العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

مرحلة حاسمة في مـسـيـرة الـنـضـال الفلـسطـيني

بقلم: د. أسعد عبدالرحمن

السبت ٢٥ مارس ٢٠٢٣ - 02:00

مفارقة‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬التحذير‭ ‬منها‭! ‬ففي‭ ‬فلسطين‭ ‬1967،‭ ‬سقط‭ ‬منذ‭ ‬اليوم‭ ‬الأول‭ ‬لعام‭ ‬2023‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ (‬80‭) ‬شهيدا‭ ‬برصاص‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬في‭ ‬حين‭  ‬وخلال‭ ‬الفترة‭ ‬نفسها‭ ‬من‭ ‬العام‭  ‬سقط‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬30‭ ‬قتيلا‭ ‬عربيا‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬‮«‬فلسطين‭ ‬48‮»‬‭ ‬برصاص‭ ‬بعضهم‭ ‬البعض‭!‬

مفارقة‭ ‬كبيرة‭ ‬بين‭ ‬الاستشهاد‭ ‬النضالي‭ ‬المقاوم‭ ‬والموت‭ ‬بقوة‭ ‬القتل‭ ‬العبثي‭. ‬ففي‭ ‬الأولى،‭ ‬نرصد‭ ‬كفاح‭ ‬شعب‭ ‬ضد‭ ‬الاحتلال‭ ‬بات‭ ‬يقلق‭ ‬الساحة‭ ‬الداخلية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬ترسخ‭ ‬في‭ ‬الساحة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬واقع‭ ‬مقاوم‭ ‬جديد‭ ‬تؤثر‭ ‬تبعاته‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬المشهد‭ ‬السياسي‭ ‬الفلسطيني‭ ‬والإسرائيلي‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬سواء‭. ‬فلقد‭ ‬نجحت‭ ‬المقاومة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬في‭ ‬تطوير‭ ‬وابتكار‭ ‬أساليب‭ ‬إضافية‭ ‬باتت‭ ‬تشكل‭ ‬خطرا‭ ‬على‭ ‬‮«‬هناء‮»‬‭ ‬الدولة‭ ‬الصهيونية‭ ‬باعتراف‭ ‬عسكريين‭ ‬وسياسيين‭ ‬إسرائيليين‭. ‬ففي‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة،‭ ‬ثمة‭ ‬قطاع‭ ‬واسع‭ ‬من‭ ‬جيل‭ ‬فلسطيني‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬مؤمنا‭ ‬بأي‭ ‬مسار‭ ‬سياسي‭ ‬وبات‭ ‬أكثر‭ ‬قناعة‭ ‬بأن‭ ‬المقاومة،‭ ‬وعلى‭ ‬رأسها‭ ‬المسلحة،‭ ‬هي‭ ‬الأنسب‭ ‬اليوم،‭ ‬مقرونا‭ ‬بشعور‭ ‬بالقدرة‭ ‬وبجدوى‭ ‬الكفاح‭ ‬المسلح‭ ‬لتغيير‭ ‬الواقع،‭ ‬وأن‭ ‬حملات‭ ‬الاعتقال‭ ‬المكثفة‭ ‬وتصفية‭ ‬المقاومين‭ ‬وتكاثر‭ ‬الإصابات‭ ‬في‭ ‬صفوف‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬يعزز‭ ‬روح‭ ‬المقاومة‭ ‬وانتشارها‭ ‬في‭ ‬أرجاء‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية،‭ ‬بل‭ ‬ويغذي‭ ‬الدافعية‭ ‬للانضمام‭ ‬إلى‭ ‬النضال‭.‬

بالمقابل،‭ ‬نحن‭ ‬ندرك‭ ‬الدور‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬في‭ ‬مواصلة‭ ‬نسج‭ ‬المؤامرات‭ ‬بهدف‭ ‬مسح‭ ‬ثقافة‭ ‬فلسطينيي‭ ‬48‭ ‬الفلسطينية‭ ‬والعربية،‭ ‬ومحاولة‭ ‬‮«‬أسرلتهم‮»‬،‭ ‬وقطع‭ ‬جذورهم‭ ‬عن‭ ‬انتمائهم‭ ‬الوطني،‭ ‬وصولا‭ ‬إلى‭ ‬تفتيتهم‭ ‬وتقسيمهم‭ ‬دينيا‭ ‬وطائفيا،‭ ‬وبالتالي‭ ‬سهولة‭ ‬تشجيع‭ ‬الجريمة‭ ‬بين‭ ‬صفوفهم‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬غياب‭/ ‬تغييب‭ ‬الشرطة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬عن‭ ‬سابق‭ ‬قصد‭ ‬وتعمد‭.‬

‭ ‬غير‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬المؤسف،‭ ‬بل‭ ‬من‭ ‬الجارح‭ ‬والمفجع‭ ‬حقا،‭ ‬سقوط‭ ‬هذا‭ ‬العدد‭ ‬من‭ ‬القتلى‭ ‬العرب‭ ‬في‭ ‬فلسطيني‭ ‬48‭ ‬في‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬أربعة‭ ‬أشهر‭ ‬بمعنى‭ ‬انتشارها‭ ‬بشكل‭ ‬متزايد،‭ ‬حتى‭ ‬اقتربت‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬تصبح‭ ‬ظاهرة‭ ‬خطيرة‭ ‬من‭ ‬المؤكد‭ ‬أنها‭ ‬ستؤثر‭ ‬في‭ ‬وحدة‭ ‬نسيجهم‭ ‬الاجتماعي‭ ‬وتضعف‭ ‬من‭ ‬صمودهم‭ ‬بل‭ ‬ودورهم‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬إخوانهم‭ ‬في‭ ‬فلسطين‭ ‬1967‭.‬

منذ‭ ‬عام‭ ‬النكبة‭ ‬في‭ ‬1948،‭ ‬حافظ‭ ‬فلسطينيو‭ ‬48‭ ‬على‭ ‬انتمائهم‭ ‬القوي‭ ‬لشعبهم‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬ولا‭ ‬خلاف‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬موضوع‭ ‬العنف‭ ‬والجريمة‭ ‬في‭ ‬مجتمعهم‭ ‬يتعلق‭ ‬بسياسة‭ ‬الدولة‭ ‬الصهيونية‭ ‬تجاه‭ ‬العرب‭ ‬التي‭ ‬تضعهم‭ ‬على‭ ‬هامش‭ ‬المجتمع‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬تتعامل‭ ‬معه‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬كمجتمع‭ ‬خصم‭ ‬وإنما‭ ‬كمجتمع‭ ‬معاد‭. ‬أما‭ ‬مفاصل‭ ‬المجتمع‭ ‬العربي‭ ‬في‭ ‬فلسطين‭ ‬48‭ (‬قيادات‭ ‬سياسية،‭ ‬وأحزاب،‭ ‬وبلديات‭ ‬‮…‬‭ ‬إلخ‭) ‬فمن‭ ‬الطبيعي‭ ‬أنهم‭ ‬جميعا‭ ‬غير‭ ‬قادرين‭ ‬على‭ ‬معالجة‭ ‬العنف‭ ‬وفوضى‭ ‬السلاح‭ ‬بمفردهم،‭ ‬بل‭ ‬إنه‭ ‬إسرائيليا‭ ‬لن‭ ‬يسمح‭ ‬لهم‭ ‬بذلك‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬كانوا‭ ‬قادرين‭.‬

‭ ‬فعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬لا‭ ‬الحصر،‭ ‬لماذا‭ ‬نجحت‭ (‬بحسب‭ ‬المصادر‭ ‬العبرية‭) ‬شرطة‭ ‬الاحتلال‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة‭ ‬في‭ ‬تفكيك‭ ‬العصابات‭ ‬والمافيات‭ ‬في‭ ‬الوسط‭ ‬اليهودي،‭ ‬وقضت‭ ‬عليها‭ ‬أو‭ ‬على‭ ‬معظمها‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬عصابات‭ ‬المخدرات،‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬تتفاقم‭ ‬فيه‭ ‬هذه‭ ‬الظواهر‭ ‬في‭ ‬الوسط‭ ‬العربي؟‭!!‬

هذا‭ ‬القتل‭ ‬العبثي‭ ‬في‭ ‬فلسطين‭ ‬48‭ ‬بات‭ ‬ظاهرة‭ ‬فظيعة‭ ‬تتفاقم‭ ‬سنة‭ ‬إثر‭ ‬سنة‭ ‬وتحتاج‭ ‬تسليط‭ ‬الضوء‭ ‬عليها‭ ‬بشدة‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬أولى‭. ‬ومن‭ ‬جهة‭ ‬ثانية،‭ ‬نحن‭ ‬مع‭ ‬قادة‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬الفلسطيني‭ (‬بمختلف‭ ‬تياراتهم‭ ‬الوطنية‭/ ‬القومية‭/ ‬والإسلامية‭) ‬في‭ ‬إدانتهم‭ ‬المستمرة‭ ‬لكل‭ ‬هذه‭ ‬المقارفات‭ ‬والانتهاكات‭ ‬الذاتية‭ (‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬المقارفات‭ ‬الرسمية‭ ‬الإسرائيلية‭) ‬ذلك‭ ‬إنها‭ ‬مظاهر‭ ‬تنم‭ ‬عن‭ ‬عبثية‭ ‬وتخلف‭ ‬هذه‭ ‬الاستهدافات‭ ‬التي‭ ‬تتوزع‭ ‬بين‭ ‬جرائم‭ ‬العصابات‭ ‬المنظمة‭ ‬وجرائم‭ ‬الشرف‭ ‬والثأر‭ ‬بل‭ ‬وعراك‭ ‬عادي‭ ‬سرعان‭ ‬ما‭ ‬يتحول‭ ‬إلى‭ ‬مجزرة‭ ‬وإهراق‭ ‬للدم‭! ‬وفي‭ ‬المحصلة،‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬القتل‭ ‬العبثي‭ ‬غير‭ ‬مقبول،‭ ‬وغير‭ ‬مغفور،‭ ‬لا‭ ‬وطنيا‭ ‬ولا‭ ‬دينيا‭! ‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا