة، وذلك بفضل التوجيهات السامية من حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك البلاد المعظم، والدعم والمتابعة المتواصلة من صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الذي بدوره سخَّر كل جهود الدولة لإنجاح هذه المبادرات، وبجهود المسؤولين في وزارة البلديات والتخطيط العمراني.
مبادرة التشجير من المبادرات الوطنية التي تستحق الإشادة والثناء لما لها من دور كبير في عودة الرقعة الخضراء إلى البيئة البحرينية، والأجمل في ذلك استخدام الذكاء الاصطناعي في دعم هذه الجهود الوطنية ففي عام 2018م قامت الهيئة الوطنية للفضاء بتوظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي برصد آلي لجميع أشجار النخيل في البحرين وكان عددها قرابة 257 ألف نخلة في جميع المناطق، ومنذ ذلك العام ربما حدثت عمليات إزالة للعديد من مزارع النخيل في بعض المناطق، وفي الوقت نفسه زادت عملية التشجير في مناطق أخرى كنوع من التوازن، فجاءت الاستراتيجية الوطنية للتشجير من أجل مضاعفة أعداد الأشجار وفقاً لتوجيهات صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، ومضاعفة عدد الأشجار من 1.8 مليون شجرة إلى ما يقارب 3.6 ملايين شجرة بحلول عام 2035، وذلك تماشياً مع التزامات مملكة البحرين باتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، ويتمثل ذلك في زيادة عدد الأشجار بالمشاريع الحكومية، وتشجيع الشراكة المجتمعية لزيادة الرقعة الخضراء.
في يونيو 2024 صرحت وزارة البلديات بأن أعداد أشجار النخيل في مملكة البحرين قرابة 261 ألف نخلة وهذا يُدلل على أن النخيل في ازدياد عما تم إحصاؤه في 2018م، في المقابل الهدف المرسوم يتضمن زراعة 140 ألف شجرة كل عام، ولكن إجمالي أعداد الأشجار تجاوز حاجز المليوني شجرة، وهذا إنجاز كبير وله أثر إيجابي كبير جداً، فالبيئة الجميلة أحد أهم مظاهر التطور والحداثة وأحد عوامل الجذب السياحي لأي بلد.
قرار وزارة شؤون البلديات والزراعة بنقل أشجار النخيل من موقع إلى آخر أو قطعها يتطلب ترخيصا خاصا من وكالة شـؤون الزراعة، ومخالفة ذلـك تعرض الشخص لغرامة تصل إلـى 50 دينارا، قرار حكيم ويحافظ على أعداد النخيل والحد من قطعها، والجميل لو يتم توظيف الذكاء الصناعي في عملية المراقبة أسوة بما تم عمله في الرقابة على مخالفات البناء الذي يُطبقه جهاز المساحة والتسجيل العقاري بالتعاون مع وزارة البلديات والتخطيط العمراني.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك