العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

عالم يتغير

فوزية رشيد

حرية الصحافة والتعبير في ميزان الأحداث!

{‭ ‬بمناسبة‭ ‬اليوم‭ ‬العالمي‭ ‬لحرية‭ ‬الصحافة‭ ‬فإن‭ ‬الميزان‭ ‬الأكثر‭ ‬دقة‭ ‬لرصد‭ ‬حقيقة‭ ‬هذه‭ ‬الحرية‭ ‬للصحافة‭ ‬المعتمدة‭ ‬بدورها‭ ‬على‭ ‬حرية‭ ‬التعبير‭ ‬ونقل‭ ‬الحقائق‭ ‬تلخص‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬الأخيرة‭ ‬في‭ ‬أمرين،‭ ‬الأمر‭ ‬الأول‭: ‬كيف‭ ‬كان‭ ‬التعامل‭ ‬الصهيوني‭ ‬مع‭ ‬الصحفيين‭ ‬والإعلاميين‭ ‬الذين‭ ‬كانوا‭ ‬يوثقون‭ ‬المعاناة‭ ‬الإنسانية‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬فإذا‭ ‬برصاص‭ ‬الآلات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬تستهدفهم‭ ‬عن‭ ‬عمد‭ ‬حتى‭ ‬بدا‭ ‬أن‭ ‬حربا‭ ‬أخرى‭ ‬قائمة‭ ‬بين‭ ‬الكاميرا‭ ‬والميكرفون‭ ‬وأجساد‭ ‬الصحفيين‭ ‬والإعلاميين‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬والدبابات‭ ‬والصواريخ‭ ‬والقناصين‭ ‬الذين‭ ‬يركزون‭ ‬على‭ ‬الشارات‭ ‬الإعلامية‭ ‬لإنهاء‭ ‬حياتهم‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬ثانية‭! ‬حتى‭ ‬بلغ‭ ‬عدد‭ ‬شهداء‭ ‬الصحافة‭ ‬وحدهم‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬خلال‭ ‬7‭ ‬أشهر‭ ‬ما‭ ‬يقارب‭ ‬الـ‭(‬300‭ ‬صحفي‭ ‬وإعلامي‭) ‬بين‭ ‬قتيل‭ ‬وأسير‭!‬

{‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الاستهداف‭ ‬المباشر‭ ‬للصحفيين‭ ‬وعائلاتهم‭ ‬وأقاربهم‭ ‬أيضا‭! ‬كان‭ ‬يتضح‭ ‬حجم‭ ‬الكذب‭ ‬والخداع‭ ‬الذي‭ ‬يروج‭ ‬له‭ ‬الغرب‭ ‬والكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬حول‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الكيان‭ ‬هو‭ ‬واحة‭ ‬الديمقراطية‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭! ‬فإذا‭ ‬به‭ ‬واحة‭ ‬لقتل‭ ‬الحرية‭ ‬والصحافة‭ ‬والرأي‭ ‬والتعبير‭ ‬بالاستهداف‭ ‬المباشر‭ ‬للقتل‭ ‬بالرصاص‭ ‬والصواريخ‭ ‬والدبابات‭ ‬سواء‭ ‬للصحفيين‭ ‬أو‭ ‬لعائلتهم‭! ‬حتى‭ ‬أن‭ ‬غزة‭ ‬التي‭ ‬جعلت‭ ‬العالم‭ ‬كله‭ ‬يواجه‭ (‬عري‭ ‬النظام‭ ‬الدولي‭ ‬القائم‭) ‬ووحشية‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬يعيش‭ ‬حالة‭ ‬الصدمة‭ ‬الثقافية‭ ‬والحضارية‭ ‬وصدمة‭ ‬القيم‭ ‬التي‭ ‬ظهرت‭ ‬جميعها‭ ‬عارية‭ ‬أمام‭ ‬مرآة‭ ‬الحقيقة‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬والعالم‭ ‬فعكست‭ ‬الوجه‭ ‬الأسود‭ ‬الملطخ‭ ‬بالدماء‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬من‭ ‬كان‭ ‬يوثق‭ ‬لجرائم‭ ‬الحرب‭ ‬والإبادة‭! ‬ولكأن‭ ‬حرية‭ ‬الصحافة‭ ‬والتعبير‭ ‬تتوقف‭ ‬بدورها‭ ‬عند‭ ‬عتبة‭ ‬هذا‭ ‬الكيان‭ ‬فيتم‭ ‬استئصالها‭! ‬والغريب‭ ‬أن‭ ‬الغرب‭ ‬يقف‭ ‬خلف‭ ‬الكيان‭ ‬وليس‭ ‬خلف‭ ‬ما‭ ‬يدعيه‭ ‬من‭ ‬قيم‭!‬

{‭ ‬المشهد‭ ‬أو‭ ‬الأمر‭ ‬الثاني‭ ‬هو‭ ‬كيف‭ ‬واجهت‭ ‬عواصم‭ ‬الديمقراطية‭ ‬المدعاة‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وفرنسا‭ ‬وألمانيا‭ ‬وبريطانيا‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬الاحتجاجات‭ ‬الشعبية‭ ‬والطلابية‭ ‬ضد‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬وكيف‭ ‬قوبلت‭ ‬حركة‭ ‬الطلاب‭ ‬في‭ ‬الأيام‭ ‬الأخيرة‭ ‬في‭ ‬الجامعات‭ ‬الأمريكية‭ ‬بالوحشية‭ ‬والضرب‭ ‬وسحل‭ ‬الطلاب‭! ‬وبالضغوط‭ ‬السياسية‭ ‬والفكرية‭ ‬حين‭ ‬تم‭ ‬تحويل‭ ‬رفض‭ ‬الإبادة‭ ‬وقتل‭ ‬الأطفال‭ ‬الذي‭ ‬يمارسه‭ ‬الكيان‭ ‬باعتباره‭ ‬معاداة‭ ‬للسامية‭! ‬أي‭ ‬تحويل‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬سياسي‭ ‬وحشي‭ ‬من‭ ‬المفترض‭ ‬أن‭ ‬ترفضه‭ ‬بقوة‭ ‬كل‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬دون‭ ‬استثناء‭ ‬وأن‭ ‬ترفضه‭ ‬دول‭ ‬الغرب‭ ‬التي‭ ‬تدعي‭ ‬الحريات‭ ‬والحقوق‭ ‬فإنها‭ ‬وبدلا‭ ‬من‭ ‬الرفض‭ ‬مارست‭ ‬القمع‭ ‬والوحشية‭ ‬والضرب‭ ‬والاعتقال‭ ‬للطلبة‭ ‬الجامعيين‭ ‬والأساتذة‭ ‬الذين‭ ‬يعبرون‭ ‬عن‭ ‬إنسانيتهم‭ ‬في‭ ‬رفض‭ ‬الجرائم‭! ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬حولت‭ ‬حرية‭ ‬التعبير‭ ‬في‭ ‬رفض‭ ‬جرائم‭ ‬الحرب‭ ‬إلى‭ ‬معاداة‭ ‬عرقية‭ ‬للسامية‭! ‬وهي‭ ‬الدول‭ ‬ذاتها‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تعتبر‭ ‬معاداة‭ ‬الإسلام‭ ‬والإساءة‭ ‬بالرسوم‭ ‬والفكر‭ ‬أنها‭ ‬حرية‭ ‬تعبير‭ ‬وليس‭ ‬معاداة‭ ‬ورغم‭ ‬أنها‭ ‬معاداة‭ ‬عنصرية‭ ‬ودينية‭ ‬كبيرة‭!‬

{‭ ‬في‭ ‬ميزان‭ ‬الوقائع‭ ‬والأحداث‭ ‬ضربنا‭ ‬نموذجا‭ ‬أخيرا‭ ‬حول‭ ‬حقيقة‭ ‬حرية‭ ‬الصحافة‭ ‬والتعبير‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬حين‭ ‬يتعلق‭ ‬الأمر‭ ‬بكشف‭ ‬فضائح‭ ‬وفظائع‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬والأنظمة‭ ‬الغربية‭ ‬ذات‭ ‬المعايير‭ ‬المزدوجة‭ ‬والمهترئة‭ ‬التي‭ ‬يكثر‭ ‬فيها‭ ‬الادعاء‭ ‬والبروباجندا‭! ‬فيما‭ ‬هي‭ ‬في‭ ‬الحقيقة‭ ‬تعادي‭ ‬أية‭ ‬حرية‭ ‬صحافة‭ ‬وتعبير‭ ‬حين‭ ‬يتعلق‭ ‬الأمر‭ ‬بها‭!‬

{‭ ‬ولعل‭ ‬حديث‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬بمناسبة‭ ‬اليوم‭ ‬العالمي‭ ‬لحرية‭ ‬الصحافة‭ ‬يكشف‭ ‬فقط‭ ‬بعض‭ ‬ما‭ ‬تتعرض‭ ‬له‭ ‬هذه‭ ‬الحرية‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬وفي‭ ‬الحروب‭ ‬وفيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بكشف‭ ‬الحقائق‭ ‬البيئية‭ ‬والحروب‭ ‬البيولوجية‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬ملف‭ ‬معاداة‭ ‬حرية‭ ‬الصحافة‭ ‬ملف‭ ‬كبير‭ ‬يوضح‭ ‬أن‭ ‬حرية‭ ‬الصحافة‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬العالمي‭ ‬هي‭ ‬حرية‭ ‬منوطة‭ ‬بالاستهداف‭ ‬وقتل‭ ‬الصحفيين‭ ‬عن‭ ‬عمد‭ ‬وليسوا‭ ‬مجرد‭ ‬ضحايا‭ ‬آثار‭ ‬الحروب‭ ‬أو‭ ‬الأحداث‭! ‬وكل‭ ‬ذلك‭ ‬ورغم‭ ‬أهمية‭ ‬الرأي‭ ‬الكاشف‭ ‬للحقائق‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬حول‭ ‬مختلف‭ ‬القضايا‭ ‬فإن‭ ‬ما‭ ‬يتضح‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬مثل‭ ‬ذلك‭ ‬الرأي‭ ‬هو‭ ‬أكبر‭ ‬ضحايا‭ ‬الخداع‭ ‬والأكاذيب‭ ‬حول‭ ‬الحريات‭ ‬والحقوق‭ ‬الإنسانية‭ ‬والديمقراطية‭! ‬لأن‭ ‬من‭ ‬يدير‭ ‬تلك‭ ‬المنظومة‭ ‬الدولية‭ ‬ومؤسساتها‭ ‬الأساسية‭ ‬والفرعية‭ ‬هم‭ ‬أشرار‭ ‬العالم‭ ‬أنفسهم‭ ‬الذين‭ ‬يوزعون‭ ‬القيم‭ ‬الكاذبة‭ ‬والأخلاقيات‭ ‬الفاسدة‭ ‬والفوضى‭ ‬الحضارية،‭ ‬كما‭ ‬يوزعون‭ ‬الأرغفة‭ ‬التي‭ ‬تبدو‭ ‬في‭ ‬مظهرها‭ ‬طازجة‭ ‬وشهية‭ ‬ولكن‭ ‬عجينتها‭ ‬مخلوطة‭ ‬بالسموم‭!‬

العالم‭ ‬كله‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬وقفة‭ ‬جادة‭ ‬لمعرفة‭ ‬المآلات‭ ‬التي‭ ‬تنحدر‭ ‬نحوها‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬حرية‭ ‬الصحافة‭ ‬والتعبير،‭ ‬بل‭ ‬كل‭ ‬الحريات‭ ‬والحقوق‭ ‬الإنسانية‭ ‬والديمقراطية‭ ‬الغربية،‭ ‬التي‭ ‬كشفت‭ ‬غزة‭ ‬وحدها‭ ‬حجم‭ ‬الزيف‭ ‬الداخل‭ ‬فيها‭!‬

إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا