العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

محاكمة ترامب.. ومستقبل القوة الأمريكية

بقلم: عبدالله السناوي {

الخميس ١٣ أبريل ٢٠٢٣ - 02:00

‮«‬يا‭ ‬للهول‭.. ‬إنهم‭ ‬يريدون‭ ‬أن‭ ‬يعتقلوني،‭ ‬لا‭ ‬أكاد‭ ‬أصدق‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬أمريكا‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬ذات‭ ‬يوم‭ ‬عظيمة‮»‬‭. ‬كان‭ ‬ذلك‭ ‬تصريحا‭ ‬مثيرا‭ ‬بنصه‭ ‬ودلالاته‭.‬

الرئيس‭ ‬السابق‭ ‬‮«‬دونالد‭ ‬ترامب‮»‬‭ ‬يعتقد‭ ‬حقا‭ ‬أنه‭ ‬فوق‭ ‬القانون،‭ ‬وأن‭ ‬التفكير‭ ‬في‭ ‬اتخاذ‭ ‬إجراءات‭ ‬قضائية‭ ‬بحقه‭ ‬‮«‬مؤامرة‮»‬‭ ‬وفعل‭ ‬‮«‬سوريالي‮»‬‭ ‬غير‭ ‬قابل‭ ‬للتصديق‭.‬

بحسب‭ ‬استطلاعات‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬فإن‭ ‬أغلبية‭ ‬الجمهوريين‭ ‬لديها‭ ‬الرأي‭ ‬نفسه‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬‮«‬مؤامرة‮»‬‭ ‬يقف‭ ‬خلفها‭ ‬الرئيس‭ ‬الحالي‭ ‬‮«‬جو‭ ‬بايدن‮»‬‭ ‬لمنع‭ ‬‮«‬ترامب‮»‬‭ ‬من‭ ‬الترشح‭ ‬للانتخابات‭ ‬الرئاسية‭ ‬المقبلة‭ (‬2024‭).‬

على‭ ‬نحو‭ ‬لافت‭ ‬تداخلت‭ ‬إجراءات‭ ‬العدالة‭ ‬وأعمال‭ ‬السيرك‭ ‬في‭ ‬أول‭ ‬محاكمة‭ ‬لرئيس‭ ‬أمريكي‭ ‬سابق‭ ‬بتهم‭ ‬بعضها‭ ‬جنائية‭. ‬أمعن‭ ‬المتهم‭ ‬في‭ ‬التجاوز‭ ‬اللفظي‭ ‬والأخلاقي‭ ‬بحق‭ ‬قضاته،‭ ‬فالمدعي‭ ‬العام‭ ‬‮«‬يساري‭ ‬راديكالي‭ ‬وفاسد‮»‬‭ ‬والقاضي‭ ‬‮«‬منحاز‭ ‬ضدي‭ ‬ويكرهني‮»‬‭.‬

التسييس‭ ‬الزائد‭ ‬ساد‭ ‬أجواء‭ ‬المحاكمة‭ ‬والتصرفات‭ ‬ناقضت‭ ‬اعتبارات‭ ‬العدالة‭.‬

رغم‭ ‬حرص‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬على‭ ‬تأكيد‭ ‬أن‭ ‬‮«‬بايدن‮»‬‭ ‬ليس‭ ‬مهتما‭ ‬بالمحاكمة‭ ‬وما‭ ‬يجري‭ ‬فيها‭ ‬إلا‭ ‬في‭ ‬حدود‭ ‬المتابعة‭ ‬الاعتيادية‭ ‬للأخبار‭ ‬فـ«وقته‭ ‬للشعب‭ ‬الأمريكي‭ ‬وحده‮»‬‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬أحد‭ ‬مستعدا‭ ‬أن‭ ‬يصدق‭ ‬ذلك‭ ‬الادعاء‭ ‬الرسمي‭.‬

أجواء‭ ‬المحاكمة‭ ‬أهم‭ ‬من‭ ‬إجراءاتها‭. ‬تأثيراتها‭ ‬طاغية‭ ‬على‭ ‬السباق‭ ‬الانتخابي‭ ‬الذي‭ ‬يوشك‭ ‬أن‭ ‬ينطلق،‭ ‬ورسائلها‭ ‬متداخلة‭ ‬في‭ ‬صورة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬بعالم‭ ‬متغير‭ ‬لم‭ ‬تتضح‭ ‬كامل‭ ‬حقائقه‭ ‬الجديدة‭ ‬انتظارا‭ ‬لما‭ ‬تسفر‭ ‬عنه‭ ‬الحرب‭ ‬الأوكرانية‭ ‬المحتدمة‭.‬

أمريكا‭ ‬المضطربة‭ ‬تكاد‭ ‬ألا‭ ‬تعرف‭ ‬مواقع‭ ‬أقدامها‭ ‬إلى‭ ‬المستقبل‭. ‬‮«‬ترامب‮»‬‭ ‬يرى‭ ‬أن‭ ‬‮«‬دولتنا‭ ‬تتجه‭ ‬إلى‭ ‬الجحيم‮»‬،‭ ‬كأن‭ ‬محاكمته‭ ‬دليل‭ ‬على‭ ‬الفشل،‭ ‬دون‭ ‬أي‭ ‬دفاع‭ ‬مقنع‭ ‬عن‭ ‬الاتهامات‭ ‬الموجهة‭ ‬إليه‭ ‬وأغلبها‭ ‬شائن‭ ‬بأي‭ ‬معنى‭ ‬أخلاقي‭ ‬أو‭ ‬سياسي‭.‬

القضية‭ ‬لا‭ ‬تلخصها‭ ‬الرشى‭ ‬التي‭ ‬دفعها‭ ‬لـ«شراء‭ ‬الصمت‮»‬‭ ‬على‭ ‬فضائح‭ ‬مغامرات‭ ‬ارتكبها،‭ ‬ولا‭ ‬التزوير‭ ‬في‭ ‬سجلات‭ ‬رسمية‭ ‬لإخفاء‭ ‬معالم‭ ‬الجريمة‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬تؤثر‭ ‬في‭ ‬حملته‭ ‬الانتخابية‭ ‬الرئاسية‭ (‬2016‭). ‬صلاحيته‭ ‬للرئاسة‭ ‬كانت‭ ‬صلب‭ ‬واقعة‭ ‬‮«‬شراء‭ ‬الصمت‮»‬،‭ ‬وهي‭ ‬موضوع‭ ‬محاكمته‭ ‬الآن‭ ‬دون‭ ‬كلام‭ ‬كثير‭ ‬عن‭ ‬العدالة‭ ‬الأمريكية‭.‬

‮«‬أواجه‭ ‬حملات‭ ‬اضطهاد‭ ‬ضدي‮»‬،‭ ‬كان‭ ‬ذلك‭ ‬جوهر‭ ‬استراتيجية‭ ‬‮«‬ترامب‮»‬‭ ‬للدفاع‭ ‬عن‭ ‬نفسه‭ ‬وبناء‭ ‬تعاطف‭ ‬معه‭ ‬باعتباره‭ ‬ضحية‭. ‬وفيما‭ ‬هو‭ ‬ظاهر‭ ‬أثبتت‭ ‬فاعلية‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬دوائر‭ ‬مؤيديه‭.‬

من‭ ‬هذه‭ ‬الزاوية‭ ‬بدت‭ ‬المحاكمة‭ ‬مباراة‭ ‬سياسية‭ ‬في‭ ‬الحشد‭ ‬والتعبئة‭ ‬وإقناع‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬أخذ‭ ‬فيها‭ ‬‮«‬ترامب‮»‬‭ ‬زمام‭ ‬المبادرة‭. ‬إنها‭ ‬مباراة‭ ‬سياسية‭ ‬لا‭ ‬قانونية‭.‬

المثير‭ ‬للالتفات‭ ‬أن‭ ‬الاتهامات‭ ‬التي‭ ‬يحاكم‭ ‬عليها‭ ‬أمام‭ ‬محكمة‭ ‬في‭ ‬نيويورك‭ ‬أقل‭ ‬أهمية‭ ‬وخطورة‭ ‬بما‭ ‬لا‭ ‬يقاس‭ ‬من‭ ‬اتهامات‭ ‬أخرى‭ ‬قيد‭ ‬استكمال‭ ‬إجراءاتها‭ ‬مثل‭ ‬التحريض‭ ‬على‭ ‬اقتحام‭ ‬مبنى‭ ‬‮«‬الكابيتول‮»‬‭ ‬لمنع‭ ‬التصديق‭ ‬على‭ ‬انتخاب‭ ‬‮«‬بايدن‮»‬‭ ‬رئيسا،‭ ‬والتدخل‭ ‬لتغيير‭ ‬نتيجة‭ ‬الانتخابات‭ ‬الرئاسية‭ ‬في‭ ‬جورجيا‭ ‬والأخطر‭ ‬حيازة‭ ‬وثائق‭ ‬سرية‭ ‬خطيرة‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬حقه‭ ‬الاحتفاظ‭ ‬بها‭ ‬في‭ ‬قصر‭ ‬‮«‬مارا‭ ‬لاجو‮»‬،‭ ‬الذي‭ ‬يمتلكه‭ ‬بولاية‭ ‬فلوريدا‭.‬

في‭ ‬أجواء‭ ‬الاصطفاف‭ ‬الحزبي‭ ‬يصعب‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬هناك‭ ‬عدالة‭ ‬ذات‭ ‬صدقية‭. ‬لا‭ ‬الجمهوريين‭ ‬سوف‭ ‬يقبلون‭ ‬إدانة‭ ‬‮«‬ترامب‮»‬‭ ‬خشية‭ ‬أن‭ ‬تؤثر‭ ‬في‭ ‬حظوظهم‭ ‬الانتخابية،‭ ‬ولا‭ ‬الديمقراطيين‭ ‬تعنيهم‭ ‬العدالة‭ ‬إلا‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬توفره‭ ‬من‭ ‬فرص‭ ‬لإزاحته‭ ‬من‭ ‬المشهد‭ ‬كله‭.‬

ذلك‭ ‬الانقسام‭ ‬السياسي‭ ‬الحاد‭ ‬أفضى‭ ‬سابقا‭ ‬إلى‭ ‬إجهاض‭ ‬إجراءات‭ ‬عزله‭ ‬بفارق‭ ‬أصوات‭ ‬معدودة‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬الشيوخ‭. ‬بحسابات‭ ‬الالتزام‭ ‬الحزبي‭ ‬لا‭ ‬باعتبارات‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬وصدقية‭ ‬الاتهامات‭ ‬ومدى‭ ‬خطورتها‭ ‬أفلت‭ ‬‮«‬ترامب‮»‬‭ ‬من‭ ‬العزل‭.. ‬ولا‭ ‬يستبعد‭ ‬أن‭ ‬يفلت‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬الحبس‭ ‬بصفقة‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬الظلام‭.‬

إثر‭ ‬البدء‭ ‬في‭ ‬محاكمة‭ ‬‮«‬ترامب‮»‬‭ ‬لوح‭ ‬الجمهوريون‭ ‬أنهم‭ ‬سوف‭ ‬يعملون‭ ‬على‭ ‬محاكمة‭ ‬‮«‬بايدن‮»‬‭ ‬بتهم‭ ‬سوء‭ ‬استخدام‭ ‬السلطة‭ ‬من‭ ‬موقعه‭ ‬نائبا‭ ‬للرئيس‭ ‬‮«‬باراك‭ ‬أوباما‮»‬‭ ‬بالتورط‭ ‬في‭ ‬قضايا‭ ‬فساد‭ ‬منسوبة‭ ‬إلى‭ ‬نجله‭ ‬‮«‬هانتر‮»‬‭ ‬يجري‭ ‬التحقيق‭ ‬حاليا‭ ‬في‭ ‬مخالفاتها‭ ‬داخل‭ ‬الكونجرس‭.‬

مرة‭ ‬أخرى‭.. ‬لا‭ ‬أحد‭ ‬فوق‭ ‬القانون‭ ‬لكن‭ ‬وفق‭ ‬الحسابات‭ ‬والمشاحنات‭ ‬السياسية‭ ‬لا‭ ‬أصول‭ ‬العدالة‭ ‬وقواعدها‭. ‬في‭ ‬محاكمة‭ ‬‮«‬ترامب‮»‬‭ ‬غلبت‭ ‬عناصر‭ ‬الإثارة‭ ‬السياسية‭ ‬الأدلة‭ ‬والحجج‭ ‬والقرائن‭.‬

بأمر‭ ‬قضائي‭ ‬لم‭ ‬تبث‭ ‬الجلسة‭ ‬الأولى‭ ‬على‭ ‬شاشات‭ ‬التلفزيون‭ ‬خشية‭ ‬أية‭ ‬تفلتات‭ ‬أمنية‭ ‬من‭ ‬أنصاره‭.‬

الانقسام‭ ‬الأمريكي‭ ‬الحاد‭ ‬يطرح‭ ‬بالضرورة‭ ‬سؤال‭: ‬إلى‭ ‬أي‭ ‬حد‭ ‬تؤثر‭ ‬محاكمة‭ ‬الرئيس‭ ‬السابق‭ ‬الأكثر‭ ‬إثارة‭ ‬للجدل‭ ‬على‭ ‬صورة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬عالمها؟

يفترض‭ ‬نظريا‭ ‬أن‭ ‬تفضي‭ ‬إلى‭ ‬تحسين‭ ‬في‭ ‬الصورة،‭ ‬باعتبارها‭ ‬بلدا‭ ‬لا‭ ‬أحد‭ ‬فيه‭ ‬فوق‭ ‬القانون،‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬أعمال‭ ‬السيرك‭ ‬التي‭ ‬شابت‭ ‬المحاكمة‭ ‬تدعو‭ ‬إلى‭ ‬الاعتقاد‭ ‬أن‭ ‬ثمة‭ ‬مشكلة‭ ‬جوهرية‭ ‬في‭ ‬مؤسسة‭ ‬العدالة‭ ‬وصدقيتها‭ ‬واحترامها،‭ ‬ومشكلة‭ ‬حقيقية‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬بنية‭ ‬المؤسستين‭ ‬التشريعية‭ ‬والتنفيذية‭. ‬بصورة‭ ‬ما‭ ‬يلخص‭ ‬الرئيسان‭ ‬المتعاقبان‭ ‬‮«‬ترامب‮»‬‭ ‬الجمهوري‭ ‬و«بايدن‮»‬‭ ‬الديمقراطي‭ ‬عمق‭ ‬الأزمة‭ ‬الأمريكية‭.‬

الأول،‭ ‬جاء‭ ‬من‭ ‬خارج‭ ‬المؤسسة،‭ ‬رجل‭ ‬أعمال‭ ‬طموح‭ ‬ومتفلت،‭ ‬يتبنى‭ ‬خطابا‭ ‬شعبويا،‭ ‬لا‭ ‬خبرة‭ ‬له‭ ‬تقريبا‭ ‬بما‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬أدار‭ ‬الدولة‭ ‬بالطريقة‭ ‬التي‭ ‬يدير‭ ‬بها‭ ‬شركاته،‭ ‬رفع‭ ‬شعار‭ ‬‮«‬أمريكا‭ ‬أولا‮»‬،‭ ‬حاول‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬يستطيع‭ ‬تفكيك‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي،‭ ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬مقتنعا‭ ‬أن‭ ‬حلف‭ ‬‮«‬الناتو‮»‬‭ ‬يستحق‭ ‬ما‭ ‬تتكفل‭ ‬به‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬من‭ ‬تكاليف‭ ‬مالية،‭ ‬فـ«الأمن‭ ‬مقابل‭ ‬الدفع‮»‬‭.‬

كانت‭ ‬ذروة‭ ‬مأساة‭ ‬فترته‭ ‬الرئاسية‭ ‬الطريقة‭ ‬العشوائية،‭ ‬التي‭ ‬أدار‭ ‬بها‭ ‬أزمة‭ ‬الجائحة‭ ‬وأفضت‭ ‬إلى‭ ‬ارتفاع‭ ‬أعداد‭ ‬الضحايا‭ ‬بصورة‭ ‬هزت‭ ‬مكانته‭ ‬وجعلته‭ ‬موضعا‭ ‬للسخرية‭ ‬بأنحاء‭ ‬العالم‭.‬

والثاني،‭ ‬جاء‭ ‬من‭ ‬داخل‭ ‬المؤسسة،‭ ‬تمرس‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬التشريعي‭ ‬سنوات‭ ‬طويلة،‭ ‬عمل‭ ‬نائبا‭ ‬للرئيس‭ ‬فترتين،‭ ‬بدت‭ ‬صورته‭ ‬باهتة‭ ‬بالقياس‭ ‬إلى‭ ‬شخصية‭ ‬‮«‬أوباما‮»‬،‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬مقنعا‭ ‬بصلاحيته‭ ‬للرئاسة،‭ ‬لكنه‭ ‬كسب‭ ‬معركتها‭ ‬الانتخابية‭ ‬كنوع‭ ‬من‭ ‬التصويت‭ ‬العقابي‭ ‬لـ«ترامب‮»‬‭ ‬وسياساته‭ ‬التي‭ ‬لخصت‭ ‬أسوأ‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬الأمريكية‭ ‬بقضايا‭ ‬اللاجئين‭ ‬والمهاجرين‭ ‬والأقليات‭ ‬الملونة‭ ‬والصدامات‭ ‬المتكررة‭ ‬مع‭ ‬الصحافة‭ ‬والإعلام‭.‬

لم‭ ‬يكن‭ ‬ممكنا‭ ‬لرجل‭ ‬بمواصفات‭ ‬‮«‬بايدن‮»‬‭ ‬أن‭ ‬يربح‭ ‬الانتخابات‭ ‬الرئاسية‭ ‬أمام‭ ‬رجل‭ ‬آخر‭ ‬غير‭ ‬‮«‬ترامب‮»‬‭. ‬في‭ ‬تجربته‭ ‬الرئاسية‭ ‬اتخذ‭ ‬منحى‭ ‬مغايرا‭ ‬لتأكيد‭ ‬القوة‭ ‬الأمريكية‭ ‬وأنها‭ ‬قد‭ ‬عادت‭.‬

وجد‭ ‬في‭ ‬الأزمة‭ ‬الأوكرانية‭ ‬فرصة‭ ‬سانحة‭ ‬لإعادة‭ ‬بناء‭ ‬التحالف‭ ‬الغربي‭ ‬وضخ‭ ‬دماء‭ ‬الحياة‭ ‬في‭ ‬‮«‬الناتو‮»‬‭ ‬مجددا‭ ‬وضم‭ ‬دول‭ ‬جديدة‭ ‬إليه‭.‬

يتصور‭ ‬أن‭ ‬بوسعه‭ ‬استعادة‭ ‬صفة‭ ‬الدولة‭ ‬العظمى‭ ‬المنفردة‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬خرج‭ ‬منتصرا‭ ‬من‭ ‬الحرب‭ ‬الأوكرانية،‭ ‬وهو‭ ‬افتراض‭ ‬يصعب‭ ‬اعتماده،‭ ‬لكنه‭ ‬ماثل‭ ‬بصورة‭ ‬أو‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬السجال‭ ‬الأمريكي‭ ‬الداخلي‭. ‬قصة‭ ‬الرئيسين‭ ‬بكل‭ ‬تناقضاتها‭ ‬توحي‭ ‬أننا‭ ‬أمام‭ ‬إمبراطورية‭ ‬غاربة‭.‬

لم‭ ‬يعد‭ ‬ذلك‭ ‬استنتاجا‭ ‬بالهوى‭ ‬من‭ ‬كتاب‭ ‬ومفكرين‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬الثالث‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬صارت‭ ‬مقولة‭ ‬متداولة‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬نفسها‭ ‬وجدت‭ ‬من‭ ‬يتبناها‭ ‬من‭ ‬كبار‭ ‬صحفييها‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬سيمور‭ ‬هيرش‮»‬،‭ ‬الذي‭ ‬بنى‭ ‬صيته‭ ‬على‭ ‬تحقيقاته‭ ‬الاستقصائية‭ ‬المدققة‭.‬

بنص‭ ‬عبارته‭ ‬الموحية‭: ‬‮«‬أمريكا‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬دولة‭ ‬عظمى‮»‬‭.. ‬هذه‭ ‬هي‭ ‬الحقيقة‭ ‬الكامنة‭ ‬في‭ ‬قصة‭ ‬ما‭ ‬يجري‭ ‬الآن‭.‬

{ كاتب‭ ‬صحفي‭ ‬مصري

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا