خاطرة
عبدالرحمن فلاح
الكنز المحرم!
الله سبحانه وتعالى إذا أعطى حاسب، وإذا سلب ما وهب أسقط ما وجب... فإذا أعطى المال حاسب على جمعه وإنفاقه، فلابد وأن يكون كسبه حلالًا، وإنفاقه في الأوجه المشروعة.. في الكسب حرم الحق سبحانه وتعالى الربا، والرشوة، والسرقة، وفِي الإنفاق حرم التبذير، بل وحتى الإسراف، ومعلوم أن المبذرين كانوا إخوان الشياطين كما قال تعالى.
فلا تفرح عزيزي المسلم طويلًا حين يبسط الله تعالى لك الرزق، فتكون ممن قال الله تعالى فيهم: (ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض ولكن ينزل بقدر ما يشاء إنه بعباده خبير بصير) الشورى / 27.
فلا تفرح عزيزي المسلم طويلًا حين يأتيك الرزق رغدًا من كل مكان، فقد يكون هذا المال ابتلاءً لك، فإن أحسنت استقباله، وأحسنت التصرف فيه كان ذلك خيرٌ لك، ونجاح لك في الابتلاء، أما إذا أسأت استعماله، والاستفادة منه، فقد سقطت في الامتحان، وكان المال في هذه الحالة نقمة عليك لا نعمة، وخير لك أن يسلبك الله تعالى هذا المال الذي قد تسيئ استغلاله والوقوع في المعاصي بسببه، وعندها تستحضر قوله تعالى: ( كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئًا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون) البقرة / 216.
واعلم أخي المسلم، واعلمي أختي المسلمة أنكم لو اطلعتم على الغيب لاخترتم الواقع، واعلموا أنه حين يقع لكم ما تكرهون فهذا قَدَر الله تعالى، وقدر الله تعالى لا يرد، واعلم أن خيار الله تعالى لك خير من خيارك لنفسك لأنه سبحانه يعلم ما لا نعلم جل جلاله، وخاصة حين لا يكون لك يد فيما وقع لك، أو نزل بك من بلاء.
ويكشف لنا الحق سبحانه وتعالى أنه ليس في امتلاك المال في حد ذاته سبب للفرح ما لم يوفقك الله تعالى إلى تسخيره في الخير، ولهذا حذر الحق سبحانه من اكتناز المال، والحرص عليه، وعدم إنفاقه في وجوه البر، قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إن كثيرًا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل ويصدون عن سبيل الله والذين يكنزون الذهب والفضة ولًا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم(34) يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون (35) سورة التوبة.
هذه هي الخاتمة الأليمة للذين يكنزون المال ولا يبالون من أين اكتسبوه وفيم ينفقونه، إن للفقراء والمساكين ومن هم في حكمهم حقا في هذا المال، وسوف يُسأل العبد يوم القيامة سؤالان إجباريان، الأول: من أين اكتسب هذا المال، والسؤال الثاني: فيم أنفقه، فإذا اكتسبه من حلال وأنفقه في حلال فقد فاز ونجا، أما إن أساء التصرف فيه، فقدً خاب وخسر، فكن عزيزي المسلم من الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله تعالى، ولا تكن من الذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله تعالى، فتندم ساعة لا ينفع الندم.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك