العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

التطرف الصهيوني وانهيار السلطة الفلسطينية

بقلم : د.أسعد عبدالرحمن

الخميس ٠٩ مارس ٢٠٢٣ - 02:00

في‭ ‬عام‭ ‬1923‭ ‬اعترف‭ ‬القيادي‭ ‬في‭ ‬الحركة‭ ‬الصهيونية‭ (‬زئيف‭ ‬جابوتنسكي‭) ‬في‭ ‬مقال‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭ ‬‮«‬الجدار‭ ‬الحديدي‮»‬‭ ‬بالقول‭: ‬‮«‬دوافع‭ ‬النضال‭ ‬العربي‭ ‬جدّية‭ ‬وجوهرية،‭ ‬ولذلك،‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬إنهاء‭ ‬الصراع‭ ‬بالاتفاق‭ ‬على‭ ‬النيات‭ ‬الحسنة،‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬منح‭ ‬مقابل‭ ‬حل‭ ‬ممكن‭ ‬ومناسب‮»‬‭. ‬وأقر‭: ‬‮«‬الأوهام‭ ‬بأن‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬سيوافقون‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬الرؤية‭ ‬الصهيونية‭ ‬مقابل‭ ‬فائدة‭ ‬ثقافية‭ ‬أو‭ ‬مادية‭ ‬تعود‭ ‬عليهم‭ ‬بسبب‭ ‬المستعمر‭ ‬اليهودي،‭ ‬هو‭ ‬تفكير‭ ‬طفولي‮»‬‭.‬

اليوم،‭ ‬يتعزز‭ ‬هذا‭ ‬الشعور‭ ‬في‭ ‬الدولة‭ ‬الصهيونية‭.‬

‭ ‬فحتى‭ ‬السلطة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬التي‭ ‬نظر‭ ‬إليها‭ ‬العالم‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬شريك‭ ‬في‭ ‬‮«‬عملية‭ ‬التسوية‮»‬‭ ‬كمقدمة‭ ‬لقبول‭ ‬الآخر‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬فلسطين‭ ‬التاريخية،‭ ‬فإن‭ ‬الحكومات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬المتتابعة‭ ‬وضعتها‭ (‬أي‭ ‬السلطة‭) ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬شعبها‭ (‬من‭ ‬خلال‭ ‬الثمن‭ ‬الباهظ‭ ‬الذي‭ ‬تدفعه‭ ‬سياسيا‭ ‬وجماهيريا‭ ‬بسبب‭ ‬بند‭ ‬التنسيق‭ ‬الأمني‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬توقفت‭ ‬عن‭ ‬التفاوض‭ ‬مع‭ ‬الطرف‭ ‬الفلسطيني‭ ‬بذريعة‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬ليس‭ ‬شريكا‭ ‬في‭ ‬عملية‭ ‬السلام‮»‬‭.‬

وفي‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬الصراع‭ ‬الذي‭ ‬نشأ‭ ‬في‭ ‬داخل‭ ‬السلطة‭ ‬على‭ ‬خلافة‭ ‬الرئيس‭ ‬محمود‭ ‬عباس‭ ‬ينبئ‭ ‬بالأسوأ،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬أكده‭ ‬التقرير‭ ‬الصادر‭ ‬عن‭ ‬‮«‬مجموعة‭ ‬الأزمات‭ ‬الدولية‮»‬‭ ‬ومقرها‭ ‬بروكسل‭ ‬‮«‬الذي‭ ‬حذر‭ ‬من‭ ‬معركة‭ ‬قد‭ ‬تتسبب‭ ‬بـ«احتجاجات‭ ‬شعبية‭ ‬وقمع‭ ‬وعنف‭ ‬وربما‭ ‬انهيار‭ ‬السلطة‭ ‬الفلسطينية‮»‬‭.‬

من‭ ‬جهتها،‭ ‬مجلة‭ ‬‮«‬فورين‭ ‬بوليسي‮»‬‭ ‬الأمريكية‭ ‬قالت،‭ ‬نقلا‭ ‬عن‭ ‬مصادر‭ ‬إسرائيلية‭ ‬مطلعة،‭ ‬إن‭ ‬‮«‬التنسيق‭ ‬الأمني‭ ‬بين‭ ‬إسرائيل‭ ‬والسلطة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬يمثل‭ ‬خسارة‭ ‬كاملة‭ ‬لرئيسها‭ ‬محمود‭ ‬عباس،‭ ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬لن‭ ‬يتوقف‭ ‬إلا‭ ‬بانهيار‭ ‬هذه‭ ‬السلطة‮»‬‭. ‬وترى‭ ‬المجلة‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬‮«‬التنسيق‭ ‬غير‭ ‬مرحب‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬جميع‭ ‬الأطياف‭ ‬السياسية‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬ويرونه‭ ‬خيانة‭ ‬صريحة،‭ ‬وقد‭ ‬كان‭ ‬نقطة‭ ‬شائكة‭ ‬ومستمرة‭ ‬في‭ ‬عمليات‭ ‬المصالحة‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الحفاظ‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬يُقتل‭ ‬فيه‭ ‬الفلسطينيون‭ ‬بأعداد‭ ‬كبيرة‭ ‬سيكون‭ ‬انتحارا‭ ‬سياسيا،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬إنهاءه‭ ‬يعني‭ ‬نهاية‭ ‬السلطة‭ ‬الفلسطينية‮»‬‭.‬

وفي‭ ‬مقال‭ ‬رأي‭ ‬نشره‭ ‬‮«‬معهد‭ ‬نظرة‭ ‬إلى‭ ‬الإعلام‭ ‬الفلسطيني‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬يرأسه‭ ‬الباحث‭ ‬الإسرائيلي‭ (‬عاموس‭ ‬جلعاد‭) ‬يرى‭ ‬أن‭ ‬‮«‬تصاعد‭ ‬التوتر‭ ‬الناتج‭ ‬من‭ ‬مزيج‭ ‬‮«‬العنف‮»‬‭ ‬في‭ ‬الميدان‭ ‬وبين‭ ‬الأزمة‭ ‬الحادة‭ ‬بين‭ ‬إسرائيل‭ ‬والسلطة‭ ‬في‭ ‬أعقاب‭ ‬حسم‭ ‬أموال‭ ‬العائدات‭ (‬الفلسطينية‭)‬،‭ ‬فإن‭ ‬احتمالات‭ ‬الصدام‭ ‬بين‭ ‬إسرائيل‭ ‬والسلطة‭ ‬تتعزز،‭ ‬ويمكن‭ ‬أن‭ ‬يؤدي‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬زعزعة‭ ‬مكانة‭ ‬السلطة،‭ ‬التي‭ ‬تعاني‭ ‬أيضاً‭ ‬جرّاء‭ ‬تراجُع‭ ‬مكانتها‭ ‬الجماهيرية‭ ‬وضعف‭ ‬قدرتها‭ ‬على‭ ‬ضبط‭ ‬الميدان‭.‬

وبالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬التحدي‭ ‬القائم‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬يخص‭ ‬الفراغ‭ ‬الذي‭ ‬ستتركه‭ ‬ومَن‭ ‬سيملأ‭ ‬هذا‭ ‬الفراغ،‭ ‬ترتفع‭ ‬احتمالات‭ ‬المواجهة‭ ‬كلما‭ ‬اقترب‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‮»‬‭.‬

‭ ‬ومن‭ ‬جانبه،‭ ‬كتب‭ ‬الدكتور‭ (‬ميخائيل‭ ‬ميلشتاين‭) ‬الباحث‭ ‬في‭ ‬معهد‭ ‬السياسات‭ ‬والاستراتيجيات‭ ‬التابع‭ ‬لجامعة‭ ‬رايخمان‭ ‬يقول‭: ‬‮«‬السيناريوهان‭ ‬الأكثر‭ ‬معقولية‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬استمرار‭ ‬ضعف‭ ‬السلطة‭ ‬وصعود‭ ‬قوة‭ ‬الجيل‭ ‬الفلسطيني‭ ‬الشاب‭ ‬الذي‭ ‬يشعر‭ ‬بغربة‭ ‬عميقة‭ ‬تجاه‭ ‬السلطة‭ ‬هما‭ ‬الانهيار‭ ‬والاضمحلال‭. ‬وفي‭ ‬المدى‭ ‬المباشر‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يخلقا‭ ‬مخاطر‭ ‬أمنية،‭ ‬مثل‭ ‬ارتفاع‭ ‬حجم‭ ‬‮«‬الإرهاب‮»‬،‭ ‬سواء‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬نشطاء‭ ‬الأجهزة‭ ‬الأمنية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تضعف‭ ‬وتتفكك،‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬صعود‭ ‬قوة‭ ‬‮«‬حماس‮»‬‭. ‬

وفي‭ ‬المدى‭ ‬البعيد،‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬ينشأ‭ ‬فراغ‭ ‬حكومي‭ ‬يجبر‭ ‬‮«‬إسرائيل‮»‬‭ ‬على‭ ‬تحمّل‭ ‬مسؤوليات‭ ‬مدنية‭ ‬حيال‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬وعملياً‭ ‬سيعيدها،‭ ‬جزئياً‭ ‬أو‭ ‬بصورة‭ ‬كاملة،‭ ‬للقيام‭ ‬بدور‭ ‬الحاكم‭ ‬العسكري،‭ ‬كما‭ ‬كان‭ ‬عليه‭ ‬الوضع‭ ‬قبل‭ ‬قيام‭ ‬‮«‬السلطة‭ ‬الفلسطينية‮»‬‭.‬‮ ‬

بالمحصلة،‭ ‬وفي‭ ‬عيون‭ ‬أدبيات‭ ‬سياسية‭ ‬إسرائيلية‭ ‬أخرى،‭ ‬فإن‭ ‬السلطة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬نفسها‭ ‬تعيش‭ ‬ورطة‭.‬

‭ ‬فقطع‭ ‬العلاقات‭ ‬الأمنية‭ ‬مع‭ ‬‮«‬إسرائيل‮»‬‭ ‬بشكل‭ ‬دائم،‭ ‬قد‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬فرض‭ ‬عقوبات‭ ‬وتدابير‭ ‬عقابية‭ ‬إضافية‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬تل‭ ‬أبيب،‭ ‬وعلى‭ ‬الأرجح‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬أيضا‭. ‬

ومن‭ ‬ناحية‭ ‬ثانية،‭ ‬فإن‭ ‬الاستمرار‭ ‬في‭ ‬التنسيق‭ ‬مع‭ ‬جيش‭ ‬الاحتلال،‭ ‬وهو‭ ‬يزداد‭ ‬قمعا‭ ‬وعنفا‭ ‬ويحمي‭ ‬قمع‭ ‬‮«‬المستوطنين‮»‬‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬حاصل‭ ‬الآن،‭ ‬فإنما‭ ‬يقوّض‭ ‬ما‭ ‬تبقى‭ ‬من‭ ‬شرعية‭ ‬السلطة‭.‬‮ ‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا