العدد : ١٧٠٥٠ - الأربعاء ٢٧ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٥ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٥٠ - الأربعاء ٢٧ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٥ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

التداعيات الأمنية الإقليمية طويلة المدى للـتــصعـيــد الإســرائيلــي الإيـراني

مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية

السبت ٢٧ أبريل ٢٠٢٤ - 02:00

في‭ ‬أبريل‭ ‬2024‭ ‬تصاعدت‭ ‬التوترات‭ ‬بين‭ ‬‮«‬إيران‮»‬،‭ ‬و‮«‬إسرائيل‮»‬،‭ ‬والتي‭ ‬بدأت‭ ‬بغارة‭ ‬جوية‭ ‬عدوانية‭ ‬للأخيرة‭ ‬على‭ ‬مجمع‭ ‬دبلوماسي‭ ‬إيراني‭ ‬في‭ ‬دمشق،‭ ‬أعقبه‭ ‬رد‭ ‬طهران‭ ‬عبر‭ ‬إطلاق‭ ‬حوالي‭ ‬300‭ ‬مسيرة‭ ‬مسلحة‭ ‬وصاروخًا‭ ‬على‭ ‬إسرائيل،‭ ‬ثم‭ ‬رد‭ ‬الأخيرة‭ ‬بهجوم‭ ‬صاروخي‭ ‬بالقرب‭ ‬من‭ ‬منشأة‭ ‬نووية‭ ‬إيرانية‭ ‬بأصفهان‭ ‬في‭ ‬19‭ ‬أبريل؛‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬أثار‭ ‬قلقًا‭ ‬كبيرًا‭ ‬بين‭ ‬المراقبين‭ ‬الغربيين‭ ‬من‭ ‬مخاوف‭ ‬الانزلاق‭ ‬إلى‭ ‬صراع‭ ‬إقليمي‭ ‬كبير‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬الهدوء‭ ‬الذي‭ ‬أعقب‭ ‬تلك‭ ‬الأحداث،‭ ‬قد‭ ‬أقنع‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المعلقين‭ ‬بتدارك‭ ‬مخاطر‭ ‬التصعيد‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬القصير‭ ‬على‭ ‬الأقل؛‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬تم‭ ‬الاعتراف‭ ‬بأن‭ ‬التداعيات‭ ‬طويلة‭ ‬المدى‭ ‬لهذه‭ ‬الأزمة‭ ‬تحمل‭ ‬تأثيرا‭ ‬عميقا‭ ‬سيستمر‭ ‬على‭ ‬الديناميكيات‭ ‬الأمنية‭ ‬بالمنطقة‭. ‬وأعلن‭ ‬‮«‬بول‭ ‬سالم‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬معهد‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬التصعيد‭ ‬قد‭ ‬دشن‭ ‬‮«‬حقبة‭ ‬جديدة‮»‬‭ ‬في‭ ‬المنطقة؛‭ ‬حيث‭ ‬أظهرت‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬إسرائيل‭ ‬وإيران،‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬قدراتهما‭ ‬العسكرية،‭ ‬ولكن‭ ‬أيضًا‭ ‬إرادتهما‭ ‬السياسية‭ ‬لتنفيذ‭ ‬هجمات‭ ‬عدوانية‭ ‬مباشرة‭ ‬ضد‭ ‬أراضي‭ ‬كل‭ ‬منهما‭.‬

وفي‭ ‬حين‭ ‬وصف‭ ‬‮«‬إيمي‭ ‬ماكينون‮»‬،‭ ‬و«كريستينا‭ ‬لو‮»‬،‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ ‬‮«‬فورين‭ ‬بوليسي‮»‬،‭ ‬الرد‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬على‭ ‬الهجمات‭ ‬الصاروخية‭ ‬الإيرانية‭ ‬السابقة‭ ‬بـ«الانتقام‭ ‬المحدود‮»‬،‭ ‬فقد‭ ‬اعتبره‭ ‬‮«‬جوناثان‭ ‬بانيكوف‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬المجلس‭ ‬الأطلسي‮»‬،‭ ‬‮«‬كاف‭ ‬لإغلاق‭ ‬هذا‭ ‬الفصل‭ ‬من‭ ‬الضربات‭ ‬المتبادلة‮»‬،‭ ‬وفي‭ ‬حالة‭ ‬التصعيد‭ ‬المستقبلي،‭ ‬فإن‭ ‬الباب‭ ‬مفتوح‭ ‬بقوة‭ ‬لهجمات‭ ‬جوية‭ ‬وصاروخية‭ ‬مباشرة‭ ‬بين‭ ‬الطرفين،‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬بين‭ ‬الوكلاء‭ ‬كما‭ ‬جرى‭ ‬احتواؤه‭ ‬عادة‭ ‬في‭ ‬الماضي‭. ‬وأشار‭ ‬‮«‬رافائيل‭ ‬كوهين‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬مؤسسة‭ ‬راند‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬كيفية‭ ‬بقاء‭ ‬حكومات‭ ‬الدول‭ ‬‮«‬في‭ ‬وضعية‭ ‬الحرب‮»‬،‭ ‬التي‭ ‬تُشير‭ ‬إلى‭ ‬التصعيد‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬دعوات‭ ‬التهدئة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬حلفاء‭ ‬الجانبين،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يبين‭ ‬انقلاب‭ ‬الديناميكيات‭ ‬الأمنية‭ ‬الأساسية‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬رأساً‭ ‬على‭ ‬عقب‭.‬

وفي‭ ‬أعقاب‭ ‬الهجمات‭ ‬والعمليات‭ ‬الانتقامية‭ ‬بين‭ ‬البلدين،‭ ‬تزايدت‭ ‬احتمالات‭ ‬وقوع‭ ‬تداعيات‭ ‬إقليمية‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭. ‬وحذرت‭ ‬‮«‬سوزان‭ ‬مالوني‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬معهد‭ ‬بروكينجز‮»‬،‭ ‬من‭ ‬إثارة‭ ‬التداعيات‭ ‬الإقليمية‭ ‬المحتملة‭ ‬قلقًا‭ ‬كبيرًا‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬يجلب‭ ‬الصراع‭ ‬‮«‬سلسلة‭ ‬من‭ ‬العواقب‭ ‬المدمرة‭ ‬على‭ ‬المنطقة‭ ‬والعالم‮»‬‭. ‬وبهذا‭ ‬المعنى،‭ ‬فإن‭ ‬طبيعة‭ ‬الهجوم‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬على‭ ‬الأراضي‭ ‬الإيرانية‭ ‬في‭ ‬19‭ ‬أبريل،‭ ‬والذي‭ ‬ذكرت‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬‮«‬ماكينون‮»‬،‭ ‬و«لو‮»‬،‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬نُفذ‭ ‬بمسيرات‭ ‬صغيرة‮»‬،‭ ‬و«استهدف‭ ‬إظهار‭ ‬قدرة‭ ‬إسرائيل‭ ‬على‭ ‬ضرب‭ ‬قلب‭ ‬إيران»؛‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬تنفيذه‭ ‬خرج‭ ‬أيضًا‭ ‬بهذا‭ ‬الشكل‭ ‬لتجنب‭ ‬تأجيج‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الإجراءات‭ ‬التصعيدية‭.‬

وتعليقا‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬رأى‭ ‬‮«‬علي‭ ‬فايز‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬مجموعة‭ ‬الأزمات‭ ‬الدولية‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الهجوم‭ ‬‮«‬يقع‭ ‬ضمن‭ ‬نطاق‭ ‬المناورات‭ ‬السرية‮»‬،‭ ‬ويتعارض‭ ‬مع‭ ‬سلسلة‭ ‬من‭ ‬الضربات‭ ‬الأوسع‭ ‬التي‭ ‬أوضح‭ ‬‮«‬رونين‭ ‬بيرجمان‮»‬،‭ ‬و«باتريك‭ ‬كينسلي‮»‬،‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬نيويورك‭ ‬تايمز‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬إسرائيل‭ ‬‮«‬تخلت‭ ‬عنها‮»‬،‭ ‬بعد‭ ‬ضغوط‭ ‬دبلوماسية‭ ‬مارسها‭ ‬حلفاؤها‭ ‬الغربيون،‭ ‬أهمهم‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭. ‬وعليه،‭ ‬أشار‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬يمنح‭ ‬إيران‭ ‬‮«‬القدرة‮»‬‭ ‬على‭ ‬‮«‬استيعاب‮»‬‭ ‬الضربة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬ضد‭ ‬أراضيها،‭ ‬‮«‬دون‭ ‬الشعور‭ ‬بالحاجة‭ ‬إلى‭ ‬رد‭ ‬انتقامي‮»‬‭ ‬من‭ ‬جانبها‭.‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬أوضح‭ ‬‮«‬أليكس‭ ‬فاتانكا‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬معهد‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‮»‬،‭ ‬أنه‭ ‬مثلما‭ ‬أظهر‭ ‬هجوم‭ ‬إيران‭ ‬ضد‭ ‬إسرائيل‭ ‬قدرتها‭ ‬على‭ ‬توجيه‭ ‬ضربات‭ ‬مباشرة‭ ‬ضد‭ ‬منافسها‭ ‬الإقليمي‭ ‬الرئيسي؛‭ ‬فقد‭ ‬أظهر‭ ‬رد‭ ‬الأخيرة‭ ‬ووصول‭ ‬عملياتها‭ ‬العسكرية‭ ‬إلى‭ ‬داخل‭ ‬الأراضي‭ ‬الإيرانية‭ ‬مدى‭ ‬استعدادها‭ ‬للتعامل‭ ‬مع‭ ‬أي‭ ‬هجمات‭ ‬عسكرية‭ ‬مستقبلية‭.‬

ومن‭ ‬وجهة‭ ‬نظر‭ ‬‮«‬بيث‭ ‬سانر‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬المجلس‭ ‬الأطلسي‮»‬،‭ ‬فإن‭ ‬حقيقة‭ ‬قيام‭ ‬كلا‭ ‬البلدين‭ ‬بعد‭ ‬سنوات‭ ‬عديدة،‭ ‬بمهاجمة‭ ‬بعضهما‭ ‬البعض‭ ‬عسكريًا‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر؛‭ ‬قد‭ ‬أشارت‭ ‬بشكل‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬إنكاره‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬حرب‭ ‬الظل‮»‬‭ ‬القديمة‭ ‬بين‭ ‬الطرفين‭. ‬وأوضح‭ ‬‮«‬مالوني‮»‬،‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬انخراطهما‭ ‬في‭ ‬الأعمال‭ ‬السرية‭ ‬يزيد‭ ‬على‭ ‬40‭ ‬عامًا،‭ ‬فقد‭ ‬احتفظت‭ ‬هذه‭ ‬المناوشات‭ ‬بـ«حدود‭ ‬محددة‭ ‬بوضوح»؛‭ ‬لتفادي‭ ‬أي‭ ‬‮«‬هجوم‭ ‬مباشر‮»‬،‭ ‬خوفًا‭ ‬من‭ ‬إثارة‭ ‬صراع‭ ‬أوسع‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬المنطقة‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬جذب‭ ‬قوى‭ ‬خارجية‭.‬

وتشكل‭ ‬الدوافع‭ ‬وراء‭ ‬الأعمال‭ ‬التصعيدية‭ ‬لكلا‭ ‬البلدين‭ ‬خلال‭ ‬الأسابيع‭ ‬الأخيرة،‭ ‬و«حرب‭ ‬الظل‮»‬،‭ ‬الطويلة‭ ‬المدى‭ ‬في‭ ‬العقود‭ ‬السابقة؛‭ ‬‮«‬خطرًا‭ ‬بالغًا‮»‬،‭ ‬على‭ ‬التوازن‭ ‬الأمني‭ ‬الإقليمي‭ ‬الجديد‭ ‬في‭ ‬المستقبل،‭ ‬وكما‭ ‬أوضح‭ ‬‮«‬كوهين‮»‬،‭ ‬فإن‭ ‬‮«‬الدافع‭ ‬الأساسي‮»‬،‭ ‬وراء‭ ‬الضربة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬في‭ ‬19‭ ‬أبريل،‭ ‬كان‭ ‬‮«‬الانتقام‮»‬‭ ‬من‭ ‬هجوم‭ ‬طهران‭ ‬عليها‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬وابل‭ ‬الصواريخ‭ ‬والمسيرات‭ ‬‮«‬لم‭ ‬يُخلف‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الضرر‮»‬،‭ ‬فقد‭ ‬رأى‭ ‬‮«‬سالم‮»‬،‭ ‬أنه‭ ‬زاد‭ ‬من‭ ‬‮«‬قلق‭ ‬القادة‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬الطويل‮»‬،‭ ‬بشأن‭ ‬القدرة‭ ‬العسكرية‭ ‬لطهران‭ ‬على‭ ‬ضربهم،‭ ‬ومن‭ ‬ثمّ،‭ ‬أشار‭ ‬‮«‬بانيكوف‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬ليس‭ ‬هناك‭ ‬شك‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬إسرائيل‭ ‬أو‭ ‬إيران‮»‬‭ ‬سوف‭ ‬‮«‬تنتقم‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬هجوم‭ ‬على‭ ‬أراضيهما،‭ ‬بغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬مدى‭ ‬ضآلة‭ ‬الضرر‭ ‬الذي‭ ‬يحدث‮»‬،‭ ‬أو‭ ‬‮«‬مدى‭ ‬مناشدة‭ ‬حلفائهما‭ ‬بـعدم‭ ‬الرد‮»‬‭.‬

علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬تم‭ ‬التأكيد‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬السياق‭ ‬على‭ ‬أهمية‭ ‬التقدم‭ ‬المستمر‭ ‬للبرنامج‭ ‬النووي‭ ‬الإيراني‭. ‬وأشار‭ ‬‮«‬سالم‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬قدرة‭ ‬طهران‭ ‬الواضحة‭ ‬على‭ ‬ضرب‭ ‬إسرائيل،‭ ‬خاصة‭ ‬مع‭ ‬إمكانية‭ ‬حصولها‭ ‬على‭ ‬أسلحة‭ ‬نووية‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭ ‬القريب،‭ ‬وفي‭ ‬المقابل،‭ ‬أوضح‭ ‬‮«‬بانيكوف‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الهجوم‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬بالقرب‭ ‬من‭ ‬مركز‭ ‬أصفهان‭ ‬للتكنولوجيا‭ ‬النووية‭ ‬ومنشأة‭ ‬رئيسية‭ ‬لتحويل‭ ‬اليورانيوم،‭ ‬كان‭ ‬يحمل‭ ‬رسالة‭ ‬لطهران،‭ ‬بالقدرة‭ ‬على‭ ‬استهداف‭ ‬منشآتها‭ ‬النووية‭ ‬بنجاح‭.‬

ومع‭ ‬قيام‭ ‬إسرائيل‭ ‬بتنفيذ‭ ‬ضربة‭ ‬مباشرة‭ ‬على‭ ‬إيران،‭ ‬واستمرار‭ ‬برنامج‭ ‬طهران‭ ‬النووي‭ ‬في‭ ‬التطور،‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬الأخذ‭ ‬في‭ ‬الاعتبار‭ ‬أيضاً‭ ‬الضغوط‭ ‬الداخلية‭ ‬المفروضة‭ ‬على‭ ‬الحكومة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬للمضي‭ ‬قدما‭. ‬وفي‭ ‬حين‭ ‬أكد‭ ‬‮«‬كوهين‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬نتنياهو‭ ‬‮«‬رجل‭ ‬يائس‮»‬،‭ ‬يسعى‭ ‬إلى‭ ‬إطالة‭ ‬أمد‭ ‬المواجهة‭ ‬بين‭ ‬إسرائيل‭ ‬وإيران‭ ‬حتى‭ ‬يتمكن‭ ‬من‭ ‬الاحتفاظ‭ ‬بزمام‭ ‬السلطة‭ ‬لفترة‭ ‬أطول،‭ ‬فقد‭ ‬رأى‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الدفع‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬للانتقام‭ ‬لا‭ ‬يأتي‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬إسرائيل‮»‬،‭ ‬مستشهدا‭ ‬بدعوة‭ ‬عضو‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء‭ ‬والمنافس‭ ‬السياسي‭ ‬لنتنياهو‭ ‬‮«‬بيني‭ ‬غانتس‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬شن‭ ‬هجوم‭ ‬مسلح‭ ‬فوري‭ ‬على‭ ‬إيران‭. ‬وانتقد‭ ‬‮«‬إيتمار‭ ‬بن‭ ‬غفير‮»‬،‭ ‬وزير‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬المتطرف‭ ‬الضربة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬في‭ ‬إيران‭ ‬ووصفها‭ ‬بأنها‭ ‬انتقام‭ ‬‮«‬ضعيف‮»‬‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬74%‭ ‬من‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬ممن‭ ‬استطلعت‭ ‬الجامعة‭ ‬العبرية‭ ‬آراءهم،‭ ‬أكدوا‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬ينبغي‭ ‬عدم‭ ‬الرد‭ ‬على‭ ‬طهران،‭ ‬لما‭ ‬يحمله‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬مخاطر‭ ‬على‭ ‬أمنها‭ ‬وعلاقاتها‭ ‬مع‭ ‬حلفائها‭.‬

ومع‭ ‬وجود‭ ‬متطرفين،‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬بن‭ ‬غفير‮»‬،‭ ‬يتمتعون‭ ‬بنفوذ‭ ‬رئيسي‭ ‬على‭ ‬سياسات‭ ‬إسرائيل‭ ‬تجاه‭ ‬جيرانها‭ ‬وخصومها،‭ ‬كما‭ ‬يتضح‭ ‬من‭ ‬الطريقة‭ ‬التي‭ ‬لاحظ‭ ‬بها‭ ‬‮«‬مالوني‮»‬،‭ ‬‮«‬الحرب‭ ‬الشاملة‭ ‬التي‭ ‬تخوضها‭ ‬في‭ ‬غزة‮»‬،‭ ‬فقد‭ ‬حذرت‭ ‬‮«‬سانر‮»‬،‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الجولة‭ ‬التالية‭ ‬من‭ ‬التصعيد‮»‬‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬إسرائيل،‭ ‬سواء‭ ‬مع‭ ‬إيران‭ ‬أو‭ ‬أحد‭ ‬وكلائها‭ ‬الإقليميين‭ ‬‮«‬قد‭ ‬لا‭ ‬تكون‭ ‬غدا‮»‬،‭ ‬لكنها‭ ‬على‭ ‬الأرجح‭ ‬ستأتي‭ ‬‮«‬في‭ ‬الوقت‭ ‬والمكان‭ ‬الذي‭ ‬تختاره‭ ‬إسرائيل‮»‬‭.‬

وفي‭ ‬سياق‭ ‬التوترات‭ ‬الحالية‭ ‬بين‭ ‬البلدين،‭ ‬وعدم‭ ‬الاستقرار‭ ‬الإقليمي‭ ‬الناشئ‭ ‬عن‭ ‬احتمالات‭ ‬التصعيد‭ ‬بينهما؛‭ ‬أشار‭ ‬‮«‬مالوني‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬ستكون‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬يأملون‭ ‬بشدة‭ ‬أن‭ ‬يسود‭ ‬‮«‬الهدوء‮»‬‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬تصريح‭ ‬‮«‬واشنطن‮»‬،‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬ليس‭ ‬لديها‭ ‬خيار‮»‬‭ ‬سوى‭ ‬نشر‭ ‬‮«‬مواردها‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬والعسكرية،‭ ‬لمساعدة‭ ‬إسرائيل؛‭ ‬فمن‭ ‬المسلم‭ ‬به‭ ‬أيضًا‭ ‬أنها‭ ‬لديها‭ ‬‮«‬رغبة‭ ‬قليلة‭ ‬في‭ ‬معالجة‭ ‬أزمة‭ ‬أخرى‮»‬،‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬الأشهر‭ ‬التي‭ ‬تسبق‭ ‬الانتخابات‭ ‬الرئاسية‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬نوفمبر‮»‬‭.‬

ومع‭ ‬تردد‭ ‬أخبار‭ ‬عن‭ ‬طلب‭ ‬‮«‬بايدن‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬نتنياهو‮»‬،‭ ‬‮«‬إعلان‭ ‬النصر‮»‬،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تم‭ ‬اعتراض‭ ‬مسيرات‭ ‬وصواريخ‭ ‬إيران‭ ‬بمساعدة‭ ‬الدول‭ ‬الغربية،‭ ‬فإن‭ ‬إمكانية‭ ‬قيام‭ ‬‮«‬واشنطن‮»‬،‭ ‬بدور‭ ‬الوساطة‭ ‬الفعال،‭ ‬وتهدئة‭ ‬التوترات‭ ‬الإقليمية‭ ‬أو‭ ‬استعادة‭ ‬الاستقرار،‭ ‬هو‭ ‬أمر‭ ‬مشكوك‭ ‬فيه‭.‬

ومن‭ ‬وجهة‭ ‬نظر‭ ‬‮«‬ستيفن‭ ‬سايمون‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬جامعة‭ ‬واشنطن‮»‬،‭ ‬فإن‭ ‬المشاركة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬أو‭ ‬الغربية‭ ‬الأوسع‭ ‬في‭ ‬وقف‭ ‬التصعيد‭ ‬بين‭ ‬البلدين،‭ ‬ستكون‭ ‬دائمًا‭ ‬‮«‬محدودة»؛‭ ‬كون‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬التدخل‭ ‬بالمنطقة،‭ ‬متوقف‭ ‬نجاحه‭ ‬على‭ ‬‮«‬قدرة‭ ‬الخصوم‭ ‬الإقليميين‭ ‬على‭ ‬مساعد‭ ‬أمريكا،‭ ‬وامتلاك‭ ‬الأخيرة‭ ‬نفسها‭ ‬استراتيجية‭ ‬فعالة‮»‬‭. ‬وفي‭ ‬حالة‭ ‬التوترات‭ ‬الحالية‭ ‬لا‭ ‬يتم‭ ‬استيفاء‭ ‬أي‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الشروط‭. ‬ومع‭ ‬تأكيد‭ ‬‮«‬كوهين‮»‬،‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬طالما‭ ‬ظلت‭ ‬إسرائيل‭ ‬وإيران‭ ‬منخرطتين‭ ‬في‭ ‬الصراع،‭ ‬فسوف‭ ‬تستمران‭ ‬في‭ ‬تبادل‭ ‬الضربات‭ ‬بغض‭ ‬النظر‭ ‬عما‭ ‬قد‭ ‬تنصح‭ ‬به‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الحلفاء‭ ‬لتلافي‭ ‬التصعيد‮»‬‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬المراقبين‭ ‬الغربيين‭ ‬أوضحوا‭ ‬أن‭ ‬الرد‭ ‬الإيراني‭ ‬على‭ ‬الهجوم‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬في‭ ‬19‭ ‬أبريل‭ ‬ليس‭ ‬متوقعا‭ -‬على‭ ‬الأقل‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بضربة‭ ‬مباشرة‭ ‬‭ ‬فمن‭ ‬المسلم‭ ‬به‭ ‬بقاء‭ ‬التوازن‭ ‬الأمني‭ ‬الإقليمي‭ ‬محفوفاً‭ ‬بالمخاطر‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬القصير،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬تغير‭ ‬الديناميكيات‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬الطويل‭. ‬ووفقًا‭ ‬لـ«فاتانكا‮»‬،‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬البلدان‭ ‬في‭ ‬‮«‬مرحلة‭ ‬بث‭ ‬رسائل‭ ‬خطيرة‭ ‬للغاية‮»‬،‭ ‬حيث‭ ‬‮«‬تُظهر‭ ‬كل‭ ‬منهما‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬ضرب‭ ‬الأخرى‮»‬،‭ ‬بما‭ ‬يجعل‭ ‬حدوث‭ ‬تهدئة‭ ‬للتوترات‭ ‬الإقليمية،‭ ‬‮«‬أمرا‭ ‬غير‭ ‬مُرجح‮»‬‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الحالي‭. ‬

على‭ ‬العموم،‭ ‬بالنظر‭ ‬إلى‭ ‬المستقبل،‭ ‬فإنه‭ ‬مع‭ ‬تحذير‭ ‬‮«‬فايز‮»‬،‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬لا‭ ‬يزال‭ ‬من‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬تخطئ‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬إيران،‭ ‬وإسرائيل،‭ ‬في‭ ‬حساباتهما‭ ‬ويتجاوزان‭ ‬الخطوط‭ ‬الحمراء‭ ‬الجديدة‭ ‬الغامضة‭ ‬عن‭ ‬عمد‭ ‬أو‭ ‬عن‭ ‬غير‭ ‬قصد‭ ‬لهذا‭ ‬الصراع؛‭ ‬فقد‭ ‬حذر‭ ‬‮«‬جريجروي‭ ‬برو‮»‬،‭ ‬من‭ ‬مجموعة‭ ‬‮«‬أوراسيا‮»‬،‭ ‬من‭ ‬أنه‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬نجحت‭ ‬المنطقة‭ ‬في‭ ‬تجنب‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬التصعيد‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة؛‭ ‬فإننا‭ ‬ننتقل‭ ‬إلى‭ ‬توازن‭ ‬جديد‭ ‬أكثر‭ ‬توترا‭ ‬وغير‭ ‬مستقر‮»‬‭. ‬

ويبقى‭ ‬هذا‭ ‬التحول‭ ‬في‭ ‬الديناميكيات‭ ‬الأمنية‭ -‬الناجم‭ ‬عن‭ ‬قيام‭ ‬البلدين‭ ‬بشن

هجمات‭ ‬مباشرة‭ ‬ضد‭ ‬بعضهما،‭ ‬عقب‭ ‬عقود‭ ‬من‭ ‬‮«‬حرب‭ ‬الظل‮»‬‭ ‬بينهما‭ ‬بالوكالة‭ ‬‭ ‬لا‭ ‬يُمكن‭ ‬التقليل‭ ‬من‭ ‬تداعياته،‭ ‬ودوره‭ ‬في‭ ‬صياغة‭ ‬مشهد‭ ‬إقليمي‭ ‬أقل‭ ‬توازنًا،‭ ‬وأكثر‭ ‬خطورة‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا