منذ أيامٍ مرت علينا الذكرى الرابعةُ والعشرين لرحيل سمو الأمير الراحل الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة طيَّب الله ثراه، فقد كان السادسُ من شهر مارس 1999 يومًا حزينًا بمعنى الكلمة فقد غابت عنا تلك الروحُ الطاهرة، والتي كانت تمثل رمزًا للبحرين ومسيرتها الحضارية التنموية، كان الأميرُ الراحلُ راعيًا لكل صغيرة وكبيرة حنونًا محبا وعاشقًا لأبناء هذا الوطن صغارهم وكبارهم.
حقًا لقد كان يومًا صعبًا هزَّ كلَّ ركنٍ من البحرين شمالها وجنوبها شرقها وغربها إذ اختلجت في نفوسنا كلُّ مشاعر الحزن لفقداننا أبي حمد، واليوم والبحرين مازالت وستبقى تتذكرُ سمو الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة طيب الله ثراه بكل معاني الحب والوفاء لهذا الإنسان الذي خسرته البحرين، كان بمثابة علامة مضيئة ورمزًا ساطعا في سماء وطننا العربي الكبير.
وإذا كنا اليوم نسطِّرُ كلمات في ذكراه، فإننا ندعو المولى جلت قدرته أن تظل البحرين تنعم بالازدهار بفضل القيادة الحكيمة لجلالة الملك المعظم وتلاحم أبنائها. لقد كان للمغفور طيب الله ثراه مآثرُ كثيرة في البحرين والعمل العربي المشترك في المجالات الاقتصادية والصحية والتعليمية والاجتماعية شملت منجزات بارزة على جميع الأصعدة، كان سموه يحدوه أمل أن ينعم كل أبناء الوطن بالعيش الرغيد وكان مجلسه يستقبل الكبير والصغير، وظل هكذا حتى رحيله إلى الباري سبحانه وتعالى، كانت قيادته حكيمةً، واهتمامه بشؤون الوطن ممتدا لكل فرد في هذا الوطن وكان من سماته أنه يطمح إلى أن تستمر البحرين في التطور كل يوم وفي كل شيء بما في ذلك الإعلام والصحافة إذ كان يرى فيهما عنوانا للتقدم والازدهار وقد اهتم كثيرا بالشباب لأنه كان يرى أنهم ركيزة الوطن في حاضره ومستقبله.
ومن الأمور التي أولاها جل اهتمامه تيسير أمور الزواج والعناية بالأسرة البحرينية، فكان بحكمته يضع الحلول لها بنفسه وبطيب خاطر. لقد اجتمع الجميع على محبته، كان ابنا بارا لوطنه البحرين، مخلصا متواضعا، وقد منح شعبه تميزا ونوعية نادرة من الرجال في سعة الصدر والتسامح والكرم والعطاء، لذلك كان هناك حزن كبير لفراقه، وسيبقى هذا الفراق الجلل ذكرى راسخة في نفوس أبناء هذا الوطن، وكل ما نقوله عن هذا الإنسان القائد هو قليلٌ من كثير من الصفات السامية، فقد جعل البحرين الصغيرة في مساحتها كبيرة بشعبها في قلوب كل الشعوب.
ولقد كان سموه طيَّب الله ثراه يرى أن الزمن عنده له قيمة وقد استمد مبادئه من إيمانه بالله سبحانه وتعالى منهاجا وقوة في العمل على حماية البلاد من أي تدخلات حفاظا على استقلالها، وكانت له رؤية ثابتة أن الإنسان في هذا الوطن هو عماد تقدمها، وقد رفع شأن هذه البلاد وأبرز دورها السياسي والاجتماعي والتاريخي خلال سنوات حكمه، كما لعب سمو الأمير الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة طيب الله ثراه أدوارا مشهودة في تعزيز مسيرة التضامن العربي وإذابة كل الخلافات سواء كانت على الصعيد الخليجي أو الإقليمي بوجه عام وجعل البحرين لها مكانة لدى كثير من دول العالم وشخصية الأمير عيسى بن سلمان تحتاج إلى سرد طويل للوقوف على جوانبها المختلفة لما لها من إسهامات في مختلف ميادين العطاء والمساهمة في نهضة الوطن، وفي عهده تواصلت الانطلاقة الاجتماعية والتنموية فشملت مختلف نواحي الحياة، فأنشئت الطرق ومحطات تحلية المياه، وتطور التليفزيون كما تم إنشاء العديد من المعاهد التعليمية والجامعية، واستكملت دولة البحرين في عهده تنفيذ مشاريع البنية التي تمثلت في النهضة العمرانية للمدن والقرى وتطوير الموانئ والمطار والتوسع في إنشاء المدارس بالشكل النموذجي كما اكتسب سموه خبرات واسعة من خلال المسؤوليات الكثيرة التي تولاها في شؤون الحكم حيث كان أهلا لها، وكان للسياسة الحكيمة التي أنتجها سموه، فضل المحافظة على القيم الاسلامية وتطبيق شريعة الله والعمل على ترسيخها، والدفاع عن الدين والوطن والمحافظة على الأمن والاستقرار الاجتماعي، وتعزيز قيم الانتماء والولاء للوطن.
كما كانت له إنجازات واضحة في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية من خلال تعزيز دور وزارة التجارة والصناعة وغرفة تجارة وصناعة البحرين باعتبار هاتين الجهتين لهما علاقة مباشرة بمسيرة تنمية الوطن وتقدمه، هكذا كانت مسيرته تتسم بالحكمة والاعتدال والتخطيط والنظرة البعيدة للمستقبل.. رحم الله سمو الأمير الراحل الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة الذي ستظل ذكراه راسخة وباقية في قلوب أبناء هذا الوطن المخلصين.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك