العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

العضوية البرلمانية ليست للتطاول

بقلم: د. نبيل العسومي

الاثنين ١٣ مارس ٢٠٢٣ - 02:00

وجود‭ ‬البرلمانات‭ ‬عنصر‭ ‬أساسي‭ ‬ومهم‭ ‬وضروري‭ ‬من‭ ‬أساسيات‭ ‬ومتطلبات‭ ‬الدولة‭ ‬العصرية‭ ‬والحضارية‭ ‬وعمود‭ ‬من‭ ‬أعمدة‭ ‬دولة‭ ‬القانون‭ ‬والمؤسسات‭ ‬باعتباره‭ ‬مؤسسة‭ ‬تشريعية‭ ‬منتخبة‭ ‬تمثل‭ ‬الإرادة‭ ‬الشعبية‭ ‬في‭ ‬إدارة‭ ‬شؤون‭ ‬البلاد‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬سن‭ ‬القوانين‭ ‬والتشريعات‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬مراقبة‭ ‬أداء‭ ‬وعمل‭ ‬السلطة‭ ‬التنفيذية‭ ‬فمن‭ ‬دون‭ ‬وجود‭ ‬البرلمان‭ ‬تبقى‭ ‬مقومات‭ ‬الدولة‭ ‬ناقصة‭ ‬ولا‭ ‬تمثل‭ ‬مختلف‭ ‬مكونات‭ ‬المجتمع،‭ ‬ولذلك‭ ‬نرى‭ ‬أن‭ ‬أغلب‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬تحرص‭ ‬على‭ ‬تشكيل‭ ‬برلماناتها‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تنظيم‭ ‬انتخابات‭ ‬دورية‭ ‬لمدد‭ ‬مختلفة‭ ‬كل‭ ‬دول‭ ‬حسب‭ ‬المدة‭ ‬التي‭ ‬يحددها‭ ‬الدستور‭ ‬وفي‭ ‬الغالب‭ ‬تتراوح‭ ‬بين‭ ‬أربع‭ ‬وست‭ ‬سنوات‭.‬

كما‭ ‬تحرص‭ ‬الدول‭ ‬على‭ ‬إقامة‭ ‬الانتخابات‭ ‬في‭ ‬مواعيدها‭ ‬المحددة‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬فراغ‭ ‬تشريعي‭ ‬وحتى‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬حل‭ ‬البرلمان‭ ‬أو‭ ‬وجود‭ ‬خلافات‭ ‬سياسية‭ ‬بين‭ ‬الأطراف‭ ‬السياسية‭ ‬فإنه‭ ‬مباشرة‭ ‬يتم‭ ‬إعلان‭ ‬موعد‭ ‬جديد‭ ‬لإجراء‭ ‬انتخابات‭ ‬مبكرة‭ ‬أو‭ ‬انتخابات‭ ‬جديدة‭ ‬حفاظا‭ ‬على‭ ‬استقرار‭ ‬مكونات‭ ‬الدولة‭.‬

كما‭ ‬أن‭ ‬الأحزاب‭ ‬والجمعيات‭ ‬السياسية‭ ‬تحرص‭ ‬على‭ ‬المشاركة‭ ‬في‭ ‬الانتخابات‭ ‬البرلمانية‭ ‬مهما‭ ‬كانت‭ ‬الظروف‭ ‬والصعوبات‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬تفقد‭ ‬حقها‭ ‬في‭ ‬المشاركة‭ ‬وتجد‭ ‬نفسها‭ ‬تغرد‭ ‬خارج‭ ‬السرب‭ ‬الوطني‭ ‬كما‭ ‬يقال‭ ‬وتكون‭ ‬خارج‭ ‬المعادلة‭ ‬السياسية‭ ‬وفقدان‭ ‬حقها‭ ‬في‭ ‬المشاركة‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬السياسية‭ ‬وترك‭ ‬المجال‭ ‬للأحزاب‭ ‬الأخرى‭ ‬لأخذ‭ ‬نصيبها‭ ‬من‭ ‬المقاعد‭ ‬البرلمانية‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬إمكانية‭ ‬وصول‭ ‬عناصر‭ ‬أو‭ ‬أشخاص‭ ‬غير‭ ‬مؤهلين‭ ‬إلى‭ ‬قبة‭ ‬البرلمان‭ (‬بيت‭ ‬الشعب‭) ‬وما‭ ‬يعنيه‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬انعكاسات‭ ‬سلبية‭ ‬على‭ ‬أداء‭ ‬عمل‭ ‬البرلمان‭.‬

هذه‭ ‬حقيقة‭ ‬يعلمها‭ ‬القاصي‭ ‬والداني‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬أهمية‭ ‬وجود‭ ‬البرلمان‭ ‬ودوره‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬السياسية‭ ‬للبلاد‭ ‬بغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬الملاحظات‭ ‬التي‭ ‬تثار‭ ‬بين‭ ‬فترة‭ ‬وأخرى‭ ‬وفي‭ ‬بداية‭ ‬كل‭ ‬دورة‭ ‬برلمانية‭ ‬حول‭ ‬تشكيل‭ ‬البرلمانات‭ ‬وأعضائه‭ ‬المنتخبين‭.‬

وبالنسبة‭ ‬إلينا‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬فنظام‭ ‬الحكم‭ ‬فيها‭ ‬ملكي‭ ‬دستوري‭ ‬بوجود‭ ‬ثلاث‭ ‬سلطات‭ ‬تشريعية‭ ‬وتنفيذية‭ ‬وقضائية‭ ‬حيث‭ ‬حدد‭ ‬دستور‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬صلاحيات‭ ‬كل‭ ‬سلطة‭ ‬فالسلطة‭ ‬التشريعية‭ ‬لجلالة‭ ‬الملك‭ ‬والبرلمان‭ ‬بغرفتيه‭.‬

وعليه‭ ‬حرصت‭ ‬البحرين‭ ‬على‭ ‬إقامة‭ ‬الانتخابات‭ ‬البرلمانية‭ ‬في‭ ‬موعدها‭ ‬المحدد‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬تأخير‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬المشروع‭ ‬الإصلاحي‭ ‬لجلالة‭ ‬الملك‭ ‬المعظم‭ ‬أيده‭ ‬الله‭ ‬انطلاقا‭ ‬من‭ ‬إيمان‭ ‬القيادة‭ ‬الرشيدة‭ ‬الراسخ‭ ‬بأهمية‭ ‬وجود‭ ‬البرلمان‭ ‬باعتباره‭ ‬مؤسسة‭ ‬تشريعية‭ ‬تسن‭ ‬القوانين‭ ‬وتراقب‭ ‬أداء‭ ‬السلطة‭ ‬التنفيذية‭ ‬وأصدرت‭ ‬القوانين‭ ‬التي‭ ‬تنظم‭ ‬عمل‭ ‬البرلمان‭ ‬من‭ ‬اللائحة‭ ‬الداخلية‭ ‬والنظم‭ ‬الأخرى‭.‬

هذه‭ ‬مقدمة‭ ‬مهمة‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬منها‭ ‬للتعريف‭ ‬بدور‭ ‬البرلمان‭ ‬وصلاحياته،‭ ‬إلا‭ ‬إننا‭ ‬نلاحظ‭ ‬بين‭ ‬فترة‭ ‬وأخرى‭ ‬وأثناء‭ ‬المناقشات‭ ‬التي‭ ‬تثار‭ ‬خلال‭ ‬جلسات‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭ ‬وخصوصا‭ ‬خلال‭ ‬مناقشات‭ ‬القضايا‭ ‬التي‭ ‬تهم‭ ‬المواطنين‭ ‬مثل‭ ‬الإسكان‭ ‬وتوفير‭ ‬فرص‭ ‬العمل‭ ‬والأسعار‭ ‬والقضايا‭ ‬المعيشية‭ ‬والخدمات‭ ‬حيث‭ ‬تأخذ‭ ‬هذه‭ ‬المناقشات‭ ‬مسارا‭ ‬بعيدا‭ ‬كل‭ ‬البعد‭ ‬عن‭ ‬النقاش‭ ‬العقلاني‭ ‬الهادئ‭ ‬الأخلاقي‭ ‬الذي‭ ‬يراعي‭ ‬أدب‭ ‬الحوار‭ ‬حيث‭ ‬يتطاول‭ ‬بعض‭ ‬الأخوة‭ ‬النواب‭ ‬على‭ ‬الوزراء‭ ‬بالصراخ‭ ‬ويصل‭ ‬صوت‭ ‬النائب‭ ‬إلى‭ ‬خارج‭ ‬القاعة‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬التهديد‭ ‬بالاستجوابات‭ ‬والوعيد‭ ‬والخروج‭ ‬عن‭ ‬المألوف‭ ‬لدرجة‭ ‬أن‭ ‬قبة‭ ‬البرلمان‭ ‬تتحول‭ ‬وكأنها‭ ‬ساحة‭ ‬للشجار‭ ‬وتصفية‭ ‬الحسابات‭ ‬ولم‭ ‬يكتف‭ ‬بالجلسة‭ ‬بل‭ ‬ينشر‭ ‬مداخلاته‭ ‬في‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬لتزيد‭ ‬الطين‭ ‬بلة‭ ‬في‭ ‬ظاهرة‭ ‬غريبة‭ ‬تتعارض‭ ‬مع‭ ‬عاداتنا‭ ‬وتقاليدنا‭ ‬وقيمنا‭ ‬العربية‭ ‬الأصيلة‭ ‬التي‭ ‬تحترم‭ ‬الإنسان‭ ‬وترفع‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬خصوصا‭ ‬وإن‭ ‬أغلب‭ ‬وزرائنا‭ ‬من‭ ‬الشباب‭ ‬وهم‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬الطريق‭ ‬لتولي‭ ‬مسؤولية‭ ‬إدارة‭ ‬العمل‭ ‬الحكومي‭ ‬مما‭ ‬يستوجب‭ ‬مساعدتهم‭ ‬ودعمهم‭ ‬فالجميع‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬يعمل‭ ‬لخدمة‭ ‬الوطن‭ ‬والمواطنين‭ ‬ولتحقيق‭ ‬آمالهم‭ ‬وتطلعاتهم‭ ‬بحياة‭ ‬كريمة‭ ‬أفضل‭.‬

نحن‭ ‬نتفهم‭ ‬الضغوطات‭ ‬الكبيرة‭ ‬التي‭ ‬على‭ ‬الأخوة‭ ‬النواب‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الموطنين‭ ‬والناخبين‭ ‬ونتفهم‭ ‬أيضا‭ ‬أن‭ ‬النائب‭ ‬حريص‭ ‬على‭ ‬إبراز‭ ‬جهده‭ ‬بصورة‭ ‬إيجابية‭ ‬حتى‭ ‬يكسب‭ ‬ثقة‭ ‬المواطنين‭ ‬لتكون‭ ‬رصيدا‭ ‬له‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭ ‬لتعزيز‭ ‬حظوظه‭ ‬في‭ ‬الفوز‭ ‬بالانتخابات‭ ‬القادمة‭ ‬وإعادة‭ ‬انتخابه‭ ‬هذه‭ ‬حقيقة‭ ‬يتفق‭ ‬عليها‭ ‬الجميع‭ ‬ولا‭ ‬جدال‭ ‬حولها‭ ‬لكن‭ ‬في‭ ‬المقابل‭ ‬على‭ ‬النائب‭ ‬أن‭ ‬يلتزم‭ ‬بأدب‭ ‬الحوار‭ ‬والمناقشة‭ ‬واللائحة‭ ‬الداخلية‭ ‬للمجلس‭ ‬فمن‭ ‬الممكن‭ ‬توصيل‭ ‬المعلومات‭ ‬والمقترحات‭ ‬والملاحظات‭ ‬بهدوء‭ ‬ومن‭ ‬دون‭ ‬انفعال‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬البهرجة‭ ‬الإعلامية‭ ‬لدرجة‭ ‬أن‭ ‬رئيس‭ ‬المجلس‭ ‬يتدخل‭ ‬أحيانا‭ ‬لإبلاغ‭ ‬النائب‭ ‬بأن‭ ‬صوته‭ ‬مسموع‭ ‬ولا‭ ‬داعي‭ ‬للحديث‭ ‬بصوت‭ ‬مرتفع‭ ‬جدا‭.‬

إننا‭ ‬ونحن‭ ‬على‭ ‬بعد‭ ‬شهرين‭ ‬أو‭ ‬ثلاثة‭ ‬من‭ ‬انتهاء‭ ‬دور‭ ‬الانعقاد‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬الفصل‭ ‬التشريعي‭ ‬الخامس‭ ‬نتمنى‭ ‬من‭ ‬الأخوة‭ ‬النواب‭ ‬أن‭ ‬يعيدوا‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬أسلوب‭ ‬تعاملهم‭ ‬مع‭ ‬أعضاء‭ ‬السلطة‭ ‬التنفيذية‭ ‬خلال‭ ‬المناقشات‭ ‬في‭ ‬بيت‭ ‬الشعب‭ ‬باستخدام‭ ‬لغة‭ ‬هادئة‭ ‬قائمة‭ ‬على‭ ‬الاحترام‭ ‬بعيدة‭ ‬عن‭ ‬الصراخ‭ ‬وأن‭ ‬توجه‭ ‬الأسئلة‭ ‬إلى‭ ‬الوزراء‭ ‬بأسلوب‭ ‬حضاري‭ ‬وعصري‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬الحرص‭ ‬على‭ ‬مصلحة‭ ‬الوطن‭ ‬والمواطن‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا