ذكرنا في أكثر من مقال أن دول الناتو بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية هم من جروا روسيا الاتحادية جرا إلى الحرب في أوكرانيا من خلال العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا بعد أن صدوا الأبواب وأغلقوا الطرق أمام أي حوار أو مفاوضات لحل أزمة الدونباس بالطرق السلمية بعيدا عن أصوات المدافع والصواريخ والقنابل وتحليق الطائرات وإغلاق الأجواء لحماية سكان هذه المنطقة الناطقين بالروسية والذين يواجهون إبادة جماعية إن صح التعبير من خلال الخطوات والإجراءات التي اتخذتها ضدهم الحكومة المركزية في كييف منذ عام 2014 بدعم ومساندة وتشجيع من دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية لاستفزاز روسيا الاتحادية وتهديد أمنها القومي وتوسيع حلف الناتو شرقا نحو الحدود الروسية بعد انضمام عدد من دول شرق أوروبا إلى الحلف والسعي إلى ضم أوكرانيا إليه لتوسيع دائرة حلف الناتو المعادي لروسيا لتهديد الأمن القومي الروسي، فمنذ عام 2014 والقيادة الأوكرانية في كييف تستعد لهذه الحرب من خلال تضيق الخناق على سكان إقليم الدونباس الناطقين بالروسية حيث منعت التدريس في المدارس باللغة الروسية وفرضت عليهم اللغة الأوكرانية التي لا يتقنونها أصلا واتمام المعاملات الرسمية باللغة الأوكرانية وأغلقت الإذاعات والمحطات التليفزيونية الناطقة بالروسية فضلا عن افتقار إقليم الدونباس للخدمات الأساسية مثل التعليم والصحة والانقطاع المستمر للكهرباء والماء حتى أصبح الناس يعانون في ظروف صعبة شتاء وصيفا.
وحتى الاتفاقيات بين روسيا الاتحادية وجمهورية أوكرانيا مثل اتفاقية مينسك 1 لعام2014 ومينسك 2 لعام 2015 برعاية كل من ألمانيا وفرنسا اتضحتا فيما بعد أنها خدعة غربية لإعطاء أوكرانيا فرصة للاستعداد لهذه الحرب وهذا ما أكدته صراحة وبشكل واضح المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل عندما صرحت بأن اتفاقيتي مينسك واحد ومينسك اثنين هما مجرد خدعة غربية ولم يكن الهدف منهما إنهاء الخلاف الروسي الأوكراني حول مشكلة الدونباس.
وكما هو معلوم فبمجرد بدء العمليات العسكرية تكالبت دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية على روسيا الاتحادية وفرضت عليها عقوبات قاسية وموجعة لم تفرض مثلها على أي بلد حتى البلدان التي ناصبت الولايات المتحدة الأمريكية العداء مثل كوريا الشمالية وفنزويلا وكوبا وإيران لم تفرض عليها مثل هذه العقوبات والتي تجاوزت 7000 آلاف عقوبة شملت مختلف الجوانب السياسية والاقتصادية والعسكرية والتجارية والأمنية حتى الجوانب الفنية والرياضية التي هي بعيدة كل البعد عن الخلافات السياسية لم تسلم من هذه العقوبات التي حرمت الفنانين والرياضيين الروس من المشاركة في المناسبات الفنية والرياضية العالمية في محاولة لاستنزاف روسيا وإخضاعها وهزيمتها في هذه الحرب التي فرضت عليها وتجاوزت كل الخطوط الحمراء.
إلا أنه من الملاحظ أن دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية لم تكتف بهذه العقوبات التي لم تقنع عدد كبير من دول العالم لأنها على يقين تام بعدم قانونيتها ولذلك لم تلتزم بها شاهدنا ذلك في المؤتمرات واللقاءات الدولية سواء في مقر منظمة الأمم المتحدة أو اللقاءات الدولية والتي كان آخر اجتماع وزراء خارجية مجموعة العشرين الذي عقد في العاصمة الهندية نيودلهي عندما امتنعت الهند التي استضافت الاجتماع عن استنكار الحملة العسكرية الروسية على أوكرانيا، بل لجأت إلى استخدام أسلوب التهديد والوعيد لإجبار الدول لفرض عقوبات على روسيا ولوقف التعامل والتعاون معها في تدخل سافر وفج في الشؤون الداخلية للدول عندما تفرض إرادتها على دول مستقلة ذات سيادة في مخالفة صريحة للقانون الدولي الذي يؤكد احترام سيادة الدول واستقلالها وهذا ما حدث بالنسبة إلى دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة عندما هددت دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية دولة الإمارات العربية الشقيقة بفرض عقوبات عليها ما لم توقف التعامل مع روسيا الاتحادية بحجة تصدير الأجهزة الإلكترونية لروسيا التي تستخدمها للأغراض العسكرية.
دولة الإمارات العربية دولة ذات سيادة وعضو فاعل في منظمة الأمم المتحدة مثل أكثر من نصف قرن من الزمان وهي حرة في انتهاج سياسة خارجية تتماشى مع مصالحها الوطنية وهي بعد ذلك ليست عضوا في حلف الناتو لتلتزم بقراراته وتوجيهاته وعقوباته وهي ليست الدولة الوحيدة التي لم تلتزم بالعقوبات الغربية المفروضة على روسيا بل إن هناك دول عززت علاقاتها مع روسيا بعد فرض الغرب عقوباته عليها مثل جمهورية الصين الشعبية، وعليه يجب على التحالف الغربي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية الكف عن سياسة فرض إرادته على الآخرين فقد ولى عصر الوصاية نحن نعيش في عالم يتغير وتتشكل ملامحه الجديدة القائمة على التعددية القطبية بعد سيطرة الولايات المتحدة الأمريكية على شؤون الكون على مدار أكثر من ثلاثة عقود من الزمان منذ انهيار اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السابقة في بداية التسعينيات من القرن الماضي.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك