العدد : ١٧٠٤٨ - الاثنين ٢٥ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٣ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٨ - الاثنين ٢٥ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٣ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

مقالات

هندسة التلقين

بقلم: د. جاسم حاجي

الأحد ٢١ أبريل ٢٠٢٤ - 02:00

في‭ ‬المشهد‭ ‬الرقمي‭ ‬اليوم،‭ ‬تستمر‭ ‬روائع‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬في‭ ‬تشكيل‭ ‬تجاربنا‭ ‬عبر‭ ‬الإنترنت‭. ‬بدءًا‭ ‬من‭ ‬التوصيات‭ ‬المخصصة‭ ‬على‭ ‬منصات‭ ‬البث‭ ‬المباشر‭ ‬وحتى‭ ‬روبوتات‭ ‬الدردشة‭ ‬التي‭ ‬تساعد‭ ‬في‭ ‬الرد‭ ‬على‭ ‬استفسارات‭ ‬العملاء‭. ‬تم‭ ‬دمج‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬بسلاسة‭ ‬في‭ ‬حياتنا‭ ‬اليومية،‭ ‬مما‭ ‬أعاد‭ ‬تشكيل‭ ‬الطريقة‭ ‬التي‭ ‬نتفاعل‭ ‬بها‭ ‬مع‭ ‬التكنولوجيا‭. ‬أحد‭ ‬الجوانب‭ ‬الأكثر‭ ‬أهمية‭ ‬في‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬هو‭ ‬قدرته‭ ‬على‭ ‬إنشاء‭ ‬المحتوى‭ ‬بشكل‭ ‬مستقل،‭ ‬كما‭ ‬يتضح‭ ‬من‭ ‬نماذج‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬التوليدية‭. ‬يمكّن‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭ ‬المتطور‭ ‬نماذج‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬من‭ ‬إنتاج‭ ‬محتوى‭ ‬جديد‭ ‬وأصلي‭ ‬مثل‭ ‬النصوص‭ ‬والصور‭ ‬والصوت‭ ‬وغير‭ ‬ذلك‭ ‬بناءً‭ ‬على‭ ‬المدخلات‭ ‬المقدمة‭ ‬وبيانات‭ ‬التدريب‭. ‬في‭ ‬جوهره،‭ ‬يعمل‭ ‬كنظام‭ ‬متطور‭ ‬للتعرف‭ ‬على‭ ‬الأنماط‭ ‬حيث‭ ‬يتعلم‭ ‬من‭ ‬كميات‭ ‬هائلة‭ ‬من‭ ‬البيانات‭ ‬الموجودة،‭ ‬ويحدد‭ ‬الارتباطات‭ ‬ثم‭ ‬يستفيد‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬المعرفة‭ ‬لإنشاء‭ ‬قصص‭ ‬إبداعية،‭ ‬أو‭ ‬تأليف‭ ‬الموسيقى‭ ‬بأنماط‭ ‬محددة،‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬إنشاء‭ ‬مقتطفات‭ ‬من‭ ‬التعليمات‭ ‬البرمجية‭.‬

في‭ ‬قلب‭ ‬هذه‭ ‬العملية‭ ‬تكمن‭ ‬هندسة‭ ‬التلقين،‭ ‬والتي‭ ‬تتضمن‭ ‬صياغة‭ ‬تعليمات‭ ‬أو‭ ‬إشارات‭ ‬دقيقة‭ ‬بعناية،‭ ‬تُعرف‭ ‬باسم‭ ‬المطالبات،‭ ‬لتوجيه‭ ‬مخرجات‭ ‬نماذج‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬التوليدية‭. ‬تعمل‭ ‬هذه‭ ‬المطالبات‭ ‬بشكل‭ ‬أساسي‭ ‬كمدخلات‭ ‬تؤثر‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬يولده‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭. ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬تصميم‭ ‬المطالبات،‭ ‬يمكن‭ ‬للمستخدمين‭ ‬توجيه‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬نحو‭ ‬إنتاج‭ ‬المخرجات‭ ‬المطلوبة‭.‬

تخيل‭ ‬مستخدمًا‭ ‬يطرح‭ ‬سؤالاً‭ ‬على‭ ‬محرك‭ ‬بحث‭. ‬يعمل‭ ‬السؤال‭ ‬بمثابة‭ ‬الموجه‭ ‬الذي‭ ‬يوجه‭ ‬محرك‭ ‬البحث‭ ‬لتقديم‭ ‬النتائج‭ ‬ذات‭ ‬الصلة‭. ‬وبالمثل،‭ ‬في‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬التوليدي،‭ ‬تمهد‭ ‬المطالبة‭ ‬الطريق‭ ‬لما‭ ‬سيولده‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭. ‬تتضمن‭ ‬هندسة‭ ‬التلقين‭ ‬صياغة‭ ‬هذه‭ ‬المطالبات‭ ‬لإنتاج‭ ‬استجابات‭ ‬أو‭ ‬نتائج‭ ‬محددة‭ ‬من‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭.‬

تطبيقات‭ ‬هندسة‭ ‬التلقين‭ ‬في‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬التوليدي‭ ‬واسعة‭ ‬ومتنوعة‭. ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬في‭ ‬مهام‭ ‬معالجة‭ ‬اللغة‭ ‬الطبيعية‭ ‬مثل‭ ‬إنشاء‭ ‬النص،‭ ‬تسمح‭ ‬هندسة‭ ‬التلقين‭ ‬للمستخدمين‭ ‬بالتحكم‭ ‬في‭ ‬أسلوب‭ ‬النص‭ ‬الذي‭ ‬تم‭ ‬إنشاؤه‭ ‬ونمطه‭ ‬ومحتواه‭. ‬يمكن‭ ‬للمطالبات‭ ‬المصممة‭ ‬بعناية‭ ‬أن‭ ‬تلهم‭ ‬نماذج‭ ‬لغة‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬لصياغة‭ ‬روايات‭ ‬وشخصيات‭ ‬مقنعة،‭ ‬وحتى‭ ‬عوالم‭ ‬افتراضية‭ ‬بأكملها،‭ ‬وبالتالي‭ ‬تسريع‭ ‬العملية‭ ‬الإبداعية‭ ‬وإثارة‭ ‬سبل‭ ‬جديدة‭ ‬لسرد‭ ‬القصص‭.‬

بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬يمكن‭ ‬لهندسة‭ ‬التلقين‭ ‬تمكين‭ ‬المطورين‭ ‬من‭ ‬إنشاء‭ ‬مقتطفات‭ ‬من‭ ‬التعليمات‭ ‬البرمجية،‭ ‬وتبسيط‭ ‬عملية‭ ‬تطوير‭ ‬البرامج‭ ‬وتوفير‭ ‬الوقت‭ ‬والموارد‭ ‬القيمة‭. ‬علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬يمكن‭ ‬للعلماء‭ ‬والباحثين‭ ‬استكشاف‭ ‬سبل‭ ‬جديدة‭ ‬للمعرفة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تكليف‭ ‬نماذج‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬بتجميع‭ ‬وتحليل‭ ‬كميات‭ ‬هائلة‭ ‬من‭ ‬البيانات‭ ‬لاستكشاف‭ ‬سيناريوهات‭ ‬افتراضية،‭ ‬ومحاكاة‭ ‬التجارب،‭ ‬وحتى‭ ‬المساعدة‭ ‬في‭ ‬صياغة‭ ‬نظريات‭ ‬جديدة‭. ‬الاحتمالات‭ ‬لا‭ ‬حدود‭ ‬لها،‭ ‬والأثر‭ ‬بعيد‭ ‬المدى‭.‬

ومع‭ ‬ازدياد‭ ‬تطور‭ ‬نماذج‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬واستمرار‭ ‬نمو‭ ‬مجموعات‭ ‬البيانات،‭ ‬فإن‭ ‬إمكانية‭ ‬توليد‭ ‬مخرجات‭ ‬عالية‭ ‬الجودة‭ ‬ومصممة‭ ‬خصيصًا‭ ‬ستزداد‭. ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬دمج‭ ‬هندسة‭ ‬التلقين‭ ‬مع‭ ‬تقنيات‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬الأخرى،‭ ‬مثل‭ ‬التعلم‭ ‬التعزيزي‭ ‬والتعلم‭ ‬المنقول،‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬نماذج‭ ‬يمكنها‭ ‬تكييف‭ ‬فهما‭ ‬وتحسينه‭ ‬بناءً‭ ‬على‭ ‬تعليقات‭ ‬المستخدمين،‭ ‬مما‭ ‬يزيد‭ ‬من‭ ‬تعزيز‭ ‬قدراتها‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬إنشاء‭ ‬مطالبات‭ ‬لأنظمة‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬القوية‭ ‬هذه‭ ‬يمثل‭ ‬تحديات‭ ‬أخلاقية‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بسوء‭ ‬الاستخدام‭ ‬المحتمل‭ ‬أو‭ ‬الآثار‭ ‬المجتمعية‭ ‬الضارة،‭ ‬والتي‭ ‬تتطلب‭ ‬دراسة‭ ‬متأنية‭.‬

ومن‭ ‬خلال‭ ‬إتقان‭ ‬فن‭ ‬صياغة‭ ‬مطالبات‭ ‬دقيقة‭ ‬وفعالة،‭ ‬يمكننا‭ ‬تسخير‭ ‬قوة‭ ‬هذه‭ ‬النماذج‭ ‬المتطورة،‭ ‬ودفع‭ ‬الابتكار‭ ‬عبر‭ ‬الصناعات‭ ‬وفتح‭ ‬حدود‭ ‬جديدة‭ ‬للتعاون‭ ‬بين‭ ‬الإنسان‭ ‬والآلة‭. ‬وبينما‭ ‬نتعمق‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬التوليدي،‭ ‬ستلعب‭ ‬هندسة‭ ‬التلقين‭ ‬بلا‭ ‬شك‭ ‬دورًا‭ ‬محوريًا‭ ‬في‭ ‬تشكيل‭ ‬مستقبل‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬وإعادة‭ ‬تعريف‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬ممكن‭.‬

قد‭ ‬تواجه‭ ‬بعض‭ ‬التحديات‭ ‬عند‭ ‬دمج‭ ‬التعلم‭ ‬الآلي‭ ‬في‭ ‬هندسة‭ ‬التلقين،‭ ‬مثل‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬بيانات‭ ‬كافية‭ ‬وجودة‭ ‬عالية‭ ‬وتطوير‭ ‬نماذج‭ ‬تعليمية‭ ‬فعالة‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يوفر‭ ‬التعلم‭ ‬الآلي‭ ‬فرصًا‭ ‬هائلة‭ ‬لتحسين‭ ‬عملية‭ ‬التعلم،‭ ‬مثل‭ ‬تخصيص‭ ‬التعليم‭ ‬وتنظيم‭ ‬الوقت‭ ‬وتقديم‭ ‬ملاحظات‭ ‬دقيقة‭ ‬للطلاب‭. ‬استغل‭ ‬هذه‭ ‬الفرص‭ ‬لتعزيز‭ ‬تجربة‭ ‬التعلم‭ ‬وتحسين‭ ‬الأداء‭ ‬الدراسي‭ ‬للطلاب‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا