القراء الأعزاء،
كل اجتماع جديد للدول العربية يُعبر عن رغبة حقيقية بمزيد من التقارب وتوحيد الجهود من أجل تحقيق الأمن والاستقرار والرخاء للمنطقة العربية بأكملها على جميع الأصعدة، تلك المنطقة التي ما فتأت تُسيل لعاب الأطماع الاستعمارية التي لا تنتهي، نظراً إلى ما تمتلكه المنطقة من ثروات ومقومات اقتصادية وتاريخية وجغرافية.
وحيث إنه من أهم أولويات واهتمامات الدبلوماسية البحرينية هو التركيز على الدائرة العربية باعتبار أن عروبة البحرين تُعد من الثوابت الأساسية وأن شعبها جزء من الأمة العربية وإقليمها جزء من الوطن العربي الكبير، وبأن سلامتها جزء من سلامته، وإيماناً بوحدة المصير، تستضيف مملكة البحرين القمة العربية الثالثة والثلاثين ( الاجتماع الثالث والثلاثين لمجلس جامعة الدول العربية)، والتي سيتم عقدها في العاصمة المنامة يوم الخميس القادم السادس عشر من شهر مايو 2024، برغبة صادقة وإرادة ملكية سامية لصاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين المعظم.
ويأتي عقد القمة العربية في مرحلة تضجّ بالتحديات الإقليمية والدولية، وأهمها الأطماع الإيرانية في الخليج العربي والتي تحدوها إلى مواصلة تدخلاتها في الشؤون الداخلية للدول العربية، والوضع العسكري القلق في مضيق باب المندب وفي ظل الأوضاع السياسية في فلسطين وممارسة سياسة الإبادة والتجويع والفصل العنصري ضد الشعب الفلسطيني في غزة ومن ثم في رفح دون رادع أو تراجع، وفي السودان، وفي ظل المستجدات الدولية بالتصويت على أحقية دولة فلسطين في العضوية الكاملة لدى الأمم المتحدة بأغلبية ساحقة، وجميع هذه المواضيع وأخرى أيضاً تمثل تحديا أمام القمة العربية في حال توافق الآراء ووحدة الكلمة وتعزيز التعاون وتوطيد أواصر الترابط بين الدول العربية للوصول إلى وطن عربي يسوده الأمن والاستقرار والرخاء والنماء.
ومن الصدف الجميلة في هذا الصدد، قيام الأخت العزيزة مستشارة وزارة الإعلام الدكتورة لولوة بودلامة بتدشين إصدارها الجديد ( الوطن العربي في فكر حمد بن عيسى) بالتزامن مع انعقاد القمة العربية 33، فإن انعقاد القمة في البحرين بدعوة كريمة من جلالته يُعد إضاءة من إضاءات فكره تجاه الوطن العربي والذي حرصت خطاباته الملكية السامية الإقليمي منها والعربي والعالمي والوطني على تأكيد مواقفه من القضايا العربية وعلى أهمية توحيد الجهود وتعزيز القدرات العربية والاستعدادات لمواجهة جميع التحديات الإقليمية الحاضرة والمستقبلية، كما أكّدت خطابات جلالته دائماً تأكيد حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس على أرض فلسطين، وعلى دعمه للقضية الفلسطينية، ولم تُغفل أبداً أهمية أمن منطقة الخليج والحفاظ على مصالحه المشتركة على الصعيد السياسي والاجتماعي والثقافي والحضاري والتاريخي، حيث كان الشأن العربي حاضراً في فكر جلالته من واقع ثقافة متأصلة في اعتزازه بعروبته وشعوره العميق بانتمائه العربي.
وجاء الكتاب الذي قدّم له سعادة الدكتور عبداللطيف بن راشد الزياني وزير الخارجية الموقر، والذي اتخذ المنهج التحليلي لمحتوى الخطابات الملكية السامية لجلالته في الفترة من عام 1999 وحتى عام 2023، في خمسة فصول ومقدمة وخاتمة متناولاً مضامين أقوال جلالة الملك المعظّم فيما يتعلق بالوطن العربي مع تسليط الضوء على اقتباسات من هذه الأقوال لتعزيز الفكرة والتمهيد لولوجها في الموضوع بصورة تسترعي اهتمام وانتباه القارئ، وتطرقت الكاتبة في فصوله الخمسة إلى موقف جلالة الملك المعظم فكراً وقولاً وفعلاً من القضايا العربية المختلفة كالقضية الفلسطينية، اليمنية، الجزر الإماراتية الثلاث، مصر، الصحراء المغربية، العراق، السودان، لبنان، سوريا، ليبيا، مكافحة الإرهاب، ولم يفتها التطرق إلى أحد أهم حقوق الجيل الثالث من منظومة حقوق الإنسان وهي ما تُسمى بحقوق التضامن، حيث خصصت الكاتبة فقرة حول قضايا البيئة والطاقة والتغيير المناخي في فكر حمد بن عيسى، والذي كانت حقوق الإنسان أحد أهم ركائز مشروعه الإصلاحي والتي حرص على تضمينها في ميثاق العمل الوطني باعتباره وثيقة تعاهديه بين الإرادة الملكية السامية والإرادة الشعبية لشعب البحرين، وضمّنها تعديلات دستور المملكة عام 2002، كما تم تعزيزها بالانضمام إلى المواثيق الدولية الخاصة بحقوق الإنسان وبتكرار ترحيب المملكة طوعاً بالمراجعة الدورية الشاملة لأوضاع حقوق الإنسان في البحرين أمام مجلس حقوق الإنسان وبإنشاء آليات وطنية لحماية مراقبة حقوق الإنسان كالمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، والأمانة العامة للتظلمات، ومفوضية حقوق السجناء ووحدة التحقيق الخاصة، ولجنة مكافحة الاتجار بالبشر والمجلس الأعلى للمرأة وما زالت القائمة في ازدياد.
وختاماً، مبارك للأخت العزيزة الدكتورة لولوة هذا الإصدار، الذي يُعدّ وثيقة تاريخية شاهدة على حقبة العهد الزاهر لجلالة الملك حمد بن عيسى ملك مملكة البحرين المعظم، وهي جديرة بأن يطّلع عليها ضيوف البحرين الكرام، آملين أن ينتهي قادة العرب في مخرجات هذه القمة التاريخية إلى بيان ختامي يعكس توافق آراء الدول الأعضاء مجتمعة حول ما يصب في صالح المصير المشترك للأمة العربية بأكملها وما يحقق أمن المنطقة العربية واستقرارها والرخاء والرفاه لشعوبها.
Hanadi_aljowdr@hotmail.com
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك