تصاعدت خلال الأيام القليلة الماضية مخاطر نشوب حرب نووية شاملة لا تبقي ولا تذر خاصة بعد قيام دول حلف الناتو بالمناورات العسكرية بالقرب من الحدود الروسية وقرار الولايات المتحدة الأمريكية ودول الاتحاد الأوروبي بتزويد أوكرانيا بدبابات متطورة وإرسال السويد وبولندا عددا من هذه الدبابات إلى أوكرانيا والمقابل قيام روسيا الاتحادية بتدريبات عسكرية في شرق البلاد حيث شكلت هذه التدريبات إنذارا جديا وحقيقيا لإمكانية التحول من الحرب التقليدية التي تجرى على أراضي أوكرانيا حاليا إلى احتمالات حرب بين روسيا والاتحاد الأوروبي باستخدام السلاح النووي التكتيكي أو الاستراتيجي.
وزاد من هذه المخاوف الجدية التصريحات والإعلانات المتكررة سواء من بعض المسؤولين في حلف الناتو وفي مقدمتهم الولايات المتحدة الأمريكية أو من خلال تصريحات عدد من المسؤولين الروس حيث يهدد كل طرف وفقا لقدرته العسكرية النووية باحتمال اللجوء إلى السلاح النووي عند الضرورة، وهذه لأول مرة يشهدها العالم منذ أول وآخر استخدم للسلاح النووي من قبل الولايات المتحدة الأمريكية ضد اليابان في الحرب العالمية الثانية وبالرغم من التأكيدات المتكررة باستبعاد قيام هذه الحرب من قبل الخبراء والمختصين في الشؤون العسكرية والسياسية فإن هذا الخطر سيبقى جاثما على صدر العالم ويكفي لاندلاع مثل هذه الحرب وجود حكومة أو قيادة مجنونة أو مغرورة منفلتة في دولة ما حتى تندلع مثل هذه الحرب خصوصا وإن عدد الدول النووية يتزايد ويتوسع خاصة بعد دخول كل من الهند وباكستان النادي النووي واستعداد إيران لدخول هذا النادي أيضا مما سيحرض المزيد من الدول إلى التحول لاستخدام مثل هذا السلاح الفتاك الذي قد يؤدي إلى فناء العالم والحياة على الكرة الأرضية.
الذي يقلق حقيقة في مثل هذا الملف أن العالم كله أصبح يعيش حالة يمكن أن نسميها بالتوتر النووي بالرغم من الإجراءات المتخذة لمنع اندلاع هذه الحرب إلى الآن فإن احتمال نشوب نزاع نووي وارد خاصة إذا ما أصرت الولايات المتحدة الأمريكية ودول الناتو على إلحاق الهزيمة بروسيا الاتحادية وتهديد وجودها الحيوي فمن المتوقع أن تلجأ روسيا إلى استخدام هذا السلاح كما هو عقيدتها النووية المعلنة التي يعلمها القاصي والداني وكما قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في إحدى تصريحاته لا وجود للعالم من دون روسيا.
لقد بينت الأحداث إن دول الناتو وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية لن تتردد عن استخدام السلاح النووي عند شعورها بالهزيمة الجماعية التي يمكن أن تلحقها بهم روسيا الاتحادية التي تمتلك القوة النووية الأولى في العالم من حيث القوة والتقنية والقدرة على الوصول إلى أي نقطة على الخارطة الدولية بلا استثناء بما في ذلك الأراضي الأمريكية.
لقد نجح العالم منذ انتهاء الحرب الكونية الثانية وحتى اليوم في منع اندلاع مثل هذه الحرب وسيطرة العقول السياسية الكبيرة التي حكمت العالم أكثر من ثمانية عقود من الزمان على النوازع الشريرة التي كان يمكن أن تتسبب في فناء العالم ولذلك تجنبت الكرة الأرضية إلى اليوم المحرقة التي كان يمكن أن تحدث، وقامت هذه الحكمة على نظرية إذا استخدمت أي دولة سلاحا نوويا فإن الدول الأخرى سوف تقابلها مباشرة بضربات ساحقة وتكون النتيجة في الغالب الفناء المتبادل ولذلك استمر العالم خلال تلك الفترة يعتمد بالدرجة الأولى على الأسلحة التقليدية والحروب التقليدية ولكن هناك حديث يتزايد هذه الأيام على إن استخدام السلاح النووي قد يكون ممكنا من دون إحداث دمار شامل وذلك في ضوء الإمكانيات والتطورات التقنية الجديدة التي تمكن من استخدام محدود للسلاح النووي على الطريقة التي نفذتها الولايات المتحدة الأمريكية ضد اليابان بحيث يتم اختيار مدينة أو قرية من دون التسبب في الانتشار الشامل لتأثير هذا النوع من السلاح ولذلك كثرت النظريات التي تتحدث عن استخدام النووي التكتيكي الذي يمكن أن يستخدم في ساحة المعركة لضرب عدد محدود من الأفراد المهاجمة والمقاتلة وهذا بطبيعة الحال أمر مخيف ومرعب لأن المشكلة ليست في عدد القتلى الكبير الذي يمكن أن يحدث في ساحة المعركة وإنما في التأثير طويل الأمد على المعيشة والمسطحات المائية والغابات وعلى البشر في التجمعات السكنية القريبة والبعيدة في شكل أعراض من قوام السرطانات التي تجعل حياة الملايين من البشر مهددة.
إن العالم يعيش مرحلة مثلما وصفها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هي الأسوأ في تاريخ البشرية بسبب الخطر الداهم والاحتمالات المتزايدة لاستخدام الأسلحة النووية التي قد تؤدي إلى إنهاء الحياة على الأرض.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك