العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

إسرائيل تخضع لسيطرة «دولة المستوطنين»!

بقلم: د. أسعد عبدالرحمن

الثلاثاء ٢١ مارس ٢٠٢٣ - 02:00

في‭ ‬سبتمبر‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬2011،‭ ‬أعددت‭ ‬ونشرت‭ ‬دراسة‭ ‬بعنوان‭ ‬‮«‬4‭ ‬دول‭ ‬في‭ ‬فلسطين‭ ‬التاريخية‭: ‬الغلبة‭ ‬لمن؟‭!‬‮»‬،‭ ‬تحدثت‭ ‬فيها‭ ‬عن‭ ‬‮«‬دولة‭ ‬المستوطنين‭/ ‬المستعمرين‮»‬‭ ‬الحديثة‭ ‬في‭ ‬حينه،‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬عام‭ ‬2011‭ ‬هو‭ ‬عام‭ ‬الظهور‭ ‬الأكبر‭ ‬‮«‬للمستوطنين‮»‬‭ ‬الذين‭ ‬نجحوا،‭ ‬عبر‭ ‬الكنيست‭ ‬الإسرائيلي‭ (‬البرلمان‭)‬،‭ ‬بإصدار‭ ‬وابل‭ ‬من‭ ‬القوانين‭ ‬والمبادرات‭ ‬العنصرية‭ ‬الفاشية‭ ‬غير‭ ‬المسبوقة‭.‬

يومها،‭ ‬كانت‭ ‬‮«‬دولة‭ ‬المستوطنين‭/ ‬المستعمرين‮»‬‭ ‬هذه‭ ‬تشكل‭ ‬قوة‭ ‬ضغط‭ ‬سياسية‭ ‬قوية‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬الحكومة‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬الكنيست‭. ‬اليوم‭ ‬‮«‬تطور‮»‬‭ ‬هذا‭ ‬الحال،‭ ‬من‭ ‬مجرد‭ ‬قوة‭ ‬ضغط‭ ‬وتأثير‭ ‬سياسي‭ ‬إلى‭ ‬المشاركة‭ ‬القائدة‭ ‬والقاطعة‭ ‬في‭ ‬الوزارات‭ ‬والجيش‭ ‬وبخاصة‭ ‬مع‭ ‬دخول‭ ‬أعداد‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬‮«‬المستوطنين‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬أعماق‭ ‬‮«‬جيش‭ ‬الدفاع‮»‬‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬وبينهم‭ ‬ضباط‭ ‬بمناصب‭ ‬عليا،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬اتضاح‭ ‬وافتضاح‭ ‬دور‭ ‬ذلك‭ ‬الجيش‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬هذه‭ ‬‮«‬الدولة‭ ‬الفتية‮»‬‭!. ‬

ولعل‭ ‬من‭ ‬أبرز‭ ‬‮«‬تجليات‮»‬‭ ‬هذا‭ ‬الدور‭ ‬الهجمات‭ ‬على‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬ولن‭ ‬يكون‭ ‬آخرها‭ ‬تلك‭ ‬على‭ ‬قرية‭ ‬حوارة،‭ ‬ما‭ ‬يؤدي‭ ‬بطبيعة‭ ‬الحال‭ ‬إلى‭ ‬توترات‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬وزراء‭ ‬‮«‬دولة‭ ‬المستوطنين‮»‬‭ ‬ووزراء‭ ‬‮«‬دولة‭ ‬إسرائيل‮»‬‭. ‬ومن‭ ‬المحطات‭ ‬المهمة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬عندما‭ ‬أعلن‭ ‬وزير‭ ‬المالية‭ (‬بتسلئيل‭ ‬سموتريتش‭) ‬عن‭ ‬نظريته‭ ‬الفاشية‭ ‬النازية‭ ‬قائلا‭: ‬‮«‬أعتقد‭ ‬أنه‭ ‬يجب‭ ‬محو‭ ‬قرية‭ ‬حوارة،‭ ‬ويجب‭ ‬على‭ ‬دولة‭ ‬إسرائيل‭ ‬أن‭ ‬تفعل‭ ‬ذلك‮»‬‭.‬

‭ ‬وعندما‭ ‬يدعو‭ ‬وزير‭ ‬إلى‭ ‬تدمير‭ ‬قرية‭ ‬على‭ ‬سكانها‭ ‬وفرض‭ ‬عقوبات‭ ‬جماعية‭ ‬على‭ ‬آلاف‭ ‬الناس،‭ ‬ويستمر‭ ‬في‭ ‬عمله،‭ ‬فهو‭ ‬أكبر‭ ‬دليل‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الحكومة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬تؤيده‭ ‬وتدعم‭ ‬كلامه،‭ ‬وهذه‭ ‬رسالة‭ ‬فهمها‭ ‬‮«‬المستوطنون‮»‬‭ ‬وجنود‭ ‬جيش‭ ‬الاحتلال‭ ‬الداعمين‭ ‬لهم‭!‬‮ ‬

قبل‭ ‬نحو‭ ‬أسبوعين،‭ ‬نشر‭ ‬موقع‭ ‬‮«‬ميديابار‮»‬‭ ‬الفرنسي،‭ ‬مقابلة‭ ‬أجراها‭ ‬الصحفي‭ ‬المعروف‭ (‬رينيه‭ ‬باخمان‭) ‬مع‭ (‬دانييل‭ ‬بلاتمان‭) ‬الأستاذ‭ ‬في‭ ‬دائرة‭ ‬التاريخ‭ ‬اليهودي‭ ‬ومعهد‭ ‬اليهودية‭ ‬المعاصرة‭ ‬في‭ ‬الجامعة‭ ‬العبرية،‭ ‬والمختص‭ ‬‮«‬بالإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬التي‭ ‬تعرض‭ ‬لها‭ ‬اليهود‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬النازية‮»‬،‭ ‬حيث‭ ‬قال‭ ‬عن‭ ‬‮«‬المستوطنين‮»‬‭ ‬وقادتهم‭: ‬‮«‬إذا‭ ‬كان‭ ‬رجال‭ ‬مثل‭ ‬ايتمار‭ ‬بن‭ ‬غفير‭ (‬وزير‭ ‬الأمن‭) ‬وبتسلئيل‭ ‬سموتريتش‭ (‬وزير‭ ‬المالية‭) ‬أو‭ ‬ياريف‭ ‬ليفين‭ (‬وزير‭ ‬العدل‭) ‬يقودون‭ ‬مجموعات‭ ‬سياسية‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬فرنسا‭ ‬أو‭ ‬ألمانيا‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬ديمقراطية‭ ‬غربية،‭ ‬فسيتم‭ ‬اعتبارهم‭ ‬نازيين‭ ‬جدد‭. ‬أنا‭ ‬أصر‭ ‬على‭ ‬أنهم‭ ‬نازيون‭ ‬جدد‭.‬

‭ ‬نتنياهو‭ ‬يريد‭ ‬أن‭ ‬يمنح‭ ‬الحكومة‭ ‬هذه‭ ‬قوة‭ (‬ولو‭ ‬من‭ ‬غلاة‭ ‬‮«‬المستوطنين‮»‬‭) ‬تمكّنه‭ ‬من‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬شيء‮»‬‭.‬

‭ ‬من‭ ‬جانبه،‭ ‬قال‭ (‬يوفال‭ ‬ديسكين‭) ‬أحد‭ ‬رؤساء‭ ‬‮«‬الشاباك‭ ‬‭ ‬جهاز‭ ‬الأمن‭ ‬العام‭ ‬الإسرائيلي‮»‬‭ ‬السابقين‭ ‬في‭ ‬مقال‭ ‬حاد‭ ‬الكلمات‭: ‬‮«‬بهذه‭ ‬الطريقة،‭ ‬ستصل‭ ‬دولة‭ ‬إسرائيل‭ ‬إلى‭ ‬حافة‭ ‬الحرب‭ ‬والتفكك‭ ‬الاجتماعي‭ ‬الداخلي‭ ‬والانقسام‭ ‬الخطِر‭. ‬وخلال‭ ‬أسابيع‭ ‬معدودة،‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نصل‭ ‬إلى‭ ‬حافة‭ ‬الحرب‭ ‬الأهلية‭.‬

‭ ‬لقد‭ ‬دمروا‭ (‬بالتحالف‭ ‬مع‭ ‬‮«‬المستوطنين‮»‬‭ ‬المتعصبين‭ ‬والمتطرفين‭) ‬وحدتنا‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬القوة‭ ‬والنفوذ‭ ‬والمال‭. ‬ومن‭ ‬أجل‭ ‬هذا‭ ‬الغرض،‭ ‬قاموا‭ ‬بتأهيل‭ ‬مؤيدي‭ ‬التفوق‭ ‬اليهودي‭ ‬العنصريين‭ (‬من‭ ‬‮«‬المستوطنين‮»‬‭) ‬وجعلوهم‭ ‬شركاء‭ ‬شرعيين‭ ‬في‭ ‬الائتلاف،‭ ‬وأوكلوا‭ ‬إليهم‭ ‬حقائب‭ ‬حساسة‭ ‬جدا‮»‬‭.‬

نحن‭ ‬نتكلم‭ ‬عن‭ ‬‮«‬دولة‮»‬‭ ‬‮«‬مستوطنين‭/ ‬مستعمرين‮»‬‭ ‬تملك‭ ‬السلاح،‭ ‬ورجالاتها‭ ‬باتوا‭ ‬يسيطرون‭ ‬على‭ ‬الفروع‭ ‬الأكثر‭ ‬حساسية‭ ‬في‭ ‬الحكومة‭ ‬الإسرائيلية،‭ ‬و‮«‬جيش‭ ‬الدفاع‮»‬‭ ‬في‭ ‬أيديهم‭ ‬ومن‭ ‬خلفهم‭ ‬ومن‭ ‬ورائهم‭ ‬لتنفيذ‭ ‬مقارفاتهم‭ ‬وانتهاكاتهم‭ ‬الصارخة،‭ ‬وكأنه‭ ‬عوض‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬تقوم‭ ‬‮«‬إسرائيل‮»‬‭ ‬بضم‭ ‬المستعمرات‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬المحتلة،‭ ‬يقوم‭ ‬‮«‬المستوطنون‮»‬‭ ‬بضم‭ ‬‮«‬دولة‭ ‬إسرائيل‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬المستعمرات‭!!‬

‭ ‬والقادم‭ ‬أخطر‭ ‬وأعظم،‭ ‬سواء‭ ‬داخل‭ ‬‮«‬إسرائيل‮»‬‭ ‬أو‭ ‬خارجها‭!‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا