العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

الهيستريا الغربية في الحرب الأوكرانية!

بقلم: د. نبيل العسومي

الجمعة ١٠ مارس ٢٠٢٣ - 02:00

ذكرنا‭ ‬في‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مقال‭ ‬أن‭ ‬دول‭ ‬الناتو‭ ‬بقيادة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬هم‭ ‬من‭ ‬جروا‭ ‬روسيا‭ ‬الاتحادية‭ ‬جرا‭ ‬إلى‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬العملية‭ ‬العسكرية‭ ‬الخاصة‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬صدوا‭ ‬الأبواب‭ ‬وأغلقوا‭ ‬الطرق‭ ‬أمام‭ ‬أي‭ ‬حوار‭ ‬أو‭ ‬مفاوضات‭ ‬لحل‭ ‬أزمة‭ ‬الدونباس‭ ‬بالطرق‭ ‬السلمية‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬أصوات‭ ‬المدافع‭ ‬والصواريخ‭ ‬والقنابل‭ ‬وتحليق‭ ‬الطائرات‭ ‬وإغلاق‭ ‬الأجواء‭ ‬لحماية‭ ‬سكان‭ ‬هذه‭ ‬المنطقة‭ ‬الناطقين‭ ‬بالروسية‭ ‬والذين‭ ‬يواجهون‭ ‬إبادة‭ ‬جماعية‭ ‬إن‭ ‬صح‭ ‬التعبير‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الخطوات‭ ‬والإجراءات‭ ‬التي‭ ‬اتخذتها‭ ‬ضدهم‭ ‬الحكومة‭ ‬المركزية‭ ‬في‭ ‬كييف‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2014‭ ‬بدعم‭ ‬ومساندة‭ ‬وتشجيع‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬لاستفزاز‭ ‬روسيا‭ ‬الاتحادية‭ ‬وتهديد‭ ‬أمنها‭ ‬القومي‭ ‬وتوسيع‭ ‬حلف‭ ‬الناتو‭ ‬شرقا‭ ‬نحو‭ ‬الحدود‭ ‬الروسية‭ ‬بعد‭ ‬انضمام‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬شرق‭ ‬أوروبا‭ ‬إلى‭ ‬الحلف‭ ‬والسعي‭ ‬إلى‭ ‬ضم‭ ‬أوكرانيا‭ ‬إليه‭ ‬لتوسيع‭ ‬دائرة‭ ‬حلف‭ ‬الناتو‭ ‬المعادي‭ ‬لروسيا‭ ‬لتهديد‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬الروسي،‭ ‬فمنذ‭ ‬عام‭ ‬2014‭ ‬والقيادة‭ ‬الأوكرانية‭ ‬في‭ ‬كييف‭ ‬تستعد‭ ‬لهذه‭ ‬الحرب‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تضيق‭ ‬الخناق‭ ‬على‭ ‬سكان‭ ‬إقليم‭ ‬الدونباس‭ ‬الناطقين‭ ‬بالروسية‭ ‬حيث‭ ‬منعت‭ ‬التدريس‭ ‬في‭ ‬المدارس‭ ‬باللغة‭ ‬الروسية‭ ‬وفرضت‭ ‬عليهم‭ ‬اللغة‭ ‬الأوكرانية‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬يتقنونها‭ ‬أصلا‭ ‬واتمام‭ ‬المعاملات‭ ‬الرسمية‭ ‬باللغة‭ ‬الأوكرانية‭ ‬وأغلقت‭ ‬الإذاعات‭ ‬والمحطات‭ ‬التليفزيونية‭ ‬الناطقة‭ ‬بالروسية‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬افتقار‭ ‬إقليم‭ ‬الدونباس‭ ‬للخدمات‭ ‬الأساسية‭ ‬مثل‭ ‬التعليم‭ ‬والصحة‭ ‬والانقطاع‭ ‬المستمر‭ ‬للكهرباء‭ ‬والماء‭ ‬حتى‭ ‬أصبح‭ ‬الناس‭ ‬يعانون‭ ‬في‭ ‬ظروف‭ ‬صعبة‭ ‬شتاء‭ ‬وصيفا‭.‬

وحتى‭ ‬الاتفاقيات‭ ‬بين‭ ‬روسيا‭ ‬الاتحادية‭ ‬وجمهورية‭ ‬أوكرانيا‭ ‬مثل‭ ‬اتفاقية‭ ‬مينسك‭ ‬1‭ ‬لعام2014‭ ‬ومينسك‭ ‬2‭ ‬لعام‭ ‬2015‭ ‬برعاية‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬ألمانيا‭ ‬وفرنسا‭ ‬اتضحتا‭ ‬فيما‭ ‬بعد‭ ‬أنها‭ ‬خدعة‭ ‬غربية‭ ‬لإعطاء‭ ‬أوكرانيا‭ ‬فرصة‭ ‬للاستعداد‭ ‬لهذه‭ ‬الحرب‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬أكدته‭ ‬صراحة‭ ‬وبشكل‭ ‬واضح‭ ‬المستشارة‭ ‬الألمانية‭ ‬السابقة‭ ‬أنجيلا‭ ‬ميركل‭ ‬عندما‭ ‬صرحت‭ ‬بأن‭ ‬اتفاقيتي‭ ‬مينسك‭ ‬واحد‭ ‬ومينسك‭ ‬اثنين‭ ‬هما‭ ‬مجرد‭ ‬خدعة‭ ‬غربية‭ ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬الهدف‭ ‬منهما‭ ‬إنهاء‭ ‬الخلاف‭ ‬الروسي‭ ‬الأوكراني‭ ‬حول‭ ‬مشكلة‭ ‬الدونباس‭.‬

وكما‭ ‬هو‭ ‬معلوم‭ ‬فبمجرد‭ ‬بدء‭ ‬العمليات‭ ‬العسكرية‭ ‬تكالبت‭ ‬دول‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬على‭ ‬روسيا‭ ‬الاتحادية‭ ‬وفرضت‭ ‬عليها‭ ‬عقوبات‭ ‬قاسية‭ ‬وموجعة‭ ‬لم‭ ‬تفرض‭ ‬مثلها‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬بلد‭ ‬حتى‭ ‬البلدان‭ ‬التي‭ ‬ناصبت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬العداء‭ ‬مثل‭ ‬كوريا‭ ‬الشمالية‭ ‬وفنزويلا‭ ‬وكوبا‭ ‬وإيران‭ ‬لم‭ ‬تفرض‭ ‬عليها‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬العقوبات‭ ‬والتي‭ ‬تجاوزت‭ ‬7000‭ ‬آلاف‭ ‬عقوبة‭ ‬شملت‭ ‬مختلف‭ ‬الجوانب‭ ‬السياسية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬والعسكرية‭ ‬والتجارية‭ ‬والأمنية‭ ‬حتى‭ ‬الجوانب‭ ‬الفنية‭ ‬والرياضية‭ ‬التي‭ ‬هي‭ ‬بعيدة‭ ‬كل‭ ‬البعد‭ ‬عن‭ ‬الخلافات‭ ‬السياسية‭ ‬لم‭ ‬تسلم‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬العقوبات‭ ‬التي‭ ‬حرمت‭ ‬الفنانين‭ ‬والرياضيين‭ ‬الروس‭ ‬من‭ ‬المشاركة‭ ‬في‭ ‬المناسبات‭ ‬الفنية‭ ‬والرياضية‭ ‬العالمية‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬لاستنزاف‭ ‬روسيا‭ ‬وإخضاعها‭ ‬وهزيمتها‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭ ‬التي‭ ‬فرضت‭ ‬عليها‭ ‬وتجاوزت‭ ‬كل‭ ‬الخطوط‭ ‬الحمراء‭.‬

إلا‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬الملاحظ‭ ‬أن‭ ‬دول‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬لم‭ ‬تكتف‭ ‬بهذه‭ ‬العقوبات‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تقنع‭ ‬عدد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬لأنها‭ ‬على‭ ‬يقين‭ ‬تام‭ ‬بعدم‭ ‬قانونيتها‭ ‬ولذلك‭ ‬لم‭ ‬تلتزم‭ ‬بها‭ ‬شاهدنا‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬المؤتمرات‭ ‬واللقاءات‭ ‬الدولية‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬مقر‭ ‬منظمة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬أو‭ ‬اللقاءات‭ ‬الدولية‭ ‬والتي‭ ‬كان‭ ‬آخر‭ ‬اجتماع‭ ‬وزراء‭ ‬خارجية‭ ‬مجموعة‭ ‬العشرين‭ ‬الذي‭ ‬عقد‭ ‬في‭ ‬العاصمة‭ ‬الهندية‭ ‬نيودلهي‭ ‬عندما‭ ‬امتنعت‭ ‬الهند‭ ‬التي‭ ‬استضافت‭ ‬الاجتماع‭ ‬عن‭ ‬استنكار‭ ‬الحملة‭ ‬العسكرية‭ ‬الروسية‭ ‬على‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬بل‭ ‬لجأت‭ ‬إلى‭ ‬استخدام‭ ‬أسلوب‭ ‬التهديد‭ ‬والوعيد‭ ‬لإجبار‭ ‬الدول‭ ‬لفرض‭ ‬عقوبات‭ ‬على‭ ‬روسيا‭ ‬ولوقف‭ ‬التعامل‭ ‬والتعاون‭ ‬معها‭ ‬في‭ ‬تدخل‭ ‬سافر‭ ‬وفج‭ ‬في‭ ‬الشؤون‭ ‬الداخلية‭ ‬للدول‭ ‬عندما‭ ‬تفرض‭ ‬إرادتها‭ ‬على‭ ‬دول‭ ‬مستقلة‭ ‬ذات‭ ‬سيادة‭ ‬في‭ ‬مخالفة‭ ‬صريحة‭ ‬للقانون‭ ‬الدولي‭ ‬الذي‭ ‬يؤكد‭ ‬احترام‭ ‬سيادة‭ ‬الدول‭ ‬واستقلالها‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة‭ ‬الشقيقة‭ ‬عندما‭ ‬هددت‭ ‬دول‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬العربية‭ ‬الشقيقة‭ ‬بفرض‭ ‬عقوبات‭ ‬عليها‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬توقف‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬روسيا‭ ‬الاتحادية‭ ‬بحجة‭ ‬تصدير‭ ‬الأجهزة‭ ‬الإلكترونية‭ ‬لروسيا‭ ‬التي‭ ‬تستخدمها‭ ‬للأغراض‭ ‬العسكرية‭.‬

دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬العربية‭ ‬دولة‭ ‬ذات‭ ‬سيادة‭ ‬وعضو‭ ‬فاعل‭ ‬في‭ ‬منظمة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬مثل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬نصف‭ ‬قرن‭ ‬من‭ ‬الزمان‭ ‬وهي‭ ‬حرة‭ ‬في‭ ‬انتهاج‭ ‬سياسة‭ ‬خارجية‭ ‬تتماشى‭ ‬مع‭ ‬مصالحها‭ ‬الوطنية‭ ‬وهي‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬ليست‭ ‬عضوا‭ ‬في‭ ‬حلف‭ ‬الناتو‭ ‬لتلتزم‭ ‬بقراراته‭ ‬وتوجيهاته‭ ‬وعقوباته‭ ‬وهي‭ ‬ليست‭ ‬الدولة‭ ‬الوحيدة‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تلتزم‭ ‬بالعقوبات‭ ‬الغربية‭ ‬المفروضة‭ ‬على‭ ‬روسيا‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬هناك‭ ‬دول‭ ‬عززت‭ ‬علاقاتها‭ ‬مع‭ ‬روسيا‭ ‬بعد‭ ‬فرض‭ ‬الغرب‭ ‬عقوباته‭ ‬عليها‭ ‬مثل‭ ‬جمهورية‭ ‬الصين‭ ‬الشعبية،‭ ‬وعليه‭ ‬يجب‭ ‬على‭ ‬التحالف‭ ‬الغربي‭ ‬بقيادة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬الكف‭ ‬عن‭ ‬سياسة‭ ‬فرض‭ ‬إرادته‭ ‬على‭ ‬الآخرين‭ ‬فقد‭ ‬ولى‭ ‬عصر‭ ‬الوصاية‭ ‬نحن‭ ‬نعيش‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬يتغير‭ ‬وتتشكل‭ ‬ملامحه‭ ‬الجديدة‭ ‬القائمة‭ ‬على‭ ‬التعددية‭ ‬القطبية‭ ‬بعد‭ ‬سيطرة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬على‭ ‬شؤون‭ ‬الكون‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ثلاثة‭ ‬عقود‭ ‬من‭ ‬الزمان‭ ‬منذ‭ ‬انهيار‭ ‬اتحاد‭ ‬الجمهوريات‭ ‬الاشتراكية‭ ‬السابقة‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬التسعينيات‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا