العدد : ١٧٠٥٠ - الأربعاء ٢٧ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٥ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٥٠ - الأربعاء ٢٧ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٥ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

مرئيات أولية حول رؤية مملكة البحرين لعام 2050

بقلم: د. أسعد حمود السعدون

الجمعة ٢٦ أبريل ٢٠٢٤ - 02:00

بدءا‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬القول‭ ‬إننا‭ ‬تابعنا‭ ‬رؤية‭ ‬المملكة‭ ‬2030‭ ‬منذ‭ ‬انطلاقها‭ ‬وكتبنا‭ ‬عدة‭ ‬مقالات‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬أخبار‭ ‬الخليج‮»‬‭ ‬عنها،‭ ‬وعن‭ ‬منجزاتها‭ ‬والتحديات‭ ‬التي‭ ‬واجهتها‭ ‬والبيئة‭ ‬التي‭ ‬تعاملت‭ ‬معها،‭ ‬وأوضحنا‭ ‬في‭ ‬أول‭ ‬مقال‭ ‬عنها‭ ‬أنها‭ ‬تمثل‭ ‬مرحلة‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬البناء‭ ‬التنموي‭ ‬المخطط‭ ‬والمستند‭ ‬على‭ ‬أسس‭ ‬علمية‭ ‬في‭ ‬البرمجة‭ ‬والتخطيط‭ ‬طويل‭ ‬الأجل،‭ ‬الهادف‭ ‬إلى‭ ‬الارتقاء‭ ‬بالعملية‭ ‬التنموية‭ ‬فكرا‭ ‬وتطبيقا،‭ ‬بما‭ ‬يعزز‭ ‬حاضر‭ ‬البحرين،‭ ‬ويرسخ‭ ‬مستقبلها‭ ‬الواعد،‭ ‬ويحقق‭ ‬أهدافها‭ ‬في‭ ‬التنويع‭ ‬الاقتصادي‭ ‬وبما‭ ‬يخدم‭ ‬المواطن‭ ‬ويرفع‭ ‬من‭ ‬مستواه‭ ‬المعيشي،‭ ‬باعتبار‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬مطلبا‭ ‬أساسيا‭ ‬لتحقيق‭ ‬الإصلاح‭ ‬الاقتصادي‭ ‬الشامل‭ ‬الذي‭ ‬تركزت‭ ‬أسسه‭ ‬منذ‭ ‬اعتلاء‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬عيسى‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬المعظم‭ ‬عرش‭ ‬البلاد،‭ ‬وما‭ ‬تضمنه‭ ‬ميثاق‭ ‬العمل‭ ‬الوطني‭.‬

وأشرنا‭ ‬أيضا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬وثيقة‭ ‬الرؤية‭ ‬كانت‭ ‬دقيقة‭ ‬في‭ ‬تشخيصها‭ ‬وتقويمها‭ ‬لواقع‭ ‬الاقتصاد‭ ‬البحريني‭ ‬وبالتالي‭ ‬لمعالجاتها‭ ‬للمشكلات‭ ‬المزمنة‭ ‬التي‭ ‬يعاني‭ ‬منها،‭ ‬فقد‭ ‬أكدت‭ ‬أن‭ ‬أفضل‭ ‬الطرق‭ ‬نحو‭ ‬ضمان‭ ‬استدامة‭ ‬ازدهار‭ ‬اقتصادنا‭ ‬هي‭ ‬معالجة‭ ‬الخلل‭ ‬في‭ ‬سوق‭ ‬العمل‭ ‬بشقيه‭ ‬بشأن‭ ‬العمالة‭ ‬الأجنبية‭ ‬وانخفاض‭ ‬مستوى‭ ‬الرواتب‭ ‬والأجور‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص،‭ ‬وإعادة‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬وتحديد‭ ‬مصادر‭ ‬جديدة‭ ‬للتنافسية‭ ‬في‭ ‬مؤسسات‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص،‭ ‬وتطوير‭ ‬نوعية‭ ‬الوظائف‭ ‬والمهن‭ ‬ورفع‭ ‬مستواها‭ ‬في‭ ‬البلاد‭. ‬ولن‭ ‬يتحقق‭ ‬ذلك‭ ‬إلا‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬تغيير‭ ‬نموذج‭ ‬النمو‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والتحول‭ ‬إلى‭ ‬اقتصاد‭ ‬يحفزه‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬المبادر،‭ ‬وتتوطن‭ ‬فيه‭ ‬المؤسسات‭ ‬والمشاريع‭ ‬التي‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬معدلات‭ ‬إنتاجية‭ ‬عالية،‭ ‬ومستويات‭ ‬متقدمة‭ ‬من‭ ‬الإبداع‭ ‬والابتكار‭ ‬لإنتاج‭ ‬السلع‭ ‬وتقديم‭ ‬الخدمات‭ ‬ذات‭ ‬القيمة‭ ‬المضافة‭ ‬العالية،‭ ‬مما‭ ‬يوفر‭ ‬فرص‭ ‬عمل‭ ‬مجزية‭ ‬للمواطنين‭ ‬ويمكن‭ ‬الشركات‭ ‬البحرينية‭ ‬من‭ ‬مواجهة‭ ‬تحديات‭ ‬المنافسة‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬البعيد‭.‬

وفي‭ ‬مقالات‭ ‬لاحقة‭ ‬سلطنا‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬التحديات‭ ‬الكبيرة‭ ‬التي‭ ‬واجهت‭ ‬تنفيذ‭ ‬الرؤية‭ ‬بأبعادها‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والمالية‭ ‬والسياسية‭ ‬والأمنية‭ ‬والصحية،‭ ‬المحلية‭ ‬والإقليمية‭ ‬والدولية‭ ‬وقد‭ ‬كانت‭ ‬تلكم‭ ‬التحديات‭ ‬عميقة‭ ‬ومؤثرة‭ ‬وتخضع‭ ‬لمؤثرات‭ ‬وموجهات‭ ‬غاية‭ ‬في‭ ‬الخطورة‭ ‬والتأثير،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬عزم‭ ‬وتصميم‭ ‬قيادة‭ ‬البلاد‭ ‬الشجاعة،‭ ‬وإرادتها‭ ‬الوطنية‭ ‬الصادقة‭ ‬نجحت‭ ‬في‭ ‬تجاوز‭ ‬تلكم‭ ‬التحديات،‭ ‬واستمرت‭ ‬في‭ ‬تنفيذ‭ ‬خطط‭ ‬وبرامج‭ ‬المملكة‭ ‬المستمدة‭ ‬من‭ ‬الرؤية،‭ ‬محققة‭ ‬العديد،‭ ‬إن‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬أغلب‭ ‬الأهداف‭ ‬والغايات‭ ‬التي‭ ‬أولتها‭ ‬الرؤية‭ ‬أريحية‭ ‬في‭ ‬التنفيذ،‭ ‬وعدلت‭ ‬وأجلت‭ ‬أهدافا‭ ‬أخرى،‭ ‬إما‭ ‬انتظارا‭ ‬لنضج‭ ‬متطلبات‭ ‬التنفيذ،‭ ‬أو‭ ‬إن‭ ‬قسما‭ ‬منها‭ ‬لم‭ ‬تتوفر‭ ‬لها‭ ‬البيئة‭ ‬الأكثر‭ ‬ملاءمة،‭ ‬أو‭ ‬إنها‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬منسجمة‭ ‬مع‭ ‬المتغيرات‭ ‬السريعة‭ ‬والديناميكية‭ ‬التي‭ ‬شهدها‭ ‬الاقتصاد‭ ‬العالمي‭ ‬في‭ ‬المرحلة‭ ‬المتقدمة‭ ‬من‭ ‬مراحل‭ ‬الثورة‭ ‬الصناعية‭ ‬الرابعة،‭ ‬واقتصادنا‭ ‬جزء‭ ‬منها‭. ‬

لذا‭ ‬أقول‭ ‬لزملائي‭ ‬الذين‭ ‬كتبوا‭ ‬تصوراتهم‭ ‬عن‭ ‬رؤية‭ ‬2050‭ ‬وطالبوا‭ ‬بمراجعة‭ ‬رؤية‭ ‬2030‭ ‬وما‭ ‬تحقق‭ ‬منها‭ ‬ومالم‭ ‬يتحقق‭ ‬وأسباب‭ ‬ذلك،‭ ‬مركزين‭ ‬على‭ ‬الجزء‭ ‬غير‭ ‬المملوء‭ ‬من‭ ‬الإناء،‭ ‬كضرورة‭ ‬قصوى‭ ‬من‭ ‬وجهة‭ ‬نظرهم‭ ‬قبل‭ ‬صياغة‭ ‬تصورات‭ ‬وآراء‭ ‬لما‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬تشمله‭ ‬رؤية‭ ‬المملكة‭ ‬2050،‭ ‬إن‭ ‬جولة‭ ‬سريعة‭ ‬في‭ ‬شوارع‭ ‬وأسواق‭ ‬وساحات‭ ‬المملكة‭ ‬ومقارنتها‭ ‬بما‭ ‬كانت‭ ‬عليه‭ ‬البلاد‭ ‬عام‭ ‬2008‭ ‬تظهر‭ ‬بجلاء‭ ‬حجم‭ ‬الإنجازات‭ ‬التنموية‭ ‬والبيئة‭ ‬الاستثمارية‭ ‬الواعدة‭ ‬والتنوع‭ ‬الاقتصادي‭ ‬المشهود‭ ‬والتشريعات‭ ‬والنظم‭ ‬الجاذبة‭ ‬للاستثمار‭ ‬التي‭ ‬تحققت‭ ‬بعد‭ ‬إطلاق‭ ‬الرؤية‭.‬

وبالتأكيد‭ ‬فإن‭ ‬رؤية‭ ‬المملكة‭ ‬لعام‭ ‬2050‭ ‬لابد‭ ‬وأن‭ ‬تبنى‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬تحقق‭ ‬من‭ ‬إنجازات‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الرؤية‭ ‬التي‭ ‬سبقتها،‭ ‬وستعالج‭ ‬الأمور‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬يكتمل‭ ‬تنفيذها،‭ ‬والتحديات‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تسعى‭ ‬إلى‭ ‬عرقلة‭ ‬مسيرتها،‭ ‬ويكفي‭ ‬أن‭ ‬رؤية‭ ‬2030‭ ‬كانت‭ ‬ممثلة‭ ‬للمشروع‭ ‬الوطني‭ ‬للإصلاح‭ ‬الوطني‭ ‬الشامل،‭ ‬الذي‭ ‬دعا‭ ‬إليه‭ ‬وأشرف‭ ‬على‭ ‬تنفيذه‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬المعظم‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬ورعاه‭.‬

كذلك‭ ‬فإن‭ ‬رؤية‭ ‬المملكة‭ ‬للسنوات‭ ‬2050‭ ‬التي‭ ‬ستمثل‭ ‬جهدا‭ ‬فكريا‭ ‬ومهنيا‭ ‬وسياسيا‭ ‬راقيا‭ ‬ليس‭ ‬لمجلس‭ ‬التنمية‭ ‬الاقتصادية‭ ‬أو‭ ‬للحكومة‭ ‬كما‭ ‬كانت‭ ‬الرؤية‭ ‬السابقة،‭ ‬وإنما‭ ‬جهدا‭ ‬ارتقائيا‭ ‬للشعب‭ ‬بأسره،‭ ‬كما‭ ‬دعا‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأمير‭ ‬سلمان‭ ‬بن‭ ‬حمد‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬حفظه‭ ‬الله،‭ ‬لا‭ ‬تركن‭ ‬إلى‭ ‬البناء‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬تحقق‭ ‬من‭ ‬إنجازات،‭ ‬لاسيما‭ ‬وأنها‭ ‬تدرك‭ ‬الإيقاع‭ ‬السريع‭ ‬للمستجدات‭ ‬الوطنية‭ ‬والإقليمية‭ ‬والدولية،‭ ‬وإنما‭ ‬تواكب‭ ‬الابتكار‭ ‬والتطوير‭ ‬السابق‭ ‬لزمنه‭ ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬سرعة‭ ‬إن‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬سبق‭ ‬سرعة‭ ‬إيقاع‭ ‬التطورات‭ ‬التقنية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬التي‭ ‬يشهدها‭ ‬العالم،‭ ‬مما‭ ‬يتطلب‭ ‬الإسراع‭ ‬بوتيرة‭ ‬تنفيذ‭ ‬الإصلاحات‭ ‬في‭ ‬المملكة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تعظيم‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬الفرص‭ ‬العديدة‭ ‬التي‭ ‬تتيحها‭ ‬معدلات‭ ‬النمو‭ ‬الإقليمي‭ ‬المرتفعة‭ ‬وبما‭ ‬يحقق‭ ‬التميز‭ ‬والريادة‭ ‬والسبق‭ ‬في‭ ‬الرهان‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والتقني،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬تصبو‭ ‬إليه‭ ‬وتسعى‭ ‬إلى‭ ‬تحقيقه‭ ‬مستندة‭ ‬إلى‭ ‬وعي‭ ‬الشعب‭ ‬وعمقه‭ ‬الحضاري‭ ‬وتفاعله‭ ‬والتفافه‭ ‬حول‭ ‬قيادته‭ ‬الرشيدة‭. ‬فتحية‭ ‬المحبة‭ ‬والتقدير‭ ‬والإخلاص‭ ‬إلى‭ ‬قيادة‭ ‬البلاد‭ ‬الشجاعة‭ ‬وشعبنا‭ ‬البحريني‭ ‬الوفي‭. ‬

{‭ ‬أكاديمي‭ ‬وخبير‭ ‬اقتصادي

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا