العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

المظاهرات الإسرائيلية وسياسة الفصل العنصري في فلسطين

بقلم: د. رمزي بارود

الأربعاء ٢٩ مارس ٢٠٢٣ - 02:00

مع‭ ‬انضمام‭ ‬مئات‭ ‬الآلاف،‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬إسرائيل،‭ ‬إلى‭ ‬الاحتجاجات‭ ‬المناهضة‭ ‬للحكومة،‭ ‬بدأت‭ ‬الأسئلة‭ ‬تثار‭ ‬بشأن‭ ‬الكيفية‭ ‬التي‭ ‬ستؤثر‭ ‬بها‭ ‬هذه‭ ‬الحركة‭ ‬في‭ ‬النضال‭ ‬الأوسع‭ ‬ضد‭ ‬الاحتلال‭ ‬العسكري‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬وسياسة‭ ‬الفصل‭ ‬العنصري‭ ‬في‭ ‬فلسطين‭.‬

تداولت‭ ‬وسائل‭ ‬إعلام‭ ‬مؤيدة‭ ‬لفلسطين،‭ ‬بحماس‭ ‬واضح،‭ ‬أنباء‭ ‬حول‭ ‬تصريحات‭ ‬أدلى‭ ‬بها‭ ‬مشاهير‭ ‬هوليوود،‭ ‬أمثال‭ ‬مارك‭ ‬روفالو،‭ ‬حول‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬معاقبة‭ ‬الحكومة‭ ‬اليمينية‭ ‬المتشددة‭ ‬الجديدة‭ ‬بزعامة‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬بنيامين‭ ‬نتنياهو‭ ‬الذي‭ ‬يقود‭ ‬حزب‭ ‬الليكود‭.‬

لقد‭ ‬وجد‭ ‬بنيامين‭ ‬نتنياهو‭ ‬صعوبة‭ ‬كبيرة‭ - ‬الذي‭ ‬يجد‭ ‬نفسه‭ ‬في‭ ‬قلب‭ ‬هذه‭ ‬العاصفة‭ ‬من‭ ‬الاحتجاجات‭ ‬الساخطة‭ ‬على‭ ‬حكومته‭- ‬لإيجاد‭ ‬طيار‭ ‬واحد‭ ‬يقبل‭ ‬بقيادة‭ ‬الطائرة‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تقله‭ ‬إلى‭ ‬روما‭ ‬في‭ ‬9‭ ‬مارس‭ ‬في‭ ‬زيارة‭ ‬تستغرق‭ ‬ثلاثة‭ ‬أيام‭ ‬يجري‭ ‬خلالها‭ ‬محادثات‭ ‬مع‭ ‬الحكومة‭ ‬الإيطالية‭.‬

وجد‭ ‬زعيم‭ ‬حزب‭ ‬الليكود‭ ‬اليميني‭ ‬المتطرف‭ ‬ورئيس‭ ‬أكثر‭ ‬الحكومات‭ ‬اليمينية‭ ‬تطرفا‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬إيطاليا‭ ‬استقبالا‭ ‬باهتا‭ ‬بنفس‭ ‬برودة‭ ‬الطقس‭. ‬وبحسب‭ ‬ما‭ ‬ورد‭ ‬في‭ ‬التقارير‭ ‬الإخبارية‭ ‬فقد‭ ‬رفضت‭ ‬المترجمة‭ ‬الإيطالية،‭ ‬أولغا‭ ‬داليا‭ ‬بادوا،‭ ‬ترجمة‭ ‬خطاب‭ ‬نتنياهو،‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬المقرر‭ ‬أن‭ ‬يلقيه‭ ‬يوم‭ ‬9‭ ‬مارس‭ ‬2023‭ ‬في‭ ‬كنيس‭ ‬يهودي‭ ‬في‭ ‬روما‭.‬

يمكن‭ ‬للمرء‭ ‬أن‭ ‬يقدّر‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬توظيف‭ ‬هذه‭ ‬الاضطرابات‭ ‬المتنامية‭ ‬بشكل‭ ‬استراتيجي‭ ‬ويوجهها‭ ‬ضد‭ ‬حكومة‭ ‬نتنياهو‭ ‬اليمينية‭ ‬المتطرفة‭ ‬لفضح‭ ‬مزاعم‭ ‬إسرائيل‭ ‬المزورة‭ ‬بالديمقراطية‭ ‬الحقيقية،‭ ‬التي‭ ‬يُفترض‭ ‬أنها‭ ‬‮«‬الديمقراطية‭ ‬الوحيدة‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‮»‬‭.‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬يجب‭ ‬على‭ ‬المرء‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬حريصًا‭ ‬بنفس‭ ‬القدر‭ ‬على‭ ‬عدم‭ ‬إضفاء‭ ‬الشرعية‭ ‬على‭ ‬المؤسسات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬العنصرية‭ ‬بطبيعتها،‭ ‬والتي‭ ‬كانت‭ ‬موجودة‭ ‬منذ‭ ‬عقود‭ ‬قبل‭ ‬وصول‭ ‬نتنياهو‭ ‬إلى‭ ‬السلطة‭.‬

رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬متورط‭ ‬في‭ ‬قضايا‭ ‬الفساد‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭. ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬بنيامين‭ ‬نتنياهو‭ ‬ظل‭ ‬يتمتع‭ ‬بشعبيته،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬فقد‭ ‬منصبه‭ ‬على‭ ‬رأس‭ ‬السياسة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬في‭ ‬يونيو‭ ‬2021،‭ ‬بعد‭ ‬ثلاثة‭ ‬انتخابات‭ ‬شهدت‭ ‬تنافسًا‭ ‬مريرًا‭.‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فقد‭ ‬نجح‭ ‬في‭ ‬29‭ ‬ديسمبر‭ ‬2022‭ ‬في‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬السياسة‭ ‬الإسرائيلية،‭ ‬لكنه‭ ‬عاد‭ ‬هذه‭ ‬المرة‭ ‬بمزيد‭ ‬من‭ ‬الفساد‭ - ‬حتى‭ ‬وفقًا‭ ‬لتعريف‭ ‬إسرائيل‭ - ‬شخصيات‭ ‬مثل‭ ‬أرييه‭ ‬درعي‭ ‬وبتسلئيل‭ ‬سموتريتش‭ ‬وإيتامار‭ ‬بن‭ ‬غفير،‭ ‬وهما‭ ‬الأخيران‭ ‬يشغلان‭ ‬حاليًا‭ ‬منصب‭ ‬وزير‭ ‬المالية‭ ‬والأمن‭ ‬القومي‭ ‬على‭ ‬التوالي‭.‬

كان‭ ‬لكل‭ ‬واحد‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الشخصيات‭ ‬سبب‭ ‬مختلف‭ ‬للانضمام‭ ‬إلى‭ ‬التحالف‭ ‬الحكومي‭ ‬المتطرف‭ ‬الجديد‭. ‬فأجندة‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬سموتريش‭ ‬وبن‭ ‬غفير‭ ‬تشمل‭ ‬ضم‭ ‬المستوطنات‭ ‬غير‭ ‬الشرعية‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬وترحيل‭ ‬السياسيين‭ ‬العرب‭ ‬الذين‭ ‬يعتبرون‭ ‬‮«‬غير‭ ‬موالين‮»‬‭ ‬للدولة‭ ‬الإسرائيلية‭.‬

أما‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬الحالي‭ ‬بنيامين‭ ‬نتنياهو،‭ ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬كونه‭ ‬عقائديًا‭ ‬يمينيًا،‭ ‬فإنه‭ ‬يهتم‭ ‬أكثر‭ ‬بالطموحات‭ ‬الشخصية‭ ‬مثل‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬السلطة‭ ‬لأطول‭ ‬فترة‭ ‬ممكنة،‭ ‬مع‭ ‬حماية‭ ‬نفسه‭ ‬وعائلته‭ ‬من‭ ‬المشاكل‭ ‬القانونية‭ ‬والملاحقات‭ ‬القضائية‭.‬

إنه‭ ‬يريد‭ ‬ببساطة‭ ‬البقاء‭ ‬خارج‭ ‬السجن‭. ‬للقيام‭ ‬بذلك،‭ ‬يحتاج‭ ‬بنيامين‭ ‬نتنياهو‭ ‬أيضًا‭ ‬إلى‭ ‬تلبية‭ ‬المطالب‭ ‬الخطيرة‭ ‬لحلفائه،‭ ‬الذين‭ ‬أطلقوا‭ ‬العنان‭ ‬لعنف‭ ‬الجيش‭ ‬والمستوطنين‭ ‬ضد‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬المحتلة،‭ ‬كما‭ ‬كان‭ ‬الحال‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬حوارة‭ ‬ونابلس‭ ‬وجنين‭ ‬وأماكن‭ ‬أخرى‭.‬

لكن‭ ‬حكومة‭ ‬نتنياهو،‭ ‬التي‭ ‬تعتبر‭ ‬أيضا‭ ‬الأكثر‭ ‬استقرارًا‭ ‬منذ‭ ‬سنوات،‭ ‬لديها‭ ‬أهداف‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬مجرد‭ ‬‮«‬محو‮»‬‭ ‬البلدات‭ ‬الفلسطينية‭ ‬من‭ ‬الخريطة‭. ‬إنها‭ ‬تريد‭ ‬تغيير‭ ‬النظام‭ ‬القضائي‭ ‬الذي‭ ‬يسمح‭ ‬لها‭ ‬بتغيير‭ ‬المجتمع‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬نفسه‭.‬

سوف‭ ‬يمنح‭ ‬الإصلاح‭ ‬القضائي‭ ‬المثير‭ ‬للجدل،‭ ‬والذي‭ ‬أجج‭ ‬موجة‭ ‬من‭ ‬المظاهرات‭ ‬والاحتجاجات‭ ‬الغاضبة،‭ ‬الحكومة‭ ‬الإسرائيلية،‭ ‬سيطرة‭ ‬على‭ ‬التعيينات‭ ‬القضائية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الحد‭ ‬من‭ ‬سلطة‭ ‬المحكمة‭ ‬العليا‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬في‭ ‬ممارسة‭ ‬دورها‭ ‬في‭ ‬المراجعة‭ ‬القضائية‭.‬

يجب‭ ‬أن‭ ‬نوضح‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الصدد‭ ‬أن‭ ‬الاحتجاجات‭ ‬الراهنة‭ ‬في‭ ‬إسرائيل‭ ‬لا‭ ‬علاقة‭ ‬لها‭ ‬بالاحتلال‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬والفصل‭ ‬العنصري،‭ ‬ولا‭ ‬تهتم‭ ‬كثيرًا‭ ‬بحقوق‭ ‬الفلسطينيين‭. ‬يتزعم‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬القادة‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬السابقين‭ - ‬أمثال‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬السابق‭ ‬إيهود‭ ‬باراك‭ ‬والوزيرة‭ ‬السابقة‭ ‬تسيبي‭ ‬ليفني‭ ‬ورئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬السابق‭ ‬وزعيم‭ ‬المعارضة‭ ‬يائير‭ ‬لابيد‭ ‬هذه‭ ‬الاحتجاجات‭.‬

خلال‭ ‬فترة‭ ‬نفتالي‭ ‬بينيت‭ ‬ويائير‭ ‬لبيد‭ ‬في‭ ‬السلطة‭ ‬على‭ ‬رأس‭ ‬الحكومة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬يونيو‭ ‬2021‭ ‬وديسمبر‭ ‬2022،‭ ‬قُتل‭ ‬مئات‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭. ‬وصف‭ ‬منسق‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬الخاص‭ ‬لعملية‭ ‬السلام‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬تور‭ ‬وينيسلاند،‭ ‬عام‭ ‬2022‭ ‬بأنه‭ ‬‮«‬الأكثر‭ ‬دموية‮»‬‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2005‭. ‬خلال‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت،‭ ‬توسعت‭ ‬المستوطنات‭ ‬اليهودية‭ ‬غير‭ ‬القانونية‭ ‬بسرعة‭ ‬كبيرة،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬تم‭ ‬قصف‭ ‬غزة‭ ‬بشكل‭ ‬روتيني‭.‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬واجهت‭ ‬حكومة‭ ‬بينيت‭ - ‬لابيد‭ ‬رد‭ ‬فعل‭ ‬محدود‭ ‬من‭ ‬المجتمع‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬لأعمالها‭ ‬الدموية‭ ‬وغير‭ ‬القانونية‭ ‬في‭ ‬فلسطين‭. ‬كما‭ ‬واجهت‭ ‬المحكمة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬العليا،‭ ‬التي‭ ‬وافقت‭ ‬على‭ ‬معظم‭ ‬الإجراءات‭ ‬الحكومية‭ ‬في‭ ‬فلسطين‭ ‬المحتلة،‭ ‬احتجاجات‭ ‬قليلة‭ ‬أو‭ ‬معدومة‭ ‬على‭ ‬التصديق‭ ‬على‭ ‬الفصل‭ ‬العنصري‭ ‬والمصادقة‭ ‬على‭ ‬الشرعية‭ ‬المفترضة‭ ‬للمستعمرات‭ ‬اليهودية،‭ ‬وكلها‭ ‬غير‭ ‬قانونية‭ ‬بموجب‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭.‬

كما‭ ‬تم‭ ‬منح‭ ‬ختم‭ ‬الموافقة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬المحكمة‭ ‬العليا‭ ‬عندما‭ ‬أقرت‭ ‬إسرائيل‭ ‬قانون‭ ‬الدولة‭ ‬القومية،‭ ‬الذي‭ ‬عرّفت‭ ‬نفسها‭ ‬حصريًا‭ ‬كدولة‭ ‬يهودية،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬بالتالي‭ ‬طرد‭ ‬مجمل‭ ‬السكان‭ ‬العرب‭ ‬المسلمين‭ ‬والمسيحيين‭ ‬الذين‭ ‬يتقاسمون‭ ‬نفس‭ ‬الكتلة‭ ‬من‭ ‬الأرض‭ ‬بين‭ ‬نهر‭ ‬الأردن‭ ‬والبحر‭ ‬الأبيض‭ ‬المتوسط‭.‬

نادرًا‭ ‬ما‭ ‬انحاز‭ ‬النظام‭ ‬القضائي‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬وقضاياهم،‭ ‬وعندما‭ ‬سُجّلت‭ ‬‮«‬انتصارات‮»‬‭ ‬صغيرة‭ ‬بين‭ ‬الحين‭ ‬والآخر،‭ ‬فإنها‭ ‬بالكاد‭ ‬غيرت‭ ‬الواقع‭ ‬العام‭. ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أنه‭ ‬يمكن‭ ‬للمرء‭ ‬أن‭ ‬يتفهم‭ ‬يأس‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬يحاولون‭ ‬محاربة‭ ‬الظلم‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬باستخدام‭ ‬‮«‬نظام‭ ‬العدالة‮»‬‭ ‬الخاص‭ ‬بالدولة،‭ ‬فقد‭ ‬أسهمت‭ ‬هذه‭ ‬اللغة‭ ‬في‭ ‬الارتباك‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بما‭ ‬تعنيه‭ ‬الاحتجاجات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬المستمرة‭ ‬للفلسطينيين‭.‬

في‭ ‬الواقع،‭ ‬هذه‭ ‬ليست‭ ‬المرة‭ ‬الأولى‭ ‬التي‭ ‬يخرج‭ ‬فيها‭ ‬الإسرائيليون‭ ‬إلى‭ ‬الشوارع‭ ‬بأعداد‭ ‬كبيرة‭. ‬ففي‭ ‬شهر‭ ‬أغسطس‭ ‬2011،‭ ‬شهدت‭ ‬دولة‭ ‬إسرائيل‭ ‬ما‭ ‬وصفه‭ ‬البعض‭ ‬بـ«الربيع‭ ‬العربي‮»‬‭ ‬لإسرائيل‭. ‬لكن‭ ‬هذا‭ ‬أيضًا‭ ‬كان‭ ‬صراعًا‭ ‬طبقيًا‭ ‬ضمن‭ ‬حدود‭ ‬إيديولوجية‭ ‬محددة‭ ‬بوضوح‭ ‬ومصالح‭ ‬سياسية‭ ‬نادراً‭ ‬ما‭ ‬تتداخل‭ ‬مع‭ ‬نضال‭ ‬موازٍ‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬المساواة‭ ‬والعدالة‭ ‬وحقوق‭ ‬الإنسان‭.‬

توجد‭ ‬صراعات‭ ‬اجتماعية‭ ‬واقتصادية‭ ‬مزدوجة‭ ‬في‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المجتمعات‭ ‬حول‭ ‬العالم،‭ ‬والخلط‭ ‬بينها‭ ‬ليس‭ ‬غير‭ ‬مسبوق،‭ ‬لكن‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬إسرائيل،‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬هذا‭ ‬الارتباك‭ ‬خطيرًا‭ ‬لأن‭ ‬نتيجة‭ ‬الاحتجاجات‭ ‬الإسرائيلية،‭ ‬سواء‭ ‬كانت‭ ‬ناجحة‭ ‬أو‭ ‬فاشلة،‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تحفز‭ ‬التفاؤل‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬أساس‭ ‬له‭ ‬أو‭ ‬تحبط‭ ‬معنويات‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬يناضلون‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الحرية‭ ‬الفلسطينية‭.‬

تمت‭ ‬المصادقة‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬هذه‭ ‬الأعمال‭ ‬بشكل‭ ‬كامل‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬المحاكم‭ ‬الإسرائيلية،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬المحكمة‭ ‬العليا‭ ‬في‭ ‬البلاد‭. ‬وهذا‭ ‬يعني‭ ‬أنه‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬فشل‭ ‬نتنياهو‭ ‬في‭ ‬هيمنة‭ ‬النظام‭ ‬القضائي،‭ ‬فإن‭ ‬المدنيين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬سيستمرون‭ ‬في‭ ‬محاكمة‭ ‬أمام‭ ‬المحاكم‭ ‬العسكرية،‭ ‬التي‭ ‬ستنفذ‭ ‬روتينية‭ ‬الموافقة‭ ‬على‭ ‬هدم‭ ‬المنازل،‭ ‬ومصادرة‭ ‬الأراضي‭ ‬بشكل‭ ‬غير‭ ‬قانوني‭ ‬وبناء‭ ‬المستوطنات‭.‬

إن‭ ‬الانخراط‭ ‬المناسب‭ ‬مع‭ ‬الاحتجاجات‭ ‬المستمرة‭ ‬هو‭ ‬الكشف‭ ‬عن‭ ‬كيفية‭ ‬استخدام‭ ‬تل‭ ‬أبيب‭ ‬للنظام‭ ‬القضائي‭ ‬للحفاظ‭ ‬على‭ ‬الوهم‭ ‬بأن‭ ‬إسرائيل‭ ‬هي‭ ‬دولة‭ ‬القانون‭ ‬والنظام‭ ‬والديمقراطية،‭ ‬وأن‭ ‬جميع‭ ‬الأعمال‭ ‬والعنف‭ ‬في‭ ‬فلسطين،‭ ‬مهما‭ ‬كانت‭ ‬دموية‭ ‬ومدمرة،‭ ‬لها‭ ‬ما‭ ‬يبررها‭ ‬تمامًا،‭ ‬وفقًا‭ ‬للإطار‭ ‬القانوني‭ ‬للدولة‭.‬

نعم،‭ ‬يجب‭ ‬معاقبة‭ ‬إسرائيل،‭ ‬ليس‭ ‬بسبب‭ ‬محاولة‭ ‬نتنياهو‭ ‬استمالة‭ ‬القضاء،‭ ‬ولكن‭ ‬لأن‭ ‬نظام‭ ‬الفصل‭ ‬العنصري‭ ‬ونظام‭ ‬الاحتلال‭ ‬العسكري‭ ‬يشكلان‭ ‬تجاهلًا‭ ‬تامًا‭ ‬وانتهاكًا‭ ‬صارخًا‭ ‬للقانون‭ ‬الدولي‭. ‬وسواء‭ ‬أحب‭ ‬الإسرائيليون‭ ‬ذلك‭ ‬أم‭ ‬أبوا،‭ ‬فإن‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬هو‭ ‬القانون‭ ‬الوحيد‭ ‬الذي‭ ‬تواجه‭ ‬به‭ ‬دولة‭ ‬الاحتلال‭ ‬والاضطهاد‭. ‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا