القراء الأعزاء،
شهر ذو الحجة، أحد الأشهر الحُرم، الشهر الذي تكتمل فيه أحد أركان الإسلام وهو حجّ البيت لمن استطاع إليه سبيلا، وهو شهر الحجّ تنفيذاً لقوله تعالى (وَأَذِّن فِي الناس بِالحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ) الآية 27 من سورة الحج، حيث يزور الملايين من المسلمين الأراضي المقدسة في المملكة العربية السعودية لأداء مناسك الحج، وقد بلغ عدد حجيج هذا العام أكثر من مليوني شخص.
ويصادف أن يكون اليوم وقفة عرفة، ولعلكم تقرؤون هذا المقال في يوم عيد الأضحى المبارك، فأسأل الله أن يكون عيدكم مباركاً وأيامكم سعيدة، ويهمني هنا الإشادة بجهود عظيمة تبذلها الشقيقة المملكة العربية السعودية في التنظيم المشهود له من حيث الدقة والإحكام في مواجهة هذا الكمّ الكبير من الحجاج، وتوفير الأمن بجميع صوره من ناحية السلامة على النفس وعلى الصحة وتحقيق الأمن الغذائي لضيوف الرحمن وغيرها، لضمان تمكين جميع الضيوف من أداء مناسك الحج كاملة بكل أريحية وطمأنينة، بالإضافة إلى التغطيات الإعلامية المواكبة والتي تنقل الحج من كونه شعيرة مقتصرة على مؤديها ليُعايشها جميع المشاهدين أينما كانوا، فتنقل روحانية هذه الطقوس إلى ما وراء الحدود الجغرافية للحدث، بالإضافة إلى تفاصيل كثيرة تتضافر جميعها من أجل إنجاح هذا الموسم الديني السنوي المهم وقضاء مناسكه بسلام وسكينة، فشكراً للمملكة العربية السعودية بدءاً من مليكها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله ورعاه وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان آل سعود بارك الله جهوده وحفظه انتهاء بشعبها الأصيل على جهودها السنوية في موسم الحج.
ومن جانب آخر، فإن موسم الحج مرتبط بعيد الأضحى المبارك أو كما نسميه بعاميتنا (عيد الحجاج)، ومن المعلوم بأن المناسبات الاجتماعية هي بيئة محتمة للإسراف والتبذير واهدار كميات كبيرة من الطعام، وبالأخص عيد الأضحى لأنه مرتبط بقصة سيدنا إبراهيم وابنه إسماعيل والتضحية والفداء، فمن أهم طقوسه هو أضحية العيد التي يُقدمها أكثر الناس في البلاد، ولا شك بأن فائض اللحوم وغداء العيد سيكون أكثر بكثير مما يتم استهلاكه كالمعتاد، في الزمن الذي بدأت فيه الموارد الطبيعية في التراجع في إنتاجياتها، بالإضافة إلى معاناة الكثير من البشر من شحّ الغذاء بسبب الحروب أو التغيّر المناخي.
ومن هنا أريد توجيه رسالة إلى ربات وأرباب البيوت في البحرين وسواها حول أهمية الحفاظ على النعمة التي كما يُقال إنّها (زوّالة) والحدّ من الإسراف في أيام العيد والعمل على مراقبة عاملات المنزل في هذا الصدد باعتبار أن أكثرهن يعملن وفقاً للمبدأ الثابت في المثل الشعبي القائل إن: (مال عمّك ما يهمّك).
لذا وفي رأيي أن الحد من إهدار الطعام والتقليل من كمياته يعتبر واجبا دينيا، وبما أننا بصدد فريضة شرعية فيتوجب أن نحافظ على روحانيتها وعدالتها ولا نفسدها بالإسراف لأن الله (لا يُحب المسرفين) ومن جانب آخر فهو واجب وطني، إذ على كل منتمٍ إلى وطنه الحفاظ على موارد الوطن الغذائية وهو أيضاً واجب إنساني تقتضيه الإنسانية للحفاظ على استدامة الأمن الغذائي لكل انسان أينما كان وعبر الأجيال فهي ليست خطة مرحلية للحفاظ على الأمن الغذائي بل يتوجب أن تكون خطة مستدامة لتحقيق الكفاية ما بقي الإنسان على هذه الأرض.
عيد أضحى مبارك وكل عام وأنتم بخير
Hanadi_aljowder@hotmail.com
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك