تضمنت كلمة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المعظم حفظه الله ورعاه، أمام أعمال الدورة السادسة والأربعين بعد المائة، للجمعية العامة للاتحاد البرلماني الدولي والاجتماعات المصاحبة لها والمنعقدة في مملكة البحرين تحت عنوان «تعزيز التعايش السلمي والمجتمعات الشاملة : مكافحة التعصب»، والتي ألقاها نيابة عن جلالته معالي الشيخ خالد بن عبدالله آل خليفة نائب رئيس الوزراء، تأكيد الثوابت الوطنية والقومية والإنسانية التي ما زالت مملكة البحرين تدعو إليها في مختلف المحافل الدولية باعتبارها منطلقاتٍ وأسسا ثابتة في سياسة المملكة، بدءا من إشادة جلالته بعنوان هذه الدورة وموضوعها الرئيس الذي يؤكد قيما إنسانية غاية في الأهمية، ما أحوج دول العالم اليوم إلى تبنيها والسير على هداهـا لتعزيز قيم التعايش والتسامح والمودة والتضامن بين الشعوب باعتبارها «ركائز أساسية لتعزيز الأمن والاستقرار والرخاء والتنمية المستدامة» كما أوضح ذلك جلالة الملك المعظم. كما أشاد جلالة الملك باختيار مملكة البحرين لعقد هذا التجمع البرلماني الكبير لما تمثله من قيمة كبرى فهي «بلد المحبة والتسامح وملتقى التآلف والتعايش الديني والثقافي والحضاري».
وقد نبه جلالته برلماني العالم إلى طبيعة المرحلة التاريخية الراهنة وخطورتها حيث «يشهد العالم موجات من الكراهية والعداوة والحروب والكوارث الطبيعية والأزمات، وتفاقم مخاطر التطرف والإرهاب». الأمر الذي يعيق التنمية ويقود إلى الجوع والفقر، ويهدد مستقبل الأجيال القادمة، ما يتطلب العمل الجماعي الفعّال لمواجهة كل التحديات والأخطار. وذلك استشعارا من جلالته بأهمية الترسيخ الجماعي لمبادئ حقوق الإنسان والإعلاء من شأنها، بما يضمن الحياة الحرة الكريمة للشعوب، بعيدا عن الخوف والحرمان عبر صون العدالة والمساواة، وإطلاق المشاريع البيئية والتنموية ذات الطابع الإنساني التي تسهم في تحقيق الأمن الاقتصادي والاجتماعي والرفاهية للجميع، وحل الخلافات بين الدول بالطرق السلمية. خاصة وأن الأمن والسلام من أبرز المعالم السياسية والفكرية التي تدعو وتحرص مملكة البحرين على أهمية استنباتها في مختلف أنحاء العالم، وتستثمر مختلف المناسبات لدعوة المنظمات الدولية إلى العمل الجاد والمثمر على ضمان تحقيقها، ويتضح ذلك بجلاء من قول جلالة الملك المعظم: «تفرض هذه التحديات علينا جميعا، قادة وحكومات وبرلمانات، مسؤوليات مضاعفة في بناء نظام سياسي وأمني واقتصادي عالمي أكثر عدالة وإنصافا وتضامنا على أسس راسخة من الود والاحترام المتبادل والتعايش السلمي والشراكة الدولية في حفظ الأمن والسلام الدوليين». منطلقا جلالته من حقيقة راسخة في «أن نجاح المجتمعات وازدهارها مقرون باستتباب الأمن والاستقرار فيها، وهذا ما انتهجته مملكة البحرين على الدوام».
ويؤكد جلالة الملك المعظم أهمية الدبلوماسية البرلمانية تحت مظلة الاتحاد البرلماني الدولي في التوعية بالقضايا والتحديات الراهنة من خلال تشجيع التعاون وتبادل الخبرات بين البرلمانات الوطنية وتعزيز دورها الرقابي والتنموي». وذلك تعبيرا صادقا عن إيمان جلالته بأهمية دور الشعوب وممثليها في إرساء وتعزيز القيم الإنسانية والحضارية المشتركة.
وختاما لابد من تأكيد حقيقة جوهرية لها مدلولاتها الإنسانية والسياسية المهمة، والتي تتمثل في أن خطاب جلالة الملك المعظم جاء ليعزز الصورة الذهنية الناصعة لمملكة البحرين قيادة وحكومة وشعبا، في نفوس قوى التأثير الاجتماعي الواسع في مختلف دول العالم، عبر ما تطرحه من مرئيات سياسية واقتصادية واجتماعية ذات منظور إنساني واسع، إلى جنب ما تقدمة من نموذج سياسي وتنموي ينبض بالحيوية ويختصر كل المعاني والأهداف الإنسانية، وهذه قيمة كبرى تحققها المملكة عبر ما تنظمه من مؤتمرات ولقاءات وورش عمل في شتى المجالات الاقتصادية والفكرية والأمنية والبرلمانية والرياضية والثقافية وغيرها، وعبر ما تقدمه من دعم للمؤسسات الفكرية المؤثرة في العالم، وما تطرحه من أفكار ومواقف وما تثيره من نقاشات وحوارات في الملتقيات العالمية وبما يخدم حاضر الشعوب ومستقبلها.
حفظك الله سيدي جلالة الملك المعظم فبحكمتك ووفائك لشعبك أعليت البناء ورسخت أسس التنمية وحققت نعمة الأمن والاستقرار، وجعلت من البحرين نموذجا متميزا لدولة يعيش شعبها كريما حرا مرفها آمنا في دخله وعيشه ومسكنه ومتطلبات حياته الأخرى. وأصبحت كلماتك في الملتقيات الدولية، دليل عمل للشعوب المحبة للأمن والسلام فهنيئا ومباركا لك سيدي هذه المكانة العالمية السامية، وهنيئا لشعبنا المعطاء بمليكه الذي رسم له طريق العز والأمل بغد أفضل، وهنيئا لمن يحظى بتوجيهاتك السديدة فتكون له عونا ودثارا لعاديات الزمن، وهنيئا لمن يحظى بلقاء جلالتك فيستمد منه العزم والإلهام والأمل. فتقبل منا سيدي بالغ المحبة والوفاء والإخلاص، مجددين العهد والبيعة والولاء الدائم، وليبقى شعارنا دائما، البحرين خليفية خليجية عربية مسلمة.
{ أكاديمي وخبير اقتصادي
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك