العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

عالم يتغير

فوزية رشيد

تسرّب سترة وأهمية الشفافية الإعلامية في التعامل مع الأزمات!

{‭ ‬عادة‭ ‬وبما‭ ‬يخص‭ ‬أي‭ ‬حادث‭ ‬أو‭ ‬أزمة‭ ‬طارئة‭ ‬تؤكد‭ ‬التصريحات‭ (‬أهمية‭ ‬استقاء‭ ‬المعلومات‭ ‬من‭ ‬مصادرها‭ ‬الرسمية‭ ‬ذات‭ ‬العلاقة‭) ‬وهو‭ ‬الأمر‭ ‬ذاته‭ ‬الذي‭ ‬يطالب‭ ‬به‭ ‬المواطنون‭ ‬لمعرفة‭ ‬حقيقة‭ ‬ما‭ ‬يجري‭! ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يتطلب‭ ‬‮«‬الشفافية‭ ‬الإعلامية‮»‬‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الرسمي،‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬تكون‭ ‬هناك‭ ‬فرصة‭ ‬لضبابية‭ ‬المعلومات‭ ‬أو‭ ‬غموضها،‭ ‬وبما‭ ‬يُحدث‭ ‬بلبلة‭ ‬في‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭! ‬نقول‭ ‬ذلك‭ ‬ونحن‭ ‬نتابع‭ ‬خلال‭ ‬الأيام‭ ‬الماضية‭ ‬حدثين‭ ‬يتعلقان‭ ‬بالبيئة‭ ‬أحدهما‭ ‬سقوط‭ ‬الأمطار‭ ‬بكثافة‭ ‬يومي‭ ‬15‭ ‬و16‭ ‬من‭ ‬الشهر‭ ‬الجاري،‭ ‬والآخر‭ ‬يتعلق‭ ‬بالتسرّب‭ ‬الناجم‭ ‬بأحد‭ ‬خزانات‭ ‬النفط‭ ‬في‭ ‬سترة‭ ‬والروائح‭ ‬المنبعثة،‭ ‬وحيث‭ ‬المشكلة‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬في‭ ‬الروائح‭ ‬بحدّ‭ ‬ذاتها،‭ ‬وإنما‭ ‬في‭ (‬المكونات‭ ‬الكيميائية‭ ‬للغاز‭ ‬المتسرّب‭) ‬وكيفية‭ ‬معالجته،‭ ‬والمدى‭ ‬الزمني‭ ‬الذي‭ ‬يستغرقه‭ ‬للتعامل‭ ‬مع‭ ‬التسرّب‭! ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬أضرار‭ ‬ذلك‭ ‬التسرّب‭ ‬لها‭ ‬تأثير‭ ‬على‭ ‬الصحة‭ ‬العامة‭ ‬سواء‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬القصير‭ ‬أو‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬الطويل‭!‬

{‭ ‬كثرت‭ ‬الأحاديث‭ ‬وكثرت‭ ‬الشكاوى‭ ‬وزاد‭ ‬الغموض‭ ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬هناك‭ ‬في‭ ‬البداية‭ ‬تصريحات‭ ‬شفافة‭ ‬وشافية‭ ‬من‭ ‬الجهات‭ ‬ككل‭ ‬سواء‭ ‬من‭ ‬‮«‬بابكو‮»‬‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬الجهات‭ ‬المختصة‭ ‬بالحفاظ‭ ‬على‭ ‬البيئة‭ ‬وكيفية‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬الحوادث‭ ‬المُقلقة‭! ‬ولذلك‭ ‬انتشر‭ ‬الكلام‭ ‬وانتشرت‭ ‬التحليلات،‭ ‬حتى‭ ‬ظهرت‭ ‬بعد‭ ‬أيام‭ ‬بعض‭ ‬التصريحات‭ ‬بالتنسيق‭ ‬بين‭ ‬‮«‬شركة‭ ‬بابكو‮»‬‭ ‬و«وزارة‭ ‬النفط‭ ‬والبيئة‮»‬‭ ‬و«الإدارة‭ ‬العامة‭ ‬للدفاع‭ ‬المدني‮»‬‭ ‬حول‭ ‬اتخاذ‭ ‬الإجراءات‭ ‬اللازمة‭ ‬للحدّ‭ ‬من‭ ‬انتشار‭ ‬الغازات‭ ‬والسيطرة‭ ‬عليها‭!‬

ومن‭ ‬بين‭ ‬الإجراءات‭ ‬توقف‭ ‬التعليم‭ ‬الحضوري‭ ‬والانتقال‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬نظام‭ ‬التعلم‭ ‬عن‭ ‬بُعد‮»‬‭ ‬بشكل‭ ‬مؤقت‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬المؤسسات‭ ‬التعليمية‭ ‬بمنطقة‭ ‬سترة‭ ‬وما‭ ‬جاورها،‭ ‬وبعض‭ ‬الجامعات‭ ‬ورياض‭ ‬الأطفال‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬الأكثر‭ ‬تضرّرًا،‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬سكان‭ ‬البحرين‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭ ‬وصلتهم‭ ‬جميعًا‭ ‬روائح‭ ‬الغاز‭ ‬بسبب‭ ‬صغر‭ ‬مساحة‭ ‬البحرين‭ ‬واتجاهات‭ ‬الرياح‭!‬

{‭ ‬وبعد‭ ‬ظهور‭ ‬تقرير‭ ‬من‭ ‬إحدى‭ ‬المؤسسات‭ ‬الأمريكية‭ ‬حول‭ ‬جودة‭ ‬الهواء‭ ‬بما‭ ‬أثار‭ ‬القلق‭ ‬بسبب‭ ‬تداوله،‭ ‬صرّح‭ ‬‮«‬المجلس‭ ‬الأعلى‭ ‬للبيئة‮»‬‭ ‬بعد‭ ‬تلقيه‭ ‬بلاغات‭ ‬بشأن‭ ‬روائح‭ ‬الغاز‭ ‬المنتشرة‭ ‬والتساؤل‭ ‬حول‭ ‬مدى‭ ‬تأثيرها‭ ‬على‭ ‬الصحة‭ ‬العامة‭ ‬وتحديدًا‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬القريبة‭ ‬من‭ ‬خزانات‭ ‬النفط،‭ ‬ليؤكد‭ ‬التصريح‭ ‬أن‭ (‬موضوع‭ ‬جودة‭ ‬الهواء‭ ‬له‭ ‬أهمية‭ ‬خاصة‭ ‬باعتباره‭ ‬من‭ ‬أركان‭ ‬المحافظة‭ ‬على‭ ‬البيئة‭ ‬ومواردها‭ ‬الطبيعية‭) ‬وأن‭ ‬جودة‭ ‬الهواء‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬في‭ ‬المستويات‭ ‬الآمنة‭ ‬وضمن‭ ‬المقاييس‭ ‬البيئية‭ ‬المعتمدة،‭ ‬لكنها‭ ‬أوضحت‭ ‬أنه‭ ‬تم‭ ‬بالفعل‭ ‬رصد‭ ‬تجاوز‭ ‬محدود‭ ‬في‭ ‬مؤشر‭ ‬‮«‬الهيدروكربونات‮»‬‭ ‬عند‭ ‬بدء‭ ‬حادثة‭ ‬التسرّب‭ ‬في‭ ‬أحد‭ ‬خزانات‭ ‬النفط‭ ‬التابعة‭ ‬لشركة‭ ‬بابكو،‭ ‬والناجمة‭ ‬من‭ ‬‮«‬خلل‭ ‬فني‮»‬‭ ‬ناتج‭ ‬عن‭ ‬الأحوال‭ ‬الجوية‭ ‬والامطار‭ ‬الغزيرة‭ ‬التي‭ ‬شهدتها‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين،‭ ‬وهناك‭ ‬‮«‬7‭ ‬محطات‮»‬‭ ‬ثابتة‭ ‬تقيس‭ ‬مختلف‭ ‬الملوثات‭ ‬في‭ ‬الهواء‭ ‬مثل‭ ‬أكاسيد‭ ‬الكبريت‭ ‬وأكاسيد‭ ‬النيتروجين‭ ‬والبنزين‭ ‬والأمونيا‭ ‬والجسيمات‭ ‬العالقة‭ ‬وغيرها،‭ ‬وهذه‭ ‬المحطات‭ ‬موجودة‭ ‬في‭ (‬قلالي‭ ‬وقلعة‭ ‬البحرين‭ ‬ورأس‭ ‬حيان‭ ‬وسترة‭ ‬وعوالي‭ ‬والجسرة‭ ‬ومدينة‭ ‬زايد‭).‬

{‭ ‬بحسب‭ ‬هذه‭ ‬التصريحات‭ ‬الأخيرة‭ ‬من‭ ‬عدة‭ ‬جهات،‭ ‬ورغم‭ ‬أن‭ ‬السيطرة‭ ‬الكاملة‭ ‬على‭ ‬التسريب‭ ‬لم‭ ‬تكتمل‭ ‬بعد‭! ‬فإن‭ ‬قلق‭ ‬المواطنين‭ ‬على‭ ‬الصحة‭ ‬العامة‭ ‬وعلى‭ ‬صحة‭ ‬البيئة‭ ‬وجودة‭ ‬الهواء‭ ‬وكيفية‭ ‬التعامل‭ ‬الحالي‭ ‬والمستقبلي‭ ‬مع‭ ‬أي‭ ‬تسرّب‭ ‬جديد‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬مستمرًا،‭ ‬وخاصة‭ ‬أن‭ ‬المتغيرات‭ ‬المناخية‭ ‬ستبقى‭ ‬بدورها‭ ‬مستمرة‭ ‬بحسب‭ ‬التوقعات،‭ ‬سواء‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬كثافة‭ ‬الأمطار‭ ‬أو‭ ‬تأثير‭ ‬تلك‭ ‬الكثافة‭ ‬المطرية‭ ‬على‭ ‬المنشآت‭ ‬النفطية‭ ‬والطاقية‭ ‬والمنشآت‭ ‬الأخرى‭ ‬التي‭ ‬تحتاج‭ ‬بدورها‭ ‬إلى‭ ‬معالجة‭ ‬حقيقية‭ ‬للمناطق‭ ‬السكنية‭ ‬والمنشآت‭ ‬الحساسة‭ ‬الواقعة‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬المناطق‭ ‬ونموذجها‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬في‭ ‬سترة‭!‬

{‭ ‬إن‭ ‬مشاركة‭ ‬المواطنين‭ ‬في‭ ‬المعلومات‭ ‬والبيانات‭ ‬والإرشادات‭ ‬الواجب‭ ‬اتباعها‭ ‬لتأمين‭ ‬السلامة‭ ‬العامة،‭ ‬من‭ ‬الأمور‭ ‬الضرورية‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تتم‭ ‬إلا‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬‮«‬الشفافية‭ ‬الإعلامية‮»‬‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬يسود‭ ‬القلق‭ ‬بين‭ ‬المواطنين‭ ‬كما‭ ‬حدث‭ ‬في‭ ‬الأيام‭ ‬الأخيرة‭!‬

وهذا‭ ‬بدوره‭ ‬يلقي‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬دور‭ (‬اللجنة‭ ‬الوطنية‭ ‬لمواجهة‭ ‬الكوارث‭)! ‬وكذلك‭ ‬لا‭ ‬بدّ‭ ‬من‭ ‬مراجعة‭ ‬إجراءات‭ ‬وخطط‭ ‬الشركات‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬بابكو‮»‬‭ ‬التي‭ ‬يطرح‭ ‬البعض‭ ‬أنها‭ ‬لم‭ ‬تضع‭ ‬الخطط‭ ‬الكافية‭ ‬لمواجهة‭ ‬المتغيرات‭ ‬المناخية‭ ‬وتأثيرها‭ ‬سواء‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الأمطار‭ ‬أو‭ ‬الأعاصير‭ ‬على‭ ‬المنشآت‭ ‬الحساسة‭ ‬التي‭ ‬تديرها‭! ‬وخاصة‭ ‬أنها‭ ‬ترصد‭ ‬أموالاً‭ ‬طائلة‭ ‬للإنفاق‭ ‬على‭ ‬‮«‬أعمال‭ ‬الصيانة‮»‬‭ ‬ومواجهة‭ ‬أي‭ ‬حوادث‭ ‬خطيرة،‭ ‬قد‭ ‬تؤثر‭ ‬على‭ ‬سلامة‭ ‬وجودة‭ ‬الهواء‭ ‬وعلى‭ ‬صحة‭ ‬الناس‭ ‬بالضرورة‭! ‬وهذا‭ ‬يتطلب‭ ‬مواجهة‭ ‬أي‭ ‬هفوات‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬الجوانب‭ ‬المتعلقة‭ ‬بالإجراءات‭ ‬المتبعة،‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬تتكرّر‭ ‬حوادث‭ ‬تسريب‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬تكرار‭ ‬تداعيات‭ ‬‮«‬المتغير‭ ‬المناخي‮»‬‭ ‬مثل‭ ‬العواصف‭ ‬والأمطار‭ ‬الكثيفة‭ ‬غير‭ ‬المسبوقة‭ ‬والأعاصير‭!‬

حفظ‭ ‬الله‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬وشعبها‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬شرّ‭.‬

إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا