العدد : ١٧٠٥٦ - الثلاثاء ٠٣ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٢ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٥٦ - الثلاثاء ٠٣ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٢ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

الثقافي

الشاعر عبدالرحمن رفيع.. فارس القصيدة التي لا تغيب!

السبت ٠٧ سبتمبر ٢٠٢٤ - 02:00

شكلت‭ ‬التسعينيات‭ ‬منعطفاً‭ ‬لامعاً‭ ‬في‭ ‬حياتي‭ ‬كطفلة‭ ‬عندما‭ ‬بدأت‭ ‬نزعة‭ ‬الشعر‭ ‬بالظهور‭ ‬في‭ ‬أناشيدي‭ ‬الوطنية‭ ‬وإلقائي‭ ‬في‭ ‬المدرسة‭ ‬مستلهمةً‭ ‬ذلك‭ ‬العنفوان‭ ‬من‭ ‬فارس‭ ‬الشعر‭ ‬عبدالرحمن‭ ‬رفيع‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬يبارح‭ ‬شاشة‭ ‬تلفازنا‭ ‬آنذاك‭.‬‮ ‬

كانت‭ ‬أبياته‭ ‬البسيطة‭ ‬والعميقة‭ ‬في‭ ‬آن‭ ‬مصدراً‭ ‬جذابا‭ ‬يشد‭ ‬حواسي‭ ‬بكل‭ ‬تركيز‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مرة‭ ‬يعتلي‭ ‬فيها‭ ‬منصة‭ ‬أو‭ ‬يظهر‭ ‬عبر‭ ‬لقاء‭ ‬تلفزيوني‭. ‬ولطالما‭ ‬كان‭ ‬أداؤه‭ ‬العفوي‭ ‬والمميز‭ ‬يسترعي‭ ‬اهتمامي‭ ‬فأطيل‭ ‬النظر‭ ‬متقمصةً‭ ‬منه‭ ‬شخصيةً‭ ‬طفوليةً‭ ‬شاعرية‭ ‬قائمة‭ ‬على‭ ‬ذات‭ ‬النمط‭.‬

لا‭ ‬يزال‭ ‬صدى‭ ‬صوته‭ ‬حاضراً‭ ‬في‭ ‬مخيلتي،‭ ‬وكأنه‭ ‬بالأمس‭ ‬رغم‭ ‬مرور‭ ‬ما‭ ‬يقارب‭ ‬السنوات‭ ‬العشر‭ ‬على‭ ‬رحيله،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬ترك‭ ‬إرثاً‭ ‬شعرياً‭ ‬ثميناً‭ ‬يتغنى‭ ‬به‭ ‬أهل‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬إلى‭ ‬يومنا‭ ‬هذا‭.‬

وقد‭ ‬كانت‭ ‬سيرته‭ ‬الحافلة‭ ‬بالعطاء‭ ‬والإنجازات‭ ‬محط‭ ‬اهتمام‭ ‬وتقدير‭ ‬كبيرين‭ ‬بدءاً‭ ‬من‭ ‬تعلمه‭ ‬القرآن‭ ‬الكريم‭ ‬وانتقالاً‭ ‬إلى‭ ‬كلية‭ ‬الحقوق‭ ‬في‭ ‬جامعة‭ ‬القاهرة‭ ‬حتى‭ ‬عمله‭ ‬في‭ ‬وزارة‭ ‬الإعلام‭ ‬كمراقب‭ ‬للشؤون‭ ‬القانونية،‭ ‬حيث‭ ‬لم‭ ‬تخل‭ ‬رحلته‭ ‬من‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المؤلفات‭ ‬الشعرية‭ ‬والتي‭ ‬بلغت‭ ‬في‭ ‬مجموعها‭ ‬تسعة‭ ‬دواوين‭ ‬باللغة‭ ‬الفصحى‭ ‬والعامية‭ ‬وهي‭: ‬البحار‭ ‬الأربعة،‭ ‬الدوران‭ ‬حول‭ ‬البعيد،‭ ‬الشعر‭ ‬الشعبي،‭ ‬ديوان‭ ‬بحر‭ ‬وعيون،‭ ‬يسألني،‭ ‬أولها‭ ‬كلام،‭ ‬العرب‭ ‬ما‭ ‬خلوشي،‭ ‬ولها‭ ‬ضحك‭ ‬الورد‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬مشاركته‭ ‬في‭ ‬معظم‭ ‬الأمسيات‭ ‬الشعرية‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين،‭ ‬دولة‭ ‬الكويت،‭ ‬جمهورية‭ ‬مصر،‭ ‬جمهورية‭ ‬الإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة،‭ ‬مهرجان‭ ‬الرياض‭ ‬والجنادرية‭ ‬ومجموعة‭ ‬من‭ ‬الأمسيات‭ ‬التلفزيونية‭. ‬علاوة‭ ‬على‭ ‬فوز‭ ‬الشاعر‭ ‬بالعديد‭ ‬من‭ ‬الجوائز‭ ‬منها‭ ‬الجائزة‭ ‬الأولى‭ ‬في‭ ‬مسابقة‭ ‬هنا‭ ‬البحرين‭ ‬الأدبية‭.‬

لم‭ ‬تخلو‭ ‬حياته‭ ‬الأدبية‭ ‬من‭ ‬رفقة،‭ ‬حيث‭ ‬ربطت‭ ‬الصداقة‭ ‬المقربة‭ ‬بين‭ ‬الشاعر‭ ‬والدكتور‭ ‬غازي‭ ‬القصيبي‭ ‬بدءاً‭ ‬بالدراسة‭ ‬الجامعية‭ ‬وكتابة‭ ‬قصائد‭ ‬الهجاء‭ ‬المتبادلة‭ ‬والمشاركة‭ ‬في‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الأمسيات‭ ‬والمساجلات‭ ‬الشعرية‭.‬

وعروجاً‭ ‬على‭ ‬قدراته‭ ‬الأدبية‭ ‬في‭ ‬كتابة‭ ‬الشعر‭ ‬يتألق‭ ‬الشاعر‭ ‬عبدالرحمن‭ ‬رفيع‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬أسلوبه‭ ‬السردي‭ ‬القائم‭ ‬على‭ ‬نزعة‭ ‬القصة‭ ‬كتجسيد‭ ‬للواقع‭ ‬وقدرته‭ ‬الهائلة‭ ‬في‭ ‬وصف‭ ‬الأشخاص‭ ‬والمكان‭ ‬وفق‭ ‬مزيج‭ ‬فريد‭ ‬من‭ ‬الفكاهة‭ ‬والتراث‭ ‬وعبر‭ ‬نمط‭ ‬معين‭ ‬جعله‭ ‬من‭ ‬أكثر‭ ‬الأدباء‭ ‬شهرة‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين،‭ ‬حيث‭ ‬قدم‭ ‬الشعر‭ ‬في‭ ‬صورتيه‭ ‬العامية‭ ‬والفصحى‭ ‬مخاطباً‭ ‬جميع‭ ‬فئات‭ ‬المجتمع‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬حكايات‭ ‬ممتزجة‭ ‬بلوحات‭ ‬كاريكاتيرية‭ ‬تعمد‭ ‬فيها‭ ‬نقد‭ ‬بعض‭ ‬الظواهر‭ ‬الاجتماعية‭ ‬بأسلوب‭ ‬ساخر‭.‬‮ ‬

امتازت‭ ‬قصائده‭ ‬نظراً‭ ‬إلى‭ ‬شخصيته‭ ‬المعروفة‭ ‬بخفة‭ ‬الظل‭ ‬بالكثير‭ ‬من‭ ‬السخرية‭ ‬التي‭ ‬تنقلنا‭ ‬بين‭ ‬المواقف‭ ‬والحوار‭ ‬والهزل‭ ‬والفكاهة‭ ‬في‭ ‬زمن‭ ‬جميل‭ ‬يشع‭ ‬بالتراث‭ ‬ويمثل‭ ‬حقبة‭ ‬ما‭ ‬قبل‭ ‬النفط‭ ‬التي‭ ‬أثرت‭ ‬في‭ ‬النتاج‭ ‬الشعري‭ ‬للشاعر‭ ‬خير‭ ‬تمثيل‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬مفرداته‭ ‬الشعرية‭ ‬المليئة‭ ‬بالمشاهد‭ ‬الواقعية‭ ‬والتي‭ ‬برزت‭ ‬كمسرح‭ ‬شعري‭ ‬لتلك‭ ‬الفترة‭ ‬الذهبية‭ ‬للأيام‭ ‬الخوالي‭.‬‮ ‬

يملك‭ ‬أ‭. ‬عبد‭ ‬الرحمن‭ ‬فلسفة‭ ‬شعرية‭ ‬خاصة‭ ‬تتعلق‭ ‬بارتباط‭ ‬الشعر‭ ‬بالوجدان،‭ ‬فعبر‭ ‬تقنياته‭ ‬الشعرية‭ ‬يرى‭ ‬أن‭ ‬الشعر‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬المشاعر‭ ‬ومن‭ ‬أجل‭ ‬ذلك‭ ‬تمكن‭ ‬من‭ ‬تمثيل‭ ‬المشهد‭ ‬الشعري‭ ‬بأداء‭ ‬جسدي‭ ‬ولفظي‭ ‬مميزين‭ ‬شاقاً‭ ‬طريقه‭ ‬كموهبة‭ ‬فريدة‭ ‬في‭ ‬الوسط‭ ‬الأدبي،‭ ‬فعلى‭ ‬غرار‭ ‬صلاح‭ ‬شاهين‭ ‬برز‭ ‬الشاعر‭ ‬في‭ ‬الشعر‭ ‬العمودي‭ ‬المعتمد‭ ‬على‭ ‬التفعيلة‭ ‬والوزن‭ ‬متأثراً‭ ‬بالأديب‭ ‬صلاح‭ ‬في‭ ‬استخدام‭ ‬المفردات‭ ‬العميقة‭.‬‮ ‬

وقد‭ ‬تحدث‭ ‬الشاعر‭ ‬عن‭ ‬أسلوبه‭ ‬المتفرد‭ ‬عبر‭ ‬حوار‭ ‬أجراه‭ ‬مسبقاً‭ ‬مع‭ ‬صحيفة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬في‭ ‬كونه‭ ‬يلتزم‭ ‬بلغة‭ ‬ثالثة‭ ‬يصفها‭ ‬الأديب‭ ‬توفيق‭ ‬الحكم‭ ‬باللغة‭ ‬الوسطى‭ ‬وهي‭ ‬السر‭ ‬الذي‭ ‬يعتمد‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬إيصال‭ ‬لغة‭ ‬التخاطب‭ ‬المتداولة‭ ‬كلغة‭ ‬بسيطة‭ ‬للمتذوق‭ ‬الشعري‭ ‬حيث‭ ‬يعتمد‭ ‬الشاعر‭ ‬أسلوب‭ ‬الحكواتي‭ ‬في‭ ‬سرد‭ ‬نصه‭ ‬الشعري‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬شكل‭ ‬له‭ ‬جمهوراً‭ ‬كبيراً‭ ‬من‭ ‬المستمعين‭ ‬عوضاً‭ ‬عن‭ ‬القراء‭.‬

إن‭ ‬أشعار‭ ‬عبدالرحمن‭ ‬رفيع‭ ‬رغم‭ ‬تواتر‭ ‬السنوات‭ ‬لا‭ ‬زالت‭ ‬تقرع‭ ‬ذكريات‭ ‬الزمن‭ ‬الأصيل‭ ‬لمجتمع‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬حقبة‭ ‬ما‭ ‬قبل‭ ‬النفط،‭ ‬تحاكي‭ ‬عراقة‭ ‬ماضي‭ ‬الأجداد‭ ‬بعاداته‭ ‬وتقاليده‭ ‬ومورثاته‭ ‬الشعبية‭ ‬وسط‭ ‬أهازيجه‭ ‬التي‭ ‬ملأت‭ ‬سطوراً‭ ‬حفرت‭ ‬بصمتها‭ ‬في‭ ‬تاريخنا‭ ‬المحلي‭ ‬طوال‭ ‬العمر‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا