العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

لغز المرض الذي أصاب الجنود الأمريكيين في العراق

بقلم: د. إسماعيل محمد المدني

الجمعة ٢٤ مارس ٢٠٢٣ - 02:00

تداعيات‭ ‬الغزو‭ ‬الأمريكي‭ ‬للعراق‭ ‬لن‭ ‬تنتهي‭ ‬أبداً،‭ ‬وستبقى‭ ‬معنا‭ ‬سنوات‭ ‬طويلة‭ ‬قادمة،‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬انتهاء‭ ‬الحرب‭ ‬قبل‭ ‬عشرين‭ ‬عاماً‭. ‬وهذه‭ ‬الانعكاسات‭ ‬التي‭ ‬نجمت‭ ‬عن‭ ‬الحرب‭ ‬العدوانية‭ ‬منذ‭ ‬بدء‭ ‬القصف‭ ‬الجوي‭ ‬في‭ ‬الثالث‭ ‬من‭ ‬مارس‭ ‬2003،‭ ‬وبالتحديد‭ ‬أتحدثُ‭ ‬هنا‭ ‬عن‭ ‬الانعكاسات‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬البيئة‭ ‬الصحية،‭ ‬لم‭ ‬تنزل‭ ‬فقط‭ ‬على‭ ‬الشعب‭ ‬العراقي‭ ‬وأطفال‭ ‬العراق،‭ ‬وإنما‭ ‬نزلت‭ ‬أيضاً‭ ‬على‭ ‬الجنود‭ ‬الأمريكيين‭ ‬الذين‭ ‬شاركوا‭ ‬في‭ ‬الغزو‭ ‬وأمضوا‭ ‬سنوات‭ ‬يحاربون‭ ‬الشعب‭ ‬العراقي‭.‬

أما‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬التأثيرات‭ ‬البيئية‭ ‬الصحية‭ ‬للغزو‭ ‬الأمريكي‭ ‬ودول‭ ‬الحلفاء‭ ‬للعراق‭ ‬على‭ ‬المواطنين‭ ‬العراقيين‭ ‬فقد‭ ‬كتبتُ‭ ‬عنها‭ ‬عدة‭ ‬مقالات،‭ ‬منها‭ ‬المقال‭ ‬المنشور‭ ‬في‭ ‬12‭ ‬أغسطس‭ ‬2011‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬أخبار‭ ‬الخليج‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭:  ‬‮«‬غزو‭ ‬فيتنام‭ ‬والعراق‭ ‬والتداعيات‭ ‬البيئية‭ ‬والصحية‮»‬،‭ ‬والثاني‭ ‬في‭ ‬29‭ ‬أكتوبر‭ ‬2012‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭: ‬‮«‬التشوه‭ ‬الخَلْقي‭ ‬للأطفال‭ ‬في‭ ‬العراق‮»‬،‭ ‬حيث‭ ‬تناولت‭ ‬فيهما‭ ‬الانعكاسات‭ ‬الصحية‭ ‬والبيئية‭ ‬لمعركة‭ ‬الفلوجة‭ ‬الدامية‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬عامي‭ ‬2003‭ ‬و2004،‭ ‬والتي‭ ‬تعرضت‭ ‬للقصف‭ ‬الأمريكي‭ ‬والبريطاني‭ ‬بمختلف‭ ‬أنواع‭ ‬القنابل‭ ‬غير‭ ‬المسموح‭ ‬بها‭ ‬دوليا،‭ ‬كقنابل‭ ‬اليورانيوم‭ ‬المنضب‭ ‬أو‭ ‬المستنفد‭(‬depleted‭ ‬uranium‭)‬،‭ ‬والقنابل‭ ‬الفسفورية‭ ‬البيضاء‭ ‬الحارقة،‭ ‬وانعكاس‭ ‬انبعاث‭ ‬الملوثات‭ ‬المشعة‭ ‬والسامة‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬القنابل‭ ‬على‭ ‬جسم‭ ‬العراقيين‭ ‬وانكشافها‭ ‬على‭ ‬هيئة‭ ‬مظاهر‭ ‬صحية‭ ‬غريبة،‭ ‬وأمراض‭ ‬مزمنة‭ ‬مستعصية‭ ‬على‭ ‬العلاج،‭ ‬مثل‭ ‬ازدياد‭ ‬أعداد‭ ‬المصابين‭ ‬بالسرطان،‭ ‬وارتفاع‭ ‬ولادة‭ ‬الأطفال‭ ‬المشوهين‭ ‬خَلْقياً‭ ‬والمصابين‭ ‬بإعاقات‭ ‬جسدية‭ ‬منذ‭ ‬الولادة،‭ ‬كتشوهات‭ ‬في‭ ‬القلب،‭ ‬وإعاقات‭ ‬في‭ ‬المخ‭ ‬وخلل‭ ‬في‭ ‬وظائف‭ ‬أجزاء‭ ‬المخ،‭ ‬وتشوهات‭ ‬في‭ ‬الأعضاء‭ ‬والأطراف،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬ارتفاع‭ ‬تركيز‭ ‬الملوثات‭ ‬في‭ ‬مكونات‭ ‬البيئة‭ ‬المختلفة،‭ ‬مثل‭ ‬اليورانيوم،‭ ‬والزئبق،‭ ‬والرصاص‭. ‬وأما‭ ‬المقال‭ ‬الثالث‭ ‬فقد‭ ‬نُشر‭ ‬في‭ ‬10‭ ‬من‭ ‬نوفمبر‭ ‬2012‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭: ‬‮«‬اعتراف‭ ‬أمريكي‭ ‬بالجرائم‭ ‬البيئية‭ ‬في‭ ‬العراق‮»‬،‭ ‬ثم‭ ‬نشرتُ‭ ‬المقال‭ ‬في‭ ‬الرابع‭ ‬من‭ ‬ديسمبر‭ ‬2020‭ ‬وعنوانه‭: ‬‮«‬تداعيات‭ ‬غزو‭ ‬الفلوجة‭ ‬باقية‮»‬‭.‬

وأما‭ ‬الفئة‭ ‬الثانية‭ ‬التي‭ ‬تضررت‭ ‬وتدهورت‭ ‬صحتها‭ ‬سنوات‭ ‬طويلة‭ ‬عجاف‭ ‬فكانت‭ ‬فئة‭ ‬الجنود‭ ‬الأمريكيين‭ ‬ومن‭ ‬تحالف‭ ‬معهم‭ ‬على‭ ‬حدٍ‭ ‬سواء،‭ ‬وهذه‭ ‬الأسقام‭ ‬والحالات‭ ‬والأعراض‭ ‬الغامضة‭ ‬التي‭ ‬نزلت‭ ‬عليهم‭ ‬بُعيد‭ ‬انتهاء‭ ‬الحرب‭ ‬مازالوا‭ ‬يعانون‭ ‬منها‭ ‬حتى‭ ‬كتابة‭ ‬هذه‭ ‬السطور‭. ‬فكما‭ ‬أن‭ ‬الحرب‭ ‬أثرت‭ ‬بيئياً‭ ‬وصحياً‭ ‬في‭ ‬الشعب‭ ‬العراقي‭ ‬فقد‭ ‬دمرت‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭ ‬الحالة‭ ‬الصحية‭ ‬الجسدية‭ ‬والعقلية‭ ‬والنفسية‭ ‬لآلاف‭ ‬من‭ ‬الجنود‭ ‬الأمريكيين‭.‬

وفي‭ ‬بدايات‭ ‬ظهور‭ ‬هذه‭ ‬الحالات‭ ‬المرضية‭ ‬الغريبة‭ ‬على‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬الجنود‭ ‬الأمريكيين،‭ ‬أنكرت‭ ‬الحكومة‭ ‬الأمريكية‭ ‬كعادتها‭ ‬واقعية‭ ‬هذه‭ ‬الأعراض،‭ ‬كما‭ ‬فعلت‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬تعرض‭ ‬الجنود‭ ‬الأمريكيين‭ ‬للعميل‭ ‬البرتقالي‭ ‬في‭ ‬فيتنام‭ ‬وهو‭ ‬مبيد‭ ‬حشري‭ ‬استخدم‭ ‬لتدمير‭ ‬الغابات‭ ‬والأحراش‭ ‬في‭ ‬فيتنام،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬تعرض‭ ‬الجنود‭ ‬الذين‭ ‬حاربوا‭ ‬في‭ ‬عملية‭ ‬درع‭ ‬الصحراء‭ ‬أثناء‭ ‬الاحتلال‭ ‬العراقي‭ ‬لدولة‭ ‬الكويت‭ ‬في‭ ‬يناير‭ ‬1991،‭ ‬حيث‭ ‬أُصيب‭ ‬الآلاف‭ ‬منهم‭ ‬بمرضٍ‭ ‬جديد‭ ‬وغريب‭ ‬لم‭ ‬يعرفه‭ ‬الطب‭ ‬من‭ ‬قبل،‭ ‬وأُطلق‭ ‬عليه‭ ‬‮«‬مرض‭ ‬أو‭ ‬ظاهرة‭ ‬حرب‭ ‬الخليج‮»‬‭ (‬Gulf‭ ‬War‭ ‬Syndrome‭)‬،‭ ‬وهذا‭ ‬المرض‭ ‬مازال‭ ‬يحير‭ ‬عقول‭ ‬أطباء‭ ‬أمريكا،‭ ‬فلم‭ ‬يحددوا‭ ‬حتى‭ ‬يومنا‭ ‬هذا‭ ‬أسباب‭ ‬تعرض‭ ‬الجنود‭ ‬لهذا‭ ‬المرض‭ ‬العصيب‭ ‬الغامض‭.‬

ولذلك‭ ‬لمدة‭ ‬سنوات‭ ‬لم‭ ‬تعترف‭ ‬الحكومة‭ ‬الأمريكية‭ ‬بإصابة‭ ‬هؤلاء‭ ‬الجنود‭ ‬بالمرض‭ ‬المزمن‭ ‬الناجم‭ ‬عن‭ ‬التعرض‭ ‬لخليط‭ ‬من‭ ‬الملوثات‭ ‬الكيميائية،‭ ‬والحيوية،‭ ‬والمشعة،‭ ‬فأُجريت‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬التحقيقات‭ ‬والدراسات‭ ‬العلمية‭ ‬لإثبات‭ ‬أنه‭ ‬مرض‭ ‬خاص‭ ‬أصاب‭ ‬الجنود‭ ‬الذين‭ ‬حاربوا‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬وأفغانستان‭. ‬فقد‭ ‬نَشرتْ‭ ‬مجلة‭ ‬‮«‬ميليتري‭ ‬تايمز‮»‬‭(‬Military‭ ‬Times‭) ‬تحقيقاً‭ ‬معمقاً‭ ‬في‭ ‬الثامن‭ ‬من‭ ‬نوفمبر‭ ‬2008‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭: ‬‮«‬عديم‭ ‬الضرر‭ ‬أم‭ ‬خطر؟‭ ‬يقول‭ ‬الجنود‭ ‬إن‭ ‬حرق‭ ‬المواد‭ ‬الكيميائية‭ ‬والمخلفات‭ ‬الطبية‭ ‬جعلتهم‭ ‬يعانون‭ ‬من‭ ‬المرض،‭ ‬ولكن‭ ‬المسؤولين‭ ‬ينكرون‮»‬‭. ‬فهذا‭ ‬التحقيق‭ ‬أوجد‭ ‬علاقة‭ ‬بين‭ ‬‮«‬حُفر‭ ‬الحرق‮»‬‭ (‬burn‭ ‬pits‭) ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬موجودة‭ ‬في‭ ‬العراء‭ ‬في‭ ‬أكبر‭ ‬قاعدة‭ ‬عسكرية‭ ‬في‭ ‬العراق‭ (‬Joint‭ ‬Base‭ ‬Balad‭)‬،‭ ‬والتي‭ ‬كان‭ ‬الجيش‭ ‬الأمريكي‭ ‬يقوم‭ ‬فيها‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬وأفغانستان‭ ‬بحرق‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬لديه‭ ‬من‭ ‬مخلفات‭ ‬طبية‭ ‬وبيولوجية‭ ‬وأعضاء‭ ‬بشرية‭ ‬تم‭ ‬بترها،‭ ‬ومخلفات‭ ‬خطرة‭ ‬وسامة،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬القمامة‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تحتوي‭ ‬على‭ ‬عبوات‭ ‬المياه‭ ‬البلاستيكية‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الحفر‭ ‬المفتوحة‭ ‬البدائية‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬اتخاذ‭ ‬أية‭ ‬إجراءات‭ ‬وقائية‭ ‬تحمي‭ ‬الجنود‭ ‬من‭ ‬جميع‭ ‬أنواع‭ ‬الملوثات‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تنبعث‭ ‬منها‭ ‬مباشرة‭ ‬دون‭ ‬أية‭ ‬معالجة،‭ ‬ونتيجة‭ ‬لتعرض‭ ‬عدد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬الجنود‭ ‬لهذا‭ ‬الخليط‭ ‬المعقد‭ ‬والسام‭ ‬والمسرطن‭ ‬من‭ ‬الملوثات‭ ‬والدخان‭ ‬الأسود‭ ‬فقد‭ ‬أصيبوا‭ ‬بأعراض‭ ‬مرضية‭ ‬نادرة‭ ‬تتمثل‭ ‬في‭ ‬الصداع‭ ‬المزمن،‭ ‬وحساسية‭ ‬وحرقة‭ ‬في‭ ‬العينين‭ ‬والجهاز‭ ‬التنفسي،‭ ‬ومشكلات‭ ‬مزمنة‭ ‬في‭ ‬الجيوب‭ ‬الأنفية،‭ ‬والتهابات‭ ‬وجروح‭ ‬في‭ ‬الرئتين،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬نوع‭ ‬نادر‭ ‬من‭ ‬سرطان‭ ‬الرئة‭. ‬

كما‭ ‬أُجريت‭ ‬عدة‭ ‬دراسات‭ ‬علمية‭ ‬منهجية‭ ‬لإثبات‭ ‬مصدر‭ ‬وأسباب‭ ‬المرض،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬إيجاد‭ ‬علاقة‭ ‬بين‭ ‬خدمة‭ ‬الجنود‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬وأفغانستان‭ ‬والإصابة‭ ‬بهذا‭ ‬المرض‭ ‬التنفسي‭. ‬فعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬هناك‭ ‬دراسة‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭: ‬‮«‬انكشاف‭ ‬جديد‭ ‬لمرض‭ ‬الربو‭ ‬بين‭ ‬الجنود‭ ‬الذين‭ ‬خدموا‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬وأفغانستان‮»‬‭ ‬والمنشورة‭ ‬في‭ ‬سبتمبر‭ ‬2010‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ ‬‮«‬وقائع‭ ‬حساسية‭ ‬الربو‮»‬‭ (‬Allergy‭ ‬Asthma‭ ‬Proceeding‭) ‬،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬الدراسة‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭: ‬‮«‬أعراض‭ ‬الجهاز‭ ‬التنفسي‭ ‬التي‭ ‬تستلزم‭ ‬قياس‭ ‬التنفس‭ ‬بين‭ ‬الجنود‭ ‬المصابين‭ ‬في‭ ‬الرئة‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬وأفغانستان‮»‬،‭ ‬والمنشورة‭ ‬في‭ ‬سبتمبر‭ ‬2011‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ ‬‮«‬الطب‭ ‬المهني‭ ‬والبيئي‮»‬‭ (‬Occupational‭ ‬and‭ ‬Environmental‭ ‬Medicine‭). ‬وهذه‭ ‬الدراسات‭ ‬أكدت‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬هذه‭ ‬الأعراض‭ ‬المرضية‭ ‬التنفسية،‭ ‬أو‭ ‬حالات‭ ‬الربو‭ ‬الجديدة‭ ‬التي‭ ‬بدأت‭ ‬تنكشف‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2004،‭ ‬والتعرض‭ ‬للملوثات‭ ‬التي‭ ‬انطلقت‭ ‬من‭ ‬عملية‭ ‬حرق‭ ‬المخلفات‭ ‬الخطرة‭ ‬وغير‭ ‬الخطرة‭ ‬مع‭ ‬بعض‭ ‬في‭ ‬حفرة‭ ‬واحدة‭ ‬معرضة‭ ‬مباشرة‭ ‬للهواء‭ ‬الجوي‭.‬

وبعد‭ ‬سنوات‭ ‬طويلة‭ ‬وثقيلة،‭ ‬ومعاناة‭ ‬قاسية‭ ‬من‭ ‬الجنود‭ ‬وأسرهم‭ ‬استمرت‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬13‭ ‬عاماً،‭ ‬نالوا‭ ‬الاعتراف‭ ‬السياسي‭ ‬والرعاية‭ ‬الطبية‭ ‬والمالية‭ ‬الكاملة‭ ‬استناداً‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬قانون‭ ‬الميثاق‮»‬‭ (‬Pact‭ ‬Act‭) ‬الذي‭ ‬وافق‭ ‬عليه‭ ‬الكونجرس‭ ‬ووقع‭ ‬عليه‭ ‬بايدن‭ ‬في‭ ‬العاشر‭ ‬من‭ ‬أغسطس‭ ‬2022‭. ‬ويهدف‭ ‬هذا‭ ‬القانون‭ ‬إلى‭ ‬مساعدة‭ ‬قدامي‭ ‬المحاربين‭ ‬والجنود‭ ‬الأمريكيين‭ ‬الذين‭ ‬حاربوا‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬وأفغانستان‭ ‬وعددهم‭ ‬قرابة‭ ‬200‭ ‬ألف،‭ ‬وتعرضوا‭ ‬للملوثات‭ ‬أثناء‭ ‬الحرب،‭ ‬وبالتحديد‭ ‬الذين‭ ‬استنشقوا‭ ‬سموماً‭ ‬قاتلة‭ ‬انبعثت‭ ‬عند‭ ‬حرق‭ ‬المواد‭ ‬الكيميائية‭ ‬والبيولوجية‭ ‬والمشعة‭ ‬في‭ ‬الحفر‭ ‬المخصصة‭ ‬لجمع‭ ‬هذه‭ ‬المواد،‭ ‬حيث‭ ‬قال‭ ‬بايدن‭ ‬عند‭ ‬التوقيع‭ ‬على‭ ‬التشريع‭: ‬‮«‬هذا‭ ‬القانون‭ ‬هو‭ ‬الأهم‭ ‬لأمتنا‭ ‬لمساعدة‭ ‬الملايين‭ ‬من‭ ‬المحاربين‭ ‬القدماء‭ ‬الذين‭ ‬تعرضوا‭ ‬لمواد‭ ‬سامة‭ ‬خلال‭ ‬خدماتهم‭ ‬في‭ ‬الجيش‮»‬‭.‬

وجدير‭ ‬بالذكر‭ ‬فإن‭ ‬ما‭ ‬أصاب‭ ‬الأمريكيين‭ ‬من‭ ‬فساد‭ ‬صحي‭ ‬مزمن‭ ‬لأسباب‭ ‬كثيرة‭ ‬منها‭ ‬الملوثات‭ ‬التي‭ ‬انبعثت‭ ‬من‭ ‬حرق‭ ‬المخلفات‭ ‬في‭ ‬حُفر‭ ‬الحرق،‭ ‬قد‭ ‬أصاب‭ ‬أيضاً‭ ‬العراقيين‭ ‬الذين‭ ‬كانوا‭ ‬يعملون‭ ‬في‭ ‬القاعدة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬أو‭ ‬الذين‭ ‬يسكنون‭ ‬بالقرب‭ ‬من‭ ‬القاعدة‭. ‬وأجرتْ‭ ‬صحيفة‭ ‬الواشنطن‭ ‬بوست‭ ‬الأمريكية‭ ‬تحقيقاً‭ ‬مفصلاً‭ ‬نُشر‭ ‬في‭ ‬18‭ ‬مارس‭ ‬2023‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭: ‬‮«‬العدالة‭ ‬للمحاربين‭ ‬القدماء‭ ‬الأمريكيين‭ ‬للتعرض‭ ‬للحرق‭ ‬في‭ ‬الحفر‭ ‬المفتوحة‭. ‬العراقيون‭ ‬تم‭ ‬نسيانهم‮»‬،‭ ‬حيث‭ ‬قامت‭ ‬بإجراء‭ ‬مقابلات‭ ‬شخصية‭ ‬مع‭ ‬المئات‭ ‬من‭ ‬العراقيين‭ ‬الذي‭ ‬أصابهم‭ ‬مرض‭ ‬الجنود‭ ‬الأمريكيين،‭ ‬سواء‭ ‬أثناء‭ ‬ممارسة‭ ‬أعمالهم‭ ‬اليومية‭ ‬في‭ ‬القاعدة،‭ ‬أو‭ ‬تعرضهم‭ ‬مباشرة‭ ‬للهواء‭ ‬الملوث‭ ‬من‭ ‬حرق‭ ‬المخلفات‭ ‬في‭ ‬الحفر‭ ‬في‭ ‬قراهم‭ ‬ومساكنهم‭ ‬عدة‭ ‬سنوات‭.‬

والآن‭ ‬وبعد‭ ‬أن‭ ‬حصل‭ ‬الجنود‭ ‬الأمريكيين‭ ‬على‭ ‬الاهتمام‭ ‬من‭ ‬حكومتهم،‭ ‬ولو‭ ‬بعد‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬عقد‭ ‬من‭ ‬المعاناة‭ ‬والألم‭ ‬الشديدين،‭ ‬فمتى‭ ‬سينال‭ ‬المواطن‭ ‬العراقي‭ ‬هذا‭ ‬الاهتمام‭ ‬من‭ ‬حكومته،‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬الحكومة‭ ‬الأمريكية‭ ‬التي‭ ‬تسببت‭ ‬في‭ ‬مرضهم؟‭ ‬

bncftpw@batelco‭.‬com‭.‬bh

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا