العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

في ذكرى «يوم الأرض».. باقون كصخرة «سيزيف» في هذه الأرض المباركة

بقلم: تيسير خالد {

السبت ٠١ أبريل ٢٠٢٣ - 02:00

عاما‭ ‬بعد‭ ‬عام‭ ‬يحيي‭ ‬الفلسطينيون‭ ‬في‭ ‬الثلاثين‭ ‬من‭ ‬مارس‭ ‬في‭ ‬فلسطين‭ ‬التاريخية‭ ‬وفي‭ ‬مناطق‭ ‬اللجوء‭ ‬والشتات‭ ‬والمهاجر‭ ‬يوم‭ ‬الأرض‭ ‬الخالد‭ ‬باعتباره‭ ‬يجسد‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬المعاناة‭ ‬والتضحيات‭ ‬الجسام‭ ‬تلك‭ ‬العلاقة‭ ‬المصيرية،‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬انفصام‭ ‬فيها‭ ‬ولا‭ ‬انقطاع‭ ‬بين‭ ‬الشعب‭ ‬والأرض‭ ‬والتاريخ،‭ ‬الذي‭ ‬تحاول‭ ‬حكومات‭ ‬إسرائيل‭ ‬وقيادات‭ ‬الحركة‭ ‬الصهيونية‭ ‬تزويره‭ ‬وتوظيفه‭ ‬كأداة‭ ‬لفبركة‭ ‬تاريخ‭ ‬وهمي‭ ‬لهذه‭ ‬البلاد‭ ‬وفبركة‭ ‬وعي‭ ‬زائف‭ ‬يستمد‭ ‬روايته‭ ‬من‭ ‬الأساطير‭ ‬وأقوال‭ ‬العرافين‭ ‬والمؤرخين‭ ‬الكذابين،‭ ‬كما‭ ‬يفعل‭ ‬بتسلئيل‭ ‬سموتريتش‭ ‬وغيره‭ ‬من‭ ‬الفاشيين‭ ‬العبثيين‭ ‬في‭ ‬دولة‭ ‬الاحتلال،‭ ‬في‭ ‬خدمة‭ ‬سياستها‭ ‬العدوانية‭ ‬التوسعية‭ ‬والعنصرية‭ ‬الكريهة،‭ ‬وهو‭ ‬عنوان‭ ‬صمود‭ ‬أسطوري‭ ‬أعطى‭  ‬لفلسطين‭ ‬هويتها‭ ‬الوطنية‭ ‬والتاريخية‭ ‬الحقيقية‭ ‬إلى‭ ‬الأبد،‭ ‬وصخرة‭ ‬على‭ ‬صدور‭ ‬قادة‭ ‬إسرائيل‭ ‬والحركة‭ ‬الصهيونية،‭ ‬كصخرة‭ ‬سيزيف،‭ ‬يعيشون‭ ‬معها‭ ‬عذابا‭ ‬أبديا‭ ‬يلاحقهم‭ ‬على‭ ‬أكاذيبهم‭ ‬وأساطيرهم‭ ‬وجرائمهم‭.‬

فالأرض‭ ‬كانت‭ ‬وما‭ ‬زالت‭ ‬جوهر‭ ‬الصراع‭ ‬مع‭ ‬الاحتلال‭ ‬ومشروعه‭ ‬الاستيطاني‭ ‬الاستعماري‭ ‬القائم‭ ‬على‭ ‬سياسة‭ ‬الإحلال‭ ‬والإقصاء‭ ‬وتشريد‭ ‬شعب‭ ‬فلسطين‭ ‬عن‭ ‬أرض‭ ‬آبائه‭ ‬وأجداده‭ ‬وما‭ ‬يرافق‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬انتهاكات‭ ‬وجرائم‭ ‬كانت‭ ‬في‭ ‬قلب‭ ‬مشاريع‭ ‬الحركة‭ ‬الصهيونية‭ ‬بدءا‭ ‬بجرائم‭ ‬الاستيطان‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الانتداب‭ ‬وجرائم‭ ‬التطهير‭ ‬العرقي‭ ‬التي‭ ‬رافقت‭ ‬نكبة‭ ‬عام‭ ‬1948،‭ ‬مرورا‭ ‬بمشاريع‭ ‬وزارة‭ ‬الداخلية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬ومخططاتها‭ ‬التي‭ ‬تستهدف‭ ‬إفراغ‭ ‬الجليل‭ ‬من‭ ‬سكانه‭ ‬الأصليين‭ ‬والاستيلاء‭ ‬على‭ ‬أراضيهم‭ ‬وتهويدها‭ ‬وصولا‭ ‬إلى‭ ‬يومنا‭ ‬هذا‭ ‬وما‭ ‬نشهده‭ ‬من‭ ‬سياسات‭ ‬وإجراءات‭ ‬حكومة‭ ‬نتنياهو‭ ‬لتكثيف‭ ‬الاستيطان‭ ‬ونهب‭ ‬الأرض‭ ‬وتدمير‭ ‬مقومات‭ ‬وأسس‭ ‬قيام‭ ‬الدولة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المستقلة‭.‬

على‭ ‬أن‭ ‬إحياء‭ ‬هذه‭ ‬الذكرى‭ ‬الخالدة‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬للوقوف‭ ‬أمام‭ ‬المعاني‭ ‬العظيمة‭ ‬لأحداث‭ ‬الثلاثين‭ ‬من‭ ‬مارس‭ ‬عام‭ ‬1976‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬هي‭ ‬مناسبة‭ ‬لاستنهاض‭ ‬القوى‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬الحرب‭ ‬المفتوحة،‭ ‬التي‭ ‬تشنها‭ ‬إسرائيل‭ ‬لفرض‭ ‬تسوية‭ ‬تصفوية‭ ‬للقضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬مشاريع‭ ‬التهويد‭ ‬والأسرلة‭ ‬لمدينة‭ ‬القدس‭ (‬10‭) ‬بالمئة‭ ‬من‭ ‬مساحة‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية،‭ ‬والتنازل‭ ‬عن‭ ‬حق‭ ‬اللاجئين‭ ‬في‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬ديارهم‭ ‬وحل‭ ‬وكالة‭ ‬الغوث،‭ ‬التي‭ ‬تقدم‭ ‬الخدمات‭ ‬لأكثر‭ ‬من‭ ‬خمسة‭ ‬ملايين‭ ‬لاجئ‭ ‬في‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلسطينية‭ ‬والأردن‭ ‬ولبنان‭ ‬وسوريا،‭ ‬في‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬711‭ ‬مدرسة‭ ‬و143‭ ‬عيادة‭ ‬صحية‭ ‬والسيطرة‭ ‬الأمنية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬الكاملة‭ ‬على‭ ‬فلسطين‭ ‬من‭ ‬النهر‭ ‬إلى‭ ‬البحر‭ ‬وضم‭ ‬الكتل‭ ‬الاستيطانية‭ ‬وما‭ ‬يسمى‭ ‬المستوطنات‭ ‬المعزولة‭ ‬والبؤر‭ ‬الاستيطانية‭ ‬بمجال‭ ‬حيوي‭ ‬يتراوح‭ ‬بين‭ ‬15‭ ‬‭ ‬20‭ ‬بالمئة‭ ‬من‭ ‬مساحة‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬ليرسو‭ ‬الحل‭ ‬كما‭ ‬يخطط‭ ‬قادة‭ ‬تل‭ ‬أبيب‭ ‬على‭ ‬كيان‭ ‬فلسطيني‭ ‬مقطع‭ ‬الأوصال،‭ ‬أشبه‭ ‬بالمعازل‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬وفي‭ ‬مناطق‭ (‬أ‭ + ‬ب‭) ‬وبعض‭ ‬الجيوب‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ( ‬ج‭ ) ‬لا‭ ‬سيادة‭ ‬له‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬مع‭ ‬بقاء‭ ‬المياه‭ ‬الإقليمية‭ ‬والأجواء‭ ‬والموجات‭ ‬الكهرومغناطيسية‭ ‬تحت‭ ‬السيطرة‭ ‬الكاملة‭ ‬لدولة‭ ‬الاحتلال‭ .‬

وعندما‭ ‬يكون‭ ‬الأمر‭ ‬كذلك،‭ ‬وهو‭ ‬كذلك‭ ‬فعلا،‭ ‬فلا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬رد‭ ‬وطني‭ ‬فلسطيني‭ ‬مناسب‭ ‬على‭ ‬سياسة‭ ‬الاحتلال‭ ‬يخرج‭ ‬من‭ ‬أسر‭ ‬السياسة‭ ‬الانتظارية‭ ‬والمراهنة‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬المراهنة‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬تجارب‭ ‬مرة‭ ‬ومريرة‭ ‬على‭ ‬امتداد‭ ‬سنوات‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬أوسلو‭ ‬الأولى‭ ‬الطويلة،‭ ‬وذلك‭ ‬بالعودة‭ ‬إلى‭ ‬قرارات‭ ‬المجلس‭ ‬الوطني‭ ‬الفلسطيني‭ ‬في‭ ‬دورته‭ ‬الأخيرة‭ ‬عام‭ ‬2018،‭ ‬وقرارات‭ ‬المجلس‭ ‬المركزي‭ ‬في‭ ‬دوراته‭ ‬المتعاقبة‭ ‬،‭ ‬التي‭ ‬أرست‭ ‬أساسا‭ ‬سياسيا‭ ‬صالحا‭ ‬لخارطة‭ ‬طريق‭ ‬وطنية‭ ‬وبرنامج‭ ‬مواجهة‭ ‬وطنية‭ ‬واسعة‭ ‬وشاملة‭ ‬مع‭ ‬الاحتلال،‭ ‬وحددت‭ ‬سلسلة‭ ‬من‭ ‬الإجراءات‭ ‬والخطوات‭ ‬التي‭ ‬ينبغي‭ ‬القيام‭ ‬بها‭ ‬والبدء‭ ‬بمعالجة‭ ‬ما‭ ‬نحن‭ ‬فيه‭ ‬من‭ ‬انقسام‭ ‬مدمر‭ ‬أفسد‭ ‬الحياة‭ ‬السياسية‭ ‬والدستورية‭ ‬لنخطو‭ ‬موحدين،‭ ‬ما‭ ‬أمكن‭ ‬ذلك،‭ ‬نحو‭ ‬فك‭ ‬ارتباط‭ ‬مع‭ ‬سلطات‭ ‬الاحتلال‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬المستويات‭ ‬السياسية‭ ‬والأمنية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬والإدارية‭ ‬بخطوات‭ ‬مدروسة‭ ‬نضع‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬أقدامنا‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬صلبة‭ ‬تحملنا‭ ‬نحو‭ ‬عصيان‭ ‬وطني‭ ‬شامل‭ ‬تحميه‭ ‬انتفاضة‭ ‬شعبية‭ ‬عارمة‭ ‬وقيادة‭ ‬وطنية‭ ‬موحدة،‭ ‬عصيان‭ ‬يدفع‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬إلى‭ ‬التدخل‭ ‬والضغط‭ ‬على‭ ‬دولة‭ ‬الاحتلال‭ ‬ودفعها‭ ‬إلى‭ ‬الكف‭ ‬عن‭ ‬التصرف‭ ‬كدولة‭ ‬استثنائية‭ ‬فوق‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬والشرعية‭ ‬الدولية‭.‬

وذلك‭ ‬جنبا‭ ‬إلى‭ ‬جنب‭ ‬مع‭ ‬دفع‭ ‬ملف‭ ‬الاحتلال‭ ‬والاستيطان‭ ‬في‭ ‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية‭ ‬نحو‭ ‬نهاياته،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬إنشاء‭ ‬سجل‭ ‬للأضرار‭ ‬الناجمة‭ ‬عن‭ ‬الاحتلال‭ ‬الدائم‭ ‬وعن‭ ‬الاستيطان،‭ ‬كما‭ ‬كان‭ ‬الحال‭ ‬مع‭ ‬فتوى‭ ‬المحكمة‭ ‬في‭ ‬يوليو‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬2004‭ ‬حول‭ ‬جدار‭ ‬الفصل‭ ‬العنصري،‭ ‬والعودة‭ ‬إلى‭ ‬نقل‭ ‬ملف‭ ‬الاستيطان‭ ‬إلى‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬الدولي‭ ‬باعتباره‭ ‬وفق‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬الإنساني‭ ‬وخاصة‭ ‬اتفاقية‭ ‬جنيف‭ ‬الرابعة‭ ‬لعام‭ ‬1949‭ ‬والبروتوكول‭ ‬الإضافي‭ ‬الأول‭ ‬الملحق‭ ‬باتفاقيات‭ ‬جنيف‭ ‬لعام‭ ‬1977،‭ ‬ووفق‭ ‬نظام‭ ‬روما‭ ‬للمحكمة‭ ‬الجنائية‭ ‬الدولية‭ ‬لعام‭ ‬1998‭ ‬في‭ ‬مادته‭ ‬الثامنة‭ ‬جريمة‭ ‬حرب‭ ‬،‭ ‬ومطالبته‭ ‬تحمل‭ ‬مسؤولياته‭ ‬في‭ ‬دفع‭ ‬إسرائيل‭ ‬إلى‭ ‬احترام‭ ‬قراراته‭ ‬والامتثال‭ ‬لها‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬القرار‭ ‬2334‭ ‬لعام‭ ‬2016‭ ‬ودعوة‭ ‬السيد‭ ‬كريم‭ ‬خان‭ ‬المدعي‭ ‬العام‭ ‬لمحكمة‭ ‬الجنايات‭ ‬الدولية‭ ‬فتح‭ ‬تحقيق‭ ‬قضائي‭ ‬فوري‭ ‬في‭ ‬جرائم‭ ‬الاستيطان‭ ‬والشروع‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬تردد‭ ‬في‭ ‬مساءلة‭ ‬ومحاسبة‭ ‬المسؤولين‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬الجرائم‭ ‬في‭ ‬الكنيست‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬الذي‭ ‬بات‭ ‬المستوطنون‭ ‬يحتلون‭ ‬12‭ ‬بالمئة‭ ‬من‭ ‬مقاعده‭ ‬،‭ ‬وفي‭ ‬جهاز‭ ‬القضاء‭ ‬والحكومة‭ ‬وأذرعها‭ ‬المختلفة‭ ‬بدءا‭ ‬بالإدارة‭ ‬المدنية‭ ‬ومكتب‭ ‬منسق‭ ‬المناطق‭ ‬وانتهاء‭ ‬بمجالس‭ ‬المستوطنات‭ ‬وجلبهم‭ ‬إلى‭ ‬العدالة‭ ‬الدولية‭. ‬

 

{ عضو‭ ‬المكتب‭ ‬السياسي‭ ‬للجبهة‭ ‬

الديمقراطية‭ ‬لتحرير‭ ‬فلسطين

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا