القراء الأعزاء
لست من المولعات عادة بحضور حفلات الزواج، وعلى الرغم من ذلك لابد من إجابة بعض الدعوات لأسباب عدة، فالوقت فيها ممتع كما أنها فرصة للالتقاء بأشخاص لا تجمعنا الظروف بهم بسهولة في خضم انشغال الكل بشأنه الخاص.
وفي كل حفل زواج أحضره يراودني هذا السؤال: هل تم إعداد العروسين المتألقين في ليلتهما للولوج في معمعة الحياة الزوجية ومسؤولياتها؟ هل كلّف والدي العروسين نفسهما عناء توضيح طبيعة فكرة إنشاء المؤسسة الزوجية؟ هل تم إشعار العروسة بأن (العرس ليش كيكة وشنيول) كما تردد صديقتي زهاء تندّرا؟ وهل وضع أهل العريس في اعتبارهم بأن الزواج ليس هو المصحة النفسية التي ستوصله إلى عقله، وأن جملة (زوجوه بيعقل) نادراً ما صدقت وكثيراً ما تسببت في إيذاء فتيات كنّ يحلمن بجنّة الزواج، فلم يعقل هو ولم تعش هي حياتها بشكل سويّ، لا بل انتهت حاملة عبء تربية أفراد جدد علم مآلهم عند الله تعالى، وبالأخص إذا ما وقع الطلاق لا قدّر الله.
إذاً تلعب الأسرة الكبيرة بشكل مباشر وغير مباشر، دوراً مهماً في وضع دعائم تكوين أسر أبنائهم الصغيرة واستمراريتها، إذ لا يخفى أثر تاريخ الأسرة الكبيرة وأخلاقيات أفرادها وطبيعة العلاقات فيما بينهم واسلوب تعاملهم ومدى الو ئام والتسامح وحُسن المعشر، كل ذلك يُسهم في تشكيل شخصية الأبناء ولا سيما المقبلين على الزواج والراغبين فيه.
ففي زيجات الاجيال السابقة كانت تتمتع الزيجة بالديمومة إلا ما ندر، حيث يقضي الزوجان حياتهما معاً لا يفرقهما سوى الموت، وليس بالضرورة أن تكون حياتهما نعيما في نعيم، ولكن كانت هناك آليات اجتماعية تُساعد على استمرارها مثل دور الوالدين في تسوية الخلافات وإصلاح ذات البين في ظل احترام الصغار للكبار.
وفي المحصلة بأنه تبقى للأسرة أهميتها باعتبارها الخلية الأساسية في المجتمع، والتي أضحت في مواجهة تحديات كثيرة في ظل المتغيرات الاجتماعية الدولية، فباتت بين سندان العزوف عن الزواج ومطرقة عدم استقرار الأسرة وارتفاع نسب الطلاق وصار لزاماً الاستعداد لتكوين الأسرة بصورة تضمن لها الاستمرارية.
هذا من جانب، أما من الجانب الآخر واستكمالاً لموضوع الإسراف، فإن حفلات الزواج ومظاهر البذخ المصاحبة لها تُعد مناسبة مهمة لممارسة الاسراف بشكل غير عقلاني ولاسيما في كميات الطعام الذي يُقدم سواء الثابت منه على طاولات الضيوف أو ما يتم توزيعه على الحضور من أصناف متعددة من المأكولات المالحة والحلوة أو مائدة العشاء الغنيّة بأصناف الطعام التي يزيد منها كفائض ثلثها في أقل تقدير، وهي تسهم بلا شك في هدر الطعام والاخلال بالتوازن الغذائي، في الوقت الذي يعاني الكثير من البشر من نقص الغذاء والمجاعات. وختاماً، لتمام صحة المجتمع من المهم أن تنشأ أسر جديدة سليمة ومستقرة، في ظل أجواء من الاعتدال على جميع الأصعدة لضمان استمراريتها، ولن يتحقق هذا سوى بوعي المقبلين على تكوين الأسرة بأهمية الاستقرار والاستمرار وبآلياته من صبر وتعاون وقبول ومرونة وتقديم بعض من التضحيات في حدود المعقولية.
Hanadi _aljowder@hotmail.com
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك