العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

أزمة النظام الدولي.. حالة من الاضطراب وفقدان القيادة

بقلم: د. نبيل فهمي {

الجمعة ٢٠ سبتمبر ٢٠٢٤ - 02:00

في‭ ‬كتاباتي‭ ‬منذ‭ ‬أسابيع‭ ‬تناولت‭ ‬حال‭ ‬التوهان‭ ‬واللافهم‭ ‬التي‭ ‬تسود‭ ‬الساحة‭ ‬السياسية‭ ‬الدولية،‭ ‬عاقداً‭ ‬العزم‭ ‬على‭ ‬متابعة‭ ‬تلك‭ ‬الأفكار‭ ‬مباشرة‭ ‬بأخرى‭ ‬حول‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬وما‭ ‬زلت‭ ‬أنوي‭ ‬التطرق‭ ‬إلى‭ ‬مفاهيم‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬وأوضاعه،‭ ‬لكن‭ ‬جذبتني‭ ‬الأحداث‭ ‬إلى‭ ‬قطاع‭ ‬غزة،‭ ‬وقررت‭ ‬التركيز‭ ‬اليوم‭ ‬على‭ ‬تناول‭ ‬قضية‭ ‬محددة‭ ‬ومهمة‭ ‬ترتبط‭ ‬بالوضع‭ ‬الدولي‭ ‬وتتمثل‭ ‬في‭ ‬الريادة‭ ‬والقيادة‭.‬

زرت‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬يوليو‭ ‬الماضي‭ ‬العاصمة‭ ‬الصينية‭ ‬بكين‭ ‬للاشتراك‭ ‬في‭ ‬‮«‬المؤتمر‭ ‬الدولي‭ ‬للسلام‮»‬‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭  ‬‮«‬التعاون‭  ‬والعمل‭ ‬الجماعي‮»‬،‭ ‬نظمته‭ ‬جامعة‭ ‬تشينجاو‭ ‬المتميزة‭ ‬علمياً‭ ‬وفكرياً،‭ ‬وكانت‭ ‬نسخة‭ ‬2024‭ ‬هي‭ ‬الدورة‭ ‬الـ15‭ ‬للمؤتمر،‭ ‬وبحضور‭ ‬عدد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬الممارسين‭ ‬والسياسيين‭ ‬الحاليين‭ ‬والسابقين،‭ ‬بينهم‭ ‬رئيسا‭ ‬الوزراء‭ ‬السابقان‭ ‬الفرنسي‭ ‬والياباني‭ ‬دي‭ ‬فيلبان‭ ‬وهو‭ ‬تاياما،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬وزراء‭ ‬خارجية‭ ‬سابقين‭ ‬من‭ ‬أستراليا‭ ‬والهند‭ ‬وبحضوري‭ ‬كوزير‭ ‬خارجية‭ ‬سابق‭ ‬لمصر،‭ ‬وافتتح‭ ‬المؤتمر‭ ‬نائب‭ ‬الرئيس‭ ‬الصين‭ ‬الشعبية،‭ ‬وشارك‭ ‬فيه‭ ‬عدد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬المحللين‭ ‬والباحثين‭ ‬في‭ ‬العلاقات‭ ‬الدولية‭.‬

وطُلبت‭ ‬مني‭ ‬المشاركة‭ ‬بأفكار‭ ‬وآراء‭ ‬من‭ ‬منظور‭ ‬مستقبلي‭ ‬كمتحدث‭ ‬في‭ ‬جلستين،‭ ‬إحداهما‭ ‬حول‭ ‬الأوضاع‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬أحداث‭ ‬غزة‭ ‬والترتيبات‭ ‬المحتملة‭ ‬مع‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار،‭ ‬والجلسة‭ ‬الثانية‭ ‬بطرح‭ ‬منظور‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬الجنوب،‭ ‬النامية‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬المنحازة‭ ‬سابقاً،‭ ‬حول‭ ‬النظام‭ ‬الدولي‭ ‬المعاصر‭ ‬الذي‭ ‬ترنح‭ ‬بين‭ ‬القطبية‭ ‬والقطب‭ ‬الأوحد‭ ‬والأقطاب‭ ‬المتعددة‭ ‬ووضع‭ ‬خالٍ‭ ‬من‭ ‬الأقطاب‭ ‬الحاسمة‭ ‬القادرة‭ ‬على‭ ‬توجيه‭ ‬دفة‭ ‬الأمور‭ ‬الدولية‭ ‬نحو‭ ‬الاستقرار‭.‬

وخرجت‭ ‬من‭ ‬الجلسات‭ ‬التي‭ ‬تحدثت‭ ‬فيها،‭ ‬ومن‭ ‬متابعتي‭ ‬لغيرها‭ ‬كمشارك،‭ ‬بأن‭ ‬الاضطراب‭ ‬الدولي‭ ‬يولد‭ ‬ويغذي‭ ‬حماسة‭ ‬شديدة‭ ‬للتفسير‭ ‬والتنظير‭ ‬الآمن،‭ ‬ولكل‭ ‬مسهم‭ ‬مساحة‭ ‬واسعة‭ ‬للإبداع‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬قلق‭ ‬المحاسبة‭ ‬باعتبار‭ ‬أن‭ ‬الاضطراب‭ ‬العام‭ ‬واللافهم‭ ‬لا‭ ‬يرجحان‭ ‬منظوراً‭ ‬على‭ ‬آخر،‭ ‬وأن‭ ‬كل‭ ‬الاحتمالات‭ ‬والسيناريوهات‭ ‬ممكنة‭ ‬ومتاحة،‭ ‬ولا‭ ‬توجد‭ ‬دلائل‭ ‬أو‭ ‬مؤشرات‭ ‬واضحة‭ ‬ترجح‭ ‬طرحاً‭ ‬محدداً‭.‬

ولا‭ ‬أخفي‭ ‬أن‭ ‬رد‭ ‬فعلي‭ ‬الأول‭ ‬لما‭ ‬تابعته‭ ‬كان‭ ‬أنانياً‭ ‬وشخصيا،‭ ‬فسعدت‭ ‬بأن‭ ‬هناك‭ ‬كثيرا‭ ‬من‭ ‬الخبراء‭ ‬والشخصيات‭ ‬يشاركونني‭ ‬الحيرة‭ ‬وعدم‭ ‬الوضوح‭ ‬في‭ ‬طبيعة‭ ‬الوضع‭ ‬الدولي‭ ‬وتوجهاته‭ ‬المقبلة،‭ ‬فاستمعت‭ ‬إلى‭ ‬مداخلات‭ ‬وكلمات‭ ‬مهمة‭ ‬وثرية‭ ‬وغاية‭ ‬في‭ ‬اللباقة‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬أجد‭ ‬في‭ ‬غالبيتها‭ ‬نظرة‭ ‬مستقبلية‭ ‬محددة‭ ‬مرجحة‭ ‬توجهاً‭ ‬على‭ ‬آخر‭.‬

وليس‭ ‬من‭ ‬المبالغة‭ ‬أو‭ ‬الإجحاف‭ ‬القول‭ ‬إن‭ ‬المشاركين‭ ‬أمتعونا‭ ‬بفكرهم‭ ‬ولياقتهم‭ ‬وتنظيرهم‭ ‬وأفاضوا‭ ‬في‭ ‬ذلك،‭ ‬وقد‭ ‬يكون‭ ‬ذلك‭ ‬تجنباً‭ ‬للمجازفة‭ ‬بطرح‭ ‬رؤى‭ ‬وتوقعات‭ ‬محددة‭ ‬عما‭ ‬هو‭ ‬مقبل‭ ‬وبصورة‭ ‬ترجح‭ ‬احتمالاً‭ ‬على‭ ‬آخر،‭ ‬وهو‭ ‬أمر‭ ‬غير‭ ‬معتاد‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬المستوى‭ ‬من‭ ‬الحضور،‭ ‬ومن‭ ‬بعض‭ ‬الشخصيات‭ ‬السياسية‭ ‬التي‭ ‬تُعرف‭ ‬بآرائها‭ ‬الخلاقة‭ ‬والحضور‭ ‬السياسي‭ ‬و«كاريزما‮»‬‭ ‬الشخصية‭.‬

لاحظت‭ ‬أيضاً‭ ‬من‭ ‬الحوارات‭ ‬داخل‭ ‬الجلسات‭ ‬وحتى‭ ‬من‭ ‬أداء‭ ‬المحاورين‭ ‬الذين‭ ‬يديرونها‭ ‬وجود‭ ‬رغبة‭ ‬حقيقية‭ ‬وشغف‭ ‬كبير‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬ردود‭ ‬محددة،‭ ‬مع‭ ‬اتساع‭ ‬القناعة‭ ‬السائدة‭ ‬بأن‭ ‬مرحلة‭ ‬الاضطراب‭ ‬الحالية‭ ‬وتناقض‭ ‬المواقف‭ ‬والازدواجية‭ ‬في‭ ‬المعايير‭ ‬أوصلتنا‭ ‬إلى‭ ‬حافة‭ ‬الهاوية‭ ‬نحو‭ ‬التفكك‭ ‬الدولي،‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬سادت‭ ‬القناعة‭ ‬واتسعت‭ ‬بأن‭ ‬كثيراً‭ ‬من‭ ‬القضايا‭ ‬الدولية‭ ‬تتطلب‭ ‬معالجة‭ ‬دولية‭ ‬متكاملة‭ ‬ولا‭ ‬تتسق‭ ‬مع‭ ‬المعاملات‭ ‬المنفردة‭ ‬أو‭ ‬الاستقطاب‭ ‬العالمي،‭ ‬بخاصة‭ ‬مع‭ ‬تنامي‭ ‬احتمالات‭ ‬الصدامات‭ ‬العسكرية‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬الكبرى‭ ‬أو‭ ‬تعدد‭ ‬النزاعات‭ ‬الإقليمية‭ ‬المنفلتة‭.‬

وشعرت‭ ‬كذلك‭ ‬بوجود‭ ‬قناعة‭ ‬عامة‭ ‬بين‭ ‬الحضور‭ ‬بأن‭ ‬مرحلة‭ ‬الاضطراب‭ ‬واللافهم‭ ‬ستستغرق‭ ‬وقتاً‭ ‬وستمتد‭ ‬قبل‭ ‬الاستقرار‭ ‬وإفراز‭ ‬مبادئ‭ ‬وممارسات‭ ‬يتوافق‭ ‬حولها‭ ‬العالم‭ ‬كإطار‭ ‬لتنظيم‭ ‬العلاقات‭ ‬الدولية‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬الصدام‭ ‬والحرب‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬السلم‭ ‬والمنافسة‭ ‬الطبيعية،‭ ‬مما‭ ‬يرجح‭ ‬أن‭ ‬الدول‭ ‬والمجتمعات‭ ‬ستتجنب‭ ‬اتخاذ‭ ‬القرارات‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬الجوهرية،‭ ‬مفضلة‭ ‬التحركات‭ ‬التكتيكية‭ ‬غير‭ ‬الحاسمة،‭ ‬مما‭ ‬يطيل‭ ‬مدة‭ ‬الانتقال‭ ‬من‭ ‬مرحلة‭ ‬الاضطراب‭ ‬إلى‭ ‬حال‭ ‬من‭ ‬الاتزان‭ ‬والاستقرار‭ ‬في‭ ‬المنظومة‭ ‬الدولية‭ ‬الجديدة‭.‬

أما‭ ‬الملاحظة‭ ‬الثالثة‭ ‬التي‭ ‬خرجت‭ ‬بها‭ ‬وقد‭ ‬تكون‭ ‬أهمها‭ ‬جميعاً‭ ‬وهي‭ ‬مطلب‭ ‬طبيعي‭ ‬لمرحلة‭ ‬اللافهم‭ ‬والاضطراب،‭ ‬فكانت‭ ‬إلحاح‭ ‬المنظمين‭ ‬والمشاركين‭ ‬على‭ ‬السؤال‭ ‬تحديداً‭ ‬عن‭ ‬الدول‭ ‬والشخصيات‭ ‬التي‭ ‬ستتحمل‭ ‬قيادة‭ ‬المرحلة‭ ‬الحالية‭ ‬إقليمياً‭ ‬ودولياً،‭ ‬وكان‭ ‬السؤال‭ ‬بمنظور‭ ‬السياسة‭ ‬الواقعية‭ ‬مع‭ ‬عدم‭ ‬الاكتراث‭ ‬بالتناقض‭ ‬الذي‭ ‬ظل‭ ‬سائداً‭ ‬خلال‭ ‬العقد‭ ‬الأخير‭ ‬بين‭ ‬النظم‭ ‬الليبرالية‭ ‬والنظم‭ ‬المركزية‭ ‬أو‭ ‬بصياغة‭ ‬أعم‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬الديمقراطية‭ ‬والأوتوقراطية‭.‬

وسئلت‭ ‬مراراً‭ ‬في‭ ‬جلسة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬عن‭ ‬مرحلة‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬حرب‭ ‬غزة‭ ‬ومن‭ ‬يحكم‭ ‬القطاع‭ ‬ويديره،‭ ‬ومن‭ ‬يقود‭ ‬الساحة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬حركة‭ ‬‮«‬حماس‮»‬‭ ‬والسلطة‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬وبينهما‭ ‬هنية‭ ‬قبل‭ ‬اغتياله‭ ‬أم‭ ‬السنوار،‭ ‬وأبو‭ ‬مازن‭ ‬والبرغوثي‭ ‬أو‭ ‬دحلان‭ ‬أو‭ ‬القدوة‭ ‬أو‭ ‬غيرهم؟‭.‬

وتجاوزت‭ ‬الأسئلة‭ ‬الساحة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬إلى‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬عامة،‭ ‬وهل‭ ‬الريادة‭ ‬للدول‭ ‬العربية‭ ‬التقليدية‭ ‬القديمة‭ ‬مصر‭ ‬والعراق‭ ‬وسوريا‭ ‬والسعودية‭ ‬راسخة‭ ‬التقاليد‭ ‬والخبرات‭ ‬أم‭ ‬إن‭ ‬هناك‭ ‬متغيرات‭ ‬مستجدة‭ ‬في‭ ‬الميزان‭ ‬العربي؟،‭ ‬وتطرق‭ ‬الحديث‭ ‬حتى‭ ‬إلى‭ ‬الشخصيات‭ ‬المرموقة‭ ‬في‭ ‬الجيل‭ ‬المقبل‭ ‬من‭ ‬القيادات‭ ‬ضمن‭ ‬المنطقة‭.‬

السؤال‭ ‬نفسه‭ ‬عن‭ ‬القيادات‭ ‬وبالإلحاح‭ ‬ذاته‭ ‬وجه‭ ‬لي‭ ‬وآخرين‭ ‬في‭ ‬الجلسة‭ ‬الخاصة‭ ‬بالنظام‭ ‬الدولي،‭ ‬مع‭ ‬تركيز‭ ‬خاص‭ ‬على‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬نراها‭ ‬مؤهلة‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬الجنوب‭ ‬للانتقال‭ ‬إلى‭ ‬وضعية‭ ‬الريادة‭ ‬العالمية،‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬استثنينا‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬الاعتبار‭ ‬العسكري،‭ ‬وطرحت‭ ‬أسماء‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬مثل‭ ‬البرازيل‭ ‬والهند‭.‬

وانصب‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬ردود‭ ‬فعل‭ ‬ممثلي‭ ‬بعض‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬وتعليقاتي‭ ‬الشخصية‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الريادة‭ ‬في‭ ‬القرن‭ ‬الـ21‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬في‭ ‬الأساس‭ ‬ريادة‭ ‬سياسية‭ ‬وفكرية‭ ‬وليست‭ ‬مستندة‭ ‬إلى‭ ‬اعتبارات‭ ‬عسكرية،‭ ‬بخاصة‭ ‬بعد‭ ‬عقود‭ ‬من‭ ‬الزمن‭ ‬دعينا‭ ‬فيها‭ ‬إلى‭ ‬نبذ‭ ‬استخدام‭ ‬القوة‭ ‬أو‭ ‬التهديد‭ ‬باستخدامها،‭ ‬وسبق‭ ‬أن‭ ‬نوه‭ ‬مسؤولون‭ ‬من‭ ‬البرازيل‭ ‬أنها‭ ‬ستتنازل‭ ‬عن‭ ‬حق‭ ‬النقض‭ ‬على‭ ‬قرارات‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬إذا‭ ‬انتخبت‭ ‬عضواً‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬ضمن‭ ‬الجهود‭ ‬الرامية‭ ‬إلى‭ ‬تفعيل‭ ‬عضويته‭.‬

وطرحت‭ ‬علي‭ ‬شخصياً‭ ‬أسئلة‭ ‬مرات‭ ‬عدة‭ ‬عن‭ ‬دول‭ ‬الجنوب‭ ‬الأخرى‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تقوم‭ ‬بأدوار‭ ‬ريادية‭ ‬مستقبلاً‭ ‬حتى‭ ‬خارج‭ ‬إطار‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬تجمعات‭ ‬أو‭ ‬زعامات‭ ‬شبيهة‭ ‬بدول‭ ‬عدم‭ ‬الانحياز‭ ‬السابقة‭ ‬التي‭ ‬على‭ ‬رأسها‭ ‬عبدالناصر‭ ‬وتيتو‭ ‬ونهرو‭.‬

وكان‭ ‬ردي‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬أثنى‭ ‬عليه‭ ‬سكرتير‭ ‬عام‭ ‬الخارجية‭ ‬الهندية‭ ‬السابق،‭ ‬إنه‭ ‬مع‭ ‬ضرورة‭ ‬عدم‭ ‬التقليل‭ ‬من‭ ‬أهمية‭ ‬القدرات‭ ‬العسكرية‭ ‬مع‭ ‬التشديد‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الريادة‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الدولي‭ ‬عامة‭ ‬والنابعة‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬الجنوب‭ ‬خصوصاً،‭ ‬ستكون‭ ‬أساساً‭ ‬لريادة‭ ‬فكرية‭ ‬وحضارية،‭ ‬وتناغم‭ ‬مضمون‭ ‬الرسالة‭ ‬والأفكار‭ ‬مع‭ ‬تطلعات‭ ‬الشعوب‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الدولي،‭ ‬مع‭ ‬توافر‭ ‬القدرات‭ ‬والاستعداد‭ ‬لدى‭ ‬حامليها‭ ‬لنقلها‭ ‬إلى‭ ‬الغير‭ ‬والترويج‭ ‬لها‭ ‬دولياً،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬داخل‭ ‬الإقليم‭ ‬الصادرة‭ ‬عنه،‭ ‬منوهاً‭ ‬أن‭ ‬نجاح‭ ‬رسالة‭ ‬الدول‭ ‬غير‭ ‬المنحازة‭ ‬في‭ ‬الماضي‭ ‬كان‭ ‬أساساً‭ ‬في‭ ‬تبنيها‭ ‬أفكاراً‭ ‬تتسق‭ ‬مع‭ ‬تطلعات‭ ‬وأمنيات‭ ‬الشعوب‭ ‬عامة‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬منطقة‭ ‬إقليمية‭ ‬بعينها‭.‬

خرجت‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬الزيارة‭ ‬والمؤتمر‭ ‬القيم‭ ‬أشعر‭ ‬بقلق‭ ‬حقيقي‭ ‬من‭ ‬مستوى‭ ‬الاضطراب‭ ‬والانزعاج‭ ‬الدوليين،‭ ‬سعيداً‭ ‬بالتوافق‭ ‬العام‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬التكامل‭ ‬الدولي‭ ‬هو‭ ‬السبيل‭ ‬الأصلح‭ ‬والآمن‭ ‬للجميع‭ ‬على‭ ‬رغم‭ ‬كل‭ ‬العقبات‭ ‬التي‭ ‬تقف‭ ‬أمام‭ ‬طريقه‭ ‬الآن‭.‬

كما‭ ‬خرجت‭ ‬مفاجأ‭ ‬بالتوافق‭ ‬الدولي‭ ‬العام‭ ‬حول‭ ‬غياب‭ ‬القيادات‭ ‬الدولية‭ ‬الريادية‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الدول‭ ‬الصناعية‭ ‬الكبرى،‭ ‬ومتفائلاً‭ ‬بأن‭ ‬القلق‭ ‬والاضطراب‭ ‬والانزعاج‭ ‬هي‭ ‬حوافز‭ ‬لتوسيع‭ ‬دائرة‭ ‬البحث‭ ‬والتفاعل‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬الجنوب‭ ‬وقياداتها،‭ ‬بحثاً‭ ‬عن‭ ‬قيادات‭ ‬فكرية‭ ‬وحضارية‭ ‬تؤمن‭ ‬بنظريات‭ ‬التكامل‭ ‬الدولي‭ ‬وترجحها‭ ‬حتى‭ ‬إن‭ ‬تفاوتت‭ ‬قوة‭ ‬الدول‭ ‬وثراؤها،‭ ‬مما‭ ‬يوفر‭ ‬فرصة‭ ‬لدول‭ ‬الجنوب‭ ‬للتأثير‭ ‬في‭ ‬الأوضاع‭ ‬الدولية‭ ‬وإعادة‭ ‬الاتزان‭ ‬والانضباط‭ ‬لها،‭ ‬خصوصاً‭ ‬أنه‭ ‬بات‭ ‬واضحاً‭ ‬أن‭ ‬الريادة‭ ‬الحقيقية‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬المقبلة‭ ‬لن‭ ‬تنبع‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الصناعية‭ ‬حصرياً‭  ‬في‭ ‬الأمد‭ ‬القصير‭.‬

{ وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬المصري‭ ‬الأسبق

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا