العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

مخاطر ملوثات لا تنتهي

بقلم: د. إسماعيل محمد المدني

الثلاثاء ٢٨ فبراير ٢٠٢٣ - 02:00

مجموعة‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬الملوثات‭ ‬يُطلق‭ ‬عليها‭ ‬الآن‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬بدأتْ‭ ‬صُورتها‭ ‬تتضح‭ ‬يوما‭ ‬بعد‭ ‬يوم‭ ‬بالملوثات‭ ‬الأبدية،‭ ‬أو‭ ‬الملوثات‭ ‬الخالدة‭ (‬forever‭ ‬chemicals‭)‬،‭ ‬أي‭ ‬الملوثات‭ ‬التي‭ ‬ستمكث‭ ‬معنا‭ ‬طويلاً،‭ ‬وستجثم‭ ‬على‭ ‬صدورنا،‭ ‬وستبقى‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬مكونات‭ ‬بيئتنا‭ ‬وفي‭ ‬أعضاء‭ ‬وخلايا‭ ‬أجسادنا‭ ‬أبد‭ ‬الدهر،‭ ‬وربما‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬يرث‭ ‬الله‭ ‬الأرض‭ ‬ومن‭ ‬عليها‭.‬

وهذا‭ ‬الاكتشاف‭ ‬الجديد‭ ‬ليس‭ ‬حكراً‭ ‬الآن‭ ‬على‭ ‬أروقة‭ ‬مختبرات‭ ‬العلماء‭ ‬المختصين‭ ‬وعلى‭ ‬الذين‭ ‬يبحثون‭ ‬في‭ ‬أعماق‭ ‬مختلف‭ ‬مصادر‭ ‬ومصير‭ ‬هذه‭ ‬الملوثات‭ ‬بعد‭ ‬ولوجها‭ ‬في‭ ‬بيئتنا،‭ ‬ولم‭ ‬يعد‭ ‬من‭ ‬الموضوعات‭ ‬العلمية‭ ‬والبيئية‭ ‬البحتة‭ ‬التي‭ ‬يهتم‭ ‬بها‭ ‬العلماء‭ ‬فقط،‭ ‬فيسبرون‭ ‬غورها‭ ‬وتفاصيلها،‭ ‬ويتناقشون‭ ‬فيها‭ ‬مع‭ ‬بعض‭ ‬في‭ ‬مؤتمراتهم‭ ‬ومجلاتهم‭ ‬وفي‭ ‬دائرتهم‭ ‬العلمية‭ ‬الضيقة‭ ‬والمتخصصة،‭ ‬وإنما‭ ‬تحولت‭ ‬إلى‭ ‬قضية‭ ‬رأي‭ ‬عام‭ ‬عالمي‭ ‬على‭ ‬نطاق‭ ‬جغرافي‭ ‬واسع‭ ‬شمل‭ ‬معظم‭ ‬دول‭ ‬العالم،‭ ‬فوصلت‭ ‬إلى‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬الجماهيرية‭ ‬الشعبية‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الصناعية‭ ‬المتقدمة‭ ‬وغير‭ ‬المتطورة،‭ ‬فأصبحت‭ ‬حديث‭ ‬البسطاء‭ ‬من‭ ‬الشعوب‭ ‬وتحولت‭ ‬إلى‭ ‬همٍ‭ ‬جديد‭ ‬يضاف‭ ‬إلى‭ ‬همومهم‭ ‬الأخرى‭ ‬الصحية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬والسياسية‭. ‬ولذلك‭ ‬فقد‭ ‬قامت‭ ‬بعض‭ ‬الصحف‭ ‬المرموقة،‭ ‬مثل‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬لومونْد‮»‬‭ ‬الفرنسية‭ (‬Le‭ ‬Monde‭) ‬بتخصيص‭ ‬صفحات‭ ‬كثيرة،‭ ‬وفي‭ ‬عدة‭ ‬أعداد‭ ‬منها‭ ‬وفي‭ ‬الصفحات‭ ‬الأولى‭ ‬لتغطية‭ ‬آخر‭ ‬أخبار‭ ‬هذه‭ ‬الملوثات،‭ ‬وأماكن‭ ‬وجودها‭ ‬وتركيزها‭ ‬في‭ ‬القارة‭ ‬الأوروبية‭ ‬بشكلٍ‭ ‬خاص،‭ ‬وفي‭ ‬القارات‭ ‬الأخرى‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭.‬

فعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬نَشرتْ‭ ‬جريدة‭ ‬‮«‬لوموند‮»‬‭ ‬تقريرا‭ ‬معمقاً‭ ‬ومطولاً‭ ‬في‭ ‬23‭ ‬فبراير‭ ‬2023‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭: ‬‮«‬التلوث‭ ‬الخالد‭: ‬اكْتَشفْ‭ ‬خارطة‭ ‬التلوث‭ ‬بمركبات‭ ‬الفلورين‭ ‬العضوية‭ ‬في‭ ‬أوروبا‮»‬،‭ ‬وصدر‭ ‬هذا‭ ‬التقرير‭ ‬‮«‬العلمي‮»‬‭ ‬بالتعاون‭ ‬مع‭ ‬17‭ ‬وكالة‭ ‬متخصصة،‭ ‬وجامعة،‭ ‬ومؤسسة‭ ‬بحثية‭ ‬من‭ ‬القارة‭ ‬الأوروبية،‭ ‬وهذه‭ ‬الخارطة‭ ‬تُعد‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬نوعها‭ ‬وتبين‭ ‬اتساع‭ ‬رقعة‭ ‬تلوث‭ ‬المدن‭ ‬والدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬بهذه‭ ‬المجموعة‭ ‬الخالدة‭ ‬والمستقرة‭ ‬من‭ ‬الملوثات‭.‬

فما‭ ‬هذه‭ ‬الملوثات‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تموت؟

هذه‭ ‬المجموعة‭ ‬من‭ ‬المركبات‭ ‬العضوية‭ ‬التي‭ ‬تحتوي‭ ‬على‭ ‬أعدادٍ‭ ‬كثيرة‭ ‬من‭ ‬عنصر‭ ‬الفلورين‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬إنتاجها‭ ‬وتسويقها‭ ‬منذ‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ستين‭ ‬عاماً،‭ ‬ونجحت‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬تدخل‭ ‬في‭ ‬مكونات‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬المنتجات‭ ‬الاستهلاكية‭ ‬الشخصية،‭ ‬والمنزلية،‭ ‬والصناعية،‭ ‬كان‭ ‬بسبب‭ ‬خواصها‭ ‬‮«‬السحرية‮»‬‭ ‬الفريدة‭ ‬من‭ ‬نوعها،‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬استقرارها‭ ‬وثباتها‭ ‬وخمولها‭ ‬كيميائياً‭ ‬وحيوياً،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬مقاومتها‭ ‬الشديدة‭ ‬للماء‭. ‬ولذلك‭ ‬دخلت‭ ‬هذه‭ ‬المواد‭ ‬في‭ ‬تطبيقات‭ ‬كثيرة‭ ‬في‭ ‬حياتنا‭ ‬اليومية،‭ ‬ومن‭ ‬أكثرها‭ ‬شيوعاً‭ ‬لدى‭ ‬عامة‭ ‬الناس‭ ‬هي‭ ‬أواني‭ ‬الطبخ‭ ‬من‭ ‬المقلاة‭ ‬والقدور‭ ‬وغيرها‭ ‬التي‭ ‬عند‭ ‬استخدامها‭ ‬لا‭ ‬تلتصق‭ ‬عليها‭ ‬المواد‭ ‬الغذائية‭ ‬فيسهل‭ ‬تنظيفها،‭ ‬ويُطلق‭ ‬عليها‭ ‬بالتِيفَالْ،‭ ‬أو‭ ‬التِفْلُون‭. ‬كذلك‭ ‬استخدمت‭ ‬هذه‭ ‬المركبات‭ ‬في‭ ‬صناعة‭ ‬الأثاث،‭ ‬والأقمشة،‭ ‬والأصباغ،‭ ‬وتغليف‭ ‬المواد‭ ‬الغذائية،‭ ‬والمبيدات،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬استخدامها‭ ‬كرغوة‭ ‬لإطفاء‭ ‬الحرائق،‭ ‬ما‭ ‬ساعد‭ ‬على‭ ‬انتقالها‭ ‬ودخولها‭ ‬بكل‭ ‬سهولة‭ ‬ويسر‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬مكونات‭ ‬البيئة‭ ‬وانتشارها‭ ‬في‭ ‬مساحات‭ ‬جغرافية‭ ‬واسعة‭. ‬وأما‭ ‬الاسم‭ ‬العلمي‭ ‬لهذه‭ ‬الأعداد‭ ‬الضخمة‭ ‬من‭ ‬المركبات‭ ‬التي‭ ‬تزيد‭ ‬على‭ ‬عشرات‭ ‬الآلاف‭ ‬هي‭ ‬‮«‬المركبات‭ ‬العضوية‭ ‬متعددة‭ ‬الفورين‮»‬‭ ‬أو‭ ‬‮«‬بي‭ ‬إف‭ ‬أي‭ ‬إس‮»‬‭ (‬Per‭- ‬and‭ ‬polyfluoroalkyl‭ ‬substances‭ (‬PFAS‭)).‬

ولكن‭ ‬هذه‭ ‬الصفات‭ ‬السحرية‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تتميز‭ ‬بها‭ ‬هذه‭ ‬المواد‭ ‬وأفرط‭ ‬الإنسان‭ ‬في‭ ‬إنتاجها‭ ‬واستخدامها‭ ‬في‭ ‬تطبيقات‭ ‬عملية‭ ‬كثيرة،‭ ‬تحولت‭ ‬مع‭ ‬الوقت‭ ‬إلى‭ ‬أزمة‭ ‬بيئية‭ ‬وصحية‭ ‬لجميع‭ ‬البشر‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬استثناء،‭ ‬وشكلت‭ ‬للإنسان‭ ‬وباءً‭ ‬جديداً‭ ‬هو‭ ‬في‭ ‬غنى‭ ‬عنه‭. ‬فالخواص‭ ‬الإيجابية‭ ‬العجيبة‭ ‬لهذه‭ ‬المواد‭ ‬أصبحت‭ ‬تمثل‭ ‬تهديداً‭ ‬لكل‭ ‬مكونات‭ ‬بيئتنا‭ ‬من‭ ‬ماء‭ ‬وهواء‭ ‬وتربة‭ ‬والكائنات‭ ‬الحية‭ ‬التي‭ ‬تعيش‭ ‬عليها،‭ ‬فتحولت‭ ‬إلى‭ ‬سلبيات‭ ‬كارثية‭ ‬يحصد‭ ‬الإنسان‭ ‬اليوم‭ ‬ثمرات‭ ‬سوء‭ ‬إدارته‭ ‬وتخطيطه‭ ‬وجهله‭ ‬بالتعامل‭ ‬مع‭ ‬المواد‭ ‬التي‭ ‬يُدخلها‭ ‬طواعية‭ ‬وبيديه‭ ‬إلى‭ ‬بيئته‭.‬

فمن‭ ‬مميزات‭ ‬هذه‭ ‬المواد‭ ‬ثباتها‭ ‬واستقرارها‭ ‬عند‭ ‬دخولها‭ ‬في‭ ‬البيئة،‭ ‬وهذا‭ ‬الاستقرار‭ ‬بسبب‭ ‬الرابطة‭ ‬القوية‭ ‬جداً‭ ‬التي‭ ‬تربط‭ ‬بين‭ ‬الكربون‭ ‬وعنصر‭ ‬الفلورين،‭ ‬والتي‭ ‬لها‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬مقاومة‭ ‬التحلل‭ ‬في‭ ‬الطبيعة،‭ ‬ولها‭ ‬القوة‭ ‬الكامنة‭ ‬على‭ ‬مواجهة‭ ‬أي‭ ‬عامل‭ ‬طبيعي‭ ‬حيوي‭ ‬أو‭ ‬فيزيائي‭ ‬يحاول‭ ‬كسرها‭ ‬وتحللها،‭ ‬ولذلك‭ ‬فهي‭ ‬تبقى‭ ‬موجودة‭ ‬في‭ ‬عناصر‭ ‬البيئة،‭ ‬وتستمر‭ ‬في‭ ‬زيادة‭ ‬تركيزها‭ ‬كل‭ ‬يوم،‭ ‬وتبدأ‭ ‬سنة‭ ‬بعد‭ ‬سنة‭ ‬في‭ ‬التراكم‭ ‬والتضخم‭ ‬في‭ ‬تركيزها‭ ‬في‭ ‬مكونات‭ ‬البيئة‭ ‬غير‭ ‬الحية،‭ ‬ثم‭ ‬تنتقل‭ ‬وعبر‭ ‬مسافات‭ ‬جغرافية‭ ‬واسعة‭ ‬وبعيدة‭ ‬عن‭ ‬أنشطة‭ ‬البشر‭ ‬إلى‭ ‬مكونات‭ ‬البيئة‭ ‬الحية‭ ‬بتراكيز‭ ‬أعلى،‭ ‬وأخيراً‭ ‬تصل‭ ‬عبر‭ ‬السلسلة‭ ‬الغذائية‭ ‬إلى‭ ‬الإنسان‭. ‬

فهناك‭ ‬عدة‭ ‬طرق‭ ‬تصل‭ ‬فيها‭ ‬هذه‭ ‬الملوثات‭ ‬العضوية‭ ‬الثابتة‭ ‬إلى‭ ‬جسم‭ ‬الإنسان،‭ ‬منها‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬الهواء‭ ‬الجوي‭ ‬واستنشاق‭ ‬الهواء‭ ‬الجوي‭ ‬الملوث‭ ‬بهذه‭ ‬المركبات،‭ ‬ومنها‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬صرف‭ ‬المياه‭ ‬المعالجة‭ ‬الصناعية‭ ‬والمنزلية‭ ‬الملوثة‭ ‬بها‭ ‬إلى‭ ‬المسطحات‭ ‬المائية،‭ ‬ثم‭ ‬إلى‭ ‬الحياة‭ ‬الفطرية‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المسطحات‭ ‬المائية،‭ ‬وأخيراً‭ ‬إلى‭ ‬الطيور‭ ‬المائية‭ ‬والإنسان‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تناول‭ ‬مواد‭ ‬غذائية‭ ‬من‭ ‬أسماك‭ ‬وطيور‭ ‬ملوثة،‭ ‬بحسب‭ ‬المنشور‭ ‬في‭ ‬تقرير‭ ‬وكالة‭ ‬البيئة‭ ‬البريطانية‭ ‬في‭ ‬أكتوبر‭ ‬2019،‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭: ‬‮«‬المركبات‭ ‬العضوية‭ ‬متعدد‭ ‬الفلورين‭: ‬المصادر،‭ ‬وطرق‭ ‬تحركها‭ ‬والمعلومات‭ ‬البيئية‮»‬‭.‬

وهذه‭ ‬الطرق‭ ‬التي‭ ‬تؤدي‭ ‬إلى‭ ‬تسمم‭ ‬الإنسان‭ ‬بهذه‭ ‬المواد‭ ‬ليست‭ ‬نظرية،‭ ‬أو‭ ‬مبنية‭ ‬على‭ ‬تكهنات‭ ‬وتوقعات‭ ‬غير‭ ‬حقيقية،‭ ‬وإنما‭ ‬أثبتت‭ ‬الدراسات‭ ‬العلمية‭ ‬المخبرية‭ ‬والميدانية‭ ‬وجود‭ ‬هذه‭ ‬السموم‭ ‬المنتشرة‭ ‬في‭ ‬الهواء‭ ‬الجوي،‭ ‬ومياه‭ ‬الشرب،‭ ‬وأجسام‭ ‬الكائنات‭ ‬الفطرية‭ ‬في‭ ‬البر‭ ‬والبحر،‭ ‬وفي‭ ‬أعضاء‭ ‬جسم‭ ‬الإنسان‭. ‬فالدراسة‭ ‬العلمية‭ ‬التي‭ ‬قامت‭ ‬بها‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬لوموند‮»‬‭ ‬تحت‭ ‬إشراف‭ ‬المراكز‭ ‬العلمية‭ ‬المتخصصة‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭ ‬‮«‬مشروع‭ ‬التلوث‭ ‬الخالد‮»‬‭ ‬خلصت‭ ‬إلى‭ ‬وجود‭ ‬هذا‭ ‬التلوث‭ ‬في‭ ‬17‭ ‬ألف‭ ‬موقع‭ ‬في‭ ‬القارة‭ ‬الأوروبية‭ ‬في‭ ‬المياه‭ ‬السطحية،‭ ‬والجوفية،‭ ‬والتربة،‭ ‬والكائنات‭ ‬الحية،‭ ‬وتراوح‭ ‬التركيز‭ ‬بين‭ ‬10‭ ‬إلى‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬10‭ ‬آلاف‭ ‬نانوجرام‭ ‬من‭ ‬الملوثات‭ ‬في‭ ‬الكيلوجرام،‭ ‬أو‭ ‬جزء‭ ‬في‭ ‬البليون‭. ‬

كذلك‭ ‬نُشرت‭ ‬دراسة‭ ‬أكدت‭ ‬قُدرة‭ ‬هذه‭ ‬الملوثات‭ ‬على‭ ‬التحرك‭ ‬السريع‭ ‬والانتقال‭ ‬من‭ ‬مصدر‭ ‬التلوث‭ ‬في‭ ‬المدن‭ ‬إلى‭ ‬مواقع‭ ‬بعيدة‭ ‬ونائية‭ ‬من‭ ‬كرتنا‭ ‬الأرضية،‭ ‬مثل‭ ‬البحث‭ ‬الذي‭ ‬سيُنشر‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ ‬‮«‬علوم‭ ‬البيئة‭ ‬الكلية‮»‬‭ (‬Science‭ ‬of‭ ‬The‭ ‬Total‭ ‬Environment‭) ‬في‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬مايو‭ ‬2023،‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭: ‬‮«‬مستويات‭ ‬وانتشار‭ ‬المواد‭ ‬العضوية‭ ‬متعددة‭ ‬الفلورين‭ ‬في‭ ‬الثلج‭ ‬في‭ ‬القطب‭ ‬الشمالي‮»‬،‭ ‬حيث‭ ‬اكتشف‭ ‬البحث‭ ‬26‭ ‬نوعا‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الملوثات‭ ‬في‭ ‬ثلج‭ ‬القطب‭ ‬الشمالي‭ ‬من‭ ‬منطقة‭ (‬Svalbard‭) ‬النائية‭ ‬والمرتفعة‭ ‬عن‭ ‬سطح‭ ‬الأرض،‭ ‬وهذه‭ ‬الملوثات‭ ‬انتقلت‭ ‬من‭ ‬مصادر‭ ‬متعددة‭ ‬في‭ ‬المدن‭ ‬الحضرية‭ ‬التي‭ ‬تبعد‭ ‬آلاف‭ ‬الكيلومترات‭. ‬

وجدير‭ ‬بالذكر‭ ‬فإن‭ ‬هذه‭ ‬الملوثات‭ ‬الشائعة‭ ‬ليست‭ ‬موجودة‭ ‬في‭ ‬البيئات‭ ‬الخارجية‭ ‬فحسب،‭ ‬وإنما‭ ‬هي‭ ‬موجودة‭ ‬أيضاً‭ ‬في‭ ‬عقر‭ ‬دارنا‭ ‬في‭ ‬منازلنا،‭ ‬حسب‭ ‬الدراسة‭ ‬الصينية‭ ‬المنشورة‭ ‬في‮ ‬26‮ ‬مارس‮ ‬2021‮ ‬في‭ ‬مجلة‭ ‬‮«‬علوم‭ ‬وتقنية‭ ‬البيئة‮»‬‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭: ‬‮«‬المركبات‭ ‬العضوية‭ ‬متعددة‭ ‬الفلور‭ ‬في‭ ‬غبار‭ ‬البيئات‭ ‬الخارجية‭ ‬والداخلية‭ ‬في‭ ‬الصين‮»‬،‭ ‬حيث‭ ‬تراوح‭ ‬التركيز‭ ‬في‭ ‬الغبار‭ ‬الخارجي‭ ‬من‮ ‬105‮ ‬إلى‮ ‬321‮ ‬نانوجراما‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الملوثات‭ ‬لكل‭ ‬جرام‭ ‬من‭ ‬الغبار،‭ ‬وفي‭ ‬الغبار‭ ‬في‭ ‬البيئة‭ ‬الداخلية‭ ‬تراوح‭ ‬من‮ ‬185‮ ‬إلى‮ ‬913‭.‬

ونظراً‭ ‬إلى‭ ‬واقعية‭ ‬هذه‭ ‬الأزمة‭ ‬الراهنة‭ ‬وتهديدها‭ ‬المباشر‭ ‬للصحة‭ ‬العامة‭ ‬للإنسان‭ ‬والحيوان،‭ ‬فإن‭ ‬بعض‭ ‬حكومات‭ ‬العالم‭ ‬أخذت‭ ‬هذه‭ ‬الأزمة‭ ‬البيئية‭ ‬الصحية‭ ‬على‭ ‬محمل‭ ‬الجد،‭ ‬ووضعت‭ ‬برامج‭ ‬وخططاً‭ ‬للكشف‭ ‬عنها‭ ‬ومكافحتها‭ ‬من‭ ‬ضمن‭ ‬مجموعة‭ ‬‮«‬الملوثات‭ ‬العضوية‭ ‬الثابتة‭ ‬والمستقرة‮»‬‭ ‬التي‭ ‬وردت‭ ‬في‭ ‬معاهدة‭ ‬ستوكهولم‭ ‬لعام‭ ‬2009‭. ‬ومن‭ ‬هذه‭ ‬البرامج‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬لا‭ ‬الحصر،‭ ‬‮«‬خطة‭ ‬العمل‭ ‬الحكومية‮»‬‭ ‬التي‭ ‬أعلنتها‭ ‬الحكومة‭ ‬الفرنسية،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬إعلان‭ ‬حكومة‭ ‬بايدن،‭ ‬ممثلة‭ ‬في‭ ‬وكالة‭ ‬حماية‭ ‬البيئة،‭ ‬في‭ ‬15‭ ‬فبراير‭ ‬2023‭ ‬عن‭ ‬مبلغ‭ ‬19‭ ‬مليون‭ ‬دولار‭ ‬لدراسة‭ ‬بعض‭ ‬الملوثات‭ ‬المستجدة‭ ‬مثل‭ ‬مجموعة‭ ‬المركبات‭ ‬العضوية‭ ‬متعددة‭ ‬الفلور‭ ‬في‭ ‬مياه‭ ‬الشرب‭ ‬بولاية‭ ‬إيوا‭ ‬وولايات‭ ‬أخرى‭.‬

 

bncftpw@batelco‭.‬com‭.‬bh

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا