العدد : ١٧٠٤٨ - الاثنين ٢٥ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٣ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٨ - الاثنين ٢٥ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٣ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

مقالات

«نـظـام الـتـفـاهـة»:
سقوط الأخلاق والقانون... وصعود الشعبوية والحروب

بقلم: سميرة بن رجب

الأحد ٢٦ مايو ٢٠٢٤ - 02:00

يعد‭ ‬كتاب‭ ‬‮«‬نظام‭ ‬التفاهة‮»‬‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬نوعه،‭ ‬حتى‭ ‬الآن،‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬أسلوب‭ ‬الطرح‭ ‬وأدواته،‭ ‬ومن‭ ‬حيث‭ ‬تصديه‭ ‬للظاهرة‭ ‬ببعدها‭ ‬السياسي‭ ‬الخطير‭ ‬وبرؤية‭ ‬أنثروبولوجية‭ ‬شديدة‭ ‬المطابقة‭ ‬مع‭ ‬الواقع،‭ ‬بما‭ ‬يمكن‭ ‬اعتباره‭ ‬فناراً‭ ‬يضيء‭ ‬الطريق‭ ‬لمعرفة‭ ‬مفاهيم‭ ‬هذا‭ ‬النظام‭ ‬كواحد‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬وأخطر‭ ‬المناهج‭ ‬السياسية‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬تنفيذها،‭ ‬وكأهم‭ ‬وأخطر‭ ‬العوامل‭ ‬التي‭ ‬تقف‭ ‬وراء‭ ‬ما‭ ‬يجتاح‭ ‬عالمنا‭ ‬الراهن‭ ‬من‭ ‬حروب‭ ‬وعنف‭ ‬مفرط‭ ‬وشعبوية،‭ ‬وعودة‭ ‬الاستعمار‭ ‬مجدداً،‭ ‬مع‭ ‬طغيان‭ ‬سياسي،‭ ‬وأنماط‭ ‬مختلفة‭ ‬من‭ ‬اللاعدالة‭ ‬واللاإنسانية‭ ‬والتطرف‭ ‬وتوحش‭ ‬رأس‭ ‬المال‭ ‬في‭ ‬السياسات‭ ‬الدولية‭ ‬التي‭ ‬يعاد‭ ‬تشكيلها‭ ‬بمنظومة‭ ‬قانون‭ ‬الغاب،‭ ‬ليأكل‭ ‬القوي‭ ‬به‭ ‬الضعيف‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬رادع‭.‬

يركّز‭ ‬الكتاب‭ ‬بحدة،‭ ‬وبسخرية‭ ‬أحياناً،‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬تعانيه‭ ‬عموم‭ ‬المجتمعات‭ ‬الغربية‭ ‬من‭ ‬القصور‭ ‬المعرفي،‭ ‬وفقدان‭ ‬الكفاءة‭ ‬والعقلانية‭ ‬والحكمة،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬تسارع‭ ‬الأحداث،‭ ‬وتزايد‭ ‬قوة‭ ‬أداء‭ ‬اللوبيات‭ ‬الإعلامية‭ ‬في‭ ‬تحريف‭ ‬الأخبار،‭ ‬وتشويه‭ ‬الحقيقة،‭ ‬والخطر‭ ‬المتصاعد‭ ‬لدور‭ ‬لوبيات‭ ‬التعليم‭ ‬المتخصصة‭ ‬في‭ ‬تسليع‭ ‬الجامعات‭ ‬والمدارس‭ ‬والمعرفة،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬‮«‬سلسلة‭ ‬تبدأ‭ ‬أولى‭ ‬حلقاتها‭ ‬بالأستاذ‭ ‬الجامعي‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬منح‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الجهات‭ ‬الممولة‭. ‬وهكذا،‭ ‬ينحدر‭ ‬العمل‭ ‬بالجامعة‭ ‬إلى‭ ‬درك‭ ‬التفاهة،‭ ‬فتتحول‭ ‬فيه‭ ‬من‭ ‬منتج‭ ‬للمعرفة‭ ‬إلى‭ ‬تاجرٍ‭ ‬فيها‮»‬،‭ ‬لننتهي‭ ‬بأجيال‭ ‬من‭ ‬مخرجات‭ ‬نظام‭ ‬التفاهة‭ ‬بأطوار‭ ‬أخلاقية‭ ‬بعيدة‭ ‬عن‭ ‬عصر‭ ‬التمدن‭ ‬الحضاري‭ ‬وتشريعاته‭ ‬الإنسانية‭ ‬والمفاهيمية‭.‬

 

نظام‭ ‬التفاهة‭ ‬العربي

حازت‭ ‬النسخة‭ ‬العربية‭ ‬من‭ ‬كتاب‭ ‬‮«‬نظام‭ ‬التفاهة‮»‬‭ (‬دار‭ ‬السؤال‭ ‬2020‭) ‬اهتماما‭ ‬عربيا‭ ‬واسعا،‭ ‬بسبب‭ ‬توافره‭ ‬على‭ ‬عناصر‭ ‬عدة،‭ ‬أهمها،‭ ‬أولاً‭: ‬واقعية‭ ‬المنظور‭ ‬السيسيولوجي‭ ‬الذي‭ ‬استخدمه‭ ‬المؤلف‭ ‬الدكتور‭ ‬آلان‭ ‬دونو‭ (‬Alain‭ ‬Deneault‭ - ‬أستاذ‭ ‬الفلسفة‭ ‬والعلوم‭ ‬السياسية‭ ‬بجامعة‭ ‬كبيك،‭ ‬كندا‭) ‬في‭ ‬تحليل‭ ‬رؤيته‭ ‬وفي‭ ‬تفسير‭ ‬النماذج‭ ‬التي‭ ‬عززت‭ ‬هذه‭ ‬الواقعية،‭ ‬مما‭ ‬جعل‭ ‬مفهوم‭ ‬الكتاب‭ (‬‮«‬نظام‭ ‬التفاهة‮»‬‭  ‬La‭ ‬mediocratie‭ ‬‭ ‬2017‭) ‬قريباً‭ ‬من‭ ‬عقل‭ ‬وقلب‭ ‬القارئ؛‭ ‬وثانياً‭: ‬تميّز‭ ‬النسخة‭ ‬العربية‭ ‬بإضافة‭ ‬علمية‭ ‬وفكرية‭ ‬قيّمة‭ ‬ساهمت‭ ‬بها‭ ‬المترجمة‭ ‬الدكتورة‭ ‬مشاعل‭ ‬عبدالعزيز‭ ‬الهاجري‭ (‬أكاديمية‭ ‬كويتية،‭ ‬تخصص‭ ‬القانون‭ ‬الخاص‭) ‬في‭ ‬مقدمة‭ ‬شملت‭ ‬53‭ ‬صفحة،‭ ‬استخدمت‭ ‬فيها‭ ‬أدواتها‭ ‬الفكرية‭ ‬واللغوية‭ ‬والثقافية‭ ‬الواسعة،‭ ‬بجانب‭ ‬شغفها‭ ‬المعرفي‭ ‬في‭ ‬ذات‭ ‬الموضوع؛‭ ‬وثالثاً‭: ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬الراقية‭ ‬التي‭ ‬استخدمتها‭ ‬المترجمة‭ ‬في‭ ‬ترجمة‭ ‬الكتاب‭ ‬من‭ ‬لغته‭ ‬الأصلية‭ (‬الفرنسية‭)‬،‭ ‬ومن‭ ‬نسخته‭ ‬الإنجليزية‭... ‬

وقد‭ ‬تكاملت‭ ‬هذه‭ ‬العناصر‭ ‬معاً‭ ‬لتزيد‭ ‬من‭ ‬مساحة‭ ‬ومفاهيم‭ ‬‮«‬نظام‭ ‬التفاهة‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬حدده‭ ‬المؤلف‭ ‬في‭ ‬نطاق‭ ‬المجتمع‭ ‬الغربي‭ (‬الأوروبي‭ ‬والكندي‭)‬،‭ ‬بمساحة‭ ‬إضافية‭ ‬شملت‭ ‬البُعد‭ ‬العربي‭ ‬في‭ ‬‮«‬نظام‭ ‬التفاهة‮»‬‭ ‬تعزيزاً‭ ‬لمصداقية‭ ‬الطرح‭ ‬برمته،‭ ‬وتأكيداً‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬العالم‭ ‬يعيش‭ ‬موسم‭ ‬حصاد‭ ‬ما‭ ‬زرعته‭ ‬العولمة‭ ‬خلال‭ ‬عقود‭ ‬طويلة،‭ ‬وما‭ ‬بذرته‭ ‬العولمة‭ ‬باجتثاث‭ ‬الشعوب‭ ‬والمجتمعات‭ ‬من‭ ‬تاريخها‭ ‬وتقاليدها‭ ‬وقيمها‭ ‬الفكرية‭ ‬والثقافية‭ ‬والأخلاقية،‭ ‬وتهجين‭ ‬هوياتها‭ ‬الأصيلة،‭ ‬لتجني‭ ‬‮«‬التفاهة‮»‬‭.‬

 

تفشي‭ ‬قواعد‭ ‬الرداءة‭ ‬وتهميش‭ ‬منظومات‭ ‬القيَم

ناقشت‭ ‬المترجمة‭ ‬أطروحات‭ ‬الكتاب‭ ‬من‭ ‬منظورها‭ ‬الشخصي‭ ‬الملتزم‭ ‬‮«‬بالمنظور‭ ‬الانطباعي‭ ‬الحر‮»‬،‭ ‬وبصيغة‭ ‬مقاربة‭ ‬فكرية‭ ‬بين‭ ‬الطرح‭ ‬الغربي‭ ‬لنظام‭ ‬التفاهة‭ ‬الذي‭ ‬ناقشه‭ ‬الكاتب‭ ‬برؤية‭ ‬سيسيولوجية‭ ‬ثائرة،‭ ‬وبين‭ ‬الطرح‭ ‬العربي‭ ‬الذي‭ ‬ناقشته‭ ‬المترجمة‭ ‬برؤية‭ ‬أكثر‭ ‬هدوءًا؛‭ ‬والطرحان‭ ‬نجحا‭ ‬بجدارة‭ ‬في‭ ‬تعرية‭ ‬السطحية‭ ‬الفكرية‭ ‬والابتذال‭ ‬الأخلاقي‭ ‬المستشريين‭ ‬في‭ ‬مجتمعاتهما،‭ ‬حول‭ ‬ما‭ ‬وصفه‭ ‬الكاتب‭ ‬بقوله‭: ‬‮«‬نحن‭ ‬نعيش‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬تاريخية‭ ‬غير‭ ‬مسبوقة،‭ ‬تتعلق‭ ‬بسيادة‭ ‬نظام‭ ‬أدّى،‭ ‬تدريجيا،‭ ‬إلى‭ ‬سيطرة‭ ‬التافهين‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬مفاصل‭ ‬نموذج‭ ‬الدولة‭ ‬الحديثة‭.. ‬بذلك،‭ ‬وعبر‭ ‬العالم،‭ ‬يلحظ‭ ‬المرء‭ ‬صعوداً‭ ‬غريباً‭ ‬لقواعد‭ ‬تتسم‭ ‬بالرّداءة‭ ‬والانحطاط‭ ‬المعياريَّين‭: ‬فتدَهورت‭ ‬متطلبات‭ ‬الجودة‭ ‬العالية،‭ ‬وغُيِّبَ‭ ‬الأداء‭ ‬الرفيع،‭ ‬وهمّشت‭ ‬منظومات‭ ‬القيم،‭ ‬وبرَزَت‭ ‬الأذواق‭ ‬المنحطة،‭ ‬وأُبعِد‭ ‬الأَكفّاء،‭ ‬وخلَت‭ ‬الساحة‭ ‬من‭ ‬التحديات،‭ ‬فتسيّدت‭ ‬إثر‭ ‬ذلك‭ ‬شريحة‭ ‬كاملة‭ ‬من‭ ‬التافهين‭ ‬والجاهلين‭ ‬وذوي‭ ‬البساطة‭ ‬الفكرية،‭ ‬وكل‭ ‬ذلك‭ ‬لخدمة‭ ‬أغراض‭ ‬السوق‭ ‬بالنهاية،‭ ‬ودائماً‭ ‬تحت‭ ‬شعارات‭ ‬الديمقراطية‭ ‬والشعبوية‭ ‬والحرية‭ ‬الفردية‭ ‬والخيار‭ ‬الشخصي‭...‬‮»‬‭.‬

أشارت‭ ‬المترجمة‭ ‬إلى‭ ‬أنها‭ ‬سبق‭ ‬أن‭ ‬نشرت‭ ‬مقالات‭ ‬حول‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬مظاهر‭ ‬نظام‭ ‬التفاهة،‭ ‬وبالأخص‭ ‬حول‭: ‬‮«‬موجات‭ ‬التسطيح،‭ ‬تشابه‭ ‬الشخصيات،‭ ‬غياب‭ ‬العقل‭ ‬النقدي،‭ ‬دعاوى‭ ‬الخبرة،‭ ‬الرأسمالية‭ ‬المتوحشة،‭ ‬وَهْم‭ ‬الكاريزما،‭ ‬عطب‭ ‬المؤسسات،‭ ‬الفساد،‭ ‬تسليع‭ ‬الحياة‭ ‬العامة،‭ ‬الفن‭ ‬الرخيص،‭ ‬أثر‭ ‬التلفزيون،‭ ‬التلوث،‭ ‬التخريب‭ ‬لإعادة‭ ‬الإعمار،‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬المال‭ ‬والسياسة،‭ ‬الحوكمة،‭ ‬ثقافة‭ ‬الإدارة‭ ‬السطحية‭ ‬ومفرداتها‭ ‬الخالية‭ ‬من‭ ‬المعنى‭ (‬‮«‬الابتكار‮»‬،‭ ‬‮«‬التمكين‮»‬،‭ ‬‮«‬ريادة‭ ‬الأعمال‮»‬‭)‬،‭ ‬دور‭ ‬الآيديولوجيا،‭ ‬الطبقية‭ ‬المالية،‭ ‬الفضاء‭ ‬الخاص‭ ‬والفضاء‭ ‬العام،‭ ‬الاستعمار‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬الأوليجارشية،‭ ‬الأزمة‭ ‬المالية،‭ ‬برامج‭ ‬التقشف،‭ ‬نظم‭ ‬التعليم‭ ‬وجودتها‭/‬دواها،‭ ‬الجريمة‭ ‬المنظمة،‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬المال‭ ‬والأكاديميا‭ (‬تسليع‭ ‬الجامعة‭)‬‮»‬‭... ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬إشارة‭ ‬واضحة‭ ‬إلى‭ ‬نوعٍ‭ ‬من‭ ‬التطابق‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬قناعات‭ ‬المترجمة‭ ‬وبين‭ ‬طروحات‭ ‬المؤلف،‭ ‬والذي‭ ‬تعتبره‭ ‬الأولى‭ ‬أحد‭ ‬أسباب‭ ‬اهتمامها‭ ‬بترجمة‭ ‬الكتاب‭. ‬

وترى‭ ‬المترجمة‭ ‬العربية‭ ‬أن‭ ‬الكاتب‭ ‬نقل‭ ‬بدقة‭ ‬ما‭ ‬تعتقده‭ ‬هي‭ ‬إنه‭ ‬‮«‬الانتشار‭ ‬المستشري‭ ‬للتفاهة‮»‬،‭ ‬الذي‭ ‬قد‭ ‬يشكل‭ ‬لبعض‭ ‬غير‭ ‬المتمعنين‭ ‬بأنه‭ ‬شكل‭ ‬من‭ ‬أشكال‭ ‬الفوضى،‭ ‬إلا‭ ‬إنه‭ ‬نظام‭ ‬‮«‬يضرب‭ ‬بجذوره‭ ‬في‭ ‬تربة‭ ‬المجتمع‭ ‬شيئاً‭ ‬فشيئاً،‭ ‬بشيء‭ ‬من‭ ‬المنهجية‭ ‬والاستقرار‭ ‬المرعبين‮»‬،‭ ‬وإن‭ ‬كتابها،‭ ‬الذي‭ ‬ربما‭ ‬كانت‭ ‬ستكتبه‭ ‬حول‭ ‬هذا‭ ‬الموضوع،‭ ‬لن‭ ‬يكون‭ ‬مختلفاً‭ ‬‮«‬إلا‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬الأمثلة،‭ ‬ولكن‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬القناعات‭ ‬والنتائج‮»‬‭... ‬مما‭ ‬يؤكد‭ ‬أن‭ ‬استشراء‭ ‬‮«‬نظام‭ ‬التفاهة‮»‬‭ ‬في‭ ‬مجتمعاتنا‭ ‬العربية‭ ‬يتم‭ ‬بذات‭ ‬المنهجية‭ ‬المرعبة‭ ‬المتّبِعَة‭ ‬في‭ ‬استشرائه‭ ‬عالمياً،‭ ‬ولكن‭ ‬من‭ ‬بوابات‭ ‬ومداخل‭ ‬أكثر‭ ‬يسراً‭ ‬وأسرع‭ ‬تأثيراً،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬منهجة‭ ‬التفاهة‭ ‬وتوطين‭ ‬الأخلاقيات‭ ‬المنحطة‭ ‬في‭ ‬مجتمعات‭ ‬يسودها‭ ‬الاستعمار‭ ‬والاحتلال،‭ ‬والعصابات‭ ‬المذهبية،‭ ‬والأحزاب‭ ‬الميليشياوية،‭ ‬والتطرف‭ ‬والدمار‭ ‬وفقدان‭ ‬السيادة،‭ ‬تُعدُّ‭ ‬أكثرَ‭ ‬يُسراً‭ ‬منها‭ ‬في‭ ‬المجتمعات‭ ‬الأخرى،‭ ‬حتى‭ ‬باتت‭ ‬‮«‬التفاهة‮»‬‭ ‬ظاهرة‭ ‬مهيمنة‭ ‬على‭ ‬نمط‭ ‬حياتنا‭ ‬وأحاديثنا‭ ‬وثقافاتنا‭ ‬وقراراتنا،‭ ‬ومزعزعة‭ ‬لقيمنا‭ ‬وثوابتنا‭ ‬الأصيلة‭ ‬في‭ ‬مجتمعاتنا‭ ‬العربية‭.‬

تفاهة‭ ‬مخرجات‭ ‬التعليم‭ ‬والإعلام

 

كان‭ ‬ولايزال‭ ‬الإعلام‭ ‬من‭ ‬أخطر‭ ‬بوابات‭ ‬‮«‬الانتشار‭ ‬المستشري‭ ‬للتفاهة‮»‬‭ ‬في‭ ‬المجتمعات‭ ‬الضعيفة،‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬اختراق‭ ‬أنظمتها‭ ‬التعليمية‭ ‬مبكراً‭. ‬إذ‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الشعارات‭ ‬الجوفاء‭ ‬حول‭ ‬تحديث‭ ‬وإعداد‭ ‬الأجيال‭ ‬الجديدة‭ ‬للانتقال‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬العشرين‭ ‬إلى‭ ‬قرن‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬والإبداع‭ ‬العلمي،‭ ‬نجح‭ ‬التعليم‭ ‬المُختَرَق‭ ‬في‭ ‬اجتثاث‭ ‬مجتمعات‭ ‬بأكملها‭ ‬من‭ ‬جذورها‭ ‬التاريخية‭ ‬وثوابتها‭ ‬وقيَمها‭ ‬وولاءاتها‭ ‬وانتماءاتها‭ ‬الوطنية‭ ‬لصالح‭ ‬‮«‬الهويات‭ ‬القاتلة‮»‬‭ ‬التي‭ ‬عزز‭ ‬الإعلام‭ ‬أدوارها‭ ‬الطائفية‭ ‬والشعبوية‭ ‬والعنصرية،‭ ‬والتطرف‭ ‬والعنف‭. ‬

كما‭ ‬فرّطت‭ ‬مناهج‭ ‬التعليم‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬منظومة‭ ‬الأخلاق‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬من‭ ‬ثوابت‭ ‬مجتمعاتنا،‭ ‬لصالح‭ ‬أخلاقيات‭ ‬السوق‭ ‬والنفاق‭ ‬والأنانية‭ ‬ونظرية‭ ‬المصالح،‭ ‬ولصالح‭ ‬ما‭ ‬تم‭ ‬تصديره‭ ‬لنا‭ ‬عبر‭ ‬إعلام‭ ‬هوليوود‭ ‬وإعلام‭ ‬التضليل‭ ‬المعرفي‭ ‬الذي‭ ‬اجتاح‭ ‬عالمنا‭ ‬العربي‭ ‬البسيط‭.‬

وجاء‭ ‬القرن‭ ‬الجديد‭ ‬لنجد‭ ‬أنفسنا،‭ ‬كمجتمعات‭ ‬ومؤسسات‭ ‬وأفراد،‭ ‬منخرطين‭ ‬في‭ ‬لعبة‭ ‬الإعلام‭ ‬الجديد‭ ‬لاستكمال‭ ‬ما‭ ‬بدأه‭ ‬التعليم‭ ‬لتخريب‭ ‬العقول‭ ‬والقلوب‭. ‬وبالاستخدام‭ ‬المبتذل‭ ‬والمفرط‭ ‬لما‭ ‬يُدعى‭ ‬بالإعلام‭ ‬الجديد،‭ ‬ووسائل‭ ‬التواصل،‭ ‬بدأت‭ ‬عملية‭ ‬ترسيخ‭ ‬التفاهة،‭ ‬وتحويل‭ ‬التافهين‭ ‬إلى‭ ‬رموز،‭ ‬حتى‭ ‬صار‭ ‬‮«‬لأية‭ ‬بلهاء‭ ‬جميلة،‭ ‬أو‭ ‬وسيم‭ ‬فارغ‮»‬‭ ‬أو‭ ‬فنان‭ ‬خاوٍ،‭ ‬أو‭ ‬كاتب‭ ‬مرتزق‭ ‬سهل‭ ‬الانصياع،‭ ‬أن‭ ‬يُفرض‭ ‬كنجم‭ ‬ورمز‭ ‬مجتمعي‭ ‬أو‭ ‬ثقافي‭ ‬في‭ ‬أوساط‭ ‬أُفرغت‭ ‬من‭ ‬الفكر‭ ‬و«الثقافة‮»‬،‭ ‬والأخلاق،‭ ‬وهي‭ ‬أوساط‭ ‬تتسع‭ ‬رقعتها‭ ‬مع‭ ‬الاتساع‭ ‬المتسارع‭ ‬والممنهج‭ ‬في‭ ‬سياسات‭ ‬تهميش‭ ‬الكفاءات‭ ‬الفكرية‭ ‬والعلمية‭ ‬والمثقفين‭ ‬والمبدعين‭ ‬الجادين‭.‬

ورغم‭ ‬كثرة‭ ‬الشواهد‭ ‬على‭ ‬استشراء‭ ‬التفاهة‭ ‬والخواء‭ ‬الفكري‭ ‬والمعنوي‭ ‬في‭ ‬مجتمعاتنا،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬أكثرها‭ ‬وضوحاً‭ ‬وخطراً‭ ‬هو‭ ‬التفاهة‭ ‬المسيطرة‭ ‬على‭ ‬أخلاقيات‭ ‬وسلوكيات‭ ‬استخدام‭ ‬الشوارع‭ ‬والطرق،‭ ‬والتي‭ ‬تحولت‭ ‬مع‭ ‬الاقتناء‭ ‬الاستهلاكي‭ ‬المتزايد‭ ‬للسيارات‭ ‬كأي‭ ‬سلعة‭ ‬استهلاكية‭ ‬أخرى،‭ ‬تحولت‭ ‬إلى‭ ‬ميادين‭ ‬للسباق‭ ‬مع‭ ‬الزمن‭ ‬والموت،‭ ‬حيث‭ ‬تفقد‭ ‬مجتمعاتنا‭ ‬في‭ ‬حوادث‭ ‬السير‭ ‬أضعاف‭ ‬مَن‭ ‬يموتون‭ ‬في‭ ‬الحروب‭... ‬والظاهرة‭ ‬في‭ ‬ازدياد،‭ ‬مع‭ ‬زيادة‭ ‬تفاهة‭ ‬العقول،‭ ‬وتفاهة‭ ‬الإعلام‭ ‬ودوره‭ ‬في‭ ‬تجهيل‭ ‬عقول‭ ‬الأجيال‭ ‬الجديدة‭ ‬التي‭ ‬فقدت‭ ‬التوازن‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬معرفة‭ ‬قيَم‭ ‬الحياة‭ ‬والموت‭. ‬

 

الإفراط‭ ‬والتفريط‭ ‬في‭ ‬قيَم‭ ‬سوق‭ ‬العمل

شمل‭ ‬التغيير‭ ‬جوانب‭ ‬عديدة‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬العربية،‭ ‬حيثما‭ ‬فُرضت‭ ‬قيم‭ ‬الثقافات‭ ‬الليبرالية‭ ‬المستوردة،‭ ‬الخالية‭ ‬من‭ ‬الأطر‭ ‬الإنسانية،‭ ‬نفسها‭ ‬على‭ ‬أخلاقيات‭ ‬المجتمع،‭ ‬وخصوصا‭ ‬في‭ ‬أخلاقيات‭ ‬سوق‭ ‬العمل‭ ‬السائدة،‭ ‬والمتسيدة‭ ‬على‭ ‬جوانب‭ ‬حياتنا،‭ ‬حتى‭ ‬أُفرغت‭ ‬مناهج‭ ‬التعليم‭ ‬والتشريع‭ ‬من‭ ‬العلوم‭ ‬الإنسانية‭ ‬التي‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬تزويد‭ ‬العقول‭ ‬بالفكر‭ ‬النقدي‭ ‬الفلسفي‭ ‬والمعنوي،‭ ‬وبالمفاهيم‭ ‬القيَميّة‭ ‬التي‭ ‬تُغذي‭ ‬خلايا‭ ‬الأعصاب‭ ‬والقلب‭ ‬بالإنسانية‭ ‬وسمو‭ ‬الأخلاق،‭ ‬لإفساح‭ ‬المجال‭ ‬لتسيّد‭ ‬نظام‭ ‬التفاهة‭ ‬على‭ ‬بيئة‭ ‬العمل؛‭ ‬وقد‭ ‬انعكس‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬أرجاء‭ ‬هذا‭ ‬السوق‭ ‬والمجتمعات‭ ‬من‭ ‬حوله،‭ ‬ويظهر‭ ‬في‭ ‬إدارات‭ ‬خالية‭ ‬من‭ ‬مفاهيم‭ ‬الاحترام‭ ‬والتقييم‭ ‬الإنساني‭ ‬لمعايير‭ ‬الأداء‭ ‬وتقدير‭ ‬القيمة‭ ‬المعنوية‭ ‬للإنتاج‭ ‬والإنسان‭. ‬

ومع‭ ‬الجري‭ ‬والهرولة‭ ‬وراء‭ ‬قيَم‭ ‬السوق‭ ‬الجديدة،‭ ‬خسر‭ ‬إنسان‭ ‬السوق‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬الاستماع‭ ‬والتمعن،‭ ‬وخسر‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬التأمل‭ ‬في‭ ‬سبل‭ ‬وأهمية‭ ‬بناء‭ ‬الكوادر‭ ‬والقدرات‭ ‬والانتماء‭ ‬إلى‭ ‬ثوابت‭ ‬روحية‭ ‬وأخلاقية‭ ‬صادقة‭ ‬ومستدامة‭... ‬وهكذا‭ ‬تسير‭ ‬العجلة‭ ‬بأقصى‭ ‬سرعتها‭ ‬في‭ ‬صيرورة‭ ‬‮«‬نظام‭ ‬التفاهة‮»‬‭.‬

هوس‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬الشهادات

شاركت‭ ‬الدكتورة‭ ‬الهاجري‭ ‬في‭ ‬مقدمتها‭ ‬ما‭ ‬أثاره‭ ‬مؤلف‭ ‬الكتاب‭ ‬حول‭ ‬‮«‬الأحوال‭ ‬المؤسفة‭ ‬للجامعات‮»‬‭ ‬في‭ ‬زمن‭ ‬نظام‭ ‬التفاهة،‭ ‬مؤكدة‭ ‬بأن‭ ‬ما‭ ‬يناقشه‭ ‬‮«‬هي‭ ‬أمور‭ ‬تعرفها‭ ‬جامعاتنا‭ ‬العربية،‭ ‬وأكثر‮»‬،‭ ‬لتضيف‭ ‬سرداً‭ ‬موجزاً‭ ‬حول‭ ‬ظاهرة‭ ‬‮«‬طلب‭ ‬العلم‭ ‬لأغراض‭ ‬المظهر‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬لا‭ ‬طلباً‭ ‬للحكمة‭ ‬العالية‮»‬،‭ ‬وما‭ ‬وصفته‭ ‬بظاهرة‭ ‬الهَوَس‭ ‬بالحصول‭ ‬على‭ ‬الشهادات‭ ‬العليا‭ (‬ماجستير‭ ‬والدكتوراه‭) ‬لأغراض‭ ‬المظهر‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬والجاه‭ ‬والمال،‭ ‬وليس‭ ‬لأغراض‭ ‬‮«‬الاطلاع‭ ‬على‭ ‬الحقائق،‭ ‬وتهذيب‭ ‬الأخلاق‮»‬،‭ ‬حتى‭ ‬صار‭ ‬العلم‭ ‬سلعة‭ ‬للتسويق‭ ‬والربح‭ ‬المادي‭.‬

لقد‭ ‬أُفرغت‭ ‬مجتمعاتنا‭ ‬من‭ ‬قيم‭ ‬القراءة‭ ‬والمعرفة‭ ‬والثقافة‭ ‬والأخلاق،‭ ‬وخسرت‭ ‬مقومات‭ ‬اللغة‭ ‬ومفرداتها‭ ‬وآدابها‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬الحديث‭ ‬والحوار،‭ ‬وخسرت‭ ‬مفاهيم‭ ‬العلاقات‭ ‬الإنسانية‭ ‬بمضمونها‭ ‬الأخلاقي‭ ‬في‭ ‬احترام‭ ‬الإنسان‭ ‬لذاته‭ ‬الإنساني،‭ ‬وتقدير‭ ‬انجازاته،‭ ‬عوضاً‭ ‬عن‭ ‬العلاقات‭ ‬القائمة‭ ‬على‭ ‬أنانية‭ ‬المصالح‭... ‬وخسرنا‭ ‬الجزء‭ ‬الإنساني‭ ‬في‭ ‬احترام‭ ‬النظام،‭ ‬وإنسانية‭ ‬مفاهيم‭ ‬اكتساب‭ ‬المعرفة‭ ‬وتبادل‭ ‬الثقافات‭ ‬واحترام‭ ‬الآخر‭. ‬

 

التفاهة‭ ‬في‭ ‬ظاهرة‭ ‬الخبراء

وانتقد‭ ‬المفكر‭ ‬آلان‭ ‬دونو‭ ‬ظاهرة‭ ‬الخبراء‭ ‬بأنهم‭ ‬ذوو‭ ‬تخصص‭ ‬ضيق؛‭ ‬يعملون‭ ‬لخدمة‭ ‬السوق‭ ‬‮«‬عوض‭ ‬أن‭ ‬يكونوا‭ ‬علماء‭ ‬ذوي‭ ‬أفق‭ ‬واسع‭ ‬قادرين‭ ‬على‭ ‬حل‭ ‬مشاكل‭ ‬الحياة‭ ‬المختلفة»؛‭ ‬وعليه‭ ‬فهو‭ ‬يفصل‭ ‬بين‭ ‬الخبراء‭ ‬كممثلين‭ ‬لسلطة‭ ‬الاقتصاد،‭ ‬وبين‭ ‬المثقفين‭ ‬ذوي‭ ‬الفكر‭ ‬الحر‭ ‬والملتزمين‭ ‬بالقيم‭ ‬والمبادئ؛‭ ‬ويصف‭ ‬الخبير‭ ‬بالمصلحية‭ ‬الواضحة‭ ‬لأنه‭ ‬يعمل‭ ‬لصالح‭ ‬مؤسسة‭ ‬تحدد‭ ‬دوره‭ ‬ومهمته‭ ‬فيلتزم‭ ‬بأهدافها‭ ‬مقابل‭ ‬ما‭ ‬يحصل‭ ‬عليه‭ ‬من‭ ‬أجر‭... ‬

 

من‭ ‬مكارم‭ ‬الأخلاق‭ ‬إلى‭.... ‬التفاهة‭ ‬

ومن‭ ‬المؤسف‭ ‬أن‭ ‬البعض‭ ‬يحاول‭ ‬أن‭ ‬يصف‭ ‬نظام‭ ‬التفاهة‭ ‬الأخلاقي‭ ‬هذا‭ ‬بأنه‭ ‬من‭ ‬قواعد‭ ‬وسلوكيات‭ ‬العصر‭ ‬الرقمي،‭ ‬مما‭ ‬يؤكد‭ ‬على‭ ‬إننا‭ ‬نعيش‭ ‬عصر‭ ‬الجهل‭ ‬المعرفي‭ ‬بامتياز،‭ ‬وهو‭ ‬جهل‭ ‬يجهل‭ ‬أمره‭ ‬الجهلاء؛‭ ‬وبصيغة‭ ‬أخرى‭ ‬إن‭ ‬‮«‬فاقد‭ ‬الشيء‭ ‬لا‭ ‬يعطيه‮»‬،‭ ‬فكيف‭ ‬السبيل‭ ‬إلى‭ ‬التصحيح‭!!‬

أمام‭ ‬هذا‭ ‬السيل‭ ‬الجارف‭ ‬‮«‬لنظام‭ ‬التفاهة‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬سرده‭ ‬كاتب‭ ‬الكتاب‭ ‬ومترجمته‭ ‬في‭ ‬365‭ ‬صفحة،‭ ‬نتوقف،‭ ‬لنراجع‭ ‬حساباتنا‭ ‬فيما‭ ‬خسرته‭ ‬أمتنا‭ ‬من‭ ‬تاريخ‭ ‬أخلاقي‭ ‬وإنساني‭ ‬عربي‭ ‬رفيع،‭ ‬ذكره‭ ‬رب‭ ‬العالمين‭ ‬في‭ ‬كتابه‭ ‬العزيز،‭ ‬قرآننا‭ ‬الكريم،‭ ‬ووصفه‭ ‬بمكارم‭ ‬الأخلاق‭... ‬يا‭ ‬ترى‭ ‬أين‭ ‬أمتنا‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬التاريخ‭ ‬وقد‭ ‬تحولت‭ ‬بيئات‭ ‬العمل‭ ‬والنوادي‭ ‬والمدارس‭ ‬والجامعات‭ ‬والمجالس‭ ‬العربية‭ ‬مصنعاً‭ ‬للتفاهة‭ ‬والفراغ‭ ‬المعرفي‭ ‬والأخلاقي،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬كانت‭ ‬مصانع‭ ‬تبني‭ ‬الإنسان‭ ‬والقيم‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والمعرفية‭ ‬الإنسانية‭.‬

 

sr@sameerarajab‭.‬net

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا