العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

عالم يتغير

فوزية رشيد

العرب والمسلمون بين قمتين!

{‭ ‬في‭ ‬11‭/‬11‭/‬202‮٣‬‭ ‬بعد‭ ‬ما‭ ‬يقارب‭ ‬الشهر‭ ‬على‭ ‬حرب‭ ‬الكيان‭ ‬على‭ ‬غزة،‭ ‬وبعد‭ ‬عملية‭ ‬7‭ ‬أكتوبر،‭ ‬انعقدت‭ ‬أعمال‭ ‬القمة‭ ‬العربية‭ ‬والإسلامية‭ ‬الأولى‭ ‬بالعاصمة‭ ‬الرياض،‭ ‬والإثنين‭ ‬الماضي‭ ‬بذات‭ ‬التوقيت‭ ‬بعد‭ ‬مرور‭ ‬عام‭ ‬أي‭ ‬في‭ ‬11‭/‬11‭/‬2024،‭ ‬انعقدت‭ ‬القمة‭ ‬الثانية‭ ‬لأعمال‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬والإسلامية‭ ‬وأيضا‭ ‬في‭ ‬الرياض،‭ ‬ولكن‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬جرت‭ ‬مياه‭ ‬كثيرة‭ ‬تحت‭ ‬جسر‭ ‬غزة‭! ‬وتحولت‭ ‬الحرب‭ ‬الانتقامية‭ ‬عليها،‭ ‬كما‭ ‬كانت‭ ‬توصف‭ ‬آنذاك،‭ ‬إلى‭ ‬حرب‭ ‬إبادة‭ ‬غير‭ ‬مسبوقة،‭ ‬على‭ ‬مرأى‭ ‬ومسمع‭ ‬العالم‭ ‬كله‭! ‬وضجت‭ ‬عواصم‭ ‬كثيرة‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬بسبب‭ ‬وحشية‭ ‬الكيان‭ ‬وكثرة‭ ‬الضحايا‭ ‬الذين‭ ‬زاد‭ ‬عددهم‭ ‬كشهداء‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬يقارب‭ ‬الـ44‭ ‬ألف‭ ‬شهيد‭ ‬وأكثر‭ ‬من‭ ‬‮«‬100‭ ‬ألف‮»‬‭ ‬مصاب‭! ‬وسط‭ ‬حصار‭ ‬محكم‭ ‬لتجويع‭ ‬من‭ ‬تبقى،‭ ‬وهتك‭ ‬كل‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬لغزة،‭ ‬بما‭ ‬يجعل‭ ‬الحياة‭ ‬غير‭ ‬قابلة‭ ‬للعيش‭! ‬ورغم‭ ‬ذلك‭ ‬تشبث‭ ‬أهل‭ ‬غزة‭ ‬بأرضهم‭ ‬ضد‭ ‬سياسة‭ ‬التهجير‭ ‬والقتل‭ ‬والتجويع‭ ‬بشكل‭ ‬غير‭ ‬مسبوق‭ ‬أدهش‭ ‬كل‭ ‬شعوب‭ ‬العالم‭!‬

{‭ ‬بعد‭ ‬مرور‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬واجتماع‭ ‬القادة‭ ‬والزعماء‭ ‬العرب‭ ‬والمسلمون‭ ‬في‭ ‬قمة‭ ‬ثانية،‭ ‬أصبحت‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬على‭ ‬غزة،‭ ‬مضافًا‭ ‬إليها‭ ‬الحرب‭ ‬على‭ ‬لبنان‭ ‬لتصبح‭ ‬القضية‭ ‬قضيتين‭!‬

ولتناقش‭ ‬أعمال‭ ‬القمة‭ ‬العربية‭ ‬والإسلامية‭ ‬الثانية‭ ‬منذ‭ ‬الحرب‭ ‬على‭ ‬غزة،‭ ‬كيفية‭ ‬إيقاف‭ ‬العدوان‭ ‬الصهيوني‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬ولبنان‭ ‬معًا‭ ‬هذه‭ ‬المرة،‭ ‬ولا‭ ‬أحد‭ ‬يعلم‭ ‬إن‭ ‬انعقدت‭ ‬قمة‭ ‬ثالثة‭ ‬غير‭ ‬اعتيادية‭ ‬أيضًا‭ ‬كم‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬عربية‭ ‬أخرى‭ ‬ستُضاف‭ ‬إلى‭ ‬أعمالها‭ ‬للمناقشة‭ ‬والبحث‭ ‬في‭ ‬كيفية‭ ‬إيقاف‭ ‬العدوان‭ ‬‮«‬الإسرائيلي‮»‬‭ ‬عليها‭!‬

{‭ ‬المفارقة‭ ‬أيضًا‭ ‬أن‭ ‬خلال‭ ‬انعقاد‭ ‬القمة‭ ‬الثانية،‭ ‬طرح‭ ‬أعضاء‭ ‬في‭ ‬حكومة‭ ‬دولة‭ ‬الاحتلال‭ ‬الصهيوني‭ ‬أن‭ ‬‮«‬عام‭ ‬2025‮»‬‭ (‬سيشهد‭ ‬كامل‭ ‬السيادة‭ ‬الصهيونية‭ ‬على‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭)! ‬أي‭ ‬أن‭ ‬قطار‭ ‬الاحتلال‭ ‬والتوسع‭ ‬الصهيوني‭ ‬يسير‭ ‬بأقصى‭ ‬سرعته‭! ‬رغم‭ ‬كل‭ ‬الموقف‭ ‬العالمي‭ ‬أنظمة‭ ‬وشعوبًا،‭ ‬باستثناء‭ ‬الغرب،‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الكيان‭ ‬الغاصب،‭ ‬الذي‭ ‬أصبح‭ ‬منذ‭ ‬شهور‭ ‬يعزف‭ ‬على‭ ‬‮«‬اللحن‭ ‬التوسعي‮»‬‭ ‬بانتظار‭ ‬التاجر‭ ‬السياسي‭ ‬‮«‬ترامب‮»‬‭ ‬رئيس‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭! ‬الذي‭ ‬صرّح‭ ‬أثناء‭ ‬حملته‭ ‬الانتخابية‭ ‬تصريحًا‭ ‬استفزازيًا‭ ‬غريبا‭ ‬بأن‭ ‬مساحة‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬مساحة‭ ‬صغيرة‭ ‬أمام‭ ‬المساحة‭ ‬العربية‭ ‬الشاسعة‭ ‬التي‭ ‬تحيط‭ ‬بها‭! ‬وكأنه‭ ‬يلمح‭ ‬إلى‭ ‬توسيع‭ ‬رقعة‭ ‬الكيان‭ ‬جغرافيا‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬الأرض‭ ‬العربية‭ ‬خارج‭ ‬حدود‭ ‬فلسطين‭!‬

{‭ ‬حجة‭ ‬الكيان‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬يملّ‭ ‬من‭ ‬ترديدها‭ ‬هي‭ ‬محاربة‭ ‬النفوذ‭ ‬الإيراني،‭ ‬وهو‭ ‬النفوذ‭ ‬الذي‭ ‬يقلق‭ ‬العرب‭ ‬بالطبع،‭ ‬ولكن‭ ‬ما‭ ‬يقلقهم‭ ‬أكثر‭ ‬هو‭ ‬هذه‭ ‬التصريحات‭ ‬الصهيونية‭ ‬حول‭ ‬فرض‭ ‬النفوذ‭ ‬أو‭ ‬‮«‬التوسع‭ ‬الصهيوني‭ ‬الاستعماري‮»‬‭ ‬بدعم‭ ‬‮«‬ترامب‮»‬‭ ‬القادم‭ ‬إلى‭ ‬الرئاسة‭ ‬بعد‭ ‬شهرين‭! ‬وهو‭ ‬التوسع‭ ‬المبني‭ ‬على‭ ‬الخرافات‭ ‬والأساطير‭ ‬الدينية‭ ‬الملفقة‭! ‬ليدرك‭ ‬المتابع‭ ‬مجرى‭ ‬الأحداث‭ ‬بين‭ ‬قمتين‭ ‬عربيتين‭ ‬وإسلاميتين،‭ ‬أن‭ ‬القصة‭ ‬تجاوزت‭ ‬مأساة‭ ‬غزة‭ ‬ولبنان،‭ ‬وتفكيك‭ ‬المليشيات‭ ‬أو‭ ‬محاربة‭ ‬النفوذ‭ ‬الإيراني‭ ‬المنافس‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬العربية،‭ ‬لتصل‭ ‬القصة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬العين‭ ‬الصهيونية،‭ ‬وكما‭ ‬كانت‭ ‬بالأصل‭! ‬واقعة‭ ‬على‭ ‬تفكيك‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭! ‬وبدعم‭ ‬أمريكي‭ ‬كامل‭ ‬كالعادة،‭ ‬رغم‭ ‬اختلاف‭ ‬الرؤساء،‭ ‬وفي‭ ‬ظل‭ ‬العجز‭ ‬العربي‭ ‬والإسلامي‭ ‬عن‭ ‬ممارسة‭ ‬الضغوط‭ ‬اللازمة‭ ‬والفعلية‭ ‬لإيقاف‭ ‬إبادة‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬وإيقاف‭ ‬الحرب‭ ‬على‭ ‬لبنان،‭ ‬وتفكيك‭ ‬الحلم‭ ‬الصهيوني‭ ‬التوسعي‭ ‬في‭ ‬الأرض‭ ‬العربية‭!‬

{‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬عبثًا‭ ‬ما‭ ‬صرح‭ ‬به‭ ‬أقطاب‭ ‬‮«‬الصهيونية‭ ‬الدينية‮»‬‭ ‬في‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬حول‭ ‬الاطماع‭ ‬في‭ ‬الأرض‭ ‬العربية‭! ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬صدفة‭ ‬ما‭ ‬يصرح‭ ‬به‭ ‬بعض‭ ‬المحللين‭ ‬الصهاينة‭ ‬حول‭ ‬ذات‭ ‬الأمر،‭ ‬ومنهم‭ ‬ما‭ ‬صرح‭ ‬به‭ ‬‮«‬ليفي‭ ‬لييكين‮»‬‭ ‬وهو‭ ‬كاتب‭ ‬وسياسي‭ ‬إسرائيلي‭ ‬ليقول‭ ‬بوضوح‭ ‬قبل‭ ‬فترة‭ ‬‮«‬أعتقد‭ ‬أن‭ ‬حدودنا‭ ‬ستمتد‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬المطاف‭ ‬من‭ ‬لبنان‭ ‬بعد‭ ‬فلسطين‭ ‬طبعًا‭ ‬إلى‭ ‬الصحراء‭ ‬الكبرى،‭ ‬أي‭ ‬السعودية،‭ ‬ثم‭ ‬من‭ ‬البحر‭ ‬الأبيض‭ ‬المتوسط‭ ‬وإلى‭ ‬الفرات،‭ ‬وبعد‭ ‬ذلك‭ ‬أؤمن‭ ‬بأننا‭ ‬سنأخذ‭ ‬مكة‭ ‬والمدينة‭ ‬وجبل‭ ‬سيناء،‭ ‬وسنعمل‭ ‬على‭ ‬تطهير‭ ‬هذه‭ ‬المناطق‮»‬‭! ‬قد‭ ‬يعتقد‭ ‬البعض‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬خيال‭ ‬أو‭ ‬طموح‭ ‬مبالغ‭ ‬فيه،‭ ‬أو‭ ‬ضرب‭ ‬من‭ ‬العبث‭ ‬والفانتازيا،‭ ‬ولكنه‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬هو‭ ‬في‭ ‬صلب‭ ‬الرؤية‭ ‬الصهيونية‭ ‬للمنطقة‭ ‬العربية‭! ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬بدأت‭ ‬الحكاية‭ ‬الكبرى‭ ‬فيها‭ ‬بخطوات‭ ‬شيطانية‭ ‬بالهيمنة‭ ‬الدينية‭ ‬والثقافية‭ ‬أو‭ ‬غيرها،‭ ‬وبإعادة‭ ‬مضامين‭ ‬صفقة‭ ‬القرن‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬‮«‬ترامب‮»‬‭!‬

{‭ ‬والآن‭ ‬وبالعودة‭ ‬إلى‭ ‬قرارات‭ ‬القمة‭ ‬العربية‭ ‬والإسلامية‭ ‬الثانية‭ ‬في‭ ‬الرياض،‭ ‬ندرك‭ ‬أن‭ ‬الأحداث‭ ‬والتوجهات‭ ‬الصهيونية‭ ‬لكامل‭ ‬المنطقة،‭ ‬تتجاوز‭ ‬لغة‭ ‬التنديد‭ ‬والإدانة‭ ‬والمناشدة‭ ‬أو‭ ‬التأكيد‭ ‬على‭ ‬تعزيز‭ ‬العمل‭ ‬العربي‭ ‬والإسلامي‭ ‬المشترك‭ ‬لمواجهة‭ ‬التحديات‭ ‬الراهنة،‭ ‬التي‭ ‬تتجاوز‭ ‬في‭ ‬سرعة‭ ‬قطارها‭ ‬الصهيوني‭ ‬كل‭ ‬تلك‭ ‬التحديات‭! ‬ولتوضح‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الكيان‭ ‬الغاصب‭ ‬الذي‭ ‬داس‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬القوانين‭ ‬والمبادئ‭ ‬والقيم‭ ‬الإنسانية،‭ ‬هو‭ ‬غير‭ ‬قابل‭ ‬للسلام‭ ‬أو‭ ‬التوقف‭ ‬عن‭ ‬حروبه‭ ‬ورؤيته‭ ‬التوسعية‭! ‬وأن‭ ‬إيقاف‭ ‬عدوانه‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬ولبنان‭ ‬والضفة‭ ‬الغربية‭ ‬وأطماعه‭ ‬الأخرى‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬تفعيل‭ ‬حقيقي‮»‬‭ ‬لكل‭ ‬ما‭ ‬تمتلكه‭ ‬الأمتان‭ ‬العربية‭ ‬والإسلامية‭ ‬من‭ ‬أوراق‭ ‬ضاغطة،‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬لحماية‭ ‬المدنيين‭ ‬من‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬في‭ ‬فلسطين‭ ‬ولبنان،‭ ‬وإنما‭ ‬لحماية‭ ‬الشعوب‭ ‬العربية‭ ‬الأخرى‭ ‬من‭ ‬الأطماع‭ ‬الصهيونية‭ ‬في‭ ‬أوطانها‭! ‬خاصة‭ ‬على‭ ‬خلفية‭ ‬ما‭ ‬تتهيأ‭ ‬له‭ ‬حكومة‭ ‬الاحتلال‭ ‬مع‭ ‬فترة‭ ‬‮«‬ترامب‮»‬‭ ‬الرئاسية،‭ ‬بإدخال‭ ‬خط‭ ‬التجارة‭ ‬على‭ ‬السياسة‭! ‬والتطبيع‭ ‬المجاني‭ ‬وبالقوة‭ ‬للعالمين‭ ‬العربي‭ ‬والإسلامي‭! ‬وبما‭ ‬لم‭ ‬ولن‭ ‬ينفع‭ ‬معه‭ ‬لا‭ ‬المناشدات‭ ‬ولا‭ ‬الاستهجان‭ ‬ولا‭ ‬التنديد،‭ ‬ولا‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي،‭ ‬الذي‭ ‬هو‭ ‬حبر‭ ‬على‭ ‬ورق،‭ ‬طالما‭ ‬يخضع‭ ‬للرؤى‭ ‬الاستعمارية‭ ‬في‭ ‬الغرب‭ ‬بقيادة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭!‬

اللهم‭ ‬إني‭ ‬بلغت،‭ ‬اللهم‭ ‬فاشهد‭.‬

إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا