ما أجمل سماء البحرين وهي تحتضن أعلام الدول الشقيقة والصديقة أعضاء جامعة الدول العربية، استعداداً لعقد اجتماع مجلس جامعة الدول العربية في دورتها الثالثة والثلاثين على مستوى القمة، وما أجمل شارع المطار وهو يُعبّر بأسلوبٍ يمُسّ القلوب عن الوحدة العربية، محتفياً بصورة شخصية لكل حاكم من حكّام تلك الدول بجانب صورة عاهل البلاد حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى بن سلمان آل خليفة ملك مملكة البحرين المعظم، الذي استضاف هذا الحدث التاريخي باسم البحرين العظيمة في كل تفاصيل ماضيها وحاضرها.
كل هذه العظمة تعززت بكلمة جلالة الملك المعظم السامية والافتتاحية لأعمال المؤتمر العاكسة للفكر الإنساني السامي الذي يحمله جلالته باعتباره ثقافة ونهجاً قائما على تعزيز حقوق الإنسان وحرياته الأساسية على أسس من العدالة والمساواة، والتي لا يمكن بحال أن تتنامى إلا في بيئة يسودها الأمن والسلام، لذلك ربما لم يكن صدفة تزامن عقد قمة البحرين مع احتفاء العالم (باليوم العالمي للعيش معاً بسلام ) على اعتبار أن السلام يُعد أساساً للتقدم والازدهار والنماء والاستقرار والأمن، ودونه ينعدم كل ما سبق، وقد ترجمت المبادرات التي تضمنتها كلمة جلالته هذا الفكر بصورة عملية ولاسيما المقترح الخاص بتوفير الخدمات التعليمية والصحية للمتأثرين من الصراعات والنزاعات في المنطقة، وتلك المتعلقة بمؤتمر دولي للسلام العالمي ولربما تكون القمة العربية 33 – قمة البحرين هي النواة الأولى نحو توجه دولي حقيقي لإحلال السلام العالمي وفق معايير موحدة ومكيال واحد في ظل صحوة شعوب الدول الغربية وتضامنها مع الانتهاكات السافرة الأخيرة للمواثيق الدولية لحقوق الإنسان وللقانون الدولي الإنساني في غزّة.
ولا شك أن قمة البحرين تعد الحدث الأبرز في هذه المرحلة والتي تواجه الأمة العربية فيها تحديات عصيبة تتطلب موقفاً موحداً وكلمة عربية واحدة بشأنها وعملاً مشتركاً سعياً إلى تحقيق الأمن والسلام للمنطقة بأكملها، ولاسيما في الدول العربية التي تمرّ بأزماتٍ ومرحلة اضطرابات وعدم استقرار سياسي وأمني وأقدمها قضية العرب الكبرى قضية فلسطين ومجريات الأحداث اللاإنسانية في غزة، والتي حظيت بالصدارة في اهتمام القمة العربية التي أكد البيان الختامي موقفا موحدا للدول العربية تجاهها من جوانب عدة، منها مطالبة الأمم المتحدة بعقد مؤتمر دولي تحت رعايتها لحلّ القضية الفلسطينية، و دعوة مجلس الأمن الدولي إلى تنفيذ قراراته بوقف إطلاق النار في غزة وضرورة انسحاب الجيش الإسرائيلي منها ونشر قوات حفظ سلام أممية في الأراضي الفلسطينية، وحرص البيان الختامي للقمة على أن اعتبار تحقيق السلام والحفاظ على سيادة الدول العربية وسلامة ووحدة أراضيها محور أساسي لتحقيق الأمن العربي،، كالسودان، سوريا، اليمن، ليبيا، لبنان بالإضافة إلى الأمن المائي الذي يتهدد مياه نهر دجلة والفرات والنيل، باعتباره جزءا لا يتجزأ من الأمن القومي العربي، نظراً لأن موضوع المياه يعتبر الخطر المستقبلي المحدق بالعالم.
قمة ناجحة بكل معايير الجودة والتميز من النواحي الشكلية والبروتوكولية ومن ناحية المضمون والمخرجات، وبما عكسته من مظاهر الإخاء والتعاون والشراكة بين الدول العربية الشقيقة التي شاركت في الاجتماع، وبالإشادة الدولية التي حازتها، لذا ستبقى آمال الأمة العربية وقضاياها معلّقة على متابعة الجهود التي ستُبذل في سبيل تنفيذ توصيات القمة مع تعزيز مستمر لوحدة الصف العربي لما فيه مصلحة أمن وازدهار ونماء ورخاء الأمة العربية جمعاء ورفاه شعوبها.
ومن هنا وبمناسبة النجاح الباهر الذي حققته القمة العربية الثالثة والثلاثون على جميع الأصعدة، يُشرّفني أن أرفع صادق التبريكات والتهاني القلبية لمقام سيدي حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى ملك مملكة البحرين المعظم وإلى مقام سيدي صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة رئيس الوزراء الموقر، ولي العهد الأمين وإلى جميع أفراد شعب البحرين الأصيل، وشكر خاص لوزارة الإعلام بقيادة وزيرها الشاب الدكتور رمزان بن عبدالله النعيمي وجميع الإعلاميين في الوزارة والذي قدموا صورة مُشرّفة من خلال المركز الإعلامي للقمة العربية بجانب زملائهم الإعلاميين الضيوف ولجميع الجهات التي ساهمت بكل جهدها لتحقيق النجاح بالمستوى اللائق بالمملكة، مبارك للبحرين هذا المنجز الذي يُعد بصمة في جميع سجلاتها الدبلوماسية، السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
Hanadi_aljowder@hotmail.com
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك