خاطرة
عبدالرحمن فلاح
الأعلام.. الشهداء!
احتل الشهداء المرتبة الثالثة في سجل الذين رضي الله عنهم، وهي مرتبة تأتي بعد مرتبة الأنبياء والصديقين لأنهم قدموا أرواحهم دليلًا على صدق إيمانهم وولائهم لله تعالى، واستعدادهم لبذل أرواحهم في سبيل الحق الذي آمنوا به، واسترخصوا في سبيله كل غالٍ ونفيس.
هؤلاء الذين أعلنوا ولاءهم لدعوة الحق، وجددوا العهد على انتمائهم إلى الإسلام في إيمان وثيق.
الشهيد إذًا هو الذي قدم الدليل والبرهان من روحه ودمه على صدق ولائه لعقيدته وانتصاره على نفسه.. والشهيد هو المنتصر دائمًا على عدوه، وهو يحب الموت كما يحب عدوه الحياة، ورضي الله تعالى عن القائد الملهم خالد بن الوليد الذي وقف شامخًا أمام قائد الروم ليقول له في فخر واعتزاز: لقد جئتك بقوم يحبون الموت كما تحبون الحياة!
إنها صفة لم يتصف بها إلا المجاهدون المسلمون، ذلك لأنهم يؤمنون بأنهم يقاتلون في سبيل الله تعالى، وهم يشمون عبير الجنة، ويرون حدائقها رأي العين، حدائق ذات بهجة تسر الناظرين، وكان أحدهم لما يقطع عضو من أعضائه يفرح ويقول لقد سبقني عضو من أعضائي إلى الجنة، ويعتبر ذلك بشرى عاجلة على قبوله عضوًا في سجل الخالدين الذين رضي الله تعالى عنهم.
ومن النماذج التي قدمها المجاهد المسلم للناس سيدنا جعفر بن أبي طالب (رضي الله عنه) الذي قُطِعَتْ أعضاؤه الواحد تلو الآخر،
وهو يستبشر بذلك لأن بعض أعضائه سبقته إلى الجنة وأبدله الله تعالى بها أجنحة يحلق بها في أرجاء الجنة ولا أرجاء لها لأنها وسعت السموات والأرض، وكما أنه لا حدود للسموات والأرض، فكذلك لا حدود للجنة ولا حد لنعيمها!
وإليكم خبر الفاروق أمير المؤمنين عمر بن الخطاب (رضي الله عنه)، وهو يخطب في المجاهدين قائلًا: «أيها الناس اعلموا أنكم لا تنتصرون على عدوكم بكثرة عددكم وعدتكم، بل تنتصرون عليهم بطاعتكم لله، ومعصيتهم له سبحانه، فإذا تساويتم معهم في المعصية كانت الغلبة لهم، فهم أكثر منكم عددًا وعدة.. واعلموا أن الله تعالى قد أعزنا بالإسلام ولو طلبتم العزة في غيره لم يزدكم الله إلا ذلًا».. لقد صدقت يا أمير المؤمنين، فإن صراعنا مع العدو هو مواجهة بين الحق والباطل، وصدق الله العظيم: «يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم» محمد / 7.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك