العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

عالم يتغير

فوزية رشيد

قمع الجامعات وهذه هي ديمقراطيتهم!

{‭ ‬بين‭ ‬ما‭ ‬كشفته‭ ‬أحداث‭ ‬غزة‭ ‬في‭ ‬الشهور‭ ‬الأخيرة،‭ ‬سقوط‭ ‬النموذج‭ ‬الديمقراطي‭ ‬في‭ ‬معاقله‭ ‬الغربية‭ ‬حين‭ ‬تصاعدت‭ ‬الاحتجاجات‭ ‬على‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬يقوم‭ ‬بها‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني،‭ ‬وسواء‭ ‬من‭ ‬قام‭ ‬برفض‭ ‬طلب‭ ‬التجمعات‭ ‬أو‭ ‬قمعها‭ ‬أو‭ ‬تزييف‭ ‬الحراك‭ ‬الشعبي‭ ‬الاحتجاجي‭ ‬في‭ ‬أمريكا،‭ ‬باعتبارها‭ ‬معاداة‭ ‬للسامية‭ ‬وليس‭ ‬احتجاجا‭ ‬على‭ ‬المجازر‭ ‬وجرائم‭ ‬الحرب‭ ‬والإبادة‭ ‬فإن‭ ‬التصاعد‭ ‬مستمر‭!‬

{‭ ‬مؤخرا‭ ‬بدأت‭ ‬احتجاجات‭ ‬في‭ ‬الجامعات‭ ‬الأمريكية‭ ‬وأصبحت‭ ‬تهز‭ ‬أركان‭ ‬السياسة‭ ‬في‭ ‬أمريكا،‭ ‬وهي‭ ‬الاحتجاجات‭ ‬العارمة‭ ‬التي‭ ‬انتقلت‭ ‬شرارتها‭ ‬من‭ ‬جامعة‭ ‬كولومبيا‭ ‬إلى‭ ‬جامعة‭ ‬تكساس،‭ ‬ثم‭ ‬جامعة‭ ‬جنوب‭ ‬كاليفورنيا،‭ ‬وجامعة‭ ‬براون‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬بروفيدنس،‭ ‬وجامعة‭ ‬ميشيجان‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬آن‭ ‬أربور،‭ ‬ومعهد‭ ‬ماسوتشوستس‭ ‬للتكنولوجيا‭ ‬في‭ ‬كمبريدج،‭ ‬وجامعة‭ ‬كاليفورنيا‭ ‬بوليتكنك‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬هومبولت،‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬احتجاجات‭ ‬الجامعات‭ ‬الأمريكية‭ ‬امتدت‭ ‬إلى‭ ‬دول‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬مثل‭ ‬فرنسا‭ ‬بدءا‭ ‬من‭ ‬العاصمة‭ ‬باريس‭ ‬وصولا‭ ‬إلى‭ ‬أستراليا،‭ ‬وموجة‭ ‬الجامعات‭ ‬هذه‭ ‬يبدو‭ ‬أنها‭ ‬ستتصاعد‭ ‬إلى‭ ‬دول‭ ‬أخرى‭ ‬تعبيرا‭ ‬عن‭ (‬جيل‭ ‬عالمي‭ ‬جديد‭) ‬صحا‭ ‬على‭ ‬أكاذيب‭ ‬‮«‬النظام‭ ‬الدولي‭ ‬الراهن‮»‬‭! ‬بل‭ ‬وهو‭ ‬يكتشف‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬احتجاجاته‭ ‬آخر‭ ‬قطرات‭ ‬في‭ ‬وجه‭ ‬ديمقراطيته‭ ‬الزائفة‭!‬

{‭ ‬محتجو‭ ‬الجامعات‭ ‬الأمريكية‭ ‬يطالبون‭ ‬بإنهاء‭ ‬التعاون‭ ‬مع‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني،‭ ‬والضغط‭ ‬على‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬لوقف‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬على‭ ‬المدنيين‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة،‭ ‬ولكن‭ ‬لأن‭ ‬تلك‭ ‬المطالب‭ ‬تضرب‭ ‬أسس‭ ‬العدوان‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬الذي‭ ‬تغذيه‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬بنفسها‭ ‬ومعها‭ ‬دول‭ ‬غربية‭ ‬أخرى،‭ ‬فإن‭ ‬القمع‭ ‬واقتحام‭ ‬الجامعات‭ ‬واعتقال‭ ‬الطلبة‭ ‬وتفكيك‭ ‬مواقع‭ ‬الاعتصام‭ ‬في‭ ‬المخيمات‭ ‬داخل‭ ‬ساحات‭ ‬الجامعة،‭ ‬كان‭ ‬هو‭ ‬الرد‭ ‬الأمني‭ ‬القاسي‭ ‬على‭ ‬تلك‭ ‬الاحتجاجات‭! ‬وبما‭ ‬استدعى‭ ‬التهديد‭ ‬بنشر‭ ‬الحرس‭ ‬الوطني‭ ‬على‭ ‬لسان‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭ ‬الجمهوري‭ ‬‮«‬مايك‭ ‬جونسون‮»‬‭! ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬تعاملت‭ ‬فيه‭ (‬سلطات‭ ‬إنفاذ‭ ‬القانون‭) ‬بشكل‭ ‬عنيف‭ ‬مع‭ ‬بعض‭ ‬الجامعات‭ ‬في‭ ‬أنحاء‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬وقامت‭ ‬باعتقال‭ ‬العشرات‭ ‬من‭ ‬الطلبة‭ ‬بل‭ ‬وأساتذة‭ ‬في‭ ‬الجامعات‭ ‬وإغلاق‭ ‬جامعات‭ ‬أخرى،‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬منظمة‭ ‬العفو‭ ‬الدولية‭ ‬أدانت‭ ‬الإجراءات‭ ‬العنيفة‭ ‬المتصاعدة‭ ‬وأسمته‭ (‬التعامل‭ ‬العرقي‭ ‬والقمعي‭) ‬رغم‭ ‬أنها‭ ‬احتجاجات‭ ‬سلمية‭ ‬داعمة‭ ‬لحقوق‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬الجامعات‭ ‬الأمريكية،‭ ‬والتي‭ ‬تداخلت‭ ‬معهم‭ ‬جنسيات‭ ‬أخرى‭ ‬كثيرة‭ ‬بينهم‭ ‬يهود‭ ‬ومسيحيون‭ ‬ضد‭ ‬ما‭ ‬يتم‭ ‬ارتكابه‭ ‬في‭ ‬غزة‭!‬

{‭ ‬أما‭ ‬السؤال‭ ‬عن‭ ‬حق‭ ‬الاحتجاج‭ ‬السلمي‭ ‬وحماية‭ ‬الطلبة‭ ‬وتنظيم‭ ‬الاحتجاجات‭ ‬فهو‭ ‬سؤال‭ ‬يصب‭ ‬في‭ ‬صلب‭ ‬النموذج‭ ‬الديمقراطي‭ ‬الأمريكي‭ ‬والغربي‭ ‬عموما،‭ ‬حين‭ ‬يتم‭ ‬خلط‭ ‬السياسة‭ ‬ونقد‭ ‬الممارسات‭ ‬الصهيونية‭ ‬في‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬باعتبارها‭ ‬معاداة‭ ‬للسامية،‭ ‬أو‭ ‬تأييدا‭ ‬للإرهاب‭! ‬ولكأن‭ ‬المقاومة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬لا‭ ‬تمارس‭ ‬حقها‭ ‬المشروع‭ ‬في‭ ‬المقاومة‭ ‬وهي‭ ‬تواجه‭ ‬إرهاب‭ ‬الدولة‭ ‬الصهيونية‭ ‬أو‭ ‬إرهاب‭ ‬دولة‭ ‬الاحتلال‭ ‬التي‭ ‬بلغت‭ ‬حدودا‭ ‬لا‭ ‬إنسانية‭ ‬ولا‭ ‬أخلاقية‭ ‬جعلت‭ ‬شعوب‭ ‬العالم‭ ‬كله‭ ‬ومنها‭ ‬الشعب‭ ‬الأمريكي‭ ‬والجيل‭ ‬الجديد‭ ‬هناك‭ ‬يكتشفون‭ ‬حجم‭ ‬الخديعة‭ ‬التي‭ ‬تمت‭ ‬ممارستها‭ ‬على‭ ‬وعيهم‭ ‬وعقولهم‭ ‬خلال‭ ‬العقود‭ ‬الماضية‭ ‬عبر‭ ‬إعلام‭ ‬صهيوني‭ ‬في‭ ‬أمريكا‭ ‬والغرب‭! ‬جعل‭ ‬من‭ ‬الضحية‭ ‬إرهابيا‭ ‬ومن‭ ‬دولة‭ ‬الإرهاب‭ ‬الصهيوني‭ ‬واحة‭ ‬للديمقراطية‭! ‬فإذا‭ ‬الصورة‭ ‬كلها‭ ‬تنقلب‭ ‬عبر‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الإلكتروني‭ ‬الذي‭ ‬أفشل‭ ‬بالحقائق‭ ‬المصورة‭ ‬زيف‭ ‬الإعلام‭ ‬في‭ ‬أمريكا‭ ‬والغرب‭ ‬والذي‭ ‬كان‭ ‬تمويله‭ ‬ولا‭ ‬يزال‭ ‬بالمليارات‭ ‬سنويا‭!‬

{‭ ‬جيل‭ ‬الشباب‭ ‬الراهن‭ ‬وهو‭ ‬يذوق‭ ‬مرارة‭ ‬ما‭ ‬يكتشفه‭ ‬كل‭ ‬يوم‭ ‬من‭ ‬زيف‭ ‬وخداع‭ ‬وفبركة‭ ‬يبدو‭ ‬أنه‭ ‬بمطالبه‭ ‬الواضحة‭ ‬يقف‭ ‬الموقف‭ ‬الأخلاقي‭ ‬والإنساني‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬الأساطير‭ ‬والخرافات‭ ‬المؤسسة‭ ‬لـ«إسرائيل‮»‬‭! ‬وبعيدا‭ ‬عن‭ ‬الأيديولوجيات‭ ‬الصهيونية‭ ‬وغسل‭ ‬الدماغ‭! ‬وبعيدا‭ ‬حتى‭ ‬عن‭ ‬زيف‭ ‬الديمقراطية‭ ‬التي‭ ‬تعتبر‭ ‬أمريكا‭ ‬ويعتبر‭ ‬الغرب‭ ‬أنه‭ ‬ممثل‭ ‬لها‭ ‬ونموذجها‭! ‬فإذا‭ ‬بها‭ ‬تنهار‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬ساحات‭ ‬الجامعات‭ ‬الأمريكية‭ ‬مع‭ ‬انهيار‭ ‬المنظومة‭ ‬الزائفة‭ ‬من‭ ‬القيم‭ ‬الغربية‭ ‬كحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬والحريات‭ ‬وحرية‭ ‬الرأي‭! ‬فكلها‭ ‬تتفتت‭ ‬اليوم‭ ‬كما‭ ‬لم‭ ‬تتفتت‭ ‬قط‭ ‬تحت‭ ‬أقدام‭ ‬الطلبة‭ ‬الجامعيين،‭ ‬ليديروا‭ ‬ظهورهم‭ ‬للدعم‭ ‬الأمريكي‭ ‬المطلق‭ ‬للكيان‭ ‬الصهيوني،‭ ‬وبما‭ ‬يجعل‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬الراهنة‭ ‬والرئيس‭ ‬بايدن‭ ‬في‭ ‬خانة‭ ‬الخسارة‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تبدأ‭ ‬الانتخابات‭ ‬الرئاسية‭ ‬القادمة‭ ‬خلال‭ ‬هذا‭ ‬العام‭!‬

{‭ ‬إنها‭ ‬صحوة‭ ‬الجيل‭ ‬الجديد،‭ ‬التي‭ ‬تنتشر‭ ‬كالنار‭ ‬في‭ ‬الهشيم،‭ ‬وبما‭ ‬يعيد‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬باعتبارها‭ ‬قضية‭ ‬شعوب‭ ‬العالم‭ ‬كلها،‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬تخلت‭ ‬حكومات‭ ‬قوى‭ ‬الغرب‭ ‬عنها‭ ‬لتقف‭ ‬وقفتها‭ ‬المزرية‭ ‬مع‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬وهو‭ ‬يقوم‭ ‬بحرب‭ ‬الإبادة‭ ‬والمجازر‭ ‬وجرائم‭ ‬الحرب‭ ‬كل‭ ‬يوم‭ ‬وكل‭ ‬ساعة‭! ‬ومن‭ ‬الواضح‭ ‬أن‭ ‬جيل‭ ‬الشباب‭ ‬في‭ ‬أمريكا‭ ‬والغرب‭ ‬لن‭ ‬يعود‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬‮«‬الوعي‭ ‬الزائف‮»‬‭ ‬فقد‭ ‬وضعته‭ ‬أحداث‭ ‬غزة‭ ‬أمام‭ ‬الحقيقة‭ ‬التي‭ ‬يراها‭ ‬ويسمعها‭ ‬كل‭ ‬يوم‭!‬

إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا