خاطرة
عبدالرحمن فلاح
..ونعم أجر العاملين!
العلم النافع، هو العلم الذي يتقبله الله تعالى من صاحبه، وينميه له، ويثيبه عليه، وهو العلم المصحوب بالعمل الصالح، والإسلام دائمًا يدعو إلى العمل الصالح ويشجع عليه.
وحين يدعو الإسلام إلى العلم، فإنه لا يدعو إلى مجرد علم، بل يحرص على أن يكون علمًا نافعًا يخدم البشرية، ويرفع من شأنها، ولذلك قال تعالى: (..ونعم أجر العاملين) آل عمران / 136. ولَم يقل: ونعم أجر العالمين.
والكلم الطيب قد يرفع صاحبه إلى منزلة دون ما يرجو ما لم يلحقه بعمل صالًح، يقول تعالى: (من كان يريد العزة فلله العزة جميعًا إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه والذين يمكرون السيئات لهم عذاب شديد ومكر أولئك هو يبور) فاطر / 10.
إذًا، فالعلم وإن كان طيبًا لا يبلغ بصاحبه الغاية والمنزلة التي يريدها ما لم يصحبه عمل صالح، ذلك لأن العمل الصالح هو القوة الرافعة للكلم الطيب. والرسول (صلى الله عليه وسلم) قال: «إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له» رواه الإمام مسلم في صحيحه.
والعلم مهما بلغ، فلن يتم تحويله إلى عمل صالح حتى ينتفع به الناس، ووصف الرسول (صلى الله عليه وسلم) العلم بأنه لابد وأن يكون نافعًا حتى تمتد جذوره في الأرض، وتبقى آثاره حتى بعد موت الإنسان، ويظل الناس يقطفون من ثماره ما يشتهون، ولذلك فعلى المسلم ألا يكتفي بالعلم دون العمل، فالعلم يصعد بصاحبه لكنه لن يُبَلِغُه الغاية التي يريد أما حين يحول هذا العلم إلى سلوك يومي ينتفع به الناس، وهذا من بشارات قبول العمل عند الله تعالى لهذا نجد الرسول (صلى الله عليه وسلم) حريصًا أشد الحرص على تحويل العلم إلى عمل صالح يستفيد الناس منه.
لهذا قال تعالى وهو يعرف البر تعريفًا جامعًا مانعًا: (ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفِي الرقاب وأقام الصلاة وآتى الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون) البقرة / 177.
وهكذا جمعت سورة البقرة الخير كله في كلمة واحدة هي:
«البر»!، ثم جمعت هذا الخير كله في كلمة «المتقين» التي ختمت الآية الجليلة حديثها عن حقيقة البر، وغاياته النبيلة لهذا كان قول الحق سبحانه وتعالى في الآية (136) من سورة آل عمران: (ونعم أجر العاملين) هو مسك الختام في العمل الصالح المقبول، والمثاب عليه من الله تعالى.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك