تابعت باهتمام كبير جلسة الاستماع التي نظمتها لجنة القضاء بمجلس الشيوخ الأمريكي قبل عدة ايام حول الحاجة الى إنهاء الاحتكار الثنائي الذي تمارسه شركتا «فيزا» و«ماستركارد» وذلك بهدف فسح المجال امام تعزيز المنافسة وخفض رسوم المعاملات للمستهلكين وأصحاب الأعمال الصغيرة، حيث تبين خلال جلسة الاستماع ان الشركتين تحققان ارباحا تمثل عائدا بنسبة 50% من مبيعاتهما سنويا، وهما مجتمعتان تحوزان على 83% من سوق البطاقات في الولايات المتحدة، ما اعتبر من قبل اللجنة ان هذه مؤشرات على احتكار الشركتين للسوق الأمريكي.
وإذا كنت استعرض هنا بعض البيانات والتطورات المتعلقة بهذا الموضوع، فليس بالضرورة اتفق معها جميعها، ولكن وددت الكتابة عنها لنشر الوعي للجمهور حول هذا الموضوع المهم.
قبل انعقاد جلسة الاستماع، أرسل «ائتلاف خفض رسوم بطاقات الائتمان» مذكرة إلى أعضاء اللجنة يطالبهم بدعم تشريع يهدف إلى تحقيق المنافسة في سوق البطاقات الأمريكي، وهو قانون المنافسة في بطاقات الائتمان، الذي يقوده السيناتور ديك دوربين (ديمقراطي-إلينوي) والنائب لانس غودين (جمهوري- تكساس).
ينص التشريع على إلزام البنوك التي تصدر بطاقات الائتمان بتعزيز المنافسة، وخفض رسوم المعاملات، وتحسين الأمن. ومن المتوقع أن يوفر هذا التشريع وفورات بقيمة 16.4 مليار دولار سنويًّا للمستهلكين والتجار. ويقترح القانون إلزام البنوك الكبرى التي تمتلك أصولًا تزيد على 100 مليار دولار بتقديم شبكات بطاقات بديلة للتجار بخلاف «فيزا» و«ماستركارد».
وفي تصريحاته خلال افتتاح جلسة الاستماع، قال السيناتور ديك دوربين إن هناك عاملًا خفيًّا يسهم في ارتفاع الأسعار التي يدفعها المستهلكون على كل شيء، من الأثاث إلى البيض. وأشار إلى أن جزءًا من رسوم معاملات البطاقات، المدفوعة للبنوك المصدرة، يتم تحديدها بواسطة شبكات الدفع، وتتراوح بين 1% و3% من إجمالي الفاتورة التي يدفعها المستهلكون.
وأضاف دوربين: «سوق بطاقات الائتمان تهيمن عليه شركتا فيزا وماستركارد،» مشيرًا إلى أن 83% من معاملات البطاقات في الولايات المتحدة تتم من خلالهما. وأوضح أن التجار لديهم خيارات محدودة للغاية، إما قبول الرسوم وإما رفض قبول بطاقات فيزا وماستركارد بالكامل، وهو ما يعد خيارًا مستحيلًا للتجار في العصر الحالي، مضيفا أن ما قيمته 1.1 تريليون دولار قد تم دفعه كرسوم معاملات منذ عام 2006. كما اوضح أنه بموجب القانون الحالي، يسمح الاحتكار الثنائي لشركتي «فيزا» و«ماستركارد» بفرض رسوم معاملات باهظة - أعلى بعشر مرات من تلك المفروضة في أوروبا - والتي تضاعفت أكثر من مرتين خلال العقد الماضي. ولا يتمكن التجار من التفاوض على هذه الرسوم ويُجبرون على قبول الأسعار التي تحددها الشركتان، ما يؤدي في النهاية إلى تحميل هذه التكاليف على المستهلكين.
وكجزء من جهود فتح المنافسة، أصدرت Accountable.US مؤخرًا تقريرًا يكشف أن مجموعات الضغط التابعة لصناعة بطاقات الائتمان، جنبًا إلى جنب مع «فيزا» و«ماستركارد»، أنفقت مجتمعة 21 مليون دولار في النصف الأول من عام 2024 للضغط ضد اقرار القانون الجديد. يضاف إلى ذلك أظهر تحليل أجرته نفس الشركة أن نفس الائتلاف أنفق بالفعل 51 مليون دولار عام 2023 لمعارضة قانون المنافسة في بطاقات الائتمان، ما رفع إجمالي الإنفاق إلى 80 مليون دولار.
من جهتهم دافع مسؤولون في «فيزا» و«ماستركارد» عن الاتهامات الموجهة ضدهم بالقول إن شبكاتهما وخدماتهما يساعدان في تقديم قيمة مضافة عالية للمستهلكين والشركات، إلى جانب مواكبة الابتكارات التكنولوجية، خاصة في مجال الأمن السيبراني والحماية من المعاملات الاحتيالية، وهو ما يفيد جميع الأطراف المشاركة في منظومة التجارة. وأكدوا أن مشهد المدفوعات يتميز بالمنافسة، مع ظهور شركات التكنولوجيا المالية وغيرها من اللاعبين الذين يقدمون خيارات مدفوعات خارج نطاق بطاقات الائتمان.
وفي وقت سابق من هذا العام توصلت شركتا ماستردكارد وفيزا إلى تسوية تقدر بنحو 30 مليار دولار للحد من رسوم بطاقات الائتمان والخصم للتجار، مع احتمال انتقال بعض التخفيضات للمستهلكين من خلال خفض الأسعار. وتعتبر تسوية مكافحة الاحتكار هذه من أكبر التسويات في تاريخ الولايات المتحدة، وستحسم بعد موافقة المحكمة المطالبات في الدعاوى القضائية التي بدأت في عام 2005.
وبموجب التسوية، ستخفض فيزا وماستركارد أسعار التبادل بمقدار أربع نقاط أساس (0.04 نقطة مئوية) في الولايات المتحدة لثلاث سنوات وستفرضان حدا أقصى على الرسوم لخمس سنوات. ووفقا لمستندات المحكمة، تبلغ قيمة خفض الرسوم والحد الأقصى فقط 29.79 مليار دولار، وقدرت فيزا أن الشركات الصغيرة تشكل أكثر من 90% من التجار الذين وافقوا على التسوية.
ونستخلص من هذا العرض حاجة دول الخليج إلى التفكير في إصدار بطاقات ائتمانية خاصة بها وتكون جميع مكوناتها وأنظمتها خليجية، وهي قادرة أن تجعل لها قبول عالمي بحكم متانة وقوة اقتصاداتها ومكانتها العالمية.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك