العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

مخاطر احتمالية نشوب حرب نووية

بقلم: د. نبيل العسومي

الاثنين ٢٧ فبراير ٢٠٢٣ - 02:00

تصاعدت‭ ‬خلال‭ ‬الأيام‭ ‬القليلة‭ ‬الماضية‭ ‬مخاطر‭ ‬نشوب‭ ‬حرب‭ ‬نووية‭ ‬شاملة‭ ‬لا‭ ‬تبقي‭ ‬ولا‭ ‬تذر‭ ‬خاصة‭ ‬بعد‭ ‬قيام‭ ‬دول‭ ‬حلف‭ ‬الناتو‭ ‬بالمناورات‭ ‬العسكرية‭ ‬بالقرب‭ ‬من‭ ‬الحدود‭ ‬الروسية‭ ‬وقرار‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬ودول‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬بتزويد‭ ‬أوكرانيا‭ ‬بدبابات‭ ‬متطورة‭ ‬وإرسال‭ ‬السويد‭ ‬وبولندا‭ ‬عددا‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الدبابات‭ ‬إلى‭ ‬أوكرانيا‭ ‬والمقابل‭ ‬قيام‭ ‬روسيا‭ ‬الاتحادية‭ ‬بتدريبات‭ ‬عسكرية‭ ‬في‭ ‬شرق‭ ‬البلاد‭ ‬حيث‭ ‬شكلت‭ ‬هذه‭ ‬التدريبات‭ ‬إنذارا‭ ‬جديا‭ ‬وحقيقيا‭ ‬لإمكانية‭ ‬التحول‭ ‬من‭ ‬الحرب‭ ‬التقليدية‭ ‬التي‭ ‬تجرى‭ ‬على‭ ‬أراضي‭ ‬أوكرانيا‭ ‬حاليا‭ ‬إلى‭ ‬احتمالات‭ ‬حرب‭ ‬بين‭ ‬روسيا‭ ‬والاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬باستخدام‭ ‬السلاح‭ ‬النووي‭ ‬التكتيكي‭ ‬أو‭ ‬الاستراتيجي‭.‬

وزاد‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬المخاوف‭ ‬الجدية‭ ‬التصريحات‭ ‬والإعلانات‭ ‬المتكررة‭ ‬سواء‭ ‬من‭ ‬بعض‭ ‬المسؤولين‭ ‬في‭ ‬حلف‭ ‬الناتو‭ ‬وفي‭ ‬مقدمتهم‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تصريحات‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬المسؤولين‭ ‬الروس‭ ‬حيث‭ ‬يهدد‭ ‬كل‭ ‬طرف‭ ‬وفقا‭ ‬لقدرته‭ ‬العسكرية‭ ‬النووية‭ ‬باحتمال‭ ‬اللجوء‭ ‬إلى‭ ‬السلاح‭ ‬النووي‭ ‬عند‭ ‬الضرورة،‭ ‬وهذه‭ ‬لأول‭ ‬مرة‭ ‬يشهدها‭ ‬العالم‭ ‬منذ‭ ‬أول‭ ‬وآخر‭ ‬استخدم‭ ‬للسلاح‭ ‬النووي‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬ضد‭ ‬اليابان‭ ‬في‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية‭ ‬وبالرغم‭ ‬من‭ ‬التأكيدات‭ ‬المتكررة‭ ‬باستبعاد‭ ‬قيام‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الخبراء‭ ‬والمختصين‭ ‬في‭ ‬الشؤون‭ ‬العسكرية‭ ‬والسياسية‭ ‬فإن‭ ‬هذا‭ ‬الخطر‭ ‬سيبقى‭ ‬جاثما‭ ‬على‭ ‬صدر‭ ‬العالم‭ ‬ويكفي‭ ‬لاندلاع‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭ ‬وجود‭ ‬حكومة‭ ‬أو‭ ‬قيادة‭ ‬مجنونة‭ ‬أو‭ ‬مغرورة‭ ‬منفلتة‭ ‬في‭ ‬دولة‭ ‬ما‭ ‬حتى‭ ‬تندلع‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭ ‬خصوصا‭ ‬وإن‭ ‬عدد‭ ‬الدول‭ ‬النووية‭ ‬يتزايد‭ ‬ويتوسع‭ ‬خاصة‭ ‬بعد‭ ‬دخول‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬الهند‭ ‬وباكستان‭ ‬النادي‭ ‬النووي‭ ‬واستعداد‭ ‬إيران‭ ‬لدخول‭ ‬هذا‭ ‬النادي‭ ‬أيضا‭ ‬مما‭ ‬سيحرض‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬إلى‭ ‬التحول‭ ‬لاستخدام‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬السلاح‭ ‬الفتاك‭ ‬الذي‭ ‬قد‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬فناء‭ ‬العالم‭ ‬والحياة‭ ‬على‭ ‬الكرة‭ ‬الأرضية‭.‬

الذي‭ ‬يقلق‭ ‬حقيقة‭ ‬في‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬الملف‭ ‬أن‭ ‬العالم‭ ‬كله‭ ‬أصبح‭ ‬يعيش‭ ‬حالة‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نسميها‭ ‬بالتوتر‭ ‬النووي‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬الإجراءات‭ ‬المتخذة‭ ‬لمنع‭ ‬اندلاع‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭ ‬إلى‭ ‬الآن‭ ‬فإن‭ ‬احتمال‭ ‬نشوب‭ ‬نزاع‭ ‬نووي‭ ‬وارد‭ ‬خاصة‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬أصرت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬ودول‭ ‬الناتو‭ ‬على‭ ‬إلحاق‭ ‬الهزيمة‭ ‬بروسيا‭ ‬الاتحادية‭ ‬وتهديد‭ ‬وجودها‭ ‬الحيوي‭ ‬فمن‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬تلجأ‭ ‬روسيا‭ ‬إلى‭ ‬استخدام‭ ‬هذا‭ ‬السلاح‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬عقيدتها‭ ‬النووية‭ ‬المعلنة‭ ‬التي‭ ‬يعلمها‭ ‬القاصي‭ ‬والداني‭ ‬وكما‭ ‬قال‭ ‬الرئيس‭ ‬الروسي‭ ‬فلاديمير‭ ‬بوتين‭ ‬في‭ ‬إحدى‭ ‬تصريحاته‭ ‬لا‭ ‬وجود‭ ‬للعالم‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬روسيا‭.‬

لقد‭ ‬بينت‭ ‬الأحداث‭ ‬إن‭ ‬دول‭ ‬الناتو‭ ‬وفي‭ ‬مقدمتها‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬لن‭ ‬تتردد‭ ‬عن‭ ‬استخدام‭ ‬السلاح‭ ‬النووي‭ ‬عند‭ ‬شعورها‭ ‬بالهزيمة‭ ‬الجماعية‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تلحقها‭ ‬بهم‭ ‬روسيا‭ ‬الاتحادية‭ ‬التي‭ ‬تمتلك‭ ‬القوة‭ ‬النووية‭ ‬الأولى‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬القوة‭ ‬والتقنية‭ ‬والقدرة‭ ‬على‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬أي‭ ‬نقطة‭ ‬على‭ ‬الخارطة‭ ‬الدولية‭ ‬بلا‭ ‬استثناء‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الأراضي‭ ‬الأمريكية‭.‬

لقد‭ ‬نجح‭ ‬العالم‭ ‬منذ‭ ‬انتهاء‭ ‬الحرب‭ ‬الكونية‭ ‬الثانية‭ ‬وحتى‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬منع‭ ‬اندلاع‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭ ‬وسيطرة‭ ‬العقول‭ ‬السياسية‭ ‬الكبيرة‭ ‬التي‭ ‬حكمت‭ ‬العالم‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ثمانية‭ ‬عقود‭ ‬من‭ ‬الزمان‭ ‬على‭ ‬النوازع‭ ‬الشريرة‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تتسبب‭ ‬في‭ ‬فناء‭ ‬العالم‭ ‬ولذلك‭ ‬تجنبت‭ ‬الكرة‭ ‬الأرضية‭ ‬إلى‭ ‬اليوم‭ ‬المحرقة‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تحدث،‭ ‬وقامت‭ ‬هذه‭ ‬الحكمة‭ ‬على‭ ‬نظرية‭ ‬إذا‭ ‬استخدمت‭ ‬أي‭ ‬دولة‭ ‬سلاحا‭ ‬نوويا‭ ‬فإن‭ ‬الدول‭ ‬الأخرى‭ ‬سوف‭ ‬تقابلها‭ ‬مباشرة‭ ‬بضربات‭ ‬ساحقة‭ ‬وتكون‭ ‬النتيجة‭ ‬في‭ ‬الغالب‭ ‬الفناء‭ ‬المتبادل‭ ‬ولذلك‭ ‬استمر‭ ‬العالم‭ ‬خلال‭ ‬تلك‭ ‬الفترة‭ ‬يعتمد‭ ‬بالدرجة‭ ‬الأولى‭ ‬على‭ ‬الأسلحة‭ ‬التقليدية‭ ‬والحروب‭ ‬التقليدية‭ ‬ولكن‭ ‬هناك‭ ‬حديث‭ ‬يتزايد‭ ‬هذه‭ ‬الأيام‭ ‬على‭ ‬إن‭ ‬استخدام‭ ‬السلاح‭ ‬النووي‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬ممكنا‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬إحداث‭ ‬دمار‭ ‬شامل‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬الإمكانيات‭ ‬والتطورات‭ ‬التقنية‭ ‬الجديدة‭ ‬التي‭ ‬تمكن‭ ‬من‭ ‬استخدام‭ ‬محدود‭ ‬للسلاح‭ ‬النووي‭ ‬على‭ ‬الطريقة‭ ‬التي‭ ‬نفذتها‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬ضد‭ ‬اليابان‭ ‬بحيث‭ ‬يتم‭ ‬اختيار‭ ‬مدينة‭ ‬أو‭ ‬قرية‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬التسبب‭ ‬في‭ ‬الانتشار‭ ‬الشامل‭ ‬لتأثير‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬السلاح‭ ‬ولذلك‭ ‬كثرت‭ ‬النظريات‭ ‬التي‭ ‬تتحدث‭ ‬عن‭ ‬استخدام‭ ‬النووي‭ ‬التكتيكي‭ ‬الذي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يستخدم‭ ‬في‭ ‬ساحة‭ ‬المعركة‭ ‬لضرب‭ ‬عدد‭ ‬محدود‭ ‬من‭ ‬الأفراد‭ ‬المهاجمة‭ ‬والمقاتلة‭ ‬وهذا‭ ‬بطبيعة‭ ‬الحال‭ ‬أمر‭ ‬مخيف‭ ‬ومرعب‭ ‬لأن‭ ‬المشكلة‭ ‬ليست‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬القتلى‭ ‬الكبير‭ ‬الذي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬ساحة‭ ‬المعركة‭ ‬وإنما‭ ‬في‭ ‬التأثير‭ ‬طويل‭ ‬الأمد‭ ‬على‭ ‬المعيشة‭ ‬والمسطحات‭ ‬المائية‭ ‬والغابات‭ ‬وعلى‭ ‬البشر‭ ‬في‭ ‬التجمعات‭ ‬السكنية‭ ‬القريبة‭ ‬والبعيدة‭ ‬في‭ ‬شكل‭ ‬أعراض‭ ‬من‭ ‬قوام‭ ‬السرطانات‭ ‬التي‭ ‬تجعل‭ ‬حياة‭ ‬الملايين‭ ‬من‭ ‬البشر‭ ‬مهددة‭.‬

إن‭ ‬العالم‭ ‬يعيش‭ ‬مرحلة‭ ‬مثلما‭ ‬وصفها‭ ‬الرئيس‭ ‬الروسي‭ ‬فلاديمير‭ ‬بوتين‭ ‬هي‭ ‬الأسوأ‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬البشرية‭ ‬بسبب‭ ‬الخطر‭ ‬الداهم‭ ‬والاحتمالات‭ ‬المتزايدة‭ ‬لاستخدام‭ ‬الأسلحة‭ ‬النووية‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تؤدي‭ ‬إلى‭ ‬إنهاء‭ ‬الحياة‭ ‬على‭ ‬الأرض‭.‬

 

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا