من الواضح والجلي أن صورة الحرب في أوكرانيا قد بينت بما لا يدع مجالا للشك أن دول حلف الناتو وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية تستخدم أرض أوكرانيا وشعبها ودماء جنودها لمحاربة روسيا الاتحادية بغرض الاستنزاف وإلحاق الهزيمة بهذه الدولة العظمى دون جدوى. خصوصا وإن هذه الحرب التي تكمل عامها الأول قد نتنج عنها نتائج كارثية فعدد القتلى من الجنود الأوكرانيين أكثر من ربع مليون قتيل وأكثر من نصف مليون من الجرحى الذين لا يمكن لأغلبهم أن يعودوا إلى أرض المعركة الشرسة التي تجعل السلاف يقتلون السلاف والروس يقتلون الروس باعتبار أن أغلب الأوكرانيين هم من الروس.
وقد عبر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في أكثر من مرة أن الشعب الأوكراني هو شعب شقيق بل إنه في إحدى خطبه أكد أن الجيش الروسي يتجنب قدر الإمكان قتل إخواننا الأوكرانيين أو تدمير المباني السكنية للمواطنين الأوكرانيين وهذا سبب من أسباب بطء العملية العسكرية الروسية لأن روسيا تجنبت حتى الآن استخدام أسلحة الدمار الشامل التي بإمكانها إنهاء الحرب في أسبوع واحد ولكن بنتائج كارثية تشبه ما حدث في هيروشيما ونجازاكي بعد الضربة النووية الأمريكية عليها في نهاية الحرب العالمية الثانية والتي أبادت المدنيين إبادة كاملة.
إن الماكينة الحربية على أرض أوكرانيا تحصد يوميا المئات بل الآلاف من الطرفين وإن الغرب لا يهتم بذلك بأي شكل من الأشكال فقد تم تشريد أكثر من 10 ملايين أوكراني 3 ملايين منهم لجأوا إلى روسيا الاتحادية و7 ملايين مبعثرين بين الدول الأوروبية بولندا وألمانيا وفرنسا وغيرها وتدمير قدرة الدولة الأوكرانية على إدامة الحياة الطبيعة لشعب أوكرانيا في مختلف مناطق هذه الدولة الغنية وهذا الأمر لا يبدو أنه يقلق الأمريكان ودول الناتو لأن الذي يدفع الثمن من حياته ودمائه هو الشعب الأوكراني ولو كان هذا الغرب مهتما بذلك لكان قد دعم جهود السلام بين البلدين منذ البداية حيث كان واضحا أن الأمريكان والإنجليز هم من أوقفوا محادثات السلام التي احتضنتها تركيا ووافق عليها كل من روسيا وأوكرانيا لأن هاتين الدولتين أي الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا العظمى تعتقدان أن انتصار روسيا الاتحادية في هذه الحرب سواء بالسلام أو المفاوضات سيجعل من روسيا قوة ضاربة ومؤثرة في العالم وبالتالي استرجاع دور اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفيتية السابق وهذا ما يخيف دول حلف الناتو عامة والولايات المتحدة الأمريكية خاصة.
لقد كان واضحا منذ البداية أن مستقبل أوكرانيا واستقلالها ونموها وازدهارها مرتبط بحيادها الكامل وتخليها عن أسلحة الدمار الشامل وتعاملها مع روسيا الاتحادية تعاملا سليما وعدم التآمر على أمن واستقرار روسيا والتعامل بشكل عقلاني مع المطالب الشرعية لسكان إقليم الدونباس الذين يتعرضون بشكل ممنهج إلى الاضطهاد وإلى الظلم وإلى الاعتداء العشوائي الدائم منذ عام 2014 وإلى اليوم حيث تستمر القوات الأوكرانية وحلفاؤها من دول الناتو في ضرب مدن إقليم الدونباس من مبان سكنية ومدارس ومستشفيات ورياض أطفال ومجمعات تجارية بالصواريخ الأمريكية الصنع الفتاكة والقضاء بشكل ممنهج على شبكة الكهرباء والماء في الوقت الذي يتحدثون فيه على أن سكان الدونباس أوكرانيين.
إن استقلالية الدولة الأوكرانية وسلميتها هي أساس مستقبلها السلمي فقد نصت وثيقة استقلال أوكرانيا عن الاتحاد السوفيتي في بداية تسعينيات القرن الماضي على إن أوكرانيا دولة محايدة كما وقعت على أن الأوكران شعب شقيق ودولتهم محايدة وثقافتهم واحدة وقيمهم الروحية والأخلاقية مشتركة وتاريخهم مشترك ولكن للأٍسف نجح الأمريكان والدول الغربية في تحويل أوكرانيا إلى دولة معادية لروسيا تمهيدا لاحتلالها والسيطرة عليها وتحويلها إلى قاعدة متقدمة لمحاربة روسيا بل وضمها إلى حلف الناتو برئاسة الولايات المتحدة الأمريكية تمهيدا لإقامة القواعد العسكرية المتقدمة ونصب منصات الصواريخ الاستراتيجية والنووية على حدود روسيا وقد بدأت دول الناتو بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية وقيادتها بالفعل في تنفيذ هذه الخطة الجهنمية بعكس ما تم الاتفاق عليه في الاتفاقيات والمفاوضات بين روسيا الاتحادية والولايات المتحدة الأمريكية في بداية التسعينيات حول عدم تقدم الناتو نحو الحدود الروسية والذي حدث بالفعل هو تقدم هذه الدول لمحاصرة روسيا ولم يبق في الحقيقة سوى عدد قليل من دول شمال أوروبا وشرقها خارج الناتو مثل السويد وفنلندا وأوكرانيا وكانت القطرة التي أفاضت الكأس وأدت إلى هذه الحرب الطاحنة تنظيم انقلاب على السلطة الشرعية في أوكرانيا وفرض سلطة جديدة موالية للولايات المتحدة الأمريكية ومدعومة من النازين الجدد الأوكران الذين شنوا الحرب على إقليم الدونباس وهددوا روسيا بشكل مباشر ولم يخفوا خططهم لضرب روسيا خصوصا خلال الفترة من 2014 وحتى 2022.
وهكذا فإن الغرب يستخدم دماء الأوكران ومقدراتهم لإدارة حربه على روسيا الاتحادية بالشكل الذي نشاهده اليوم.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك