وجود البرلمانات عنصر أساسي ومهم وضروري من أساسيات ومتطلبات الدولة العصرية والحضارية وعمود من أعمدة دولة القانون والمؤسسات باعتباره مؤسسة تشريعية منتخبة تمثل الإرادة الشعبية في إدارة شؤون البلاد من خلال سن القوانين والتشريعات فضلا عن مراقبة أداء وعمل السلطة التنفيذية فمن دون وجود البرلمان تبقى مقومات الدولة ناقصة ولا تمثل مختلف مكونات المجتمع، ولذلك نرى أن أغلب دول العالم تحرص على تشكيل برلماناتها من خلال تنظيم انتخابات دورية لمدد مختلفة كل دول حسب المدة التي يحددها الدستور وفي الغالب تتراوح بين أربع وست سنوات.
كما تحرص الدول على إقامة الانتخابات في مواعيدها المحددة حتى لا يكون هناك فراغ تشريعي وحتى في حالة حل البرلمان أو وجود خلافات سياسية بين الأطراف السياسية فإنه مباشرة يتم إعلان موعد جديد لإجراء انتخابات مبكرة أو انتخابات جديدة حفاظا على استقرار مكونات الدولة.
كما أن الأحزاب والجمعيات السياسية تحرص على المشاركة في الانتخابات البرلمانية مهما كانت الظروف والصعوبات حتى لا تفقد حقها في المشاركة وتجد نفسها تغرد خارج السرب الوطني كما يقال وتكون خارج المعادلة السياسية وفقدان حقها في المشاركة في الحياة السياسية وترك المجال للأحزاب الأخرى لأخذ نصيبها من المقاعد البرلمانية ما يعني إمكانية وصول عناصر أو أشخاص غير مؤهلين إلى قبة البرلمان (بيت الشعب) وما يعنيه ذلك من انعكاسات سلبية على أداء عمل البرلمان.
هذه حقيقة يعلمها القاصي والداني بالنسبة إلى أهمية وجود البرلمان ودوره في الحياة السياسية للبلاد بغض النظر عن الملاحظات التي تثار بين فترة وأخرى وفي بداية كل دورة برلمانية حول تشكيل البرلمانات وأعضائه المنتخبين.
وبالنسبة إلينا في مملكة البحرين فنظام الحكم فيها ملكي دستوري بوجود ثلاث سلطات تشريعية وتنفيذية وقضائية حيث حدد دستور مملكة البحرين صلاحيات كل سلطة فالسلطة التشريعية لجلالة الملك والبرلمان بغرفتيه.
وعليه حرصت البحرين على إقامة الانتخابات البرلمانية في موعدها المحدد من دون تأخير في إطار المشروع الإصلاحي لجلالة الملك المعظم أيده الله انطلاقا من إيمان القيادة الرشيدة الراسخ بأهمية وجود البرلمان باعتباره مؤسسة تشريعية تسن القوانين وتراقب أداء السلطة التنفيذية وأصدرت القوانين التي تنظم عمل البرلمان من اللائحة الداخلية والنظم الأخرى.
هذه مقدمة مهمة لا بد منها للتعريف بدور البرلمان وصلاحياته، إلا إننا نلاحظ بين فترة وأخرى وأثناء المناقشات التي تثار خلال جلسات مجلس النواب وخصوصا خلال مناقشات القضايا التي تهم المواطنين مثل الإسكان وتوفير فرص العمل والأسعار والقضايا المعيشية والخدمات حيث تأخذ هذه المناقشات مسارا بعيدا كل البعد عن النقاش العقلاني الهادئ الأخلاقي الذي يراعي أدب الحوار حيث يتطاول بعض الأخوة النواب على الوزراء بالصراخ ويصل صوت النائب إلى خارج القاعة فضلا عن التهديد بالاستجوابات والوعيد والخروج عن المألوف لدرجة أن قبة البرلمان تتحول وكأنها ساحة للشجار وتصفية الحسابات ولم يكتف بالجلسة بل ينشر مداخلاته في وسائل التواصل الاجتماعي لتزيد الطين بلة في ظاهرة غريبة تتعارض مع عاداتنا وتقاليدنا وقيمنا العربية الأصيلة التي تحترم الإنسان وترفع من شأنه خصوصا وإن أغلب وزرائنا من الشباب وهم في بداية الطريق لتولي مسؤولية إدارة العمل الحكومي مما يستوجب مساعدتهم ودعمهم فالجميع في النهاية يعمل لخدمة الوطن والمواطنين ولتحقيق آمالهم وتطلعاتهم بحياة كريمة أفضل.
نحن نتفهم الضغوطات الكبيرة التي على الأخوة النواب من قبل الموطنين والناخبين ونتفهم أيضا أن النائب حريص على إبراز جهده بصورة إيجابية حتى يكسب ثقة المواطنين لتكون رصيدا له في المستقبل لتعزيز حظوظه في الفوز بالانتخابات القادمة وإعادة انتخابه هذه حقيقة يتفق عليها الجميع ولا جدال حولها لكن في المقابل على النائب أن يلتزم بأدب الحوار والمناقشة واللائحة الداخلية للمجلس فمن الممكن توصيل المعلومات والمقترحات والملاحظات بهدوء ومن دون انفعال من أجل البهرجة الإعلامية لدرجة أن رئيس المجلس يتدخل أحيانا لإبلاغ النائب بأن صوته مسموع ولا داعي للحديث بصوت مرتفع جدا.
إننا ونحن على بعد شهرين أو ثلاثة من انتهاء دور الانعقاد الأول من الفصل التشريعي الخامس نتمنى من الأخوة النواب أن يعيدوا النظر في أسلوب تعاملهم مع أعضاء السلطة التنفيذية خلال المناقشات في بيت الشعب باستخدام لغة هادئة قائمة على الاحترام بعيدة عن الصراخ وأن توجه الأسئلة إلى الوزراء بأسلوب حضاري وعصري في إطار الحرص على مصلحة الوطن والمواطن.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك