يواصل النحاس وأسهم شركات تعدين النحاس الارتفاع حيث وصلت أسعار العقود الآجلة في نيويورك ولندن إلى مستويات لم تشهدها منذ يونيو 2022. وكان النحاس قد حافظ على استقراره على مدار العامين الماضيين، وتجاوز سالما إلى حد ما التقلبات الناجمة عن الارتفاع الحاد في تكاليف التمويل بعد أن قامت البنوك المركزية في جميع أنحاء العالم برفع أسعار الفائدة لتقليل التضخم، بالإضافة إلى تباطؤ الاقتصاد الصيني، أكبر مستهلك للنحاس في العالم.
شهد النحاس خلال الشهرين الماضيين، ارتفاعاً مطرداً، مدعوماً بالنمو العالمي والتوقعات المتفائلة بارتفاع الطلب، وانخفاض إمدادات المناجم لعام 2024 مما أدى إلى تراجع العرض في السوق بشكل متزايد. حيث أعلنت العديد من شركات التعدين خفض الإنتاج نتيجة عوامل مثل ارتفاع تكاليف التمويل، وانخفاض درجات الخام، وارتفاع النفقات التنظيمية، والتقلبات المرتبطة بالطقس.
يُعد ارتفاع مخزونات المستودعات في الصين إلى أعلى مستوى لها في أربع سنوات أمراً سلبياً بالنسبة إلى السوق في ظل الظروف العادية، ولكن وبحسب أولي هانسن، رئيس استراتيجيات السلع في ساكسو بنك، بالنظر إلى التحديات الاقتصادية الحالية في الصين، ربما يكون جزء من الارتفاع ناتجًا عن قيام التجار بتخزين المعادن المتداولة السائلة مثل الذهب والنحاس تحسباً لمزيد من تراجع اليوان.
كما يسهم التحول الأخضر المستمر والزيادة في استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي من الطلب من القطاعات التقليدية مثل الإسكان والبناء، وبالتوازي مع التحول الأخضر، ما زلنا نتوقع ارتفاع أسعار النحاس على المدى الطويل، وبالنظر إلى مؤشرات انتعاش شركات تعدين النحاس، فإن إمكانية تحقيق مستوى قياسي جديد في النصف الثاني من العام يبدو قابلاً للتحقق.
يقدم الرسم البياني أداء اثنين (من بين العديد) من صناديق الاستثمار المتداولة منذ بداية العام حتى تاريخه، والتي تحاكي أداء النحاس المادي وشركات التعدين العاملة في إنتاجه. حيث يتتبع صندوق COPX الاستثماري أداء 38 شركة تعدين، تمثل أربع منها حوالي 24% من إجمالي التعرض للنحاس. وتشمل هذه الشركات: إيفانهو ماينرز المحدودة، أنتوفاجاستا، لوندين مايننج كورب، وساوثرن كوبر كورب.
خلال المؤتمر العالمي للنحاس 2024 الذي عُقد هذا الأسبوع في سانتياغو، تشيلي، صرح جيريمي وير، الرئيس التنفيذي لشركة ترافيجورا، بأنه لسد فجوة محتملة في العرض تبلغ 8 ملايين طن بحلول عام 2034، تحتاج شركات التعدين إلى أسعار أعلى من 10,000 دولار للطن (4.54 دولارات للرطل) وقد تصل إلى 12,000 دولار (5.44 دولارات للرطل). حتى التوقعات الأكثر تحفظاً تشير إلى نمو الطلب على النحاس بمقدار الثلث على مدى العقد المقبل، مع قيام الحكومات والشركات بتعزيز الاستثمارات في إزالة الكربون. يكمن التحدي الرئيسي في تقدير بلومبيرج إنتليجنس بأن الوقت اللازم للانتقال من اكتشاف الخام لأول مرة إلى إنتاج المعدن الأول قد زاد خلال السنوات القليلة الماضية بمعدل أربع سنوات في المتوسط ليصل إلى 14 عاماً، مع شكوى شركات التعدين من أن الإجراءات البيروقراطية المعقدة تعيق عمليات التطوير. بعد أن حقق النحاس أعلى مستوى له على الإطلاق في يناير 2023 عند 9,550 دولاراً للطن و4.355 دولاراً للرطل في لندن، قد يشير التوقع على المدى القصير إلى مرحلة تثبيت للأسعار. ومع ذلك، لم يثبط الدولار القوي والبيانات الاقتصادية الضعيفة الواردة من الصين هذا الأسبوع المتداولين والمستثمرين. وتشير التحليلات الفنية إلى إمكانية ارتفاع الأسعار لتصل إلى 4.75 دولارات للرطل في نيويورك و10,500 دولارات في لندن. وبعد تأخرها في الاستجابة لارتفاع الأسعار، شرعت صناديق التحوط في موجة شراء قوية في الأسبوع حتى 9 أبريل، حيث ضاعفت صافي عقودها الآجلة طويلة الأجل عالية الجودة بأكثر من الضعف لتصل إلى 50.7 ألف عقد، وهو أعلى مستوى منذ أكتوبر 2021. خلال الأسبوع المذكور، بلغ متوسط السعر المرجح بالحجم للعقود طويلة الأجل عالية الجودة دولارا للرطل. وبحسب أولي هانسن، رئيس استراتيجيات السلع في ساكسو بنك، قد يؤدي الانخفاض عن هذا المستوى إلى تعريض السوق لانتكاسة طفيفة مع تقليص المراكز طويلة الأجل، مما قد يوفر على الأرجح فرصة شراء جديدة للآخرين.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك