راودتني فكرة كتابة هذا الموضوع الذي هو فعلا ذو شجون، بعد أن لمست أنه يستحق وأنا ألتقي بعض الأخوة الفنانين كبارهم وصغارهم الذين يرون أن هذا الفن قد تراجع لدى أولئك الذين لهم باع في الفن وعندهم شعور بحسرة وندم على أيام زمان وبالتحديد فترة الستينيات، فالاهتمام بالفن وإعادة احتضانه هو ما يستحق ذلك، حتى إننا وجدنا أنفسنا نسبح في بحر آخر أو بمعنى أصح لا نعرف أغواره.
وانطلاقا من ذلك نرجو ألا يكون الفن بالنسبة إلى كل فنان على أرض هذا الوطن محصورا في انطباعات أو خواطر، بل نريده واقعا وأن نرى البحرين عاصمة للفن والفنانين كما كانت.
إن الأغنية ذات اللحن الأصيل والأداء الممتع تستطيع أن تمس القلب وتدفع الإنسان، حتى من خلال الألم والشجن إلى حب الحياة والعمل، إننا في هذا الوطن نمتلك خامات فنية مبدعة وفنا راقيا والدليل ما كان يقدم في الستينيات من خلال تليفزيون البحرين من مسلسلات رفيعة المستوى فنيا وهذا مع الأسف افتقدناه منذ فترة. لقد لعبت الأغنية العاطفية والوطنية دورا كبيرا والسؤال الذي يطرح نفسه لماذا لا تعود كما كانت؟ بل إلى الأحسن.
ولعل وزارة الإعلام لديها مسؤولية في هذا الشأن وننتظر أن تتخذ خطوات لوضع دراسة ذات جدوى وأفكار من بينها مناقشات مفتوحة يشترك فيها المسؤولون والمطربون ومؤلفو الأغاني والملحنون والجمهور من المهتمين بالأغنية والفن لكي تصل الأغنية إلى ما نرجوه لها كفن وكوسيلة أساسية من وسائل التأثير الاجتماعي وإذا كان الجميع في وطننا فرحين بيومهم وحياتهم فلابد أن تكون عندنا أغان يغنونها في هذه الأفراح، حتى تأخذ طابعها الصحيح في هذه المناسبة، فلا يمكن أن تكون الأغنية أمرا عابرا بل هي احتياج إنساني، والأغنية دائما تبحث عن الشكل الذي يكفل لها أن تكون رفيعة المستوى في ثلاثة مستويات متكاملة الأداء واللحن والكلمات.
ومما تقدم في إطار الحديث عن الفن والفنانين في وطننا البحرين. لماذا لا تكون هناك نقابة للفن والفنانين؟ إننا لا شك نتمنى أن تتحقق هذه الأمنية فالإذاعة والتلفزيون يشكلان الجزء الأكبر من قطاع العاملين في المجالات الفنية فكرا وفنا وعطاء وأن ما ذكره الزميل إبراهيم حبيب في عموده الأسبوعي نصا (لم أسمع قط نائبا بمجلس النواب البحريني يطرح تساؤلات عن أسباب انهيار الفنون في البحرين ويسلط الضوء على البطالة التي يعيشها الفنان منذ سنوات طويلة، المسرح معطل، والأغنية البحرينية تحتضر والفنون الشعبية في مهب الريح).
وأضاف قائلا: «إنه لابد من تحديد أسباب هذا الانهيار والتجاهل من الجهات المسؤولة وأضيف إليها بالتحديد وزارة الإعلام، حتى لا نترك هذه القيمة غير فاعلة وموضوعة على الأرفف العالية»، إن ما طرحه الزميل إبراهيم حبيب هو في الحقيقة لو بقي أكثر سيكون مرا ولا طعم له، إن الفن هو الطاقة الكبرى في أي مجتمع ونحن لا نستطيع أن نحقق مجتمعا جديدا بعيدا عن الفن، وفي اعتقادي أن المقياس الحقيقي لإعادة حركتنا الفنية يكمن في أن نرى الفن يعيش بيننا في مجتمعنا وبيوتنا وعقول أجيالنا الحاضرة والقادمة.
إن الحديث عن الفن والفنانين يطول لما يمثله من عنصر الجمال فنيا، من هنا وجب العناية به فالفن في مضمونه هو كلمات تنطق بها الشفاه، وأداء يطلق الشعور بالسعادة والحياة الجميلة التي ينسى فيها الفرد أحزانه وهمومه، وفي السياق نفسه نستطيع أن ندرك حقيقة الدور الذي كانت تلعبه الأغنية في حياة المجتمع البحريني عبر تاريخها الطويل باعتبارها كانت فعلا نمطا من أنماط الفن الأصيل بين فئات المجتمع المختلفة كما كانت الأغنية ولاسيما الأغنية الوطنية تلعب دورا مهما، حيث واكبت أعياد البحرين مشاركة في أفراحه، وختاما نتمنى أن نسمع ونرى ما يراود الفنانين والفن حول كل ما يخص الأغنية والفن الجميل.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك